Share

الفصل525

Author: شاهيندا بدوي
زمجر الرجل في منتصف العمر باحتقار، وغادر المكان.

انهارت عزة على الأرض، ولم تستطع أن ترتاح إلا حين ابتعد.

مسحت الدمّ من على شفتيها، وانتفخ نصف وجهها حتى فقدت ملامحها الأنيقة المعتادة، وارتجف في عينيها خوف لم يكن يظهر عليها من قبل.

كان من الواضح أنها خائفة.

كانوا جميعًا يختبؤون في الظلام، ولا يقدرون على مغادرة التنظيم.

فمن يهرب، لا يجد إلا طريق الموت.

اشتد قلقها على حازم، فقد صار فعله تحديًا صريحًا للتنظيم.

وإن كُشف أمره يومًا، فأي مصير ينتظره؟

ارتسم القلق على وجهها الفاتن، لا بد أن تُتمّ المهمة، مهما يحدث.

ليس فقط لتُنقذ نفسها، بل لتنقذه هو أيضًا.

ولم يبق لها من الوقت للتفكير إلا أسبوع واحد.

وهو أيضًا العد التنازلي لمصيرها ومصير حازم.

نهضت عزة، وغطّت احمرار وجهها بالمساحيق، ورتّبت شعرها حتى بدا مظهرها كما لو لم يُصبها شيء، ثم خرجت.

وصلت إلى ضفاف النهر.

وكان حازم ينتظر هناك.

قالت بثبات: "رجل السكين أتى باحثًا عني".

أدار رأسه إليها، ويداه في جيبيه: "وماذا قلتِ له؟"

أخفت عينيها، وقالت: "لم أقل شيئًا. لكنك لن تستطيع حمايتها للأبد. من تُلاحقه المنظمة لا يعرف إلا طريق الموت".

سألها حازم: "من
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل540

    ابتسم حازم لها وهو ينظر إليها بحنان.لكنها رأت في عينيه حزنًا.لماذا تشعر هي أيضًا بالحزن لمجرد النظر إليه؟تذكّرت تلك الكلمات القاسية التي ألقتها عليه من قبل، ربما جرحته بعض الشيء.وفجأة أدركت أن حازم لن يؤذيها أبدًا.لا بد أن لديه أسبابه.كانت تريد أن تعرف، أن تسأله إن كانا مرَّا بتجربة موت أو حياةٍ معًا.لكن كان عليها أن تعبر الشارع حتى تراه.ولم يكن بوسعها سوى الانتظار حتى تُضيء إشارة المرور الخضراء.كانت السيارات تمرّ واحدة تلو الأخرى، وهي تلاحقه بعينيها، ترجوه ألا يرحل، أن ينتظرها حتى تصل إليه.وأخيرًا تحولت الإشارة إلى اللون الأخضر، فانطلقت مسرعة نحو الجهة الأخرى.إلا أنها حين وصلت، لم تجد أثرًا لحازم، لكنها وجدت على جانب الطريق سلة من الفراولة الطازجة.تجمدت مكانها.التقطت السلة بين يديها، وصرخت تبحث عنه: "حازم!"صرخت بأقوى ما عندها: "اخرج! أريد أن أسألك عن أشياء، لماذا تهرب مني فجأة؟"كانت على وشك معرفة الحقيقة. لكنه لا يريد أن يقابلها.واكتفى بأن يترك لها سلة فراولة.ماذا كان يقصد؟تلفّتت حولها تبحث عنه بجنون، لكنها لم تجد له أي أثر، وكأنه تبخّر من على وجه الأرض."نور!" لم ت

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل539

    تلاقى نظر رجل السكين مع عيني حازم، فإذا بشراسته تخفّ فجأة، وأغمض عينيه قليلًا وهو يقول: "هذا يتوقف على صدقك".ارتجف قلب عزة، وازداد وجهها شحوبًا، وقالت: "لا علاقة لحازم بأي شيء، هو لا يعرف خطتي هذه المرة، أرجوك، سامحه هذه المرة فقط".توجّه الرجل بنظره إلى يديه، كأنه أراد الإمساك بهما، لكن حازم سحب يده، وقال بنبرة غامضة: "لنشرب كأسًا معًا الليلة".حينها تبخر كل غضب رجل السكين، وابتسم ابتسامة باردة قائلًا: "حسنًا، موافق. سأنتظرك".وبعدها ترك عزة خلفه.وأخذ رجاله وخرج.زحفت عزة لتنهض من على الأرض، جسدها كله مغطى بآثار السياط، لكنها قاومت الألم، وقالت له بانفعال: "هل أنت مجنون؟ ألا تعلم أنه مريض منحرف؟ ذهابك إليه انتحار!"لم يبقَ في المكان سوى هما الاثنان.نظر حازم إلى عزة، واستخدم منشفةً معقمة ليمسح ببطء يده التي لامست وجه الرجل.لمعت في عينيه ومضة اشمئزاز.نفور عميق لا يستطيع التخلّص منه.قال بهدوء شديد: "لا تستعجلي".صرخت عزة: "لكنّك وعدت أن تذهب إليه الليلة! كيف لا أستعجل؟ أتظن أنك تستطيع الخروج سالمًا؟"سألها وهو ينظر إليها: "وهل تعيشين الآن حياةً أفضل؟"أشاحت بوجهها بعناد، وقالت: "أن

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل538

    كان رئيسها، رجل السكين، يحتسي الشاي بهدوء في تلك اللحظة، وكأن مصير عزة لا يعنيه، حتى حين سقطت على الأرض منهكة، وضع كوب الشاي جانبًا، وحدّق فيها بعينيه الحادتين قائلًا: "أنت تركتها تهرب عمدًا، صحيح؟"زحفت عزة على الأرض رغم جراحها، عيناها مفتوحتان، تجرّ جسدها لتصل عند قدميه، ثم قالت: "لا، لم أفعل..."قال رجل السكين: "كنتِ ستلقين بها إلى الأسفل، لكنك ترددتِ، هذا يكفي ليجعلني أشك في إخلاصك".شحب وجهها أكثر، وبدت بائسة، تشبثت ببنطاله بكل ما تبقى فيها من قوة، وقالت: "هي التي أمسكت بيدي! حتى لو أردتُ إفلاتها ما استطعت. سامحني هذه المرة فقط... أعدك أني لن أخطئ ثانية!"لكن الرجل دفعها بقدمه بعنف.صرخت صرختين، وامتلأ فمها بطعم الدم حتى كادت تتقيأ، كل ما تريده الآن هو النجاة، فقالت: "لكن لم يذهب الأمر سدى. هدفك كان ذلك الرجل، وهو الآن مصاب برصاصة، بين الحياة والموت، ألا يُعد ذلك خدمة لك؟"اقترب الرجل منها بخطوات بطيئة، ثم قبض على ذقنها بيده بحدَّة، وهو يقول ببرود قاتل: "أنتم جميعًا أرواح رخيصة، لولا أنني ربّيتكم، لما كنتم ستعيشون حتى اليوم".تحمَّلت عزة الألم، وضغطت على قبضته بقوة، تحدّق فيه بعين

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل537

    قطبت سالي حاجبيها وقالت بصرامة: "هل فقدت صوابك من الخوف؟ أيّ كلامٍ هذا عن القدرة على حماية النفس؟ هل تظنين أنك قادرة على مقاتلة الرجال؟ هل تملكين مهاراتٍ قتالية خارقة؟ كوني واقعية، لستِ إلهة، بل امرأة، بل وامرأة حامل أيضًا! أنت تشعرين بالذنب، بينما المجرمون أحرار طلقاء. حملُك هذا الوزر على نفسك لن يحل المشكلة!"شعرت نور بمرارة ضعفها، وهي تواجه أعداءً كُثر يريدون موتها.لا طاقة لها بمواجهتهم، والأسوأ أنها جرّت غيرها معها.لكن كلمات سالي كانت منطقية، فمهما حزنت، فلا يزال المجرمون طلقاء أحرار.عانقت نور سالي، وألقت رأسها على كتفها هامسة: "أنا خائفة، أشعر أن هذه المرة ليست مجرد خطف عادي، لا قدرة لي على مجابهتهم!"شعرت بذلك الرعب الذي اجتاحها وهي محبوسة في الصندوق الخلفي.رعبٌ أثقل جسدها وروحها وضغط عليها حتى الأعماق. أرخَت سالي ملامحها، وواست نور بلطف: "لا تخافي، أنا بجانبك، سنواجه هذا معًا، وسنتجاوز المحنة".حاولت نور كبح خوفها، فمهما كانت ضعيفة، فالمواجهة قادمةٌ يومًا ما لا محالة، خصوصًا أن هناك خلافًا معقدًا يربطها مع تلك المرأة ذات الشعر الأحمر.راودها هذا الإحساس في أعماقها بشكلٍ مبه

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل536

    قال سمير وهو يلهث، حاجباه معقودان من شدة الألم: "لن يحدث... لن أموت، إن متُّ فمن يحميكِ؟ لذلك لن أموت أبدًا".ما إن سمعت نور هذه الكلمات حتى أجهشت بالبكاء بصوت أعلى.نظر إليها سمير بعينين دافئتين، ومدّ يده يربّت على ظهرها ليهدّئ اضطرابها.ومع ذلك، كان خائفًا، خاف من الموت، خاف أن يتركها وحيدة. خاف إن واجهت موقفًا مماثلًا ألا تجد من يحميها.خاف أن يظهر روميو المزعوم لينتزعها منه.خاف أن يخدعها ذلك المزيّف بشخصيته التي انتحلها.خاف أن تتعرض للأذى. وخاف أكثر أن يميل قلبها لرجل آخر.ضاق صدره بمخاوفه الصغيرة تلك، التي لو تحدّث بها لضحك عليه الآخرون.ارتسمت شفتيه بابتسامة باهتة، مريرة.مسحت نور دموعها بعنف، بالرغم من أنها لم تستطع السيطرة على نفسها، إلا أنه ليس الوقت المناسب للبكاء.رفعت عينيها الحمراوين نحوه وقالت: "أنت وعدتني… سأصدقك".لم تجد سوى هذه الجملة لتعزّي بها نفسها.حدّق بها سمير، وهذه المرة ابتسم بارتياح خالص، لا بمرارة، رآها قوية صامدة، فاطمأن قلبه.وهذا يكفيه، يمكنه الآن أن يستسلم للنوم.بدأت جفونه تثقل، ولم يعد يقوى على إبقائها مفتوحة، لكنه تماسك لأجلها.بعد عشر دقائق تقريبً

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل535

    أمسكت نور ثوب سمير بقوة، غير أنها لم تجرؤ على الالتفات وراءها، خشية أن يكون الوضع سيئًا للغاية.حتى بلغ مسامعها صوته العميق المنخفض: "اطمئني، لا تخافي، سنكون بأمان قريبًا".فزادها هذا الكلام قوة وصلابة.هتفت باستعجال: "سنكون بخير، سنكون بخير!"ونادى جندي بزي التمويه بقلق: "يا قائد سمير!"كانت المعركة النارية قد حاصرتهم، ولم يكن ثمة سبيل لمرور الجنود. سمير فقط من اندفع وحده.حاولوا قدر استطاعتهم أن يؤمّنوا له التغطية، لكنهم لم يعرفوا حقيقة الوضع. وكانوا قلقين على إصابته.سلّم سمير نور إليهم مباشرة وقال: "غادِروا المكان فورًا!"لم يكن بوسعهم التوقف طويلًا هنا. فيما ألقى رجال عصابة رجل السكين السلاح في الوقت المناسب، إذ كانوا يدركون أن استمرار الفوضى سيجلب المزيد من المطاردين.فانسحبوا سريعًا.ارتفعت عدة سيارات مثيرةً غبار الأرض ورحلت. ولحقهم الباقون.جلست نور في السيارة بأمان، غير أن قلبها كان يخفق بعنف. حدث كل شيءٍ بشكلٍ سريع، لم يكن لديها وقت للتفكير، ولم يكن أمامها إلا أن تشدّ ثوب سمير، تسأله مرارًا وتكرارًا: "أأنت بخير؟ حقًا بخير؟"جلس سمير معتدلًا، ووضع يده على يدها مطمئنًا: "ل

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status