Masukعندما سمع ليو اعتراف ابني، تأثر بشدة وحاول أن يتقدّم ليعانقه.لكن ابني أبعد يده التي كانت تمسك بثيابي وقال ببرود:"لكنني لم أشتق إلى والدي قط.""لأن والدي مات منذ اللحظة التي أنكر فيها نسبي، ووقف متفرّجًا بينما كانت أمي تُهان وتُضرب أمامه.""أيها الألفا ليو، بصفتي الوريث الثالث لأراضي الشمال، أحذّرك للمرة الأخيرة، إنّ أمي من السلالة الملكية النبيلة لأراضي الشمال، فلا تُهِن مكانتها بعد الآن.""عد إلى قبيلتك مع قومك، وامضِ أيامك مع اللونا التي تشتاق إليها ليلًا ونهارًا، ومع وريثك الذي اخترته."ثم أمسك بذراعي وغادر دون أن يلتفت، ولم أرَ بعد ذلك ملامح الندم على وجه ليو.جلس على الأرض، وغطّى وجهه باكيًا بحرقة، وكأنه أدرك أخيرًا أنني أنا وابنه لم نعد نحبه، ولا ننتظر منه شيئًا بعد الآن.في ذلك اليوم نفسه، غادر مع أفراد قطيع أنياب اللهب.قالوا إن الألفا ليو، الذي كان وسيمًا في الماضي، شاخ في ليلة واحدة كأنه تقدّم في العمر سنوات عديدة.الهالات السوداء تحت عينيه ولحيته الكثيفة جعلت مظهره بائسًا.لكن كل ذلك لم يعد يعني لي ولا لابني شيئًا.وصلتني أخباره مجددًا حين أعلن والدي أنه سيتنازل عن العرش ل
حين رأيت ليو مرةً أخرى، كان ذلك في حفل إعلان وراثتي أنا وابني.بصفته ألفا قطيع أنياب اللهب، اضطر ليو إلى ترك البحث عني وعن ابنه، والذهاب إلى أراضي الشمال لحضور هذا الاحتفال المهيب.في تلك الفترة، وبينما كانت أراضي الشمال تزداد قوةً وازدهارًا، تدهورت مكانة قطيع أنياب اللهب بين أمة المستذئبين بسبب تقاعس الألفا ليو.لذلك، عندما ركعت والدة ليو وأقاربه في الحفل، ورفعوا رؤوسهم ليروا أن من يحيّونه هي أنا وابني بثياب ملكية فاخرة، اتسعت أعينهم من الدهشة، ولم يصدقوا ما يرون.أما ليو، فقد بدا عليه الفرح، ومسح عن وجهه التعب، وأمسك بمعصمي دون مراعاة للمكان وهو يهتف:"ميا! لقد وجدتك أخيرًا! هل تعلمين كم اشتقت إليك كل هذه الأيام..."لكنه لم يُكمل، إذ سحبت يدي منه ببرود.فأمسكه حرّاس أراضي الشمال الضخام قائلين:"من هذا المتشرد الذي يجرؤ على إهانة العائلة الملكية لملك الألفا في أراضي الشمال؟!"نظر ليو إليّ وإلى ابني بذهول وقال:"العائلة الملكية لملك الألفا في أراضي الشمال؟"ثم التفت إلى والدي الذي كان يرمقه بوجهٍ صارم، وفجأة انفجر ضاحكًا أمام الجميع:"ميا! هل يعقل أنك من أجل البقاء، تزوجتِ هذا العجوز ا
حين قرّر ليو أن يعثر علينا مهما كلّفه الأمر، كنتُ أنا وابني قد وصلنا بالفعل، برفقة عائلتي، إلى أراضي الشمال بسلام.والدي الذي لم أره منذ سنوات، لم يقل لي كلمة عتاب واحدة عندما رآني مع ابني.بل اكتفى هو ووالدتي بأن ضمّانا إلى صدريهما بقوة، والدموع تنهمر من عيونهما وهما يهمسان:"الحمد لله على عودتكما إلى البيت، هذا كل ما نريده..."ملك الألفا في أراضي الشمال، العظيم المهيب، لم يكن في تلك اللحظة سوى أبٍ عجوزٍ أنهكته السنون، يبكي خوفا وحنينا على ابنته وحفيده.شعرتُ بمزيجٍ من التأثر والذنب، أما ابني الذي كان خجولًا ومترددًا في البداية بسبب المكان الجديد، فقد عاد إلى طبيعته المشرقة بفضل حنان جده وجدته.لقد كبر كثيرًا بعد ما مرّ به في قطيع أنياب اللهب.في اليوم الأول بعد عودتنا إلى أراضي الشمال، قال لي: "أمي، من الآن فصاعدًا، سأحميك دائمًا."وعندما علم أنني الابنة الوحيدة لملك الألفا في أراضي الشمال، لم يُبدِ دهشة كبيرة، بل اختار أن يبقى بجانبي بينما كنت أتعلم من والدي شؤون الحكم والإدارة، ليتعلم بصمتٍ معي.رأى والدي نضجه وهدوءه، فربّت على رأسه وقال لي:"في أراضي الشمال لا ينقصنا الورثة المتمي
أغلق ليو على نفسه في غرفة نومنا.ظل يحدّق في الرسائل المرسلة التي لم تتلقَّ أي رد طوال الليل.قال بصوتٍ متهدّج: "لا، ميا ستعود إليّ..."ثم سمع خطواتٍ تقترب من الباب، فنهض بسرعة وقد امتلأ قلبه بالأمل.ومن خلف باب الغرفة، شمّ رائحة الفانيليا التي تخصّني."ميا!"فتح الباب بعجلة، واحتضن المرأة الواقفة أمامه بشوقٍ عارم."كنت أعلم أنك لن تطيقي الابتعاد عني!""ليو..."لكن ما إن أدرك ليو أن التي بين ذراعيه هي جاسمين، حتى تلاشت ملامح الحماس عن وجهه تمامًا.وحلّ محلها غضب عارم خال من أيّ حنان."من سمح لك بارتداء ثوب ميا؟"كانت تلك العاهرة ترتدي قميص نوم ميا، لا عجب أنه ظنّها ميا حين فتح الباب!حاولت جاسمين، وقد انكشف خداعها، أن تبرّر بخوفٍ قائلةً: "كنت أريد فقط أن أرتدي شيئًا مريحًا وأنا أعتني بك، ولم أجد في الغرفة سوى هذا الثوب..."لكنها لم تكمل جملتها، إذ أمسكها ليو بعنف ودفعها إلى الأرض، ومزّق الثوب عنها وهو يصرخ:"انزعيه فورًا! بأيّ حق ترتدين ملابسها؟!"ارتجفت جاسمين رعبًا، غير مصدّقة ما يفعله بها."لماذا يا ليو؟! نحن على وشك إقامة طقس الوسم! أنا رفيقتك المقدّرة!""ميا لن تعود! لقد رحلت مع ذ
استفاق ليو عند الغروب.كان الضوء خافتًا، وقد وُضع في غرفة نومنا.كانت البطانية التي تغطيه تفوح منها رائحة الفانيليا الخاصة بي، أما الظل الجالس بجانب السرير فكان شعره الطويل المنسدل يشبه شعري، وهو يعصر منشفة مبللة ودافئة.ميا…تحرك شيء في قلب ليو، فمدّ يده وجذب الشخص الجالس إلى حضنه."لقد عدتِ!"لكن رائحة الورد التي فاحت من المرأة في حضنه جعلته يستفيق في لحظة."آه، ليو، ظننت أنك لن تقيم معي الطقس، وأنك ستتخلى عني!""لا تقلق، لقد طردت تلك العائلة المستذئبة! إذا كنت تحب هذا المكان، فسأعيش معك ومع الطفل هنا!لأول مرة شعر ليو بأن رائحة جاسمين كريهة إلى هذا الحد.قطّب حاجبيه ودفعها بعيدًا عنه بنفاد صبر واشمئزاز قائلاً:"ابتعدي! رائحتك مقززة! لا تقتربي مني!"ترنّح وهو ينهض من السرير، وبدأ يبحث في أرجاء الغرفة عني:"ميا…"لكن في هذا البيت، لم يبقَ أي أثر لي أو لابننا، كل ما يخصّني اختفى تمامًا.لم تعد ملابسنا في الخزانة، وصوري ووثائقي في الأدراج تحولت إلى رماد."لا... لا يمكن!"لم يستطع ليو تقبّل اختفائي، زحف نحو أحد الأدراج، فوجد الصندوق الخشبي الجميل محترقًا وسود اللون.كان ذلك الصندوق يحتفظ
قبل أن أغادر، أرسلت إلى ليو آخر رسالة نصية."الألفا ليو، أنا وابني غادرنا. أتمنى لك حياة جديدة سعيدة، وداعًا إلى الأبد."وبعد أن أرسلتها، ألغيت الرقم وأغرقت الهاتف في قاع البحيرة.في تلك اللحظة، وبينما كان ليو لا يزال في الطقس، شعر بألم مفاجئ في قلبه.نظر إلى الرسالة على هاتفه، وإحساس سيئ اجتاح عقله بالكامل.أخذ يتصل بي مرارًا وتكرارًا، لكن الهاتف لم يُصدر سوى نغمة الانشغال الباردة."ما بك يا ليو؟ الضيوف كلهم ينظرون إليك!"لاحظت جاسمين اضطرابه، وحثّته على إتمام الطقس. لكنه ألقى بخاتم العائلة أرضًا، وترك جاسمين خلفه واندفع خارج الفيلا.غير أن الحراس أوقفوه."ابتعدوا! أنا الألفا ليو! يجب أن أعود إلى البيت!"أمرهم بفتح البوابة، فتبادل الحراس نظرات مترددة."الألفا ليو، هذا هو بيتك. والدتك أوصتنا ألا نفتح البوابة قبل أن تُكمل الطقس!""ابتعدوا عن طريقي!""ليو!"اندفعت جاسمين إلى الخارج بعجلة، وصوتها المفعم بالرجاء يحمل نبرةَ هستيريا: "ماذا تفعل؟ ألن تُكمل الطقس معي؟""لا!"مسح ليو وجهه، وكأنه اتخذ قراره النهائي، ثم أطلق عواءً غاضبًا.تمدّدت عضلاته حتى تمزّق بدلته الأنيقة، وتحول إلى ذئب رمادي





