All Chapters of سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك: Chapter 391 - Chapter 400

400 Chapters

الفصل 391

كانت الفيلا فسيحة للغاية، وهادئة إلى حد أن خطى الأقدام كان يتردد صداه في الأرجاء.رغم أن الوقت كان منتصف الليل، لم تكن تُضاء سوى بعض المصابيح الجدارية القديمة في الممر، بينما خيّم الظلام على معظم الزوايا.في هذا الليل الساكن، انبعث صوت عزف على البيانو، كانت أنغامًا مألوفة للجميع، إنها مقطوعة "زفاف في الحلم".لو كان المشهد مختلفًا، لكانت تلك المقطوعة تبعث في النفس راحةً وبهجة، غير أنها بدت الآن في هذا القصر الكئيب كأنها تصدح من أعماق قبر، فبثّت رهبةً لا يمكن تجاهلها.تابع العم يوسف صعوده الدرج مسترشدًا بصوت البيانو.بالنسبة له، فإن هذه الطريقة التي اختارها زعيم منظمة الحشرات السامة للقاء، لم تخلُ من الغرابة.أما أحمد، الذي كان قد أُبقي في باحة الفيلا، فكان يختبئ بهدوء تحت السقف، وقد لاحظ وجود أجهزة مراقبة في الجوار.بالنسبة له، تعطيل كاميرات المراقبة لم يكن بالأمر الصعب، إذ احتاج إلى بضع دقائق فقط لجعلها تتجمّد مؤقتًا على صورة ثابتة.وبعد أن أنهى رصده لتصميم الفيلا، تَسلّل بصمت إلى الداخل من خلال أنابيب الطابق الأول.كان يتحرك برشاقة فهدٍ في عتمة الليل.حين سمع عزف البيانو قادمًا من الط
Read more

الفصل 392

سارت سارة خلف السيد مصطفى، وكانت ترتدي قناعًا يغطي وجهها، مثله تمامًا.غير أنّه خلع خاتم الياقوت الأزرق الذي كان يرتديه في إصبعه، واستبدله بخاتم من الزمرد الأخضر يشبه عين القط.بمجرد أن وطأت قدماها أرض القصر القديم، سمعت عزف بيانو ينبعث من الطابق العلوي، تزامنًا مع تحليق غرابين فوق رأسها.كانت شجيرات الورد المتسلقة تتمايل تحت الأضواء الخافتة، فبدت ساحرة ومغرية، هبّت نسمة باردة بشكل مفاجئ، مع أنّ الصيف على الأبواب، فشعرت سارة بقشعريرة تسري في ظهرها دون سبب واضح.خفض السيد مصطفى صوته عن عمد وقال: "لا تخافي، ابقي قريبة مني، ولا تفعلي أي شيء أو تقولي شيئًا مهما حدث".همست سارة موافقةً، فقد جاءت هذه المرة فقط لتتأكد من هوية زهرة.ما إن دخلت القصر حتى انقطع عزف البيانو فجأة، وكأن العالم كله صمت لحظةً واحدة.اقترب شخصان من جهة الممر، رجل وامرأة، كانت خطواتهما سريعة ومرتبكة.وحين اقتربا أكثر، رأت سارة أن كليهما كان يضع قناعًا يغطي نصف وجهه، ومع ذلك، تعرّفت على الفور على الرجل، لقد كان هو صامد، أما المرأة فكانت جميلة الخولي.رؤيتها لهذين الشخصين هنا أكدت لها أن زهرة قريبة، أقرب مما ظنّت.وكانت
Read more

الفصل 393

سرعان ما سُمِع صوت فتح الباب من الخارج، فتوترت سارة حتى أمسكت كمّ قميصها بشدة.في الماضي، كانت زهرة تُحرّك كل شيء من وراء الستار، بينما كانت سارة مجرد دمية بين يديها، أما الآن فقد انعكست الأدوار، وزهرة لا تعلم أصلًا بوجودها، والحقيقة باتت قاب قوسين أو أدنى، فكيف لا يكون ذلك مثيرًا للقلق والاضطراب؟فُتح الباب، ودخلت امرأة ترتدي فستانًا أبيض، قوامها ممشوق لكنه هزيل للغاية.ورغم أنها كانت تضع قناعًا على وجهها، إلا أنّ بشرتها الظاهرة كانت ناصعة كثلج نقي.يكفي النظر إلى قوامها ليتخيل المرء كم ستكون ملامحها جميلةً خلف ذلك القناع.خطوتها كانت طبيعية، مما يعني أنها كانت تتصنّع الإصابة أثناء تظاهرها بأنها عاملة تنظيف، بل وتعمدت أيضًا أن تسوّد وجهها لتتفادى الأنظار.كانت الريح تحرّك فستانها الأبيض، ولو لم ينظر أحد إلى وجهها، لظنّ أنّها فتاة لطيفة طيّبة القلب.توقفت على بعد ثلاثة أمتار، ويدَاها مسترخيتان إلى جانبها، ثم نطقت بصوتٍ مبحوح قليلًا: "السيد ي، هل طلبت رؤيتي؟"على الأرجح، هذا هو صوتها الحقيقي، مختلف عمّا كان في السابق، ليس عذبًا على نحو خاص، بل فيه بحة توحي كأن حنجرتها تعرضت لإصابة من قب
Read more

الفصل 394

لم تكن الإضاءة في الغرفة ساطعة، لكن ما انسكب منها على وجه المرأة كان كافيًا، لطالما تخيّلت سارة كيف قد تبدو الملامح الحقيقية لزهرة.وقد رسم خيالها لها وجهًا مشوّهًا، غاضبًا، وحتى شيطانيًّا، بعد كل ما فعلته.لكن الواقع كان مختلفًا تمامًا، لقد ورثت زهرة الجينات المثالية لعائلة أحمد، بل إن ملامحها بدت أقرب إلى زوجة أحمد منها إلى أحمد نفسه.ومع أن ملامحها لم تكن مطابقة له تمامًا، إلا أن أكثر ما يشبهه فيها هو عيناها.لا من حيث الشكل فحسب، بل النظرة أيضًا، كأنهما صُنعتا من القالب نفسه.ملامح وجهها كانت دقيقة، شعرها الطويل منسدل، وكل ما فيها يوحي بالبراءة والنقاء.لو لم تكن سارة تعرف حقيقتها، لظنّت أنها مجرد طالبة جامعية بريئة.الآن باتت الإجابة واضحة، شكوكها لم تكن عبثًا، فالمتسببة بكل ما جرى لم تكن سوى زهرة!وما إن تذكّرت سارة ما حلّ بعائلتها، وما أصاب رشيد، وكل ما عانته خلال العامين الماضيين، حتى امتلأ قلبها بالغضب، لقد رغبت للحظة أن تقتلع قلب زهرة بيديها، وأن تلتهم عظامها.لماذا؟ لم تكن بينهما أي ضغينة أو عداء، فلمَ ارتكبت كل هذا بحقها؟!خاصة أن والدها لا يزال يرقد على سرير المرض، لا يشعر
Read more

الفصل 395

اقترب العم يوسف من جانب المرأة، وعلى وجهه بدا شيء من القلق، وقال بصوتٍ منخفض: "هل ابنتي بين يديكِ؟"رفعت المرأة رأسها تنظر إليه، وكان قناع بوجه شيطان يغطي ملامحها، أجابت بصوت هادئ: "دعني أنهي العزف، وسأخبرك."قاوم العم يوسف الغليان الذي اعتمل في صدره بصعوبة، فهو يعلم جيدًا أن أفراد منظمة الحشرات السامة لا يعرفون الرحمة، ولم يجرؤ على استفزازها دون حساب.حين رآها تزحف قليلاً لتفسح له مكانًا، جلس بجوارها.هو يعرف العزف على البيانو بالطبع، ولكن خبرته لا تتجاوز قراءة النوتات، وقدرته لا تزيد عن عزف لحنٍ متعثر.تحت قيادتها، بدأت أصابعه تلامس مفاتيح البيانو، يعزف ببطءٍ شديدٍ نغمةً لم يلمسها منذ زمن بعيد.وبالكاد أنهى العزف، حتى عاد يسألها من جديد: "هل أنتِ من اختطف ابنتي؟"ضحكت ضحكة قصيرة، وقالت: "أتذكّر أنك جئت إليّ تطلب علاجًا لمرض سرطان الدم، أليست زوجتك ما زالت في العناية المركزة؟""هل تملكين طريقةً لإنقاذها؟""بالطبع، وإلا لما جئتَ إليّ، أليس كذلك؟" أجابت بنبرة طبيعية.لكن العم يوسف لم يبدُ عليه أيّ أثر للفرح، بل على العكس، بدا عليه التوجس، وقال بتحفظ: "وما هو الثمن؟"سمع ضحكتها الخافتة،
Read more

الفصل 396

كانت زهرة تظنّ أنّ السيّد ي جاء ليُحاسبها، غير أنّ الواقع لم يكن كذلك، فسرعان ما سمح لها بالمغادرة.ولأنّ صفاء قد تكون أيضًا في هذا القصر، لم يغادر الاثنان، بل نزلا في جناحٍ خاصٍّ رتّبه لهما صامد.وبعد أن تأكّد السيد مصطفى من خلوّ الغرفة من أيّ أجهزة تنصّت، قال أخيرًا: "ما الذي تريدين سؤالي عنه؟"سألته: "هل كنت تعرفها منذ وقتٍ طويل؟"أومأ برأسه، "نعم، أنا من أنقذها، فقط عندما عثرتُ عليها في ذلك الوقت كانت بائسةً للغاية، إذ كانت معظم أنحاء جسدها محترقة بالنار، حتى وجهها أصيب بحروقٍ تجاوزت الأربعين بالمئة، لذا في البداية لم أكن متأكدًا إن كانت هي الفتاة التي تبحثين عنها."شهقت سارة بدهشة، "لا عجب أن صوتها بدا غريبًا بعض الشيء."قال السيد مصطفى: "تلك الفتاة، إضافةً إلى الحروق، كان جسدها مليئًا بالجروح، عندما وجدتها كانت على شفير الموت، نحيلة كأنها هيكل عظمي، لم يكن في جسدها موضعٌ سليم، وبعد نصف عام من الرعاية، بدأت ملامحها تعود إلى طبيعته."وعندما قال هذا، هزّ رأسه بأسى، "ولم يمضِ وقتٌ طويل حتى رحلت برفقة المتمرّدين من منظمة السلام والأمان، ولم أرَ تلك الفتاة بعدها قط، في الحقيقة، لم ألتق
Read more

الفصل 397

رغم أنّ قلب صفاء كان يرفض الأمر بكل جوارحه، إلا أنّها لم تجد سبيلًا آخر، فاضطرت إلى الاعتراف بالحقيقة كاملة.عندما أنهت سارة الاستماع إلى كل ما جرى، تبدّل وجهها على الفور.قالت بغضبٍ شديد: "إذًا كنتِ تعرفين منذ البداية أنّ تطابق النخاع العظمي تمّ بنجاح، ومع ذلك لم تنطقي بكلمة واحدة؟ تركتِ أمي تزداد سوءًا في المستشفى حتى وصلت إلى حافة الموت؟! حتى إن لم تكوني تعرفين هويتها، ألم يكن لديكِ قلب؟ لقد سرقتِ حبّ أمي الذي كان من المفترض أن يكون لي طيلة هذه السنوات، فماذا تريدين بعد؟!"كلما فكّرت سارة في الأمر، ازداد غضبها، وكأنّها على وشك الانفجار.كيف يمكن أن يكون في هذا العالم أناس بهذه القسوة والبرود؟قالت بسخريةٍ جارحة: "حتى لو ربيتِ كلبًا، لكان تعوّد عليكِ منذ زمن!"انهارت صفاء باكيةً حتى عجزت عن النطق، ثم تمتمت: "أعرف أنّ كل شيء كان خطأ من جهتي، لكن هذا ليس وقت العتاب، إن كنتِ ترغبين فعلًا في إنقاذي، فساعديني على الخروج من هنا، يجب أن أتبرع بالنخاع العظمي لأمي في أقرب وقت، وإلا سيكون الأوان قد فات."قاومت سارة بشدّة رغبتها في صفعها، وأخذت نفسًا عميقًا عدة مرات لتحاول تهدئة نفسها.قالت ببر
Read more

الفصل 398

غادرت سارة المكان مسرعة وهي تملؤها الشكوك، لكنها فوجئت بشخصٍ يسحبها فجأة ويكمم فمها، ويجرّها إلى جانب الشرفة.كان على جسده عبقٌ خفيف من العطر، وحين شعرت به، لم تتفاجأ كثيرًا، فقد أدركت على الفور أنه السيد مصطفى، لكنها لم تفهم بعد ما الذي ينوي فعله.رمقها السيد مصطفى بنظرة، مشيرًا بعينيه إلى الأسفل.إلى الأسفل؟كانا يقفان في شرفة الطابق الثاني، وفي العشب الواسع في الطابق الأول، لا تدري متى، ظهر شخصان واقفان هناك.حتى وإن كان أحدهما يُظهر ظهره لها، فقد تعرفت عليه على الفور.أليس ذاك أحمد؟كان ممسكًا بذراع امرأة نحيلة ترتدي فستانًا أبيض طويلًا.إنها زهرة، التي لم يمضِ وقت طويل منذ أن التقتها.هدفه كان الإيقاع بمنظمة الحشرات السامة، فهل يُعقل أنه كان يعرف منذ البداية أن زهرة هي أحد أفرادها؟حين خطرت لها هذه الفكرة، شعرت سارة ببرودة تجتاح ظهرها.لكنها سرعان ما هزت رأسها؛ أحمد يحبها، لا يمكن له أن يخدعها في أمرٍ كهذا، لا بد أن ما تراه الآن مجرد صدفة، وربما هو نفسه لم يعلم بالأمر إلا للتو.لكن وجهها سرعان ما تلقى الصفعة الأولى من الواقع.قالت زهرة بصوتٍ بارد: "اتركني".قال أحمد بنبرة حزينة: "
Read more

الفصل 399

استدارت سارة وغادرت، دون أن تواصل الاستماع لما يُقال في المكان.كل ثانيةٍ تبقى فيها هناك كانت إهانةً لنفسها، فكم كانت محبتها لأحمد طوال تلك السنوات مثيرةً للسخرية؟رغم أنّ زهرة دمّرت عائلتها وألحقت بها الأذى، إلا أنها في حديثه ما زالت زهرة الصغيرة الرقيقة.فكّرت في تلك الليلة، حين كاد السم أن يُحقن في جسدها، وكيف كانت قاب قوسين أو أقرب إلى مغادرة هذا العالم.مجرد النفس الذي يصدر من أحمد كان يجعلها تشعر بالغثيان.أمامها يتحدث عن حبه، ويعدها بإجابات، وفي الحقيقة لم يكن يفعل سوى إخفاء الأدلة حتى لا تتمكن أبدًا من معرفة الحقيقة.أهذا ما يُسمّى حبًا؟حين غادرت سارة، التقطت حجرًا من حافة الشرفة، وفي لحظةٍ من الغضب، تمنّت بصدق أن تسحق به رأس أحمد.تنفّست بعمق، ومضت دون أن تلتفت خلفها.كان صوت زهرة أجشًا، هذه المرة لم تتعمّد التظاهر أو التجمُّل."أختكِ ماتت منذ زمن، ومن ترينه الآن مجرد جثةٍ تمشي على الأرض."كان صوتها خاليًا من أي انفعال، لكن أحمد ما زال يتذكّر كم كانت زهرة صغيرة ولطيفة في صباها.في هذا العمر، كان من المفترض أن تكون زهرةً في أوج تفتّحها، لا أن تتحدّث كما لو كانت عجوزًا مكسورة ت
Read more

الفصل 400

ما دام العم يوسف ما يزال موجودًا، لم يرغب أحمد في تعقيد الأمور أكثر، فلم يتعمّد استفزازه.لكن الحق يُقال، حين رأى زهرة مجددًا، تلاشت كل المشاعر المعقّدة في قلبه، ولم يتبقّ سوى خيبة أمل لا توصف، إذ لم يفهم كيف لفتاة كانت يومًا ما بهذا القدر من البراءة واللطافة أن تتحول إلى شخص كهذا.قال أحمد لها: "هل خضعتِ لعملية تجميل؟"حتى ملامحها لم تعد تحمل أي شبهٍ بعائلته كما كانت لدى أسماء، راودته عشرات الأسئلة التي أراد أن يطرحها.قالت بكل صراحة: "نعم"، طالما هو من يسأل، لم تجد حاجة لإخفاء أي شيء.سألها: "ولماذا لجأتِ للتجميل؟"تجنبت نظره وهي ترد: "لا شيء بيني وبينك يمكن الحديث فيه، هذا المكان لا يصلح للبقاء، غادر من فضلك، واعتبر أنّك لم ترني قط".أحمد وقف في وجهها، مانعًا طريقها: "لا تريدين العودة إلى العائلة، ولا تعترفين بي كأخٍ لكِ، بل وتؤذين سارة، ألا يجدر بكِ أن تشرحي لي لماذا؟ لماذا تتسببين بالأذى لأناسٍ أبرياء؟ ألم تكوني في صغركِ تبكين لأيامٍ حين تموت قطة صغيرة؟ كيف وصلتِ إلى هذه الدرجة؟"تذكّر جيدًا كم تألمت زهرة في طفولتها حين ماتت تلك القطة، حتى أنّه بعد ذلك لم يسمح لسارة بإحضار قطتها ش
Read more
PREV
1
...
353637383940
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status