باعتبارها عشيقة سرية لأنس، بقيت لينا معه لخمسِ سنواتٍ. ظنت أنَّ السلوكَ الطيب والخضوع سيذيبان جليد قلبه، لكنَّها لم تتوقع أن يهجرها في النهاية. كانت دائمًا هادئةً ولم تخلق أيَّ مشاكل أو ضجةً، ولم تأخذ منه فلسًا واحدًا، ومضت من عالمهِ بهدوء. لكنَّ— عندما كادت أن تتزوج من شخصٍ آخر، فجأةً، كالمجنون، دفعها أنس إلى الجدار وقبَّلها. لينا لم تفهمْ تمامًا ما الذي يقصده السيد أنس بتصرفهِ هذا؟
View Moreلمّا رأت مريم أنها أقفلت الحقيبة، أسرعت لتمنعها، إلا أن لينا دفعتها بعيدًا بيدها.أفلتت مريم تنهيدة مستسلمة، "لينا، لماذا أنتِ عنيدة إلى هذا الحد؟"بعد أن أتمّت قفل الحقيبة، التفتت إليها لينا وانحنت على ذراعها، تلاطفها بصوتٍ ناعم: "طوال حياتي كنتِ أنتِ من تعتني بي، أما أنا فلم أفعل شيئًا لكِ، اعتبري هذا مجرد تعبير من الأخت الصغرى عن حبها."ظلت مريم غير موافقة، كيف لها أن تقبل المال وهي تعرف كم تعاني لينا في حياتها اليومية؟لكن إصرار لينا جعلها تأخذ البطاقة في النهاية، في قرارة نفسها عقدت العزم على إعادتها إلى غرفة لينا في يوم زفافها.لن تأخذ سنتًا واحدًا من هذا المال الذي كدحت من أجله لينا.بعد أن أنهيا تجهيز بعض الأمتعة، اتكأتا معًا في نفس الغرفة،على سرير واحد.كما في الأيام الخوالي، وضعتا أقنعة العناية بالبشرة بينما تبادلا أحلامهما للمستقبل.تحدثت مريم عن زواج لينا، قائلةً إن الانفصال عن أنس كان خيرًا، فمثل هذا الرجل ذو المكانة المرتفعة لن يتزوج من شخص عادي. نصحتها بأن تبحث عن موظف مرموق يناسب مكانتها، ويكسب جيدًا حتى لا تعاني من هموم مالية في المستقبل.وأضافت أن شقتهما الصغيرة هذه س
خشيتَ لينا أن تقلقها، فبادرت بمواساتها قائلة: "كل هذا من أجل حفل زفافكِ، أريد أن أنحف."عبس جبين مريم وهي تعظها: "لقد أصبحتِ نحيفة كالعود، أي حمية هذة؟ اسمعي كلامي، من الآن فصاعدًا يجب أن تأكلي ثلاث أطباق من الأرز في كل وجبة!"انفجر رامي ضاحكًا: "ثلاث أطباق أرز في كل وجبة؟ إلى أي حجم ستصل لينا؟"همهمت مريم: "مهما أصبح حجم لينا، ستظل جميلة."أومأ رامي موافقًا: "أجل أجل، لينا جميلة بأي حال، والآن هل يمكننا الذهاب لتجربة المكياج؟"بفضل مقاطعة رامي، نسيَت مريم موعظتها للينا، وسحبتها إلى غرفة المكياج.بعد تجربة مكياج يوم الزفاف في متجر الفساتين، توجهوا إلى الفندق لمراجعة برنامج حفل الزفاف.بعد الانتهاء من كل هذه التحضيرات، اصطحبهما رامي إلى مطعم لتناول الطعام، ثم أعاد مريم ولينا إلى المنزل.استراحت مريم قليلًا في المنزل، ثم بدأت بترتيب أغراضها.كان رامي قد اشترى منزل الزوجية، وسوف تنتقل مريم للعيش فيه بعد الزفاف.قالت مريم مبتسمة: "لينا، بعد أن أنتقل إلى منزل الزوجية، سأترك هذا المنزل الصغير تحت رعايتكِ. عليكِ أن تحافظي عليه جيدًا من أجلنا، حسنًا؟"بالنسبة لمريم، هذا المنزل الصغير المكون من
بقي حوالى عشرة أيام حتى التاسع من الشهر المقبل.كانت لينا تتردد يوميًا على مستشفيات مختلفة لجمع الأدوية المنومة، وتخزينها بعناية.بعد أن رتبت الأدوية، وقع نظرها على الصندوق الموضوع فوق الطاولة.تذكرت فجأة أنها لم تعد الفستان والعقد إلى طارق، فبادرت بحجز خدمة شحن سريع عبر هاتفها.رغم تصميمها على مواجهته، إلا أنها أصرت على إعادة كل ما ليس ملكًا لها.حضر موظف الشحن سريعًا، وما أن غادر بالطرد حتى شعرت ببعض الراحة.عندما تلقى طارق الفستان والعقد، اشتعلت عيناه بحماسٍ غريب.حقًا، هذه المرأة مختلفة عن الأخريات!بينما كان الآخرون ليبقوا على مثل هذه الكماليات لبيعها، أصرّت هي أن تعيدها!أدرك أنه هذه المرة أمام شخصية عنيدة، لكنه لم يقلق.بمجرد أن تحصل على المشروع، سيكسر غرورها.بينما كانت تستريح في المنزل، رن هاتفها. كانت مريم تتصل لإبلاغها أن فستان زفافها الجاهز حسب المقاس قد وصل، وتريد من لينا مرافقتها لقياس الفستان.أسرعت لينا رغم إرهاقها إلى متجر الفساتين الذي أرسلت مريم عنوانه.كان رامي خطيب مريم حاضرًا أيضًا، فحيّاها عند دخولها.ردّت لينا بابتسامة مهذبة: "أين مريم؟"أشار رامي نحو غرفة القيا
بينما كانت غارقة في نوم عميق أشبه بفقدان الوعي، اهتز هاتفها فجأة دون توقف.فتحت عينيها المتعبتين، وتحملت بصعوبة لتجلس، ثم التقطت الهاتف."عزيزتي..."صوت طارق خرج من الجهة الأخرى، "سمعت أنكِ عانيتِ من حمى شديدة البارحة، كيف حالكِ الآن؟"عندما سمعت صوته، عادت إليها قوة الحياة التي كادت تختفي رغمًا عنها.أحست بغرابة في تصرفه، هذا الرجل الذي لم يرد منها سوى جسدها، كيف أصبح يهتم بصحتها فجأة؟تارة رسائل وتارة مكالمات، هل علم بأنها تحتضر فقرر أن يتركها في حالها؟تدافعت الأفكار في رأسها، لكنها حافظت على هدوئها الظاهر، وأجابت ببرود: "تعافيت.""الحمد لله."أجاب بلامبالاة، ثم بادر بالسؤال الحقيقي: "لقد اتصلتِ بي قبل قليل، هل هذا يعني أنكِ أنجزتِ المهمة؟"عرفت لينا حينها، أن طارق لم يهتم بصحتها أبدًا، هذا كان هدفه الحقيقي.جلست على السرير مستندةً برأسها المصابة بالصداع بيد واحدة، وقالت ببرود: "لقد قابلت السيد أنس بالفعل، وقال إنه بحاجة للتفكير في الأمر."كانت تلك الحجة التي استخدمتها للهروب من الموقف ذلك اليوم، بأنها ستستعمل فيديوهات مخزية لابتزاز أنس للحصول على المشروع.قالت هذا بكل ثقة، لكنها ال
بعد ليلة واحدة في المستشفى، تعافت لينا من الحمي تمامًا، لكن جسدها بقي ضعيفًا بعض الشيء. مع ذلك، لم تعد هناك حاجة للبقاء في المستشفى.فطلبت من مريم استرداد رسوم المستشفى، وبعد إنهاء إجراءات الخروج، عادتا مباشرة إلى المنزل.ما إن وصلتا حتى انشغلت مريم في المطبخ، بينما حاولت لينا المساعدة، لكن مريم رفضت ذلك."اذهبي واستريحي، دعيني أهتم بالأمور هنا."لوحت مريم بيدها وهي تطردها من المطبخ.الحمى قد زالت، لكن حالة فشل القلب للينا ازدادت سوءًا.كانت تشعر بألم شديد في الصدر، ودوار في الرأس، مع نقص في إمدادات الدم والأكسجين، لدرجة أنها بالكاد تستطيع الوقوف.في حالتها هذه، لم تستطع مساعدة مريم، فاضطرت إلى الانصياع للأمر، متجاهلة آلامها عائدة بجسدها المرهق إلى غرفة النوم.وبينما استلقَت على السرير محاولةً النوم، رن هاتفها على المنضدة، كان إشعارًا من إحدى حسابات الترفيه التي تتابعها.منذ أن ارتبطت بأنس، لم تكن على دراية كاملة بجدول أعماله، لذا تابعت بعض الحسابات الإخبارية لمعرفة أخباره عندما يظهر في الصحافة.فتحت الرسالة لتجد صورًا التقطها المصورون المتطفلون لأنس وهو يحمل تاليا إلى غرفة الطوارئ، مع
دفعت لينا حامل المحلول الطبي عائدة إلى غرفتها، بينما كانت مريم تعود حاملة وعاء العصيدة. بمجرد أن رأتها واقفة، أسرعت نحوها."أتتجولين هكذا فور انخفاض حرارتكِ؟ ألا تهتمين بحياتكِ؟"أجبرتها مريم على الجلوس على السرير بوجه حازم، وهي تعنفها بقلق: "لديكِ مشكلة في القلب، ألا تعرفين كيف تحافظين على نفسكِ؟"شعرت لينا بدفء يغمر قلبها، فابتسمت ابتسامة خفيفة: "لقد ذهبت لأخذ التقرير الطبي.""كنت سأحضره لكِ!" قالت مريم وهي تفتح غطاء وعاء العصيدة، "ما الحاجة لكل هذا التعب؟"ثم مدت يدها باهتمام: "أين التقرير؟ دعيني أراه."رمشت لينا بعينيها، غير راغبة في الكذب على صديقتها، لكنها اضطرت أن تقول: "تركت التقرير عند الطبيب بعد استشارته."لم تشك مريم في كلامها، فقط واصلت اهتمامها بحالتها: "وماذا قال التقرير؟"أجابت لينا بهدوء: "مجرد فحص دم عادي، كل شيء على ما يرام."توقفت مريم عن تحريك العصيدة بالمعلقة، ونظرت إلى لينا بجدية: "أنتِ لستِ كأي شخص عادي، لديكِ مشكلة في القلب، وفحص الدم هو أهم الفحوصات."ابتسمت لينا وقالت: "حسنًا، الطبيب أكد أن كل شيء طبيعي ولا مشكلة في القلب، فلا داعي للقلق."حينها فقط هدأت مريم
Comments