على مدى خمس سنوات من الزواج التعاقدي، ظلت ليان تتحمل بصمت، حتى بعد أن علمت أن طلال يحظى بعشيقة متأنقة في الخفاء. حتى ذلك اليوم الذي اكتشفت فيه أن الابن الذي ربّته كابنها كان في الواقع ثمرة علاقة طلال وعشيقته. حينها فقط أدركت أن هذا الزواج كان خدعة منذ البداية. تصرّفت العشيقة وكأنها الزوجة الشرعية، وجاءت تحمل وثيقة الطلاق التي أعدها طلال مسبقًا. وفي ذلك اليوم بالتحديد، اكتشفت ليان أنها حامل. فكرت في نفسها: إذا فسد الرجل فلا مكان له في حياتي، وإذا كان الابن ليس ابني فحريّ بأمه أن تأخذه. انقطعت أواصر الحب والرحمة، وظهرت ليان بحلّة جديدة، قوية، مستقلة، تركّز على بناء ثروتها. ندم أقاربها الذين أذلوها سابقًا، وتهافتوا على بابها يتزلّفون. وندم أولئك الأثرياء الذين سخروا منها بحجة أنها تسلقّت على حساب الرجال، وجاؤوا يعرضون عليها حبّهم ببذخ. أما الابن الذي أفسدته تلك المرأة، فقد ندم أخيرًا، وأخذ يناديها بين دموعٍ حارّة. في إحدى الليالي المتأخرة، تلقّت ليان مكالمة من رقم مجهول. صوت طلال الثمل تردد عبر السماعة: "ليان، لا يمكنكِ الموافقة على خطبته! لم أُوقّع اتفاقية الطلاق بعد!"
View Moreسقط مشرط الجراحة على الأرض مُصدِرًا صوتًا رنانًا حادًّا.توقف طبيب التخدير فجأة عن حركة حقن الدواء!عقدت المديرة سماح حاجبيها ونظرت إلى المساعد الأول قائلًا: "ما الذي حدث معك؟"أجاب المساعد الأول ببراءة: "ليس أنا، هذا..."انتزع طبيب التخدير الإبرة فجأة وقال: "إنه زلزال!"فتحت ليان عينيها فجأة.....كانت مصابيح الجراحة فوق رأسها تومض وتخفت فجأة، وشعرت بدوار خفيف، وكان سرير العمليات تحتها يهتز!وفي اللحظة التالية، دوّى جرس الإنذار في مبنى المستشفى بأكمله!"أوقفوا العملية! انسحبوا فورًا عبر ممر الطوارئ!"كانت ليان في حالة ذهول كامل، وقد ساعدتها روفانا وطبيب التخدير على النزول من طاولة العمليات.وعندما فُتح باب غرفة العمليات، كان الممر ممتلئًا بالمرضى والكادر الطبي، والمشهد في حالة فوضى عارمة.وعندما رآهما ايهاب خارجتين، أسرع إليهما."كيف الحال؟ هل أجريتم العملية؟""لنخرج أولًا ونتحدث!" قالت روفانا وهي تسند ليان.أومأ ايهاب برأسه، وجسده الفارع يحميهما بينما يسير بهما نحو ممر الطوارئ…ولحسن الحظ توقّف الزلزال سريعًا.وفي هذه اللحظة كان ممر الطوارئ والممرات مكتظة بالناس.ورغم أن الزلزال قد تو
من المؤكد أن ليان اكتشفت حملها منذ وقت طويل، ومن البداية وحتى النهاية لم تكن تنوي أن تخبره بذلك!تذكر طلال ذلك اليوم...في ذلك اليوم، كانت الرياح والثلوج شديدة، وكان موقف ليان حاسمًا للغاية، حتى أن الغضب أعماه حينها وجعله يغفل عن أدق التفاصيل!كانت السيارة الفاخرة تنطلق بسرعة هائلة في شوارع المدينة، ومع عدة تغييرات خطيرة للمسار، إلا أن السرعة لم تنخفض ولو قليلًا منذ البداية وحتى النهاية!في داخل السيارة، كانت يد طلال المشدودة تمسك بعجلة القيادة، وملامحه الوسيمة يكسوها البرود والصرامة.هل تنوي ليان أن تطلقه وهي حامل بطفله، ثم ترتبط بإيهاب؟هل تنوي أن تجعل طفله ينادي رجلًا آخر بـ"أبي"؟ارتسم على شفتي الرجل الرقيقتين المضمومتين ساخر فجأة."هه، ليان، أنتِ حقًا بارعة!"طلال، وهو يمسك عجلة القيادة بيد واحدة، فتح قائمة الأسماء واتصل بعصام."ليان في مستشفاكم، ساعدني فورًا على التحقق من سجل زيارتها الطبية..."بيب —عند التقاطع الأمامي اندفعت فجأة شاحنة كبيرة تجاوزت الإشارة الحمراء!فوجئ طلال، وفي اللحظة التي كانت الشاحنة على وشك الاصطدام، أدار عجلة القيادة بعنف —انزلقت السيارة الفاخرة السوداء
قامت روفانا أولًا بمساعدة ليان في إجراءات دخول المستشفى، ثم أخذتها إلى غرفة المرضى لتبديل ملابس المرضى.وبعد أن أنهت تبديل الملابس، أجرت بعض الفحوصات الروتينية.ظهرت نتيجة التقرير بعد نصف ساعة.كان وقت الانتظار طويلًا ومؤلمًا، ووقفت ليان عند النافذة دون أن تنطق بكلمة.وقفت روفانا وايهاب إلى جانبها بصمت، دون التقدم لإزعاجها.ومضى نصف ساعة، وظهرت نتيجة التقرير، وكل شيء كان طبيعيًا، ويمكن إجراء العملية.وفي تلك اللحظة، جاء أيضًا خبر من غرفة العمليات بأنهم جاهزون."ليان"، نادتها روفانا، "علينا الذهاب إلى غرفة العمليات الآن."وعند سماع ذلك، ارتعشت رموش ليان قليلًا، ثم التفتت ببطء.تقدمت روفانا وعانقتها قائلة: "لا تقلقي، سأكون معك."أجابت ليان بصوت خافت: "حسنًا."وقف ايهاب بجانبها صامتًا، حاجباه معقودان، وتبدو على ملامحه ندرة من الجدية الثقيلة.وصل الثلاثة إلى باب غرفة العمليات، فتوقف ايهاب.دخلت روفانا ممسكة بيد ليان، وأُغلق باب غرفة العمليات بإحكام.…في محكمة الشعب بمدينة نيوميس، حسم القاضي القضية بمطرقته، معلنًا أن المدعي قد كسب دعوى الاغتصاب التي كان الضحية فيها قاصرًا!خرج طلال من قاعة
"لم أقصد هذا." ضمّت ليان شفتيها وأطلقت تنهيدة خفيفة، ثم نهضت قائلة: "أنا ممتنة لمشاعرك، لكنني قد اتخذت قراري بالفعل."نهض ايهاب بدوره، وحدق بها متسائلًا: "هل قررتِ فعلًا؟""نعم." أومأت ليان برأسها بنبرة حازمة، وقالت: "كنت أفكر في الأصل كيف سأخفي الأمر عنك بعد العملية، والآن بما أنك عرفت، فأرجو أن تساعدني في كتمان السر."لما رأى ايهاب أنها قد حسمت أمرها، لم يحاول إقناعها مجددًا."اطمئني، سأساعدك على كتمان السر حتمًا." قال ذلك بعد توقف قصير، ثم سأل: "في أي ساعة ستجرين العملية غدًا؟""في التاسعة.""إذًا سأوصلك إلى المستشفى غدًا.""لا حاجة لذلك." لم ترغب ليان في إزعاج ايهاب، "روفانا في المستشفى، وهي ستتولى كل الترتيبات.""المعلّم وزوجته أوصياني مرارًا قبل رحيلهما بأن أعتني بك." قال ايهاب: "أنتِ تريدين مني أن أكتم السر، إذًا على الأقل يجب أن أبقى بجانبك، وأتأكد من أن عمليتك تسير بسلاسة حتى أطمئن."كانت ليان تهمّ بقول شيء، لكن ايهاب بادرها قائلًا: "إذن الأمر محسوم، وإن لم تقبلي فسوف أتصل بالمعلّم حالًا!"ليان: "……"ولأنها لم ترد أن تقلق المعلّم وزوجته، فلم ترفض ايهاب مجددًا.…في اليوم التال
غادر طلال ومعه فهد، ومعهما أيضًا تلك القطة الدمية التي كانت يسرا تؤكد مرارًا أن ليان ستحبها.وبعد أن غادروا، انهارت ليان التي كانت تتماسك طوال الوقت.أمسك ايهاب بجسدها المترهل، وحملها إلى أريكة المكتب.استندت ليان على الأريكة، واضعةً يدها على صدرها، وأنفاسها ما زالت سريعة، ووجهها شاحب كالورقة البيضاء.كان هذا عرض فرط التنفس الناتج عن انفعال عاطفي شديد.غطّى ايهاب فمها، ووجّهها بهدوء قائلاً: "أنتِ تعانين من فرط التنفس، أغلقي فمك واتّبعي إيقاعي… واحد، اثنان، شهيق… نعم، هكذا تمامًا… واحد، اثنان، شهيق…"بمساعدة ايهاب، استعادت ليان أخيرًا تنفّسها الطبيعي.ناول ايهاب كوبًا من الماء الدافئ وقرّبه من شفتيها قائلًا: "اشربي قليلًا من الماء."استندت ليان إلى الأريكة، وبعد أن شربت نصف كوب من الماء الدافئ، بدأ جسدها المشدود بالاسترخاء تدريجيًا.التقط ايهاب على عجل وسادةً صغيرة ووضعها خلف ظهرها، قائلًا: "سيساعدك الاتكاء على الشعور بالراحة."نظرت ليان إلى ايهاب، وانفرجت شفاهها الشاحبة قليلًا، وقالت بصدق "شكرًا لك."خلال الأيام القليلة التي قضتها معه، اكتشفت أن ايهاب، رغم حدة لسانه قليلًا، إلا أن شخصه
نظرت ليان إلى طلال، فابتسمت والدموع تلمع في عينيها من غصّة كلامه."فهد، ابنك له أمه الخاصة، أمه تُدعى يسرا، وليست أنا ليان! وأيضًا، بما أنك تظن أنني متقلبة المزاج وغير جديرة بأن أكون أمًّا صالحة، فحسنًا، أقرّ بذلك! أنا ليان لا أستحق أن أكون أم فهد، لذا أرجوك خذ ابنك وغادروا منطقتي فورًا!"أنهت ليان كلامها دفعة واحدة، وشعرت بدوار ودوخة، فاهتز جسدها الضعيف كأنه على وشك السقوط.ايهاب اقترب بسرعة وأمسك بها، ومال إلى أذنها وهمس بلطف: "هل أنت بخير؟"تنفست ليان بعمق، وعاد وضوح نظرها الضبابي، فهزت رأسها وقالت: "أنا بخير."نظر طلال إلى تفاعلهما، وضغط فكه، وكانت عيناه حادتين وباردتين.وفي هذه اللحظة، كان فهد يحدق في ليان بذهول، وفمه مفتوح لكنه نسي أن يبكي.ماذا كانت أمي تقول للتو؟هل هي حقاً... لم تعد تريده؟غمر قلب فهد شعور قوي من الذعر، فشد يده التي تحتضن عنق طلال بقوة،"أبي، أليس صحيحًا أن أمي كانت تغضب فقط بالكلام؟ هي أمي، ولن تتخلى عني، أليس كذلك؟"كان ينهدم بالبكاء دون أن يصرخ أو يغضب، مظهراً براءة واحتياجاً مؤثراً للغاية.تأثر طلال برقة، وفرك رأسه بحنان."أمك فقط تمر بحالة مزاجية سيئة الآ
Comments