Masukكانت سارة قد حُقنت بمخدر من قِبل رغدة، فغدا جسدها واهنًا ضعيفًا، وبدت مستغرقة في النعاس، رأسها ثقيل ودوارها يزداد، وردود أفعالها بطيئة.كانت قادرة على سماع ما تقوله رغدة، لكن احتاجت بضع ثوانٍ لتتمكن من الرد.فعلى سبيل المثال، أرادت أن تركض، لكن يديها وقدميها لم تستجيبا لها، بل غدتا رخوتين بلا أي قوة.حتى نفسها كانت قد حُقنت بالدواء، فكيف بحال مارية الآن؟ أين هي؟ وهل تجرأ هؤلاء المرضى النفسيون على إيذائها؟جرى تبديل ثياب سارة قسرًا، ووضعوا عليها مساحيق التجميل، بل وأعدّوا لها تصفيفًا كاملًا.حدّقت رغدة في المرأة المتأنقة أمامها، التي كانت بهدوئها البارد كقمر في السماء.قالت وهي تلمس وجه سارة بملمس مريض: "يا إلهي ما أكرمه، لقد وهبكِ وجهًا كهذا".اقشعر جسد سارة حتى ظهر على بشرتها أثر قشعريرة، وقالت بصوت واهن يكاد يختفي: "أطلقي سراحنا، وإلا ستندمين، زوجي السابق لن يترككم بسلام..."قهقهت رغدة باستهزاء: "ها أنتِ قلتِ بنفسكِ إنه زوجكِ السابق، من الأفضل أن تنشغلي بخليلِكِ الجديد".قالت سارة ببرود: "لسنا سوى صديقين".ابتسمت رغدة بازدراء: "لا يهمني ما علاقتكما، هو أغضبني، وأنا لا أنسى ثأري أبدًا
خلال هذين اليومين تحسّن جسد أحمد كثيرًا، غير أنّ السعال لم يفارقه بعد.ومع اقترابهم من الوصول إلى مدينة الشمال، غادر خالد ومحمود السفينة خفيةً.من جهة، كان عليهما إيصال العقود والوثائق التي وقّعها أحمد على السفينة في الوقت المناسب، ومعالجة بعض شؤون الشركة.ومن جهة أخرى، كان على خالد ترتيب الأمور مسبقًا كي لا تشكّ سارة بعد نزولها من السفينة.الأيام تمرّ بهدوء، ومسعد كالعادة يوصل الطعام إلى سارة يوميًا، ولم يكن هناك ما يثير الريبة.لم يتوقّع أحد أن يختلّ الهدوء فجأة قبيل الفجر.طرق أحدهم على الباب، وكان ذلك توقيتًا غير مألوف، فالزوّار في مثل هذه الساعة نادرون، هل يمكن أن تكون سارة؟تغيّر وجه أحمد، إذ لم يكن قد غيّر ثيابه بعد، وكان في خضمّ اجتماع عبر الفيديو.أشار بعينيه إلى مسعد ليتفحّص الأمر أولًا، اقترب مسعد من العين السحرية ونظر قائلًا: "لا أحد."فتح الباب بحذر، أطلّ بجسده، فلم يرَ أحدًا، بل كان هناك صندوق موضوع عند العتبة.قال باستغراب: "غريب، أيمكن أن يكون هدية صغيرة من طاقم الخدمة؟"حمل الصندوق وفتحه بدافع الفضول، وما إن وقعت عيناه على ما بداخله حتى ارتعدت يداه، وسقط الصندوق أرضًا.
إلى أي حدّ يمكن أن تبلغ تلك الجماليات؟ وجه خالٍ من أي مساحيق، بلا كريم أساس، بلا تحديد ملامح، بلا أحمر شفاه ولا قلم حواجب.بشرتها ناصعة البياض، ناعمة كخيوط الحرير، شفاهها حمراء بطبيعتها، حاجباها داكنان من دون تزيين، أنفها مستقيم شامخ، وملامحها متناسقة، بارزة وعميقة بطبيعتها.حتى وهي تحدّق فيها ببرود، وجدت رغدة وهي امرأة مثلها أن جمال سارة مبالغ فيه إلى حدّ يصعب تصديقه.لقد رأت رغدة الكثير من النساء، ومع ذلك لم تستطع أن تجد واحدة بملامح طبيعية يمكن مقارنتها بها.لا عجب أن كل محاولاتها للإغواء باءت بالفشل، فذلك الرجل لم يلقِ لها بالًا.فمن ذاق مثل هذا الجمال الأخّاذ، كيف له أن يلتفت إلى أيّ امرأة أخرى؟مدّت رغدة يدها، تمسح على خدّ سارة، وهي تقول بفتنة: "يا لها من ملامح مذهلة!"نظرت إليها سارة، فرأت أن وجه المرأة أمامها غارق في نشوة التأمل، لا يشبه وجوه الذين جاؤوا يومًا لينتزعوا روحها، بل بدا مختلفًا تمامًا.قالت بصرامة: "من أنتِ حقًا؟ وما غايتكِ؟ إن كان الأمر من أجل المال، فأطلقي سراح طفلتي، واطلبي المبلغ الذي تريدينه."لقد كانت تملك يوم طلاقها من أحمد مليارات، ومع أرباح الأسهم السنوية،
ارتجّ رأس سارة فجأة وكاد ينفجر، إذ ارتفع في قلبها شعور غامر بإنذارٍ سيئ.قالت بقلق: "أأنتِ رأيتِها؟ أين هي؟"ابتسمت رغدة وأشارت بإصبعها نحوها: "تعالي معي، سأقودكِ إليها."كانت كلماتها بمثابة إغواءٍ شيطاني.فلو كانت الطفلة لديها فعلًا، لَسلّمتها مباشرة، فلماذا إذًا تجرّها خلفها بحجة الذهاب؟عندها أدركت سارة أمرًا مهمًّا، فأطفالها لم يكونوا الهدف الوحيد، بل هي نفسها جزء من المخطط.أهو ذلك المجرم الخفيّ الذي يقف وراء كل شيء؟لا، لو كان هو لما استعمل هذه الطريقة، بل لاختار أسلوبًا أشدّ مباشرة وقسوة.لاحظت أن لهجة هذه المرأة تنتمي إلى دولة الشمال، لكنها ليست من مدينة الشمال، كما أن ملامح وجهها لم ترها من قبل.إذن ليست عداوة قديمة، بل تحمل حقد لها.تذكّرت سارة الخنجر الذي أهداها إيّاه حسني قبل أيام، فأمسكت به كحيلة احتياطية لما قد يحدث.وأظهرت على ملامحها هدوءًا مصطنعًا، متقمّصةً هيئة البريئة الساذجة: "حقًّا؟ أهي عندكِ؟ هذا رائع! إنها صغيرة للغاية، وقد كنتُ أخشى أن تضيع أو تتعرّض للخطر، لقد أسعدتِ قلبي، ما أطيبكِ!"وبالفعل، حين سمعت رغدة كلمات الثناء، ارتسمت على شفتيها ابتسامة ظافرة، كأنها ت
الطفلة ضاعت! لقد استغلت انشغالها بالرياضة وخرجت خلسة!كانت مارية دائمًا مطيعة وهادئة، ولم يخطر ببال سارة أبدًا أنها ستغامر بالخروج سرًّا من أجل البحث عن حسني.ألا تعرف ما هو هذا المكان؟ألا تدرك كم يختبئ على هذه السفينة من أشخاص منحرفين؟إنها طفلة صغيرة، جميلة الملامح، بريئة الوجه، ولو وقعت أنظار أحد هؤلاء المرضى النفسيين عليها، فستكون العواقب لا تُحتمل.فهناك في هذا العالم الكثير من الأثرياء المضطربين نفسيًّا، والعواقب التي يسببونها أشدّ فتكًا من مجرد التهديد.بعضهم يعشق شعر النساء، وبعضهم الآخر يهوى أقدامهن.هؤلاء ينشرون طلباتهم عبر الشبكة السوداء، لتتحول إلى تجارة سرية عالمية تبحث عن "السلع" المناسبة.وبعد تحديد الهدف، يتقربون منه تحت غطاءٍ مختلف، كأن يُوهموا فتاة صغيرة قليلة الخبرة أنهم يصحبونها في رحلة سياحية إلى الخارج، ثم تُباع هناك.ومنهن من تُباع أعضاؤها، أو تُستغل أجسادهن، وحين ينخفض "ثمنهن" يُسلَّمن إلى جامعي التحف البشرية من المنحرفين، فيتحولن إلى بقايا مشوّهة تُعرض كقطع تذكارية.وعلى هذه السفينة بالذات، يوجد الكثير من تلك الوحوش المقنّعة بوجوه بشر!شعرَت سارة بأن عقلها يكا
كان أحمد ما يزال يعاني بعض السعال، وبعد أن أوصل سارة إلى باب غرفتها وأوصاها ببضع الكلمات، ثم غادر.بما أنّ بنية سارة أضعف من غيرها، ومرضه لم يبرأ تمامًا بعد، فإن البقاء في مكان غير جيد التهوية قد ينقل العدوى إليها وإلى الطفلة.لذلك، ومن أجل سلامتهما، قرّر أحمد ألّا يعود إلا بعد أن يتعافى جسده بالكامل.وفوق ذلك، فبما أنّ سارة بالكاد تقبّلت بقاءه، فالأنسب أن يبتعد قليلًا عنها، حتى لا يزيد من أعبائها.سلمها الخنجر، وأوصاها ألّا تخرج من الغرفة عبثًا، وأكّد لها أنها ستكون آمنة ما دامت داخلها.عادت سارة إلى الغرفة، فوجدت مسعد ومارية مستغرقين في اللعب.كانت مارية قد ألصقت على وجهه الكثير من الملصقات على شكل نجوم وأقمار، وعلّقت حول عنقه عقدًا، وفي أذنيه أقراطًا، حتى أنّها وضعت على أصابعه العشرة أظافر مزيّفة.أما مسعد، فكان يحمل عصًا سحرية ويلعب دور البطل: "بالا لا... سحر طاقة التحوّل..."لكنّه لم يتمكّن من إنهاء دورانه بالعصا حتى وقع بصره على سارة واقفة عند الباب، فارتسمت على وجهه ابتسامة متيبّسة وقال بخجل:"إحم... سيدتي، لقد عدتِ بسرعة."لم تفهم سارة من أين أتى حسني بهذا الرجل الغريب الأطوار،






![زوجتي الحبيبة: [سيد عبّاد، لقد غازلتك بالخطأ!]](https://acfs1.goodnovel.com/dist/src/assets/images/book/43949cad-default_cover.png)
