Share

الفصل 6

Author: ون يان نوان يو
ضغطت لينا على صدرها وكأنها تحاول إيقاف قلبها المتألم من الخفقان، ثم تماسكت بصعوبة وسارت عائدة إلى مكتبها.

كانت عازمة على الاستقالة، وبأسرع وقت ممكن، فهي لا تريد أن تقضي ما تبقى من أيامها وهي تشاهد الاثنين يستعرضان حبّهما أمامها كل يوم.

خشيت أن لا تحتمل، أن تفقد السيطرة على نفسها وتُواجه أنس بسؤال محرج: "لماذا جعلت مني مجرد بديل؟"

بعد أن أنهت كتابة طلب الاستقالة، توجهت إلى فريدة، رئيس مكتب الرئيس التنفيذي للحصول على الموافقة.

لم تكن فريدة من المعجبات بها، لذا اكتفت بعبارات مجاملة شكلية لإقناعها قبل أن توافق على طلبها.

إجراءات الاستقالة تتطلب شهرًا كاملًا، فاضطرت لينا إلى طلب إجازة سنوية لمدة أسبوعين من الإجازة السنوية.

بعد خمس سنوات من العملِ في المستقبل الدولية، كان لديها خمسة عشر يومًا إجازة متراكمة، فمن المنطقي أن تستخدمها قبل مغادرتها.

لم تعجب فريدة بلهفتها هذه، فألقت عليها نظرةً مستنكرة قائلة: "سأوافق على الإجازة، لكن تأكدي من العودة فور انتهائها لتسليم المهام."

أجابت لينا باختصار: "حسنًا"، ثم حملت حقيبتها وغادرت المبنى على الفور.

وفي اللحظة التي خرجت بها مسرعة من الشركة، اصطدمت فجأةً بالرئيس طارق، المدير التنفيذي لشركة الفؤاد.

كان الرجل مشهورًا في مدينة اللؤلؤة بسمعته السيئة، واشتهر بأساليبه الوحشية في تعامله مع النساء.

رأت لينا طارق يقبل نحوها بابتسامة مزعجة، فاشتدَّ خوفُها وأسرعت بالفرار.

لكن طارق كان أسرع، فأمسكَ بيدِها وجذبها إليه قائلًا: "إلى أين؟"

أدنى رأسه من أذنها ونفخ.

انتشرت أنفاسه الدافئة خلف أذنها، فأشعرتها بالقشعريرة.

حاولت دفعهُ عنها، لكنه أحكمَ القبضةَ على خصرِها، مانعًا إياها من الحركة.

"ما أطيبَ عطرَكِ!"

بعد أن شم شعرها، حاول لمس جسدها.

مسكت لينا يده فورًا، وفردت عليه بحزم: "هذا تصرف غير مقبول، مدير طارق. احترم نفسك!"

قضم طارق شحمة أذنها بخفة وقال بوقاحة: "ما هذا الشيء الذي تسمونه احترام النفس؟"

لم يكن صوته قبيحًا، لكن الكلمات التي نطق بها أثارت اشمئزازًا غامضًا. شعرت لينا بالقرف الشديد.

أمالت رأسها جانبًا، وظهر في عينيها قدرٌ هائل من الاشمئزاز، لكن طارق لم يبدِ أي اكتراث.

كلما زادت مقاومة المرأة، اشتدت رغبته في إخضاعها. ذلك كان يمنحه متعةً لا توصف.

أمسك طارق ذقنها بأصابعه الشاحبة، يمررها على وجنتيها برقة.

انسحبت لينا من يده بغضب: "سيد طارق، لا علاقة بيننا تتيح لك هذا التصرف، التزم الحدود."

تعرف عليها قبل شهر عند تسليمها مستندات لشركته.

ومنذ ذلك الحين، أصبح يزور مكتبها بحجة العمل لمضايقتها.

في كل لقاء، كان يتحرش بها تارة بكلماته، وتارة بأفعاله.

كانت تتحمل سابقًا خوفًا على وظيفتها، لكنها الآن بعد استقالتها لم تعد تخشى شيئًا.

لكنها لم تتخيل أنه لم يزعجه رفضها، بل داعب خدها: "ليلة واحدة تكفي لكسر الجليد بيننا!"

كلما زادت مقاومتها، ازداد حماس طارق، فلم يتمالك نفسه وقبّلها بقوة على خدها.

ذلك الشعور البارد الذي ضغط عليها كاد أن يجعل يارا تتقيأ من الاشمئزاز.

عندما همّت بدفع طارق بعيدًا. فجأة قطعَ الصمت صوت أجشّ: "أنس؟"

تجمّدت لينا في مكانها عند سماع الاسم.

التفتت ببطء من بين ذراعيه، لترى أنس واقفًاً أمام المصعد.

المسافة بينهما كانت تحجب التفاصيل، لكنها شعرت بنظراته الثاقبة من خلال عينيه اللوزيتين.

نظرة جليدية كفيلة بابتلاعها.

بمجرد دخول السيد رفيع، رئيس مجلس الشركة لشركة المستقبل الدولية، رأى أنس، فذهب نحوه هو والمساهمون: "أنس، ما الذي أتى بك اليوم لشركة المستقبل؟"

وجه أنس نظره إليه، وأجاب ببرود: "كنت أرافق تاليا."

أدرك رفيع على الفور أن أنس جاء لدعم ابنته، فأومأ برضى: "شكرًا لك. تاليا عادت لتوها من الخارج، وأتعبتك بالتنقل."

لم يبدِ أنس أي مشاعر، واكتفى بابتسامة مهذبة: "سأعود الآن إلى مجموعة الفاروق."

أسرع رفيع بالقول: "بالطبع، لا أريد أن أعطلك عن عملك، وسأصطحب تاليا قريبًا لزيارة رسمية لمنزل عائلة الفاروق."

أومأ أنس برأسه وانصرف، بينما انقسم حراسه إلى مجموعتين لحمايته.

عندما مرّ بجوار لينا، لم يلق عليها حتى نظرة، وكأنها غير موجودة.

أدركت حينها أن ما ظنته نظرة منه كان مجرد وهم. كيف له أن يهتم بها أصلاً؟
Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 30

    لمّا رأت مريم أنها أقفلت الحقيبة، أسرعت لتمنعها، إلا أن لينا دفعتها بعيدًا بيدها.أفلتت مريم تنهيدة مستسلمة، "لينا، لماذا أنتِ عنيدة إلى هذا الحد؟"بعد أن أتمّت قفل الحقيبة، التفتت إليها لينا وانحنت على ذراعها، تلاطفها بصوتٍ ناعم: "طوال حياتي كنتِ أنتِ من تعتني بي، أما أنا فلم أفعل شيئًا لكِ، اعتبري هذا مجرد تعبير من الأخت الصغرى عن حبها."ظلت مريم غير موافقة، كيف لها أن تقبل المال وهي تعرف كم تعاني لينا في حياتها اليومية؟لكن إصرار لينا جعلها تأخذ البطاقة في النهاية، في قرارة نفسها عقدت العزم على إعادتها إلى غرفة لينا في يوم زفافها.لن تأخذ سنتًا واحدًا من هذا المال الذي كدحت من أجله لينا.بعد أن أنهيا تجهيز بعض الأمتعة، اتكأتا معًا في نفس الغرفة،على سرير واحد.كما في الأيام الخوالي، وضعتا أقنعة العناية بالبشرة بينما تبادلا أحلامهما للمستقبل.تحدثت مريم عن زواج لينا، قائلةً إن الانفصال عن أنس كان خيرًا، فمثل هذا الرجل ذو المكانة المرتفعة لن يتزوج من شخص عادي. نصحتها بأن تبحث عن موظف مرموق يناسب مكانتها، ويكسب جيدًا حتى لا تعاني من هموم مالية في المستقبل.وأضافت أن شقتهما الصغيرة هذه س

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 29

    خشيتَ لينا أن تقلقها، فبادرت بمواساتها قائلة: "كل هذا من أجل حفل زفافكِ، أريد أن أنحف."عبس جبين مريم وهي تعظها: "لقد أصبحتِ نحيفة كالعود، أي حمية هذة؟ اسمعي كلامي، من الآن فصاعدًا يجب أن تأكلي ثلاث أطباق من الأرز في كل وجبة!"انفجر رامي ضاحكًا: "ثلاث أطباق أرز في كل وجبة؟ إلى أي حجم ستصل لينا؟"همهمت مريم: "مهما أصبح حجم لينا، ستظل جميلة."أومأ رامي موافقًا: "أجل أجل، لينا جميلة بأي حال، والآن هل يمكننا الذهاب لتجربة المكياج؟"بفضل مقاطعة رامي، نسيَت مريم موعظتها للينا، وسحبتها إلى غرفة المكياج.بعد تجربة مكياج يوم الزفاف في متجر الفساتين، توجهوا إلى الفندق لمراجعة برنامج حفل الزفاف.بعد الانتهاء من كل هذه التحضيرات، اصطحبهما رامي إلى مطعم لتناول الطعام، ثم أعاد مريم ولينا إلى المنزل.استراحت مريم قليلًا في المنزل، ثم بدأت بترتيب أغراضها.كان رامي قد اشترى منزل الزوجية، وسوف تنتقل مريم للعيش فيه بعد الزفاف.قالت مريم مبتسمة: "لينا، بعد أن أنتقل إلى منزل الزوجية، سأترك هذا المنزل الصغير تحت رعايتكِ. عليكِ أن تحافظي عليه جيدًا من أجلنا، حسنًا؟"بالنسبة لمريم، هذا المنزل الصغير المكون من

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 28

    بقي حوالى عشرة أيام حتى التاسع من الشهر المقبل.كانت لينا تتردد يوميًا على مستشفيات مختلفة لجمع الأدوية المنومة، وتخزينها بعناية.بعد أن رتبت الأدوية، وقع نظرها على الصندوق الموضوع فوق الطاولة.تذكرت فجأة أنها لم تعد الفستان والعقد إلى طارق، فبادرت بحجز خدمة شحن سريع عبر هاتفها.رغم تصميمها على مواجهته، إلا أنها أصرت على إعادة كل ما ليس ملكًا لها.حضر موظف الشحن سريعًا، وما أن غادر بالطرد حتى شعرت ببعض الراحة.عندما تلقى طارق الفستان والعقد، اشتعلت عيناه بحماسٍ غريب.حقًا، هذه المرأة مختلفة عن الأخريات!بينما كان الآخرون ليبقوا على مثل هذه الكماليات لبيعها، أصرّت هي أن تعيدها!أدرك أنه هذه المرة أمام شخصية عنيدة، لكنه لم يقلق.بمجرد أن تحصل على المشروع، سيكسر غرورها.بينما كانت تستريح في المنزل، رن هاتفها. كانت مريم تتصل لإبلاغها أن فستان زفافها الجاهز حسب المقاس قد وصل، وتريد من لينا مرافقتها لقياس الفستان.أسرعت لينا رغم إرهاقها إلى متجر الفساتين الذي أرسلت مريم عنوانه.كان رامي خطيب مريم حاضرًا أيضًا، فحيّاها عند دخولها.ردّت لينا بابتسامة مهذبة: "أين مريم؟"أشار رامي نحو غرفة القيا

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 27

    بينما كانت غارقة في نوم عميق أشبه بفقدان الوعي، اهتز هاتفها فجأة دون توقف.فتحت عينيها المتعبتين، وتحملت بصعوبة لتجلس، ثم التقطت الهاتف."عزيزتي..."صوت طارق خرج من الجهة الأخرى، "سمعت أنكِ عانيتِ من حمى شديدة البارحة، كيف حالكِ الآن؟"عندما سمعت صوته، عادت إليها قوة الحياة التي كادت تختفي رغمًا عنها.أحست بغرابة في تصرفه، هذا الرجل الذي لم يرد منها سوى جسدها، كيف أصبح يهتم بصحتها فجأة؟تارة رسائل وتارة مكالمات، هل علم بأنها تحتضر فقرر أن يتركها في حالها؟تدافعت الأفكار في رأسها، لكنها حافظت على هدوئها الظاهر، وأجابت ببرود: "تعافيت.""الحمد لله."أجاب بلامبالاة، ثم بادر بالسؤال الحقيقي: "لقد اتصلتِ بي قبل قليل، هل هذا يعني أنكِ أنجزتِ المهمة؟"عرفت لينا حينها، أن طارق لم يهتم بصحتها أبدًا، هذا كان هدفه الحقيقي.جلست على السرير مستندةً برأسها المصابة بالصداع بيد واحدة، وقالت ببرود: "لقد قابلت السيد أنس بالفعل، وقال إنه بحاجة للتفكير في الأمر."كانت تلك الحجة التي استخدمتها للهروب من الموقف ذلك اليوم، بأنها ستستعمل فيديوهات مخزية لابتزاز أنس للحصول على المشروع.قالت هذا بكل ثقة، لكنها ال

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 26

    بعد ليلة واحدة في المستشفى، تعافت لينا من الحمي تمامًا، لكن جسدها بقي ضعيفًا بعض الشيء. مع ذلك، لم تعد هناك حاجة للبقاء في المستشفى.فطلبت من مريم استرداد رسوم المستشفى، وبعد إنهاء إجراءات الخروج، عادتا مباشرة إلى المنزل.ما إن وصلتا حتى انشغلت مريم في المطبخ، بينما حاولت لينا المساعدة، لكن مريم رفضت ذلك."اذهبي واستريحي، دعيني أهتم بالأمور هنا."لوحت مريم بيدها وهي تطردها من المطبخ.الحمى قد زالت، لكن حالة فشل القلب للينا ازدادت سوءًا.كانت تشعر بألم شديد في الصدر، ودوار في الرأس، مع نقص في إمدادات الدم والأكسجين، لدرجة أنها بالكاد تستطيع الوقوف.في حالتها هذه، لم تستطع مساعدة مريم، فاضطرت إلى الانصياع للأمر، متجاهلة آلامها عائدة بجسدها المرهق إلى غرفة النوم.وبينما استلقَت على السرير محاولةً النوم، رن هاتفها على المنضدة، كان إشعارًا من إحدى حسابات الترفيه التي تتابعها.منذ أن ارتبطت بأنس، لم تكن على دراية كاملة بجدول أعماله، لذا تابعت بعض الحسابات الإخبارية لمعرفة أخباره عندما يظهر في الصحافة.فتحت الرسالة لتجد صورًا التقطها المصورون المتطفلون لأنس وهو يحمل تاليا إلى غرفة الطوارئ، مع

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 25

    دفعت لينا حامل المحلول الطبي عائدة إلى غرفتها، بينما كانت مريم تعود حاملة وعاء العصيدة. بمجرد أن رأتها واقفة، أسرعت نحوها."أتتجولين هكذا فور انخفاض حرارتكِ؟ ألا تهتمين بحياتكِ؟"أجبرتها مريم على الجلوس على السرير بوجه حازم، وهي تعنفها بقلق: "لديكِ مشكلة في القلب، ألا تعرفين كيف تحافظين على نفسكِ؟"شعرت لينا بدفء يغمر قلبها، فابتسمت ابتسامة خفيفة: "لقد ذهبت لأخذ التقرير الطبي.""كنت سأحضره لكِ!" قالت مريم وهي تفتح غطاء وعاء العصيدة، "ما الحاجة لكل هذا التعب؟"ثم مدت يدها باهتمام: "أين التقرير؟ دعيني أراه."رمشت لينا بعينيها، غير راغبة في الكذب على صديقتها، لكنها اضطرت أن تقول: "تركت التقرير عند الطبيب بعد استشارته."لم تشك مريم في كلامها، فقط واصلت اهتمامها بحالتها: "وماذا قال التقرير؟"أجابت لينا بهدوء: "مجرد فحص دم عادي، كل شيء على ما يرام."توقفت مريم عن تحريك العصيدة بالمعلقة، ونظرت إلى لينا بجدية: "أنتِ لستِ كأي شخص عادي، لديكِ مشكلة في القلب، وفحص الدم هو أهم الفحوصات."ابتسمت لينا وقالت: "حسنًا، الطبيب أكد أن كل شيء طبيعي ولا مشكلة في القلب، فلا داعي للقلق."حينها فقط هدأت مريم

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 24

    سمعت مريم صرخات لينا المتكررة، ففزعت وهزتها بسرعة."لينا، ماذا حدث؟"بدأت لينا تستعيد وعيها تدريجيًا. فتحت عينيها ببطء لترى فقط مريم تنظر إليها بقلق، بعد أن اختفى كل من أنس ووليد.أدركت أنها كانت تحلم حلمًا مزعجًا، رأت فيه ذكريات الماضي وأشخاصًا لا تود رؤيتهم.حاولت طرد تلك الصور من ذهنها، ثم ابتلعت ريقها بصعوبة لترطب حلقها الجاف. رفعت يدها لتناول الماء لكنها اكتشفت إبرة المحلول الطبي في ذراعها."كنتِ مصابة بحمى شديدة، فأحضرتكِ إلى المستشفى."شرحت مريم بهدوء وهي ترفع كوب الماء لتساعدها على الشرب.شعرت لينا بالحياة تعود إليها شيئًا فشيئًا بعد ارتشاف الماء المنعش."مريم...""نعم؟"أجابت مريم بلطف، ثم رفعت خصلات شعر لينا المبللة بالعرق ووضعتها خلف أذنها قبل أن تسأل بهمس: "هل أنتِ جائعة؟"هزت لينا رأسها بصعوبة وسألت: "هل قال لكِ الطبيب شيئًا؟"تعاني من فشل في القلب، ولم تكن قد قررت بعد كيف تخبر مريم، عندما سقطت فجأةً مريضةً ونُقلت إلى المستشفى. كانت قلقة أن تعرف مريم كل شيء."لم يقل الطبيب شيئًا، فقط رأى أنكِ في غيبوبة بسبب الحمى الشديدة، فأعطاكِ المحلول الطبي وأخذ عينات دم. النتائج يجب أن

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 23

    عادت لينا تركض في المطر إلى بيتها، ثم خلعت الفستان والقلادة المرصعة بالألماس وألقتها في الصندوق.غدا سترسل هذه الأشياء إلى طارق؛ فكل ما يخصه يشعرها بالاشمئزاز، ولن تقبل منه شيئًا أبدًا.بعد أن أغلقت الصندوق، اتجهت إلى الحمام وفتحت صنبور حوض الاستحمام، ثم استلقت في الماء. أخذت ليفة الاستحمام وبدأت تفرك وجهها وظهرها بقوة حتى احمرت بشرتها، ثم نظرت إلى نفسها في المرآة.بدون المكياج، لم يبق سوى شحوب مرضي، لا حياة في عينيها ولا روح. لم تعد ترى الضوء ولا تشعر بالدفء.كأنها حشرة حقيرة، يستطيع أي أحد أن يدوس عليها.لكنها إنسانة لها كرامة أيضًا."الكرامة."تلفظت لينا بهذه الكلمة وضحكت ساخرة من نفسها. منذ أن باعت نفسها لأنس، لم يعد لديها أي كرامة.جففت شعرها واستلقت على السرير، منهكة، وسرعان ما غرقت في نوم عميق.بسبب المطر، ازداد مرضها سوءًا، فظلت نائمة حتى ظهر اليوم التالي.عملت مريم طوال الليل في نوبتها المسائية، ثم نامت من الصباح حتى ما بعد الظهر. عندما استيقظت وحضرت الطعام، وجدت أن لينا ما زالت نائمة.اضطرت مريم إلى طرق باب غرفة لينا، ونادتها مرتين، لكن لم يكن هناك أي رد. عندها أدركت أن شيئًا

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 22

    نظرت لينا إلى سعيد الجالس في المقعد الأمامي، ورأت أنه يحدق بلا انحراف نحو النافذة الجانبية، فبدأ شعور الإحراج الذي كانت تشعر به يخف قليلًا.أخذت منديلًا بيدها، وانحنت برأسها، تمسح بهدوء ماء المطر عن ملابسها.من خلال المرآة الخلفية، نظر سعيد إلى ذلك الظل النحيل في المقعد الخلفي.في طقس بارد كهذا، ألم ترتدِ حتى سترة، وظلت تقف تحت المطر تحاول اصطياد سيارة! أثار هذا فضوله."آنسة لينا، لماذا لم يوصلكِ السيد طارق إلى البيت؟"عند سماعها اسم طارق، عبست لينا بحيرة، واستغرقت وقتًا حتى تذكرت أنها الآن خليلة طارق.قبضت على المنديل في يدها، واختلقت كذبة بعفوية: "تجادلنا قليلاً، فطردني من السيارة."أومأ سعيد برأسه بهدوء: "أها، هكذا الأمر."ورأى أنها ترتجف من البرد، فرفع درجة حرارة التدفئة، ولم يطرح المزيد من الأسئلة.الحرارة المرتفعة المفاجئة داخل السيارة جعلت جسد لينا المتجمد من البرد يبدأ بالتدريج في الدفء.نظرت إلى سعيد بعينين ممتنَّتين، ثم شرعت بتبريرٍ مهذب: "كنت أحاول طلب سيارة، لكن نفذت بطارية هاتفي، والمتاجر حولي أغلقت أبوابها، فلم أجد ملجأً من المطر واضطررت لانتظار تاكسي في الشارع، آسفة حقًّ

Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status