Mag-log inعلى مدى خمس سنوات من الزواج التعاقدي، ظلت ليان تتحمل بصمت، حتى بعد أن علمت أن طلال يحظى بعشيقة متأنقة في الخفاء. حتى ذلك اليوم الذي اكتشفت فيه أن الابن الذي ربّته كابنها كان في الواقع ثمرة علاقة طلال وعشيقته. حينها فقط أدركت أن هذا الزواج كان خدعة منذ البداية. تصرّفت العشيقة وكأنها الزوجة الشرعية، وجاءت تحمل وثيقة الطلاق التي أعدها طلال مسبقًا. وفي ذلك اليوم بالتحديد، اكتشفت ليان أنها حامل. فكرت في نفسها: إذا فسد الرجل فلا مكان له في حياتي، وإذا كان الابن ليس ابني فحريّ بأمه أن تأخذه. انقطعت أواصر الحب والرحمة، وظهرت ليان بحلّة جديدة، قوية، مستقلة، تركّز على بناء ثروتها. ندم أقاربها الذين أذلوها سابقًا، وتهافتوا على بابها يتزلّفون. وندم أولئك الأثرياء الذين سخروا منها بحجة أنها تسلقّت على حساب الرجال، وجاؤوا يعرضون عليها حبّهم ببذخ. أما الابن الذي أفسدته تلك المرأة، فقد ندم أخيرًا، وأخذ يناديها بين دموعٍ حارّة. في إحدى الليالي المتأخرة، تلقّت ليان مكالمة من رقم مجهول. صوت طلال الثمل تردد عبر السماعة: "ليان، لا يمكنكِ الموافقة على خطبته! لم أُوقّع اتفاقية الطلاق بعد!"
view moreرؤية طلال السيوفي ما زال واقفًا هناك لم تُفاجئ ليان الجارحي.خرجت من الورشة، أغلقت الباب بإحكام، ثم استدارت نحوه.كانت نظراتها هادئة، خالية من أي اضطراب، وقالت بصوتٍ متزن: "سأسافر في مهمة عمل خلال الأيام القادمة، وعندما أعود، لنتفق على موعدٍ للذهاب إلى دائرة الأحوال المدنية وإنهاء إجراءات الطلاق."تعمّقت الظلال في عيني طلال، وقال: "كل هذا الاستعجال من أجل الطلاق... أهو بسبب إيهاب؟"اشتدّ البرود على ملامح ليان.لقد خانها وهو في عصمة زواجها، وها هو الآن يظن أن جميع الناس خونة مثله!لم تجد جدوى في تبريرٍ أو نقاش، فاكتفت بقولٍ قاطعٍ جافّ: "إن كنت لا ترغب بالتعاون، فسأضطر إلى رفع دعوى قضائية للطلاق."ضحك طلال ببرودٍ ساخر، وقال وهو يحدّق فيها بنظرةٍ متعجرفة: "دعوى طلاق؟ وهل تظنين أن في نيوميس بأكملها من يجرؤ على قبول قضيّتك ضدي؟"قطّبت ليان حاجبيها وقالت: "لماذا كل هذا العناد يا طلال؟ بيننا لا مشاعر، ولا أطفال، ولا خلاف على الممتلكات.أليس الطلاق بالتراضي أسهل لنا كليْنا؟"أجابها بحدةٍ مشوبةٍ بالغرابة: "لا مشاعر؟"تقدّم نحوها بخطواتٍ بطيئةٍ لكنها مشحونةٌ بالقوة.ارتجفت رموشها، وتراجعت خطوةً
وكأن الحشد تجمد.تلاشت الفوانيس المضيئة بعيدًا في السماء، وعلى سطح النهر كانت مصابيح الدعاء تنساب مع التيار نحو الأسفل.داعب نسيم النهر وجه ليان الجارحي، فحرّك بضع خصلاتٍ من شعرها.ارتعشت رموشها قليلًا، ثم صرفت نظرها عنه، ورفعت عينيها نحو إيهاب قائلةً بهدوء: "فلنغادر."نظر إليها من علٍ، ولم يرفع يده التي كانت تحمي كتفها."هل اصطدم بك أحد؟"هزّت رأسها بخفوتٍ وقالت: "كلا، شكرًا لك."تحرّك حلقه قليلاً وهو يجيب بصوتٍ منخفض: "الزحام شديد، سأُمسك بك حتى نخرج."كانت الصدمة الصغيرة التي حدثت قبل قليل لا تزال تُلقي بظلالها في نفسها، ولم ترَ في تلك اللحظة داعيًا للحديث عن الفوارق بين رجلٍ وامرأة، فاكتفت بالإيماء برأسها موافقةً: "حسنًا."مدّ إيهاب ذراعه، فأحاط كتفها بيدٍ، ومدّ الأخرى أمامه ليدفع الحشود بعيدًا، وحماها خطوةً بخطوة حتى خرجا من الزحام ووصلا إلى السيارة.أُغلق الباب، فانقطع ضجيج الناس، وانقطعت معه تلك النظرة الحادّة المليئة بالضغط التي ظلّت تطاردهما منذ لحظات.أسندت ليان ظهرها إلى المقعد، وأغمضت عينيها كأنها أُنهكت.رمقها إيهاب بطرف عينه، ثم عضّ على شفتيه قليلًا، وبعد تردّدٍ قصير التف
خلال السنوات الخمس الماضية، تكرّر هذا النوع من المواقف من طلال السيوفي أكثر من مرة.نظرت ليان الجارحي إلى فهد وقالت بنبرةٍ ثابتة: "اتصل بوالدتك."أجابها الصغير بخفوت: "حاضر."ثم ضغط على زرّ الاتصال بـيسرا الحلبي، لكن الهاتف رنّ طويلاً دون أن يُجاب.قال إيهاب باستهزاءٍ بارد: "كلا الهاتفين لا يُجيبان! لا شك أنهما الآن يستمتعان بوقتهما سويًّا!"تجمّدت ملامح ليان، والتفتت نحو النهر حيث بدأت الفوانيس الورقية تومض على سطح الماء، وفي قلبها تسلّل قلقٌ صامت.أدرك إيهاب أنها تفكّر في الخالة سعاد، وأنها ترغب في النزول إلى ضفة النهر لإطلاق فانوسٍ مضيءٍ على روحها، فقال بلطفٍ متعمد: "اذهبي أنتِ وتمارا سعيد وبقية الزملاء، وسأبقى هنا مع هذا الصغير حتى يأتي طلال ليأخذه."رفعت ليان نظرها إليه بعينٍ شاكرة وهمست: "شكرًا لك."قال مبتسمًا وهو يشدّ على ذراع فهد الصغير: "لا داعي لهذه المجاملات، اذهبي الآن. إن تأخرتِ أكثر، سيصعب عليكِ الدخول وسط هذا الزحام."كان محقًّا، فالناس توافدوا إلى النهر بأعدادٍ كبيرة، ولم يكن من الحكمة أن تظلّ امرأةٌ حاملٌ مثلها بين الحشود المتدفقة.غادرت ليان مع تمارا سعيد والسيدة مي
كان فهد حين يتصرّف بعقلٍ واتزانٍ، يبدو مؤلمًا للقلب أكثر من أي وقتٍ آخر.أشاحت ليان الجارحي بوجهها وقالت: "بعد أن ننتهي من العشاء، سيتولى والدك إعادتك إلى المنزل فورًا."أضاءت عينا فهد فرحًا، وأومأ بسرعة قائلاً: "حسنًا، سأفعل كل ما تقولينه يا أمي."لكن ليان أعادت النظر إليه بوجهٍ صارم وقالت بنبرةٍ حازمة: "وأيضًا… لا تنادِني أمّي بعد الآن."تجمّد فهد في مكانه.وبعد صمتٍ قصير، انكمشت شفتاه الصغيرة وقال بخفوتٍ منكسر: "لا أناديك أمّي؟… حسنًا."خفض رأسَه شيئًا فشيئًا، ثم أجاب بصوتٍ خافتٍ حزينٍ: "حاضر."حوّلت ليان بصرها عنه وقالت: "لنذهب."أومأ إيهاب موافقًا، وأضاف: "تقدّمي أنتِ، سأهتم أنا بهذا الصغير."كان فهد على وشك اللحاق بليان، لكن إيهاب أمسك بذراعه وأوقفه، رفع الصغير رأسه ينظر إليه بعينين محمرتين من الغيظ والضيق.تنهّد إيهاب بأسفٍ وهو ينظر إليه، ويشعر بالشفعة عليه، وقال: "أيها الصغير، كن عاقلاً ولا تسبّب المتاعب، وإلا سأرميك في الشارع لتدبّر أمرك بنفسك!"أومأ فهد برأسه في استسلام، وبدت عليه علامات الكآبة.ظلّ إيهاب متيقظًا وحذرًا.ففي الطريق، أمسك بيد فهد كي لا يقترب من ليان.وفي السيا






Mga Ratings
RebyuMore