Share

الفصل2

Author: احمد صالح
نظر آدم إلى ليلى بعيون باردة وعميقة، ثم فجأة أطلق ضحكة ساخرة:

"بما أنكِ لا تمانعين، فساعدي العم زكريا في حمل أمتعة نادين إلى الطابق العلوي."

وكأنه شعر بالإهانة أمام نادين، فقرر إذلالها.

شحبت ملامح ليلى قليلًا، لكنها سرعان ما ابتسمت وقالت: "حسنًا."

ثم استدارت وبدأت في حمل الحقائب مع العم زكريا.

كانت مطيعة جدًا، وكان من المفترض أن يرضي هذا آدم، لكن لسبب ما، شعر بانزعاج غريب وهو يراها تتصرف وكأن الأمر طبيعي تمامًا.

لم يمضِ وقت طويل حتى انتهت ليلى من تجهيز الغرفة وهمّت بالنزول، لكن نادين دخلت الغرفة فجأة.

"ليلى، شكرًا لكِ لأنكِ سمحتِ لي بالبقاء هنا." أمسكت بيدها بلطف، وبدت وكأنها على وشك البكاء: "لو لم تكوني أنتِ وآدم هنا، لما عرفت أين أذهب."

تألّق شيء على يد نادين، وخطف بريقه أنظار ليلى.

كان خاتمًا… مطابقًا لخاتم زواجها تمامًا.

لا، لم يكن مطابقًا تمامًا—الخاتم الذي ترتديه نادين كان أكبر وأكثر بريقًا بل وأكثر لفتًا للأنظار.

بدا خاتمها هي كأنه نسخة مقلدة ورخيصة.

رغم أنها قررت الرحيل، إلا أن قلبها انقبض بطريقة مؤلمة في تلك اللحظة.

حتى خاتم زواجها… لم يكن سوى نسخة مقلدة.

بديلة… بخاتم مقلد، ممتاز!

في هذه اللحظة، دقّ جرس الباب فجأة، ودخل عامل التوصيل حاملًا علبة كبيرة.

"رائع! من طلب كعكة؟" صاحت جنى بحماس: "أخي، هل طلبتَها لأجل نادين؟"

أجاب آدم دون أن يرفع رأسه: "عيد ميلاد نادين الأسبوع القادم، لكني بالفعل طلبتُ كعكة لها، هل من الممكن أن يكون المتجر أخطأ في الموعد؟"

كان الجميع في حيرة، حتى تحدث عامل التوصيل بصوت عالٍ:

"هل هناك من تُدعى ليلى هنا؟ الكعكة مسجلة باسمك، وهي من خالتكِ؛ قالت إنها تعلم أنكِ مررتِ بيوم صعب، لكنها لا تريدكِ أن تظلي حزينة وهي ممتنة لأنكِ جئتِ إلى هذا العالم… وتتمنى لكِ عيد ميلاد سعيدًا!"

ساد الصمت في المكان والتفتت جميع الأنظار إلى ليلى.

لأول مرة، بدا أن آدم يشعر ببعض الذنب وقال بارتباك:

"… اليوم عيد ميلادك؟ لماذا لم تخبريني؟"

لقد طلب كعكة وهدايا لنادين منذ أيام، رغم أن عيد ميلادها لم يحن بعد.

أما عيد ميلاد زوجته، فلم يتذكره حتى.

لكن هذا طبيعي… فهي ليست سوى بديلة، لماذا يكلف نفسه عناء تذكر ذلك؟

ابتسمت ليلى بهدوء وقالت: "لم أكن أعرف حتى أن اليوم عيد ميلادي، لقد نسيته تمامًا."

ثم تابعت بمرح مصطنع: "من الجيد أن خالتي تذكّرته، سأحرص على الاتصال بها وشكرها لاحقًا."

وربما ستحثّها أيضًا على إنهاء إجراءات سفرها سريعًا… فهي لا تطيق البقاء هنا أكثر.

"آدم، هذا لا يُعقل، كيف تنسى عيد ميلاد زوجتك؟" جاء صوت نادين بنبرة متدللة، وكأنها تعاتبه بلطف؛ ثم استدارت إلى ليلى قائلة:

"لا تغضبي يا ليلى… بالمناسبة، عندما وصلتُ اليوم، أهداني آدم قلادة ماسية جميلة جدًا."

ثم أزالت القلادة من عنقها وابتسمت وهي تمدّها نحو ليلى:

"ما رأيكِ أن تكون هذه هديتكِ لعيد ميلادكِ؟"
Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • أعدت قلبي إليك، ولا حاجة لك بتقديمه مجددًا   الفصل26

    لو كان الأمر في الماضي، لكانت ليلى قد تأثرت بكلمات آدم.لكن الآن…كان قلبها كالماء الراكد، لا يهتز ولا يبالي."كما تشاء." قالتها ببرود قبل أن تدير ظهرها وتبتعد.مرت الأيام، وبدأ آدم في تنفيذ وعده وراح يطارد ليلى بجنون كما قال؛ كان يرسل لها يوميًا باقات ضخمة من الورود، وكل بضعة أيام كان يرسل لها مجوهرات وهديا، محاولًا بكل الطرق إسعادها.لكن الورود لم تُقبل، والهدايا كلها كانت تُعاد له.ومع ذلك، لم يكن آدم مستعدًا للاستسلام.إذا كانت الهدية لا تجدي، فقد بدأ باستخدام أسلوب "التضحية"؛ كان يقف أسفل نافذتها في أيام الثلج القارص، رافعًا راديوهًا ويشغل أغاني رومانسية، بينما كان وجهه يتحول إلى اللون الأزرق من شدة البرودة، لكنه ظل صامدًا، غير راغب في المغادرة.أما ليلى، فقد اكتفت بإغلاق النافذة ببرود.في هذه الأثناء، كانت ليلى تواصل لقاءاتها مع فارس.رآها آدم مرارًا وهي تركب سيارة فارس، وتتناول معه العشاء على ضوء الشموع، وتشاهد معه الأفلام… بل إنها كثيرًا ما قضت الليل في منزل فارس.كان آدم على وشك أن يفقد عقله من شدة الغضب.ولكنه لم يكن يملك الحق في لوم ليلى، لأنه كان قد تطلق منها با

  • أعدت قلبي إليك، ولا حاجة لك بتقديمه مجددًا   الفصل25

    بعد أن استمعت ليلى بهدوء إلى كلمات آدم ، أجابت بصوت هادئ: "آدم، نحن قد تطلقنا بالفعل، ولا يمكنني العودة معك.""مشاعري تجاهك قد انتهت منذ وقت طويل، فقد استهلكتها سنوات من تجاهلك وآلامك؛ لقد توقفت عن حبك منذ زمن بعيد، لذا عد إلى حيث أتيت، فأنا لا أحتاجك في حياتي، وأنت أيضًا لا مكان لك في حياتي القادمة."كانت كلمات ليلى بسيطة، لكنها كانت كالسيف الذي قطع قلب آدم؛ انفجر بغضب، وقال بصوت مرتفع: "لا! ماذا تعني كلمة الطلاق؟ أنا لا أوافق!""اتفاق الطلاق الذي وقعته كان خدعة! لم أقرأه قبل التوقيع!""ذلك الاتفاق لا يعد شيئًا! نحن لا زلنا متزوجين! لا يمكنك أن تتركيني! لا يمكنك!"كان آدم في حالة من الجنون التام، وعيناه تتلألأ بالغضب وهو يمسك بذراع ليلى ويفقد أعصابه، كأنه فقد عقله.كانت ليلى تحاول جاهدًا التخلص من قبضته، ولكن دون جدوى.وفي لحظة حرجة، ظهر ظل طويل وضخم، وبدون تردد، ألقى شخص ضربة قاسية على آدم!أصيبت ليلى بصدمة، وعندما رفعت رأسها، رأت وجهًا مألوفًا جدًا."فارس، كيف عرفت بوجودي هنا؟" قالت ليلى بدهشة.مد فارس يده لحماية ليلى ووقف وراءها، قائلاً: "رأيت أن وجهك شاحب للغاية، فلم أس

  • أعدت قلبي إليك، ولا حاجة لك بتقديمه مجددًا   الفصل24

    لم يكن فارس ليترك ليلى تذهب بمفردها، لذا قرر أن يرافقها: "سأوصلك إلى منزلك."قالت ليلى بسرعة: "لا داعي!" ورفضت العرض بلطف: "… أنا… سأعود إلى المنزل بنفسي."على الرغم من أنهما لم يحددا علاقتهما رسميًا بعد، إلا أنهما التقيا عدة مرات، وفي البلاد كان من الممكن اعتبارهم في علاقة بالفعل.لكن ليلى لم تكن تريد أن تكون في موقف محرج بين الحبيب الحالي والحبيب السابق.ورغم إصرار فارس على مرافقتها، رفضت ليلى عرضه، وأخذت سيارة أجرة لتعود إلى منزلها.بينما كانت تتجه نحو المنزل، رأت آدم يقف تحت أحد أعمدة الإنارة وهو يدخن وعندما رآها، سرعان ما تحرك نحوها بشدة: "ليلى!"ألقى سيجارته التي لم تحترق بالكامل وركض نحوها، وعانقها بشدة قائلاً بلهفة: "… أخيرًا… أخيرًا وجدتك!""هل تعلم كم كان صعبًا عليّ أن أبحث عنك؟ كنت على وشك أن أفتش كل أنحاء العالم!""مرّ مئة وثلاثة وخمسون يومًا! ليلى، لقد مرّت مئة وثلاثة وخمسون يومًا منذ أن تركتني…"قال آدم، وعينيه تملأها الدموع، غير قادر على كبح مشاعره.قد تبدو مئة وثلاثة وخمسون يومًا قصيرة، لكن لكل لحظة وكل ثانية فيها كان آدم يشعر وكأنها دهر طويل؛ في الماضي لم ي

  • أعدت قلبي إليك، ولا حاجة لك بتقديمه مجددًا   الفصل23

    بعد وصوله إلى أمريكا، بدأ آدم في البحث عن مكان المعرض الفني الذي أقامته ليلى، ثم بدأ يسأل من متجر إلى آخر على طول الشارع حتى وصل إلى عنوانها في وقت متأخر من الليل.شكرها بحرارة وتوجه بسرعة إلى منزلها.كان يظن أنه بما أن ليلى قد جاءت إلى بلاد غريبة بمفردها، فإن منزلها سيكون مكانًا متواضعًا.ولكن، عندما وصل إلى العنوان، اكتشف أنها تقيم في قصر فاخر.كان القصر في منطقة راقية، لا يمكن شراء مثل هذا المكان بدون مبلغ ضخم.كيف تمكنت ليلى من دفع ثمن منزل كهذا؟ تساءل آدم وهو يعبس حاجبيه، هل أخطأ العنوان؟رغم شكوكه، إلا أن آدم قرر أن يطرق الباب.فتحت الباب عمة ليلى، التي لم تره من قبل، وكانت في البداية في غاية اللطف معه: "مرحبًا، كيف يمكنني مساعدتك؟"أجاب آدم باللغة الإنجليزية بطلاقة: "أبحث عن إلين ، اسمها الحقيقي هو ليلى، سمعت أنها تعيش هنا."قالت عمة ليلى مبتسمة: "أنت صديق ليلى؟ منذ متى كان لها صديق بهذه الوسامة؟ لماذا لم تخبرني؟ أنت متواضع جدًا!"شعر آدم بالراحة بعد أن تأكد أن هذه هي العمة التي يعرفها.رغم أنه لا يعرف كيف استطاعت ليلى العيش في هذا القصر بعد مغادرتها للبلاد، إلا أنه ك

  • أعدت قلبي إليك، ولا حاجة لك بتقديمه مجددًا   الفصل22

    في الأشهر التي اختفت فيها ليلى، كان آدم يبحث عنها بكل قوته؛ كونه شخصًا مهووسًا بالعمل ويعتبر مجموعة فؤاد أهم من حياته، فقد ترك كل شيء وراءه وأهمل عمله تمامًا، فقط من أجل البحث عن ليلى في كل مكان.كان تعلقه بها قد وصل إلى درجة من الجنون، فلم يكن يستمع لأي نصيحة من الآخرين، ولا يهتم بأي لوم من والديه؛ لم يعد يهتم بأي شيء آخر سوى أن يرى ليلى مرة أخرى.في الماضي، كان يكره الفن تمامًا، وخاصة الفنانين، لأن نادين كانت قد تزوجت في السابق من فنان أجنبي.لكن بعد أن اكتشف أن ليلى درست الفنون في الجامعة، بدأ ينظر إلى الفنانين بشكل مختلف، ولم يعد يرفضهم؛ بل بدأ يتابع أخبار الفن، ليكتسب بعض المعرفة حول هذا المجال، على أمل أن يلتقي بها في المستقبل ويثبت لها أنه كان يحاول أن يقرب نفسه من عالمها ومن الأشياء التي تحبها.كانت رسائله إلى ليلى تتوالى كل يوم، وكان يكتب لها:【ليلى، اليوم هو اليوم 151 منذ أن غادرتِ، أين أنتِ يا ترى؟ هل تعلمي كم أفتقدك؟】【في هذه الأيام المئة والخمسين، فكرت كثيرًا في كل شيء، كان خطئي، وأنا أُدرك ذلك الآن، هل يمكنك مسامحتي؟】【ليس لدي أي رغبة أخرى، كل ما أريده الآن هو أن أ

  • أعدت قلبي إليك، ولا حاجة لك بتقديمه مجددًا   الفصل21

    كان المعرض الفني الذي نظّمته ليلى ناجحًا للغاية، ففي يوم المعرض، لم يحضر العديد من الشخصيات الشهيرة فحسب، بل أيضًا دعت خالتها الكثير من وسائل الإعلام للمساعدة في الترويج له.وبالفعل، فور انتهاء المعرض، تم نشره في أقسام الفن على معظم وسائل الإعلام الكبرى.حتى أن بعض الصحفيين وصفوا ليلى بأنها "نجم صاعد في عالم الفن".قالت خالتها وهي تحمل هاتفها وتقرأ تقارير الصحفيين: "هذا الصحفي على حق! ليلى تتمتع بموهبة رائعة، كل لوحة لها مليئة بالحياة، وتلمس القلوب، وهي بالفعل نجم جديد في عالم الفن."كان من الصعب على ليلى أن تجد ردًا مناسبًا، لكن كان من الواضح أن الأجانب، وخصوصًا في الخارج، لا يوجهون نقدًا للأطفال أو الشبان، بل يبالغون في مدحهم دون تحفظ؛ حتى إذا أخطأ الطفل، كانوا يبدأون بتشجيعه على شجاعته وصدقه، ثم يناقشون الخطأ الذي وقع فيه.خالتها، التي عاشَت طويلًا في الخارج، تأثرت بهذا النوع من التربية، إذ كانت دائمًا تمدح ليلى بشكل مبالغ فيه، بغض النظر عن ما تفعل.فإذا طبخت ليلى، كانت تقول إن طعامها ألذ من طعام الطهاة المشهورين في المطاعم العالمية.وإذا كانت تنظف، كانت تقول إنها تنظف بأسرع

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status