"لا يهم." قالت إيمان مبتسمة: "لنستمتع نحن، لنذهب اليوم إلى مركز التسوق، سأهديك حقيبة، عملية وجميلة!"عرفت نور إيمان جيدًا، فلم تتكلف معها وقالت: "ما أكرمك!""وهل أكون بخيلة معكِ؟ إن أحسنت إليك، فلن يجرؤ الأخ سمير بعدها أن يعبس في وجهي!" فهي لم تحب قط برودة ملامحه.قالت نور: "سأبدل ثوبي ونخرج." فقد رغبت أيضًا في التسوّق، إذ كبر بطنها وصار لا بدّ من شراء بعض الأشياء للطفل.اتفقت الاثنتان على الخروج.رافقهما السائق والحراس.كانت نور قد أخذت إجازة من محطة التلفاز. لكن حتى مع غيابها، إن طرأ لعائشة أو المحطة أي أمر، فسوف تساعدهما في الحال.كما أن سيرينا خرجت من المستشفى.وتم استبدال الممثلة حسناء التي كانت بطلة المسلسل. كان من المفترض أن تعود سيرينا للدور. لكنها رفضت بنفسها. والآن يبحثون عن بديلة من جديد.وصلت نور مع إيمان إلى مركز التسوق المليء بالسلع الفاخرة.ملابس، وأحذية، وحقائب.لا تعاني متاجر السلع الفاخرة من نقص الزبائن، لكن العملاء العاديون سيضطرون للانتظار في الطابور.دخلتا مباشرة للتسوق في أحد المتاجر، فإيمان من الزبائن المميزين، لا حاجة لهما للانتظار.ناولَت إيمان نور حقيبة جد
اسودّ وجهُ نور قليلًا.لكنها أعادت الهاتف إلى مكانه.اضطجعت على جانبها، تُنصت إلى صوت الماء في الحمام، بينما تملأ قلبها مرارة.إلى أين ذهبَ سمير هذا الظهر؟هل ذهبَ ليتفقّد جثة المرأة؟ أم ذهبَ إلى شهد؟شعرت نور بقلقٍ مبهم، فهي ما زالت تثق به.لم يعاملها سمير قط بهذا الشكل من قبل طوال الثلاث سنوات اللاتي كانا متزوجان فيها.استطاعت الإحساس بحنانه ودلاله.وكانت ترى الحب الخالص يسطع في عينيه.كما أنه قال لها إنه سيظلّ يحبها إلى الأبد.وأنها ستبقى دومًا حرمه.لكن هذا التغيّر في سلوكه، جعلها تعتقد أن ثمة شيءٌ بينهما هي لا تعرفه. شيءٌ يخفيه عنها.غاصت في شرودها، حينها انتهى سمير من الاستحمام. جفّف شعره بالمنشفة، رفع عينيه نحوها، يتفحّص إن كانت قد نامت.حرّكت رأسها قليلًا، ثم التقت نظراتهما.خفض جفنيه، وسار نحوها بخطواتٍ هادئة، وقال: "أما زلتِ لم تنامي؟"قالت: "كنتُ بانتظارك".صعد إلى السرير بعد أن أنهى تجفيف شعره.عانقته نور من خصره، وأسندت رأسها على صدره.مسح على شعرها هامسًا: "ماذا بكِ؟"لكنها لم تجرؤ على سؤاله عن مكالمته مع شهد.لو لم يكن لديه ما يزعجه، فإن مكالمته مع شهد بالتأكيد كانت ست
قالت إيمان مجددًا: "عليك أن تنتبهي جيدًا إذًا. لقد أخبرت جدي أنني سأرافقك هذه الأيام، حتى أني جلبت كل أمتعتي!"في تلك اللحظة، كان أحدهم يضع الأمتعة في سيارتها.قالت نور: "حسنًا، دعي أخاك سمير يطبخ لك وقتها".ردت إيمان بدهشة وفضول: "حقًا؟ هذا سيكون أفضل، يجب أن يطبخ لي، لتستمتعي بالراحة!"عادت نور إلى الفيلا، لم تزرها منذ زمن بعيد، لكنها شعرت وكأنها كانت هنا بالأمس فقط.كانت إيمان من محبي الطعام، وقبل العودة إلى المنزل، اشترت الكثير من الوجبات الخفيفة.كانت حقًا تريد البقاء هنا لفترة. وكانت سعيدة بمشاركة نور طعامها.جلستا معًا لمشاهدة التلفاز. وإذا بالأخبار تعرض اكتشاف جثة في الضواحي.جثة تم انتزاع أعضائها الداخلية.اصفر وجه إيمان تمامًا من الرعب، وقالت: "هناك الكثير من الأشرار هذه الأيام! أي طريقة هذه، كيف يجرؤون على انتزاع كل الأعضاء!"تذكرت نور كلمات طارق التي قالها بالخطأ.ذكر الضواحي. هل يُعقل أن سمير ذهب إلى موقع الجريمة؟كانت الجثة لامرأة.لم تكن إيمان وحدها الخائفة، بل شعرت نور بقشعريرة أيضًا لدى سماعها هذا الخبر، اقشعرَّ بدنها.شعورٌ فطري بالخوف.سألتها نور: "ألم تسمعي هذا ا
سألت نور: "بمن تتصل؟ لماذا طال اتصالك هكذا؟" على الرغم من أنها لم تكن بجانب سمير، وأظهرت أدبها بالانتظار جانبًا، إلا أنها رأت أنه كان على الهاتف، كما أنه قد طال اتصاله.دفعها فضولها للسؤال عن ذلك الأمر المهم الذي يتحدَّث فيه، ولم تستطع إلا أن تسأل.وضع سمير هاتفه في جيب بنطاله، ومد يده لأخذ يدها، واحتضنها قائلًا: "كان اجتماعًا عبر الهاتف، قد يطول الحديث أحيانًا إن كان الأمر مهمًا، جعلتكِ تنتظرين طويلًا".هزت نور رأسها، وابتسمت له قائلة: "لا بأس بما أن الأمر مهم، رأيتك فقط عاقد الحاجبين طوال المكالمة، فظننت أنك منزعج".كانت نور شخصية دقيقة، تُجيد مراقبة الآخرين، وسمير زوجها، فكانت أكثر اهتمامًا بأن يكون كل شيء على ما يرام.ابتسم سمير وهو يرفع طرف شفتيه قائلًا: "لا يوجد شيء يزعجني. اليوم هو يومنا العظيم، كيف لا أكون سعيدًا؟ اليوم أسعد أيامي!"وقبّل خد نور.ضمّت نور يديها حول عنقه، وقالت: "هناك أمر سيسعدك أكثر".أسند سمير خصرها، واصطدم جبينه برأسها، وقال: "ما هو ذلك الأمر السعيد؟"احمرّت وجنتا نور، وأخفضت بصرها، متلعثمة كعروس صغيرة خجولة.كانت سعيدة حقًا.الاحتفاظُ بطفلهما كان القرار الصا
في هذه اللحظة، كانت شهد تُربك سمير وفي الوقت نفسه تُربك نفسها.كم كانت ترغب أن تكون طاهرة تمامًا.قدمت كل شيء لسمير بكل إخلاص، ولم تحمل في قلبها أي غدر، وهذا كان أكثر الطرق التي ترغب بها في تطهير نفسها.ومع ذلك، منذ اللحظة التي سممت فيها نور، عرف سمير قذارتها.كان وجهه الوسيم صارمًا، ليس فقط بسبب تهديد حياة نور، بل أيضًا بسبب هويتها المجهولة، قال بعينين باردتين: "أضحيت بحياتكِ من أجلي فعلًا؟ لم أشكك يومًا في نواياك، لكن الآن، إنقاذك لي كان من أجل نفسك، تريدين محو حقيقة كونك متورِّطة!"انقبضت حدقة شهد قليلًا، ولم تنطق بكلمة لوقت طويل.عرف الحقيقة.كانت تعابيرها قلقة، لا تعرف من أين تبدأ الكلام.هذا ما لم ترغب في الاعتراف به!من يود أن يكون شريكًا في الفساد معهم؟لم يكن بوسعها الاختيار.وُلدت في عائلة كهذه، كيف يمكنها اختيار مصيرها!تأثرت مشاعر شهد، وغمرتها الفوضى، لكنها عندما فكرت جيدًا، كيف يمكنها أن تخطئ؟هي لم تخطئ!ارتسمت على شفتيها ابتسامة ساخرة، وأكملت: "ألا تعرف لماذا سقطت إلى هذا المصير؟ من يود أن يكون معهم! هل تعرف كيف عشت منذ صغري؟ كيف كنت سأفعل كل ذلك لولا فاطمة، ولولا رفضها
قال بلا تردد: "أريد!" كان هو أكثر من يتمنى أن تعيش نور.حتى لو اضطر إلى دفع حياته ثمنًا لذلك.سألت شهد بغضب شديد، بعد أن فقدت كل صوابها: "إذا كنت تريدها أن تعيش، فلماذا تفعل هذا؟ عرضت عليها الزواج، ومنحتها كل تلك الأشياء، فما مكاني أنا!"لم تعد تتحمل كل هذا.كيف يُعطى كل ما يخصها لنور؟هي التي كانت يجب أن تتزوج سمير.وهي فقط التي تستحق أن تحظى بعرض الزواج هذا!نظر سمير إلى نور بعيدًا، تغمرها السعادة وابتسامتها مشرقة على وجهها، هذا هو الوجه الذي أراد أن يراه أكثر من أي شيء آخر.كم يتمنى أن تبتسم له نور.مرة واحدة فقط بابتسامة صادقة له.سبق أن رأى مرات عديدة برودها تجاه زواجهما، بلا فرح ولا حزن.وكان يتمنى أن يرى نور سعيدة بزواجهما.تحقق ذلك هذه المرة.وكان هو مكتفيًا بذلك.كانت هذه المرة الأولى التي يرى فيها ابتسامتها الصادقة بفضل صدقه وإخلاصه.أعاد نظره بجدية، وضيق قبضته على الهاتف، وقال: "أنا وعدتك، ولن أخلف وعدي".احتوت عينا شهد على دموع، وصرخت بغضب: "أريدك أن تمنحني حفل زفاف، أكبر بمئة مرة من هذا العرض!"أجاب سمير بلا تردد: "حسنًا"."فقط أعطني الترياق، وسأفعل أي شيء."كان هذا مطلبه