تجلّى وجه أنس البارد المنعزل بمزيد من البرود، حتى غمرت القسوة كلّ ذرة في ملامحه.أمسك بكأسه بخفة، ثم رفع عينيه الجليديتين نحو سعيد، "ما رأيك أنت؟"أقدم سعيد على تحليل الموقف: "أظنّك تحبّها إلى حدّ ما، وإلا فلماذا ثرت بهذا الغضب عندما سمعت طارق يتباهى بضمّها إليه، حتى أنك رششتها بالخمر؟"أطلق أنس ضحكة باردة، "إنها انفصلت عني وارتمت في أحضان طارق فورًا، كان مجرّد صدمة مؤقتة، فهل عقابي لها يعني الحب؟"بينما كان يتحدّث، اختفت كلّ نبرة عاطفة من عينيه، لم يبق سوى ذلك البرود البعيد، كأنّ المرأة التي عاقبها لم تعنِ له شيئًا.أحسّ سعيد ببعض الارتياح، فابن عمه يعاني من وسواس النظافة، ومن الطبيعي ألا يتحمّل أن تُلقِي المرأة التي تقرَّبت منه نفسَها في أحضان رجلٍ آخرَ فورَ انفصالِها عنه.ثمّ إنّ عودة تاليا إلى البلاد تزامنت مع انفصاله عن لينا، وهذا دليل كافٍ على أنّ تلك البديلة لم تكن تحظى بأي مكانة في قلبه.لم يقل سعيد شيئًا آخر، شرب كأسه دفعة واحدة ثم نهض قائلًا: "إذًا يا ابن عمي، سأغادر الآن."لم يرد عليه أنس، بل اكتفى بإيماءة خاطفة باردة.اعتاد سعيد على طباع أنس المتجهمة منذ الصغر، فلم يغضب، بل
Magbasa pa