All Chapters of سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك: Chapter 571 - Chapter 580

592 Chapters

الفصل 571

كانت أشعة الشمس الدافئة تتسلّل من النوافذ الزجاجية الضخمة، لتنثر ضياءها على السرير الأوروبي الفاخر.على السرير كانت مستلقية امرأة ذات بشرة ناصعة البياض وملامح غاية في الروعة، كأنها أميرة من قصص الخيال، أشبه ببياض الثلج.ربما كان ضوء الشمس ساطعًا أكثر مما ينبغي، فقد عقدت حاجبيها واستفاقت من نومها ببطء.بينما يلفّ رأسها شعور بالفراغ يترافق مع ألم خافت.كان الأمر وكأن شيئًا ما قد انتُزع من داخل عقلها، تاركًا إياه فارغًا تمامًا، وكذلك قلبها.من هي؟ وأين تجد نفسها الآن؟تناهى إلى سمعها صوت الماء المتدفق من جهة الحمام، فتساءلت بفضول وهي تحدّق نحوه، هناك أحد يغتسل؟ من يكون؟أزاحت الغطاء ونزلت من السرير، وقدماها الحافيتان تغوصان في الملمس الناعم للسجاد الفاخر.ورغم أن البرد القارس يلفّ العالم خارج هذه الجدران، إلا أن دفء التدفئة في الغرفة جعل الجو أشبه بيوم ربيعي من أيام مارس أو أبريل.تأملت المكان من حولها، الجدران مطلية بدرجات دافئة يغلب عليها لون الكريمة، والديكور يتبع أسلوبًا ناعمًا ودافئًا.وسرير يشبه حلوى القطن، وأريكة بلون أبيض مائل للبيج، كأنها قطعة من الغيوم.وعلى الجدار صورة ضخمة تجم
Read more

الفصل 572

أحكم أحمد قبضته قليلًا، فوجدت سارة جسدها ينساق ليلاصق صدره الدافئ.كان قد أنهى استحمامه للتو، وما زالت رائحة البخار تعبق حوله، تحمل معها عبيرًا خفيفًا من صابون الاستحمام.وضعت سارة راحتها الناعمة على صدره، فأحست بحرارة جسده تكاد تحرق أناملها.اقترب منها أكثر، وهمس عند أذنها بصوت دافئ: "في داخل فخذكِ الأيسر، هناك شامة صغيرة".حمل نكهة النعناع المنعشة على جسد سارة، تسارعت أنفاسها، واحمر وجهها حياءً حتى غطّى الخجل وجنتيها.لمّا رأى أحمد هذا الاحمرار الطفولي، تذكّر الأيام الأولى لعلاقتهما، حين كانت كل نظرة منها تثير فيه حنانًا خاصًا، فانفرجت ملامحه وازدادت رقة.مد يده يلامس طرف أنفها برفق، وقال مبتسمًا: "لن أُحرجكِ أكثر… تعالي لنتناول الطعام، وبعد أن ننتهي سأخبركِ بكل ما تريدين معرفته دون نقص أو تحريف".ثم أخذ بيدها وقادها خارج غرفة النوم، وفي الممر، كانت الجدران تزينها صور كثيرة تجمعهما معًا.في كل صورة كانت هي تبتسم بعينين مشرقتين، يملأهما الصفاء والمرح، كأنها شمس صغيرة تنير حياته.إحدى الصور كانت لها وهي تجلس على أرجوحة في حديقة غارقة في ألوان الورود، بينما كان هو خلفها يدفعها برفق، وقد
Read more

الفصل 573

حسّ سارة الداخلي أخبرها ألّا تدخل.تجمّدت أصابعها وهي على مقبض الباب، قبل أن تغمرها دفء يد أحمد القوية، وهو يهمس قرب أذنها بصوت مهدّئ: "لا تخافي، أنا معكِ."انفتح الباب.لم يكن في الداخل أي وحش أسطوري محبوس، ولا مشهد دموي كما قد يوحي الخيال.بل كانت هناك غرفة وردية ناعمة، أُفرغت من كل أثاثها، ولم يبقَ سوى جدران صامتة وسجادة على الأرض.على الجدار، بقيت بعض ألعاب الأطفال المعلّقة التي لم تُنتزع بعد.ومن السهل أن يخمّن المرء أنها كانت يومًا ما غرفة طفل رضيع.شعرت سارة منذ اللحظة الأولى التي خطت فيها داخلها بثقل في صدرها، ووخزة حادة في عينيها.سارت بخطوات بطيئة عبر الغرفة الفارغة، حتى توقفت عند ركن محدّد، كان فيما مضى موضع سرير الطفل.انحنت ببطء، رغم أنها لا تتذكر شيئًا، لكن جسدها تحرّك بدافع غامض أشبه بالحدس.سألت بصوت منخفض: "ماذا كان هنا في السابق؟"أجابها أحمد، وقد بدا عليه هو الآخر شيء من الدهشة تجاه تصرفها، وجلس إلى جوارها: "كان هنا سرير رضيع."راحت عيناها تتأملان المكان الخالي، ثم سرعان ما برقت في رأسها فكرة قاسية.قالت وهي تتردّد: "إذًا... هل كان لدينا طفل من قبل؟"أجابها بثبات: "ن
Read more

الفصل 574

ظل أحمد يستعيد في ذاكرته لحظات لقائهما الأول، وتعارفهما، ثم اقترابهما حتى لحظة حبهم لبعض، بينما كانت سارة غير قادرة على تذكّر تلك التفاصيل، لكنها كانت تلتقط من كلماته بعض الخيوط التي تشي بما كان بينهما.قالت وهي تحدّق فيه بهدوء: "يبدو أنّني في الماضي كنتُ أحبّك كثيرًا، أليس كذلك؟"أجابها أحمد بنظرة دافئة: "نعم، وهل تذكّرتِ شيئًا؟"هزّت رأسها نافية: "لا، لكنني أعتقد أنّه إذا كنتُ كما تصفني، فتاةً متميزة، ومع ذلك تركت دراستي من أجل الأسرة، فلو لم أكن مغرمةً بك إلى حد الجنون، فمَن قد يتخلّى عن حلمه بهذه السهولة؟"ارتسمت على وجه أحمد ملامح معقّدة أربكتها، ثم رمق الثلج المتساقط في البعيد وهمس: "صحيح، لو لم تكوني تحبّينني إلى هذه الدرجة، فكيف كنتِ ستتخلّين عن حلمكِ؟ حبيبتي سارة، أعدكِ أن أحبّك كما لم أفعل من قبل، وأقسم على حياتي بذلك".كان يعانقها بقوة حتى شعرت وكأن أنفاسها تنقطع، فدفعت صدره بكل ما استطاعت.عندها فقط انتبهت أنّ معصم يدها اليمنى لا يتحرّك بسهولة، وحين نظرت إليه رأت أثر ندبة قديمة، همست بدهشة: "يدي..."أسرع أحمد بتركها قليلًا وقال: "يدكِ أصيبت في الماضي، لكنّها شُفيت الآن".حر
Read more

الفصل 575

خرج أحمد مسرعًا من الغرفة، وخفّض صوته متعمدًا وهو يجيب على الهاتف: "نعم؟"جاءه صوت رامي عبر الخط: "سيدي الرئيس، هل أفاقت السيدة سارة؟ كيف هي حالتها الآن؟"منذ أن حُقنت سارة بالدواء في ذلك اليوم، وهي غائبة عن الوعي لثلاثة أيام كاملة، واليوم كان لابد أن تصحو.أحمد وصف باختصار حالة سارة، فتنفس رامي الصعداء.ثم قال: "هذا مطمئن، كنت أخشى..."في الأيام الماضية ظل رامي قلبه مضطربًا، فذكرى تلك الحمى الشديدة التي أصابت سارة قبل عام لم تفارقه؛ حينها كانت نسبة كريات الدم البيضاء والحمراء لديها منخفضة بشكل مخيف.وهذا الانخفاض عادة ما يُرى لدى من يخضعون للعلاج الكيميائي، لكن لاحقًا، أظهرت فحوصاتها الطبية أنها بخير، فلم يثر الموضوع معها مجددًا.الدواء الذي أُعطي لها نادر الاستعمال، ولا يُمنح عادة إلا لفئات محددة ، مثل الحوامل، كبار السن، الأطفال ضعيفي المناعة... أو مرضى الأورام.ولم يزل وجه سارة الشاحب كصفحة الورق في تلك المرة قبل عام يلمع في ذاكرة رامي.سأله أحمد: "مم تخاف؟"قال: "أشعر أن صحة السيدة سارة لم تكن مستقرة دومًا، فخشيت أن يرفض جسدها تأثير الدوا، المهم أن الأمر مر بسلام".ثم أضاف: "لكن أ
Read more

الفصل 576

حتى حل الليل، كانت الخادمة قد غادرت منذ وقت طويل، ولم يبقَ في أرجاء الفيلا سوى سارة وأحمد، يتبادلان النظرات في صمت.قال أحمد: "هل أنتِ نعسانة؟"أسرعت سارة بهز رأسها: "لا، لا، لستُ نعسانة، لا أستطيع النوم، سأشاهد التلفاز قليلًا".كانت تشعر بالحرج أكثر من أي شيء آخر، فعلى الرغم من أنهما زوجان منذ زمن، إلا أن انطباعها عنه ما زال أقرب إلى صورة الغريب، وفكرة أن تصبح بينهما لحظات قرب مفاجئة جعلتها تحس كأنها في لقاء أول بعد تعارف طويل عبر الرسائل، بكل ما يحمله من ارتباك.أحمد، الذي كان يلمح توترها بسهولة، لم يتعجل الأمر، واكتفى بابتسامة خفيفة وهو يقول: "حسنًا، سأجلس معكِ".جلست سارة تتابع مسلسلاً دراميًا، بينما كان هو بجانبها يكتب بسرعة على لوحة مفاتيح حاسوبه المحمول.بين الحين والآخر، كانت ترفع عينيها نحوه، لتراه مرتديًا نظارته ذات الإطار الذهبي، والضوء المسلّط من أعلى يلقي على ملامحه الجادة هالة دافئة، تكسر شيئًا من برودة قسماته.وكأنّه شعر بنظراتها، رفع رأسه نحوها.كان يرتدي ثوب نوم من الحرير الأسود، قماشه يلمع بوهج خافت تحت الإضاءة، في تناغم مع إطار نظارته، مدّ إصبعه الطويل يدفع النظارة ق
Read more

الفصل 577

احمرّ وجه سارة وأبعدت بصرها قليلًا قائلةً: "هذه الربيانات الصغيرة تبدو شهية، سأجرب واحدة."لكن قبل أن تتمكن من التقاطها، كان أحمد أسرع، فقشّر واحدة بمهارة ووضعها مباشرة في فمها.قال بابتسامة: "هل هي لذيذة؟"تذوقت سارة، فانفجر مزيج المذاق الحار والمالح والعطر الطازج على براعم لسانها.كان الطعم مألوفًا، وكأن ذكريات قديمة اندفعت من طرف لسانها حتى معدتها، فشعرت بالدفء، فقد مضى وقت طويل منذ أن تذوقت هذا النكهة، ومع ذلك، فقد ألهبها الفلفل حتى أخرجت لسانها وهي تلهث، وبدأت تشرب ماء الليمون بنهم.سألها أحمد بقلق: "هل كان حارًا جدًّا؟""قليلًا، لكن طعمه رائع"، كانت سارة من النوع الذي لا يتحمل كثيرًا من الحدة، لكنها في الوقت ذاته تعشق الأكل الطيب، وعلى الرغم من أن حرارة الفلفل جعلت أذنيها تشتعلان احمرارًا، فإن شهيتها كانت أقوى من أي مقاومة.كان أحمد يقشّر بسرعة، لكن سرعة أكل سارة كانت تفوقه.قال لها: "تمهّلي."قالت له سارة: "يا إلهي، مهارتك هذه لو وظفتها جيدًا في سوق الليل لبيع الربيان لكانت خسارة ألا تصبح تاجرًا مشهورًا."بينما كانت تشرب سارة الماء، كانت تثني على مهارته في الطهي.لم يعلّق أحمد،
Read more

الفصل 578

كانت سارة في تلك اللحظات أشبه بما كانت عليه قبل أن تقع بينها وبين أحمد أي خلاف؛ بريئة، مرحة، تنظر إلى كل يوم بتفاؤل وأمل.حتى حين كان هو غارقًا في مشاغله، يكفي أن يرى ابتسامتها ليعود إليه نشاطه من جديد.لكن كلمته العفوية التي باح بها على حين غرة جعلت قلبها يضطرب، فالمسافة بينهما قريبة جدًا، وفتنته حاضرة أمام عينيها، حتى إنها شعرت أنها قد لا تستطيع ضبط نفسها.سارعت بتحويل أنظارها وهي تقول: "حبات الكرز هذه كبيرة المظهر، وطعمها لذيذ أيضًا"."إن كانت تعجبكِ فهذا يكفيني".كان منشغلًا إلى حد كبير، أعدّ لها هذا الكم من الطعام، ومع ذلك لم يأكل شيئًا تقريبًا، وبعد أن قشّر لها حبات الجمبري، مدّ يده ليأخذ حاسوبه المحمول ويواصل عمله.لم تستطع كبح فضولها فقالت: "بالمناسبة، لم تخبرني بعد ما هي طبيعة عملك؟ ماذا تعمل بالضبط؟"أجاب باقتضاب: "في إدارة الأعمال".علّقت بدهشة: "لهذا لسبب إذن تبدو دائمًا مشغول".لم تكن تعلم أن أحمد كان يستخدم العمل ذريعة ليحوّل انتباهه، فبوجودها أمامه بهذه العذوبة، كان يخشى أن يفقد السيطرة على نفسه في أي لحظة.أنهت وحدها كمية كبيرة من الجمبري، وأكلت الكثير من الفاكهة، ثم ال
Read more

الفصل 579

ذلك التعليق الذي قرأته سارة أعادها إلى أرض الواقع بقوة.هذا صحيح، فمنذ أن استيقظت هذا اليوم، وكل ما يحيط بها يهمس لها بحقيقة واحدة، وهي أنّها وأحمد يعيشان حبًّا عظيمًا، وأنه يحبّها حدّ الجنون.كان الأمر أشبه بصندوق هدية مثالي، يبدو من الخارج بديعًا بلا أي شائبة.لكن، حتى لو كان فقدان الطفل محض حادث، فكيف تفسّر ما أصاب يدها؟ ومن الذي ألحق بها تلك الأذى؟لقد اكتشفت، وهي تستحم، أنّ جسدها مليء بالكدمات والجروح، ليست مميتة، بل أقرب إلى خدوش أو آثار سقوط أو خدش من نباتات.كما أن راحتي يديها متصلبتان من كثرة العمل أو التدريب، وجسدها ممشوق وقوي، ليس رقيقًا هشًّا كما تصوّر، بل يحمل مسحة من الصلابة والوحشيّة المألوفة لدى من اعتاد الرياضة.هذه الآثار بدت حديثة، ويبدو أنّها تمضي وقتًا طويلًا في صالة الرياضة، ما يفسّر هذا البنيان الجسدي.وهذا لا يتوافق أبدًا مع ما قاله عن كونها "ربة منزل".الأهم أنّ هاتفها لا يحوي سوى عدد محدود من جهات الاتصال، بينهم هو والبعض من الحراس الشخصيين.والهاتف نفسه بدا جديدًا، وربما الرقم كذلك، وكأنّ الماضي قد مُسِح تمامًا، فلم يبقَ لها أي أثر أو ذكرى.هنا تسلّل الحذر إل
Read more

الفصل 580

استيقظت سارة في الصباح الباكر على ضوء الشمس الساطع الذي تسلل إلى الغرفة.فتحت عينيها ببطء، وعيناها صافيتان وبريئتان كعيني طفلة صغيرة، تحملان لمعة نقاء وهدوء.للحظة ارتسم على ملامحها شيء من الحيرة، وجفناها الكبيرتان ترفرفان برقة، مما أضفى عليها مظهرًا في غاية الجمال."هل نمتِ جيدًا البارحة؟"تلاقت عيناها بعيني أحمد، الذي تحدث إليها بصوت منخفض وهو يبتسم ابتسامة خفيفة، وفي خاطرها انسابت جملة طالما قرأتها: "على الطريق رجل كالياقوت، لا نظير له بين الرجال".ورغم أن هذه العبارة أصبحت مستهلكة في الروايات، فإنها شعرت أن أحمد يستحقها عن جدارة.في هذه المسافة القريبة منه، كان الأمر أشبه بضربة جمالية قاضية، فملامحه المتناسقة لم يكن بالإمكان العثور فيها على أدنى شائبة، من أي زاوية نظرت إليه.حين لا يبتسم، يكسوه وقار بارد، وحين يبتسم، يشرق وجهه وتلين ملامحه كنسيم الصباح.قالت وهي تفتح شفتيها بخجل: "نعم... لا بأس".كانت فيما مضى تجد صعوبة في النوم، تنشغل بالهموم وتغرق في الأرق، فتقضي ثمانية أيام من كل عشرة بلا راحة، وحتى إن نامت، طاردتها الأحلام.لكن ليلة البارحة كانت استثناءً؛ أحلام هادئة حتى الصباح
Read more
PREV
1
...
555657585960
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status