LOGINتزوجت سارة من أحمد لمدة ثلاث سنوات، ولكنها لم تستطع التغلب على حبه السرّي لعشر سنوات. في يوم تشخيصها بسرطان المعدة، كان يرافق حبه المثالي لإجراء الفحوصات لطفلها. لم تثر أي ضجة، وأخذت بجدية ورقة الطلاق وخرجت بهدوء، لكن انتقمت منه بشكل أكثر قسوة. اتضح أن زواجه منها لم يكن إلا وسيلة للانتقام لأخته، وعندما أصابها المرض، أمسك بفكها وقال ببرود: "هذا ما تُدين به عائلتكم ليّ." فيما بعد، دُمرت عائلتها بالكامل، دخل والدها في غيبوبة إثر حادث بسيارته، حيث شعرت بأنها لم تعد لديها رغبة في الحياة، فقفزت من أعلى مبنيِ شاهق. ." عائلتي كانت مدينة لك، وها أنا قد سددتُ الدين" أحمد الذي كان دائم التعجرُف، أصبح راكعًا على الأرض بعيون دامية، يصرخ بجنون ويطلب منها العودة مرةً بعد مرة...
View Moreكانت سارة تحدق بأحمد، وقد ظنّت أنه سيغضب، بل إنها كانت مهيّأة تمامًا لانفجاره في وجهها.لكن أحمد تنفّس بعمق وقال بنبرة هادئة تخالطها مرارة: "فهمت الآن، يبدو أن سارة حبيبتي لا تريد سوى علاقة جسد بلا قلب."لقد كانت في الماضي مقيدة بقيود كثيرة، أما الآن فهي لا ترغب في أن تحبس نفسها مجددًا داخل أي علاقة.فالعشيقة لا يُطلب منها مسؤولية ولا تفسير، والأهم من ذلك أنّ بإمكانها في أي وقت أن تنسحب دون قيود.ولم تعد مضطرة بعد الآن لمناقشة الماضي أو التحدث عن المستقبل.اتضح أنّه ما دامت المسؤولية غائبة، فحتى العلاقات المعقدة يمكن أن تبدو متناغمة.يا لسخرية القدر، لقد تذكّر أحمد تلك الأيام حين كانت صفاء تصرّ أن يتزوجها، بينما هو لم يكن قادرًا على نسيان سارة، حتى إنه في لحظة ضعف اقترح أن تبقى سارة إلى جواره كعشيقة دائمة.ومن كان يظن أنّ الزمن سيدور، ليصبح هو الآن من يرجوها أن تمنحه أي مكان في حياتها.بل حتى إن كان ذلك المكان مجرد لقب "العاشق"، فهو سيشكرها عليه.فهو يعلم أنّ الاقتراب من سارة ولو قليلًا هو طريقه الوحيد ليصل يومًا إلى قلبها من جديد.مرّت سارة بأصابعها على ذقنه وقالت بنبرة واثقة فيها شيء
المياه التي كانت تضطرب بعنف عادت شيئًا فشيئًا إلى هدوئها.سقطت زهرة من الغصن بفعل الرياح، فحملها الهواء برفق حتى حطّت على سطح الماء، فمدّ أحمد يده والتقطها، ثم ثبتها في شعر سارة.رمقته سارة بنظرة عتاب رقيقة، ثم لفت شعرها بخبرة وثبّتته بمشبكها.قالت وهي تنظر إلى الأفق: "حين ننتهي من الاستراحة سنغادر، اليوم طقس جميل، علينا أن نستغلّه لنقطع أكبر قدر ممكن من الطريق، هذه الغابة تحتاج سبعة أيام لعبورها على الأقل."أجابها أحمد بهدوء: "حسنًا."جمع أحمد ما تبقّى من الأسماك التي اصطادها ليلة أمس ليأخذه معه، فربما تكون زادهم في المحطة التالية.وحين أنهيا تجهيز أغراضهما، وقف أحمد عند مدخل الكهف يحمل حقيبة تسلّق ضخمة على ظهره، وتلفّت خلفه بنظرة امتزج فيها الحنين بشيء من الأسى.قالت سارة من أمامه بوجه بارد: "أما زلت واقفًا؟ لنرحل."عندها استيقظ من شروده وقال: "نعم، لنذهب."وخطر بباله أنّه لن ينسى هذا المكان ما عاش.في الليلة التالية لم يجد الاثنان مأوى، فاضطر أحمد أن يصنع سريرًا معلقًا من الحبال والأغصان، فناما متقاربين داخل كيس نوم واحد، يتأملان السماء التي تناثرت فيها النجوم كحبات لؤلؤ مضيئة.كان
نام أحمد أخيرًا نومًا عميقًا بعد أن أرهقه التعب حتى ساعات الفجر، فلم يستيقظ إلا بعد الظهر.وحين فتح عينيه، وجد نفسه يعانق سارة بشدّة.فتحت سارة عينيها بتعب، تشعر أن جسدها يكاد يتفكك، هذا الرجل اللعين كان في الماضي يردد دائمًا: "الأمر لا يتكرر أكثر من ثلاث مرات."حينها كان مهما اشتد به الشوق، يضبط نفسه، بل حتى كان يحدّد عدد المرات في الشهر بدقّة.أما الآن، فقد أدركت سارة كم كان يملك من قوة إرادة حينها، لأن الإفراط في هذه الليلة جعلها لا تقوى حتى على النهوض من الفراش.وبعد طول منازلة، التصق العرق بجسديهما، مما جعلها تشعر بانزعاجٍ شديد.قالت بصوتٍ متعب: "السماء صافية... آه..."لكنها لم تتمكن من إتمام جملتها، إذ ابتلع كلّ صوتها بين شفتيه.وبعد قبلةٍ طويلةٍ ملتهبة، تركها أحمد وقال مبتسمًا: "صباح الخير يا سارة."كان مظهره بعد الشبع كمن عاد إليه شبابه، حتى خُيِّل إليها أنه هو من يملك سحر الثعالب لا هي.قالت بصوتٍ خافت: "الجو صافٍ، أريد أن أغتسل."فلو كان الأمر عرقًا فقط لاحتملته، لكنها تشعر بأن جسدها كله يحمل رائحته.قال مبتسمًا: "أعرف الطريق، سأحملكِ بنفسي."ثم نهض وارتدى بنطاله، وألبسها قمي
اتّسعت عينا سارة بدهشة، ولم تعرف للحظةٍ إن كانت صدمتها من كلمة "يا روح قلبي" أم من قوله إنه سيُجري عملية تعقيم.فضلًا عن أنها لم تقل يومًا إنه سيكون بينهما "مستقبل"، فكيف به يتحدث عن أمرٍ كهذا من تلقاء نفسه؟قالت بحدة: "هل تدرك ما الذي يعنيه هذا؟"أمسك أحمد بيدها ورفعها إلى شفتيه، وقبّل ظهر كفها، ثم بدا كأنه لم يرضَ بملمس الضماد الخشن، فانتقلت شفتاه من ظهر يدها إلى أطراف أصابعها.كان كمن يسجد في خشوعٍ أمام ربه.قال بصوتٍ عميقٍ تملؤه الصدق: "هذا يعني أنني، كأحمد، لن أحبّ في حياتي إلا سارة، كنتِ أنتِ، وستظلين أنتِ، ولم يكن في قلبي سواكِ يومًا."اضطرب فكر سارة قليلًا، فهي لم تكن تفكر إلا في أن تتبع ما يمليه عليها قلبها، فهي امرأةٌ ناضجة، ولها احتياجاتها كأي إنسانة.حتى لو تحسّنت علاقتها بأحمد، فهذا لا يعني أنها تنوي الزواج منه مجددًا، لكن هذا الرجل يتفوّه بكلماتٍ تُربك عقلها.قالت ببرودٍ واضح: "أنا لم أوافق على الزواج منك ثانية، ومهما قلت فلن يغيّر ذلك شيئًا."لكن أحمد التقط أطراف أصابعها بين شفتيه، فارتجف جسد سارة وقالت بانفعالٍ وهي تسحب يدها: "توقف، هذا قذر، أخرجها من فمك!"تنفّس الرجل






Ratings
reviewsMore