Masukبعد انتهاء الحرب بين البشر والوحوش، اتفق الطرفان على أن يحكم العالم الوحش شبه البشري. وفي كل مئة عام، يُقام زواج بين البشر والوحوش، ومن تنجب أولًا وحشًا شبه بشريّ، تصبح حاكم الجيل القادم. في حياتي السابقة، اخترت الزواج من الابن الأكبر لسلالة الذئاب، المشهور بإخلاصه في الحب، وسرعان ما أنجبت له الذئب شبه البشري الأبيض. أصبح طفلنا الحاكم الجديد لتحالف البشر والوحوش، وبذلك حصل زوجي على سلطة لا حدود لها. أما أختي، التي تزوجت من الابن الأكبر لسلالة الثعالب طمعًا في جمالهم، فقد أصيبت بالمرض بسبب حياة اللهو التي عاشها زوجها، وفقدت قدرتها على الإنجاب. امتلأ قلبها بالغيرة، فأحرقتني أنا وذئبي الأبيض الصغير حتى الموت. وحين فتحت عينيّ من جديد، وجدت نفسي في يوم زواج بين البشر والوحوش. كانت أختي قد سبقتني وصعدت إلى سرير فارس، الابن الأكبر لسلالة الذئاب. عندها أدركت أنها هي أيضًا وُلدت من جديد. لكن ما لا تعرفه أختي هو أن فارس بطبعه عنيف، يعشق القوة والدم، وليس زوجًا صالحًا أبدًا!
Lihat lebih banyakما إن أنهت ليانة كلامها، حتى أدرك الجميع ما حدث بالضبط.لو أنها تناولت الدواء كما هو محدد، لكانت أنجبت طفلًا طبيعيًا، لكنها كانت جشعة أكثر من اللازم.مرة أخرى أصبحت سلالة الذئاب موضع سخرية، إذ شاع أن فارس عاجز، وأن زوجته خانته لتُنجب، بل لجأت إلى وصفة حقيرة مصنوعة من بيضة الفأرة التي تخص سلالة الفئران.ازداد مزاج فارس سوءًا، وأيام ليانة بين أهل الذئاب صارت أكثر قسوة.بعد شهر، وبينما كنت أشتري الأقمشة لصغاري من السوق استعدادًا للعودة إلى البيت، رأيت ليانة تحتضن سلة إلى صدرها وتمشي بخفية نحو زقاق ضيق.كنت قد سمعت أنها جُنّت من شدة العذاب، وأنها تحاول كل يوم خطف أطفال الآخرين بين أهل الذئاب.لم أُلقِ بالًا، وعدت إلى البيت بفرح أترقب لحظة فقس أطفالي.لكن باب غرفتي كان مفتوحًا، وثلاث بيضات الأفعى التي في صندوق التدفئة اختفت تمامًا.ارتبكت، وتذكرت قطعة القماش الخضراء على سلة ليانة، كانت تشبه المنديل الذي تركته على مكتبي.أمسكت بالخنجر الذي أهدانيه سليم للدفاع عن نفسي، وركضت بأقصى سرعة نحو الزقاق الذي اختفت فيه ليانة.في عمق الزقاق وجدت ساحة مهجورة، ومن داخلها سمعت صوتها المشوَّه."أطفالي، لا
عندما استيقظت، كان في الصندوق الحراري بجانبي ثلاث بيضات، وكان سليم يمسح العرق الدقيق عن جسدي بمنشفة.كنت على وشك أن أتكلم، لكني سمعت صرخة مؤلمة، كانت صوت ليانة."لا أريد أن ألد بعد الآن، اقتلوني أرجوكم، اقتلوني بسرعة!""آنسة العبيدي الصغيرة، تماسكي، الولادة أوشكت على الانتهاء."امتزجت صرخات ليانة بكلمات تشجيع القابلة.كانت غرفة ولادتها تفصلها عني جدار واحد فقط، وما زالت في منتصف الولادة."لقد تعبتِ كثيرًا يا رانية، أنتِ قوية."قال لي سليم وهو يطبع قبلة على جبيني.كان في نظره قلق وذنب، لكن أيضًا حب عميق لا يوصف."ألن يكون المكان مزعجًا لكِ؟ ما رأيك أن نعود إلى المنزل لتستريحي أنتِ والبيضات؟"في حياتي السابقة، بعد أن أنجبت، لم يكن في عيني فارس سوى الطفل، لم يبالِ بتعبي طوال اليوم والليلة، بل دفع الطفل إلى صدري وأجبرني على إرضاعه فورًا.لم يهتم فارس جسدي المرهق، كل ما كان يراه هو الوحش شبه البشري الذي سيمنحه السلطة.أما سليم، فلم يرَ منذ البداية إلا أنا. حتى تلك البيضات الثلاث لم يطلب مني أن أحتضنها، بل وضعها في الصندوق الحراري واعتنى بها بنفسه."لا بأس، أريد أن أرى كيف تسير ولادة ليانة."
قبل أن أتمكن من متابعة كلامي، قفز سليم عن السرير بخفة، وارتدى ثيابه مسرعًا، ثم اندفع إلى الخارج يبحث عن الطبيب.لم تمضِ نصف ساعة حتى كان الطبيب داخل الغرفة.تحسس نبضي، وراح يعبس حاجبيه، يهز رأسه تارة ويومئ تارة أخرى.ساد صمت ثقيل في الغرفة، وكان سليم ينظر إليّ بقلق بالغ.ثم نهض الطبيب، وانحنى قليلًا مهنئًا إيانا قائلًا:"مبروك يا سيد سليم، سيدتك حامل منذ شهرين، ويبدو أنها ستضع البيضة خلال أيام قليلة!"في البداية كنت هادئة، لكن حين سمعت كلمة "بيضة" تجمدت ملامحي."أليست ولادة طفل؟ بيضة؟"ابتسم سليم ولمس رأسي برفق قائلًا:"سلالة الأفاعي تختلف عن غيرها من السلالات، فهم يضعون البيض ثم يفقس ليخرج الصغير."منذ أن علم سليم بحملي، صار يلاحقني يوميًا ليطعمني المقويات، ولم يسمح لي بأن أعمل أي شيء.حتى إنه اشترى لي ثلاث ثمرات من ثمرة النعيم، وهي فاكهة نادرة لا تُقدّر بثمن، وتُعدّ من أفضل ما يمكن أن تتناوله الحامل.في حياتي السابقة، حين كنت حاملًا، لم يمنحني فارس سوى نصف ثمرة فقط، فكيف استطاع سليم أن يشتري ثلاثًا دفعة واحدة؟"من أين لك المال لشراء هذا؟ أليست سلالة الأفاعي..."جلس سليم إلى جانبي، ون
راح الاثنان يردّدان كلام بعضهما، لينكرا ما قالته ليانة."لا نعترف بهذا الوحش شبه البشري، الاتفاق منذ البداية كان واضحًا، يجب أن يكون الطفل من إنسان ومن الابن الأكبر لإحدى السلالات النبيلة للوحوش.""لو تصرف الجميع مثل سلالة الذئاب، فستختلط الأنساب، ومن يدري أي مخلوقات مشوّهة قد تولد من هذا العبث!""هذا الأمر لا يمكن أن يتم دون موافقة السلالات الأربع الأخرى، وعلى كل حال، نحن سلالة التنانين وسلالة الثعالب نعلن رفضنا القاطع."أما سلالة العنقاء، التي كانت تقف على الجانب، فقد أعلنت موقفها فورًا:"قد انسحبت سلالة العنقاءات من شؤون العالم، ولن نتدخل في هذه القرارات بعد الآن."السلالات الأربع: واحدة امتنعت، واثنتان رفضتا، أما رأي سلالة الأفاعي الضعيفة فليس ذا وزن يُذكر.حينها، اشتعل غضب فارس من جديد بعدما كان قد تأثر قليلًا بكلام ليانة."ليانة! أنظري ماذا فعلتِ! لقد جلبتِ العار على سلالة الذئاب!"في طريق العودة بعد انتهاء الاجتماع، ظل سليم صامتًا ومهمومًا، وبعد أن سألته مرارًا، باح بما في قلبه."حين رأيتِ ذلك الذئب الأحمر، لم ترفّ عيناكِ عنه، هل ترين أني لست جميلًا بما يكفي؟"رؤيتي لغيرته جعلتن
"هذا هو طفلِي أنا وفارس، أليس من الطبيعي أن يختلف لون فراء الذئب أحيانًا؟"كانت ليانة تصرّ على أن الذئب الأحمر الصغير هو ابن فارس، لكنها لم تكن تعلم أن فارس هو الذئب نقي السلالة الأبيض، وأن أسلافه لم يحملوا يومًا جينات الذئاب الحمراء.كان وجه فارس ملبّدًا بالغضب، والهالة من حوله تنذر بانفجار وشيك."ليانة، مع من خنتِني وأنجبتِ هذا اللقيط؟ إن لم تقولي الحقيقة، سأقتل هذا المخلوق بنفسي."ارتعب والدي وسارع إلى تهدئته: "اهدأ يا فارس، ربما هناك سوء فهم، تحبك لولو حقًا، كيف يمكن أن تخونك؟"اغتنمت ليانة الفرصة، واحتضنت الطفل وقدّمته إلى فارس بابتسامةٍ متوسّلة وصوتٍ ناعم:"انظر إليه، كم يشبهك! عيناه تمامًا كعينيك."تسلّم فارس الذئب الأحمر الصغير ببرودٍ تام.لكنّ الصغير، الذي كان نائمًا بهدوء في حضن أمّه، انفجر بالبكاء بمجرد أن رأى وجه فارس.ذلك البكاء المرير أعاد إلى ذاكرتي صورة مالك وهو يصارع النار في حياته السابقة.شعرت بألمٍ يخنق صدري، وعبستُ من شدّة الوجع.لاحظ سليم اضطرابي، فوضع يده على أذنيّ ظنًّا منه أنني أنزعج من صوت بكاء الطفل."يا لقيط!"صرخ فارس بغضب، ثم رفع الذئب الأحمر الصغير عاليً
انبعث صوت سليم البارد في أذني قائلًا:"آنسة العبيدي، أعلم أنك اخترتِني مضطرة، لكني أعدكِ أني لن أسمح لكِ بالمعاناة ما دمت أستطيع."عندما سمعت صوته، استدرت لا إراديًا، فاصطدمتُ بصدره.تسللت إلى أنفي رائحة غريبة خفيفة.رفعت رأسي أنظر إليه وقلت بجدية كلمةً كلمة:"سليم، أنا من اختارك بإرادتي، ومن الآن فصاعدًا نادِني رانية، لا تكن رسميًا هكذا."رأيت في عينيه بريقًا غريبًا للحظة."حسنًا، رانية."وبعد ثلاثة أيام، جاء يوم الزفاف كما هو مخطط.أُقيم الحفلان في نفس الفندق الفاخر.كان زفاف سلالة الذئاب هذه المرة أفخم من زفاف الحياة السابقة، حتى إنهم دعوا سلالة العنقاءات المنعزلة لتقديم عرضٍ خاص، وجميع السلالات النبيلة حضرت.أما زفاف سلالة الأفاعي فكان بسيطًا وهادئًا، بلا ضيوف إضافيين، لكن أهل الأفاعي كانوا سعداء، فالزواج من إنسان يمنحهم الأمل في المنافسة على منصب الحاكم في تحالف البشر والوحوش.بعد نهاية الزفاف، التقيت بليانة وجهًا لوجه، وقد رفعت عنقها عمدًا لتُريني آثارًا غامضة على بشرتها.قالت بابتسامة متعجرفة:"أختي، لم أكن أعلم أن أهل الذئاب بهذه الحيوية، يبدو أنني سأرزق قريبًا بطفلٍ للذئاب."ا
Komen