Share

الفصل3

Author: احمد صالح
كانت القلادة جميلة للغاية، حجر ألماس نادر باللون الأحمر، مرصّع في قلب من البلاتين، يرمز إلى الحب الفريد من نوعه.

لكن للأسف، هذا الحب الفريد… لم يكن لها.

"لا داعي لذلك." هزّت ليلى رأسها وابتسمت بلطف وهي ترفض: "هذه هدية آدم لكِ، كيف لي أن آخذ ما ليس لي؟"

ما لم يكن لها، لن تقبل به.

القلادة لن تأخذها، والرجل الذي أهداها القلادة… لن تأخذه أيضًا!

"لماذا تتحدثين بهذه النبرة الساخرة؟" فجأة، انفجر آدم غاضبًا: "لقد كنتُ مشغولًا بالعمل ونسيت عيد ميلادك، هل الأمر بهذه الخطورة؟ هل يستحق كل هذا العناد؟"

لم تفهم ليلى، ماذا فعلت هذه المرة؟

لم تبكِ، لم تغضب، لم تحتجّ حتى، كانت مبتسمة طوال الوقت، كلامها كان مؤدبًا… لماذا لم يكن راضيًا؟

أخفضت عينيها، تخفي التعب الواضح عليهما، ثم قالت بصوت هادئ: "آدم، ماذا تريدني أن أفعل إذن؟ هل تريدني أن أقبل القلادة؟ إن كان هذا ما تريده، فسآخذها."

وبالفعل، مدّت يدها وأخذت القلادة، ثم نظرت إلى نادين بابتسامة صافية:

"آنسة نادين، شكرًا لكِ على هديتكِ."

شعرت أنها كانت بديلة مثالية، مطيعة، متعاونة، ومانحة لآدم كل ما يحتاجه من مظهر اجتماعي مثالي.

لكن بطريقة ما، ازدادت نيران غضبه، فصرخ: "ليلى، أنتِ مستفزة جدًا!"

ثم استدار وغادر، مغلقًا الباب خلفه بعنف.

لم تأخذ القلادة، فغضب.

أخذتها، فغضب أكثر.

أدركت ليلى حينها أن المسألة لا تتعلق بالقلادة نفسها… بل بها.

لا يهم ماذا ستفعل، لن يكون راضيًا أبدًا.

المفضلون يحصلون على كل شيء دون جهد، أما غير المفضلين، فلا ينالون سوى اللوم والخذلان.

كانت كعكة عيد الميلاد كبيرة، لكن لم يشاركها أحد في تناولها.

لم تكن تريد أن تذهب جهود خالتها سدى، فقررت أن تأكلها بالكامل بمفردها.

أكلت، وأكلت، حتى شعرت بالغثيان، فهرعت إلى الحمام وتقيأت طويلًا.

كم كان الأمر مضحكًا…

جلست على أرضية الحمام، تضحك بصمت، بينما دموعها تسيل دون إرادة منها.

عندما كانت صغيرة، لم يكن لديها المال لشراء كعكة عيد ميلاد، كانت تقف خارج محلات الحلويات، تنظر عبر الزجاج بشوق إلى الكعك المعروض.

والآن، عندما أصبح لديها كعكة تكفيها وزيادة، لم تستطع سوى أن تأكل حتى الألم، حتى الغثيان.

بعض الأشياء، عندما لا نحصل عليها في وقتها، لن يكون لها أي معنى لاحقًا.

مع حلول المساء، حزمت ليلى أمتعتها وانتقلت إلى غرفة أخرى.

الآن بعد أن عادت الأصلية، كان من الواجب أن تنسحب البديلة بهدوء.

بينما كانت تنقل أمتعتها، خرجت نادين من الغرفة المجاورة، ترتدي قميص نوم حريري قصير، لا يكاد يغطي شيئًا، يكشف عن كتفيها العاريين وساقيها الطويلتين.

ابتسمت نادين بلطف مصطنع وقالت: "ليلى، لا تسيئي الفهم، آدم لم يتعمّد تجاهلك، هو فقط ما زال غاضبًا."

ثم أضافت بنبرة ناعمة: "لكن لا تقلقي، لم يحدث بيننا شيء، كنا فقط نلعب الورق."

ابتسمت ليلى قائلة: "لا داعي لأن تبرري لي."

حتى لو حدث شيء، فلا بأس…

عقد الطلاق كان جاهزًا، غدًا ستجد الفرصة المناسبة لجعل آدم يوقّع عليه.

"ليلى، لا تزالين تفهمين الأمور بطريقة خاطئة." تمتمت نادين وهي تعضّ شفتيها بإحراج، وكأنها فتاة بريئة وقعت في موقف محرج.

لكن ليلى لم تمنحها الفرصة لمواصلة تمثيلها، بل قاطعتها بابتسامة هادئة:

"أعلم، أنتِ وآدم كنتما أصدقاء طفولة، علاقتكما عميقة جدًا والآن عدتِ أخيرًا بعد سنوات طويلة، لديكما الكثير من الذكريات واللحظات لمشاركتها."

"لذلك، خذا وقتكما، لن أزعجكما."

ثم استدارت وغادرت.

تركت نادين واقفة في مكانها، تحدّق بها طويلًا، بنظرة تحمل معاني يصعب تفسيرها.
Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • أعدت قلبي إليك، ولا حاجة لك بتقديمه مجددًا   الفصل26

    لو كان الأمر في الماضي، لكانت ليلى قد تأثرت بكلمات آدم.لكن الآن…كان قلبها كالماء الراكد، لا يهتز ولا يبالي."كما تشاء." قالتها ببرود قبل أن تدير ظهرها وتبتعد.مرت الأيام، وبدأ آدم في تنفيذ وعده وراح يطارد ليلى بجنون كما قال؛ كان يرسل لها يوميًا باقات ضخمة من الورود، وكل بضعة أيام كان يرسل لها مجوهرات وهديا، محاولًا بكل الطرق إسعادها.لكن الورود لم تُقبل، والهدايا كلها كانت تُعاد له.ومع ذلك، لم يكن آدم مستعدًا للاستسلام.إذا كانت الهدية لا تجدي، فقد بدأ باستخدام أسلوب "التضحية"؛ كان يقف أسفل نافذتها في أيام الثلج القارص، رافعًا راديوهًا ويشغل أغاني رومانسية، بينما كان وجهه يتحول إلى اللون الأزرق من شدة البرودة، لكنه ظل صامدًا، غير راغب في المغادرة.أما ليلى، فقد اكتفت بإغلاق النافذة ببرود.في هذه الأثناء، كانت ليلى تواصل لقاءاتها مع فارس.رآها آدم مرارًا وهي تركب سيارة فارس، وتتناول معه العشاء على ضوء الشموع، وتشاهد معه الأفلام… بل إنها كثيرًا ما قضت الليل في منزل فارس.كان آدم على وشك أن يفقد عقله من شدة الغضب.ولكنه لم يكن يملك الحق في لوم ليلى، لأنه كان قد تطلق منها با

  • أعدت قلبي إليك، ولا حاجة لك بتقديمه مجددًا   الفصل25

    بعد أن استمعت ليلى بهدوء إلى كلمات آدم ، أجابت بصوت هادئ: "آدم، نحن قد تطلقنا بالفعل، ولا يمكنني العودة معك.""مشاعري تجاهك قد انتهت منذ وقت طويل، فقد استهلكتها سنوات من تجاهلك وآلامك؛ لقد توقفت عن حبك منذ زمن بعيد، لذا عد إلى حيث أتيت، فأنا لا أحتاجك في حياتي، وأنت أيضًا لا مكان لك في حياتي القادمة."كانت كلمات ليلى بسيطة، لكنها كانت كالسيف الذي قطع قلب آدم؛ انفجر بغضب، وقال بصوت مرتفع: "لا! ماذا تعني كلمة الطلاق؟ أنا لا أوافق!""اتفاق الطلاق الذي وقعته كان خدعة! لم أقرأه قبل التوقيع!""ذلك الاتفاق لا يعد شيئًا! نحن لا زلنا متزوجين! لا يمكنك أن تتركيني! لا يمكنك!"كان آدم في حالة من الجنون التام، وعيناه تتلألأ بالغضب وهو يمسك بذراع ليلى ويفقد أعصابه، كأنه فقد عقله.كانت ليلى تحاول جاهدًا التخلص من قبضته، ولكن دون جدوى.وفي لحظة حرجة، ظهر ظل طويل وضخم، وبدون تردد، ألقى شخص ضربة قاسية على آدم!أصيبت ليلى بصدمة، وعندما رفعت رأسها، رأت وجهًا مألوفًا جدًا."فارس، كيف عرفت بوجودي هنا؟" قالت ليلى بدهشة.مد فارس يده لحماية ليلى ووقف وراءها، قائلاً: "رأيت أن وجهك شاحب للغاية، فلم أس

  • أعدت قلبي إليك، ولا حاجة لك بتقديمه مجددًا   الفصل24

    لم يكن فارس ليترك ليلى تذهب بمفردها، لذا قرر أن يرافقها: "سأوصلك إلى منزلك."قالت ليلى بسرعة: "لا داعي!" ورفضت العرض بلطف: "… أنا… سأعود إلى المنزل بنفسي."على الرغم من أنهما لم يحددا علاقتهما رسميًا بعد، إلا أنهما التقيا عدة مرات، وفي البلاد كان من الممكن اعتبارهم في علاقة بالفعل.لكن ليلى لم تكن تريد أن تكون في موقف محرج بين الحبيب الحالي والحبيب السابق.ورغم إصرار فارس على مرافقتها، رفضت ليلى عرضه، وأخذت سيارة أجرة لتعود إلى منزلها.بينما كانت تتجه نحو المنزل، رأت آدم يقف تحت أحد أعمدة الإنارة وهو يدخن وعندما رآها، سرعان ما تحرك نحوها بشدة: "ليلى!"ألقى سيجارته التي لم تحترق بالكامل وركض نحوها، وعانقها بشدة قائلاً بلهفة: "… أخيرًا… أخيرًا وجدتك!""هل تعلم كم كان صعبًا عليّ أن أبحث عنك؟ كنت على وشك أن أفتش كل أنحاء العالم!""مرّ مئة وثلاثة وخمسون يومًا! ليلى، لقد مرّت مئة وثلاثة وخمسون يومًا منذ أن تركتني…"قال آدم، وعينيه تملأها الدموع، غير قادر على كبح مشاعره.قد تبدو مئة وثلاثة وخمسون يومًا قصيرة، لكن لكل لحظة وكل ثانية فيها كان آدم يشعر وكأنها دهر طويل؛ في الماضي لم ي

  • أعدت قلبي إليك، ولا حاجة لك بتقديمه مجددًا   الفصل23

    بعد وصوله إلى أمريكا، بدأ آدم في البحث عن مكان المعرض الفني الذي أقامته ليلى، ثم بدأ يسأل من متجر إلى آخر على طول الشارع حتى وصل إلى عنوانها في وقت متأخر من الليل.شكرها بحرارة وتوجه بسرعة إلى منزلها.كان يظن أنه بما أن ليلى قد جاءت إلى بلاد غريبة بمفردها، فإن منزلها سيكون مكانًا متواضعًا.ولكن، عندما وصل إلى العنوان، اكتشف أنها تقيم في قصر فاخر.كان القصر في منطقة راقية، لا يمكن شراء مثل هذا المكان بدون مبلغ ضخم.كيف تمكنت ليلى من دفع ثمن منزل كهذا؟ تساءل آدم وهو يعبس حاجبيه، هل أخطأ العنوان؟رغم شكوكه، إلا أن آدم قرر أن يطرق الباب.فتحت الباب عمة ليلى، التي لم تره من قبل، وكانت في البداية في غاية اللطف معه: "مرحبًا، كيف يمكنني مساعدتك؟"أجاب آدم باللغة الإنجليزية بطلاقة: "أبحث عن إلين ، اسمها الحقيقي هو ليلى، سمعت أنها تعيش هنا."قالت عمة ليلى مبتسمة: "أنت صديق ليلى؟ منذ متى كان لها صديق بهذه الوسامة؟ لماذا لم تخبرني؟ أنت متواضع جدًا!"شعر آدم بالراحة بعد أن تأكد أن هذه هي العمة التي يعرفها.رغم أنه لا يعرف كيف استطاعت ليلى العيش في هذا القصر بعد مغادرتها للبلاد، إلا أنه ك

  • أعدت قلبي إليك، ولا حاجة لك بتقديمه مجددًا   الفصل22

    في الأشهر التي اختفت فيها ليلى، كان آدم يبحث عنها بكل قوته؛ كونه شخصًا مهووسًا بالعمل ويعتبر مجموعة فؤاد أهم من حياته، فقد ترك كل شيء وراءه وأهمل عمله تمامًا، فقط من أجل البحث عن ليلى في كل مكان.كان تعلقه بها قد وصل إلى درجة من الجنون، فلم يكن يستمع لأي نصيحة من الآخرين، ولا يهتم بأي لوم من والديه؛ لم يعد يهتم بأي شيء آخر سوى أن يرى ليلى مرة أخرى.في الماضي، كان يكره الفن تمامًا، وخاصة الفنانين، لأن نادين كانت قد تزوجت في السابق من فنان أجنبي.لكن بعد أن اكتشف أن ليلى درست الفنون في الجامعة، بدأ ينظر إلى الفنانين بشكل مختلف، ولم يعد يرفضهم؛ بل بدأ يتابع أخبار الفن، ليكتسب بعض المعرفة حول هذا المجال، على أمل أن يلتقي بها في المستقبل ويثبت لها أنه كان يحاول أن يقرب نفسه من عالمها ومن الأشياء التي تحبها.كانت رسائله إلى ليلى تتوالى كل يوم، وكان يكتب لها:【ليلى، اليوم هو اليوم 151 منذ أن غادرتِ، أين أنتِ يا ترى؟ هل تعلمي كم أفتقدك؟】【في هذه الأيام المئة والخمسين، فكرت كثيرًا في كل شيء، كان خطئي، وأنا أُدرك ذلك الآن، هل يمكنك مسامحتي؟】【ليس لدي أي رغبة أخرى، كل ما أريده الآن هو أن أ

  • أعدت قلبي إليك، ولا حاجة لك بتقديمه مجددًا   الفصل21

    كان المعرض الفني الذي نظّمته ليلى ناجحًا للغاية، ففي يوم المعرض، لم يحضر العديد من الشخصيات الشهيرة فحسب، بل أيضًا دعت خالتها الكثير من وسائل الإعلام للمساعدة في الترويج له.وبالفعل، فور انتهاء المعرض، تم نشره في أقسام الفن على معظم وسائل الإعلام الكبرى.حتى أن بعض الصحفيين وصفوا ليلى بأنها "نجم صاعد في عالم الفن".قالت خالتها وهي تحمل هاتفها وتقرأ تقارير الصحفيين: "هذا الصحفي على حق! ليلى تتمتع بموهبة رائعة، كل لوحة لها مليئة بالحياة، وتلمس القلوب، وهي بالفعل نجم جديد في عالم الفن."كان من الصعب على ليلى أن تجد ردًا مناسبًا، لكن كان من الواضح أن الأجانب، وخصوصًا في الخارج، لا يوجهون نقدًا للأطفال أو الشبان، بل يبالغون في مدحهم دون تحفظ؛ حتى إذا أخطأ الطفل، كانوا يبدأون بتشجيعه على شجاعته وصدقه، ثم يناقشون الخطأ الذي وقع فيه.خالتها، التي عاشَت طويلًا في الخارج، تأثرت بهذا النوع من التربية، إذ كانت دائمًا تمدح ليلى بشكل مبالغ فيه، بغض النظر عن ما تفعل.فإذا طبخت ليلى، كانت تقول إن طعامها ألذ من طعام الطهاة المشهورين في المطاعم العالمية.وإذا كانت تنظف، كانت تقول إنها تنظف بأسرع

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status