ماذا فعل هتلر بالمؤسسات الديمقراطية في ألمانيا؟

ما يذهلني دائمًا هو كيف حصلت هذه التحولات بسرعة وبغطاء قانوني واضح. رأيت في الأمر مزيجًا من العنف الممنهج والاستغلال القانوني، بدايةً باستخدام قوانين الطوارئ وبعدها تمرير قوانين تبدو شرعية لكنها تُفرغ الديمقراطية من مضمونها. حرق البرلمان كان ذريعة لتقييد حرية الصحافة والتجمع، ثم جاء قانون التمكين ليمنح الحكومة سلطات تشريعية واسعة دون أي رقابة حقيقية.

كنت أتابع تفاصيل عملية 'التنسيق' وأشعر بغضب من كيف استُخدمت أجهزة الدولة لتوحيد المؤسسات بما يخدم أيديولوجية واحدة. الأحزاب المعارضة حظرت، والنقابات حلت، والإدارات المحلية خضعت لولاة موالين للحزب الوطني الاشتراكي. وفي الخفاء، الأُطر القمعية مثل الشرطة السرية والمعسكرات بدأت تؤسس لسيطرة لا رجعة فيها.

لست مؤرخًا محترفًا، لكن كمواطن مهتم، تعلمت درسًا: المؤسسات تحتاج إلى حراسة مستمرة، والقوانين يمكن أن تُستخدم كسيف ديمقراطي أو أداة استبداد. رؤية كيف حول هتلر القوانين لصالحه تُذكّرني بضرورة الشفافية والمساءلة الدائمة في أي نظام سياسي حتى لا تتكرر مثل هذه الخروقات.

كنت أقرأ التاريخ السياسي قبل النوم وفجأة ارتسمت أمامي صورة سقوط المؤسسات الديمقراطية في ألمانيا. بدأت القصة عمليًا بخطة مُحكمة ومركبة: استغل هتلر حريق الرايخستاغ في شباط/فبراير 1933 كمبرر لإصدار مرسوم الطوارئ الذي عطّل الحريات الأساسية وسمح للشرطة باعتقال خصومه دون إجراءات قضائية سليمة.

بعد ذلك جاء قانون التمكين في 23 مارس 1933، الذي نقل سلطة التشريع من البرلمان إلى الحكومة، فانهارت الضوابط الفعلية على السلطة التنفيذية. لكن ذلك لم يكن كل شيء؛ مارست حركة 'التنسيق' أو Gleichschaltung ضغطًا منهجيًا لإخضاع الأحزاب السياسية، والولايات، والإدارات المحلية للمركز الوطني الاشتراكي. أغلقت النقابات أو أُلغيت وحُلّت بحركة عمل موالية، وأُقصي الموظفون المعارضون واليهود من الجهاز الإداري عبر قوانين رسمية.

كما شهدت السنوات اللاحقة سلسلة من الإجراءات لفرض الولاء: تطهير الجيش وتقليص تهديدات قادة الـSA في ليلة السكاكين الطويلة عام 1934، وضم رئاسة الجمهورية إلى منصب المستشار بعد وفاة هيندنبورغ، ما منح هتلر منصب الزعيم المطلق. تم تقييد القضاء وتشكيل محاكم سياسية، وامتدّ قمع الحريات إلى الإعلام والتعليم والثقافة عبر جهاز دعائي قوي.

أكثر ما يربكني كقارئ للتاريخ هو التدرج: لم يكن انقلابًا راديكاليًا واحدًا فقط، بل سلسلة من الخطوات القانونية، والسياسية، والبوليسية التي بَنت نظامًا شموليًا من قلب دستور ظاهري. النهاية كانت دولة فردية لا تقبل أي رقابة، وترك ذلك أثرًا طويلًا على فهمي لمدى هشاشة الديمقراطيات إذا تخلت عن مبادئها الأساسية.

المشهد الذي يتكوّن في ذهني عندما أفكر في ذلك هو سلسلة من الضوابط التي تُقطع واحدة تلو الأخرى حتى لا يبقى شيء يردع الحاكم. أولًا استُخدمت حالة الطوارئ لتعليق الحقوق الأساسية، ثم جرى تمرير قانون يمنح الحكومة سلطة تشريعية واسعة، ما قضى عمليًا على دور البرلمان كقوة مستقلة.

بعدها توالت إجراءات تحويل النظام الفدرالي إلى مركزية مشددة، بحل الأحزاب وإخضاع الولايات، وبتطهير الجهاز الإداري والقضاء من المعارضين. لم يكن الإرهاب وحده كافيًا؛ كان لابد من شرعية شكلية عبر قوانين وقرارات تبدو قانونية لتمرير الإقصاء والتكميم. النتيجة كانت دولة أحادية الحزب تسيطر فيها الأيديولوجيا على كل مؤسسة، من الإعلام إلى المدارس والاقتصاد.

هذا التتابع القانوني والبوليسي هو ما يجعل أزمة سقوط الديمقراطية هناك درسًا مقلقًا، وهو دليل على أن الحماية الدستورية تحتاج إلى ثقافة مواطنة ومؤسسات قوية لا تترك الثغرات تُستغل.