"ريتاج عودي بسرعة! لقد تم تدمير غرفتكِ في السكن!"
كنتُ أمسك بتقرير الحمل عندما تلقيت هذه الرسالة، فغادرت المستشفى مسرعةً باتجاه السكن الجامعي.
بمجرد وصولي إلى الطابق، اصطدمت أنفي برائحة كريهة مثيرة للاشمئزاز.
"اسكبوا! اسكبوا المياه القذرة على سريرها، لنُطهِّرها من نجاستها!"
"عديمة الشرف! اعتبرتها أعز صديقاتي، لكنها أغوت حبيبي!"
كانت مريم تقف عند باب الغرفة ويداها على خصرها، تتحدث بلهجة غاضبة ومتوعدة، لكن في اللحظة التالية، التفتت نحو الكاميرا وانفجرت بالبكاء بطريقة درامية.
"حبيبي هو ناسك بوذي في العاصمة، رافقته لثلاث سنوات حتى أصبحت جزءًا من عالمه، وجعلته ينغمس في ملذات الحياة لأجلي."
"لكن صديقتي المقربة ريتاج، لم تحفظ يومًا حدودها، ففي كل مرة كان يأتي ليأخذني، كانت ترتدي قمصانًا قصيرة كاشفة وتحدق به بنظرات حالمة."
"وها هي الآن، تلجأ لحيل رخيصة وتحمل بطفله!"
حينئذٍ، اشتعل غضب إحدى الفتيات التي كانت تدمر الأثاث، وقالت: "مريم فتاة طيبة، ونحن كصديقاتها علينا حماية حبها!"
"نعم، يجب أن نحمي هذا الحب المثالي بين الناسك البوذي وملكة جمال الجامعة!"
"فلتحموا الحب المثالي بينهما!"
رددت الفتيات العبارات أمام هواتفهن، رافعين شعار العدالة بينما كنّ في الواقع يمارسن التخريب.
في تلك اللحظة، تلقيت رابط بث مباشر من إحدى صديقاتي.
فتحت الرابط، ليظهر أمامي العنوان الصادم: "العشيقة عديمة الشرف تغوي ناسكا بوذيًا والزوجة الشرعية تضبطها وتجبرها على الإجهاض!"
وعلى رأس الصفحة، وُضعت صورة لي بالأبيض والأسود.
حينها لم أتمالك نفسي.
دفعت باب الغرفة بقوة، فخيم الصمت على المكان للحظة، قبل أن ينفجر المكان بسيل من السخرية.
"ها قد عادت العشيقة!"
"لو كنت مكانكِ، لما تجرأتُ على العودة."
مسحت مريم دموعًا لم تكن موجودة، وأظهرت جانبها الضعيف للكاميرا، لتبدو أكثر استحقاقًا للشفقة، وقالت: " ريتاج، أعلم أنكِ تغارين مني لأنني سأتزوج رجلًا يفوق مستواك، ولأن حبيبي الناسك البوذي وسيم وثري، لكن هذا ليس سببًا لتغويه..."
حبيبها؟
حاولتُ أن أتذكر عمن تتحدث، لكن لم يخطر في بالي أي شخص!
فسألتها بصدق :"من هو حبيبكِ بالضبط؟"
اتسعت عينا مريم بصدمة، وكأنها لم تصدق أنني لا أعرف.
"أنتِ…ألا تعلمين من هو عمر؟ الناسك البوذي بالعاصمة؟"
عمر؟
أليس هو الأخ الأصغر ليونس، ذاك الشاب الذي لا يفعل شيئًا سوى الاستمتاع بحياته؟
إذًا… أنا وصديقتي تزوجنا من نفس العائلة؟
"رأيته من بعيد عدة مرات، لكنني لم أتحدث معه أبدًا"
أجبتُها بكل صدق.
لكن كلماتي زادت من شكوكها،
فعضّت شفتيها ولم تتكلم، بينما احمرّت عيناها كأنها على وشك البكاء، مما جعلها تبدو أكثر ضعفًا أمام المتابعين.
"العشيقة"، "ناسك العاصمة"، "الصديقة المُقربة" و"الإجهاض". جذبت هذه الكلمات المزيد من الناس لغرفة البث.
وكانوا جميعًا يوجهون لي الشتائم، ويتعاطفون مع مريم.
حتى أن بعضهم بدأ يسب عائلتي.
"لا عجب! لا بد أنها نسخة من والدتها، وأن أمها كذلك كانت عشيقة لرجلٍ متزوجٍ لتُنجب فتاة بلا أب مثلها!"
"بالمناسبة، مَن والدتها؟"
رأيت كيف بدأ الناس بالبحث عن هوية عائلتي، فانتزعت الهاتف من يدها ورميته على الأرض.
"هاتفي ثمنه أكثر من ألف دولار! عليكِ دفع ثمنه ليّ!"
أومأت برأسي، ثم قلت: "سأدفع."
أشرتُ إلى الغرفة قبل أن تضحك، حيث الفوضى العارمة التي أحدثوها، وقلت :"لكن عليكم أن تدفعوا لي ثمن الأضرار التي ألحقتموها بي أولًا."
انبعثت من أغطية سريري الفاخرة رائحة كريهة، وملابسي الثمينة قُصّت بمقصات حادة، بينما كانت مستحضراتي التجميلية المميزة مرمية على الأرض تغطيها آثار الأقدام.
استخدموا أحمر شفاهي من هيرميس ليكتبوا كلمات مهينة مثل (العشيقة) و(عديمة الشرف) على الطاولة.
أصبح وجهي قاتمًا وقلت ببرود : "كل ملابسي كانت مصممة خصيصًا لي، حيث تُقدر بعشرات الآلاف، أما عن أحمر الشفاه، فرغم أنني استخدمته، إلا أنه يساوي عشرات الدولارات، ولا يزال عليكم دفع ثمنه."
عند ذكر المال، بدأت الفتيات ينظرن لمريم بقلق.
لكنها وقفت بثقة، وقالت بازدراء: "كيف يمكن لها أن تملك هذه الأشياء؟ كل ما لديها كان هديةً من حبيبي!"
لم أستطع التعرف على الفتاة التي أمامي، فقد اشترينا هذه الأغراض معًا بمالي الخاص، ومع ذلك كانت تتحدث وكأن حبيبها أعطاها ليّ!
ثم نظرت إلى الفتيات وقالت بثقة :
"بصفتي زوجته الشرعية، أطلب منها أن تعيد كل شيء، لا تقلقن، سأتحمل مسؤولية حدوث أي شيء!"
أتظن حقًا أنني أنازعها على رجل!
مع هذه الكلمات، أصبحت الفتيات أكثر عدوانية، حتى أن إحداهن كسرت قفل خزانتي وفتحتها عنوةً.
"فلنرَ ما الذي كانت تخفيه العشيقة!"
أدركت ألاّ جدوى من الحديث معهن، فأخرجت هاتفي واتصلت بالشرطة.
لكن قبل أن أتمكن من الاتصال، مد رجل طويل يده، وأخذ الهاتف من يدي .
رفعت رأسي لأرى عمر بنفسه واقفًا هناك، لتأتي مريم لتُلقي بنفسها في أحضانه قائلةً : "عمر، قد أتيت أخيرًا!"
"من يجرؤ على إيذاء امرأتي؟"
قال عمر ذلك بينما كان ممسكًا بمسبحته بيد، محتضنًا مريم باليد الأخرى لحمايتها.
Expand