Share

الفصل6

Author: أسامة الفاخري

"يا آنسة لؤلؤة، هل أتيت للقائي؟"

استقبلها شاهين بابتسامة متملقة، وكان مظهره أشبه بكلب صغير يهز ذيله، ولم يبقَ إلا أن ينحني لها ويعبر عن إعجابه بهذا الملاك.

لم تلتفت لؤلؤة إلى شاهين على الإطلاق، بل ألقت نظرة على المكان، لتتوقف أخيرًا عند مُراد وظهرت ملامح الانفعال على وجهها الجميل والبارد.

لقد بذلت جهدًا كبيرًا ليلة أمس ولم تتمكن من العثور على جثة مُراد.

كانت واثقة تمامًا أن مُراد لم يمت!

هذا الوغد الصغير استغلها كثيرًا، فكيف يمكن أن يموت بهذه السهولة؟

بسبب هذا الإصرار، استخدمت نفوذ عائلة باهر في الصباح الباكر وسرعان ما كشفت عن خلفية مُراد، وسمعت عن خطته للطلاق من مها اليوم.

لذلك، سارعت إلى قسم الأحوال المدنية على الفور، في محاولةٍ لمعرفة ما إذا كانت ستتمكن من العثور على مُراد.

وكما توقعت، رأت شخصًا يشبه مُراد كثيرًا، لكن الرجل كان جالسًا على الأرض دافنًا رأسه بين ذراعيه، فلم تستطع رؤية وجهه بوضوح أو التأكد إن كان هو الشخص الذي تبحث عنه!

في تلك اللحظة، ومع ظهور لؤلؤة، توقف الحارسان عن ضرب مُراد.

شعر مُراد بأن الجو أصبح غريبًا بعض الشيء، فرفع رأسه ليلتقي بنظرة لؤلؤة الصافية والمفعمة بالحماس.

"لؤلؤة؟ إنه أنتِ؟"

ظهرت على وجه مُراد علامات الذهول، ونهض واقفًا، فلم يتوقع أن يلتقي بها مجددًا بهذه السرعة.

نظرت لؤلؤة إلى مُراد بنظرةٍ معقدةٍ؛ فكانت تشعر بحماسٍ شديد، لكنها كانت تحاول كبح مشاعرها. أرادت أن توبّخ هذا الوغد الذي استغلها، لكن في الوقت نفسه كان هو من أنقذ حياتها.

في النهاية، ارتجف جسد لؤلؤة الرقيق، وامتلأت عيناها بالدموع التي تدفقت كالسيل الجارف من سدود نهر النيل.

ولم تعد قادرة على كبح انفعالها، فألقت بنفسها في أحضان مُراد.

"ما هذا؟"

كان مُراد مذهولًا.

وعاشلة مها وشاهين كانوا مذهولين أيضًا.

الجميع في المكان كانوا مذهولين!

لم يخطر لهم حتى في أحلامهم أن هذا الملاك، لؤلؤة، الأولى بين أجمل أربعة نساء في مدينة المنصورة، ستلقي بنفسها بين أحضان مُراد، الذي كان يرتدي ملابس ممزقة ويبدو كمتسول!

يا لها من صدمة!

ولم يكن هذا كل شيء.

قبل قليل، بسبب تصرفات شاهين في محاولة استمالة زوجة مُراد، كان الكثيرون يعتقدون أن مُراد شخص عديم القيمة، فكانوا يحتقرونه.

ولكن الآن اكتشفوا أنهم هم المهرجون.

ذلك الشخص الذي اعتبروه عديم الفائدة، حظى بملاك كل رجال المنصورة – لؤلؤة!

في تلك اللحظة، امتلأت عيونهم بغيرةٍ تكاد تدفعهم إلى الجنون، حتى إنهم تمنوا لو يلتهموا مُراد!

ولو كانت النظرات قادرة على القتل، لكان مُراد قد تعرض للتقطيع آلاف المرات!

وعندما استعاد مُراد وعيه بدأ في التصرف بتوتر، وسارع بإبعاد لؤلؤة عن أحضانه قائلًا: "لؤ... لؤلؤة، كيف أتيتِ إلى هنا؟"

احمرّت وجنتيها وأجابته:

"لقد جئت خصيصًا من أجلك..."

لكن عندما رأت الدم يسيل من فم مُراد، نسيت أمر الحديث معه ومدت يدها لتتحسس الجرح على فمه، وغطى وجهها الجميل عبوس كالصقيع وقالت: "يا مُراد، ماذا حدث لوجهك؟ من ضربك؟"

"أنا..."

نظر مراد بشكلٍ لا إرادي لشاهين.

"شاهين، هل فعلت هذا؟"

غضبت لؤلؤة، ونظرت بحدةٍ لشاهين.

كانت قد تحققت مسبقًا من خلفية مُراد، وعلمت أيضًا عن خيانة زوجته مها له مع شاهين.

شاهين لم يكتفِ بسرقة زوجة مُراد، بل تعدى عليه بالضرب أيضًا!

لقد تجاوز كل الحدود!

ارتعد شاهين من الخوف، وقبل أن يتمكن من الرد، تقدمت مها خطوة إلى الأمام وتحدثت بسرعة.

"من أنتِ لتتجرئي على الحديث مع زوجي بهذه الطريقة؟"

"هل تعرفين من هو زوجي؟ إنه الابن الأكبر لشركة عائلة شاهين"

قالت مها بنبرة متعجرفة، موجهة للؤلؤة كلماتها باحتقار.

لم ترَ مها لؤلؤة من قبل، ولم تكن تعرف هويتها.

كل ما كانت تعرفه هو أن لؤلؤة أجمل منها بكثير، وتفوقها في كل الجوانب، بل ولفتت الأنظار بمجرد ظهورها،

مما أثار غيرة مها وعدم رضاها.

"أنتِ إذًا مها زوجة مُراد؟"

قالت لؤلؤة بابتسامة وهي تخمن هوية مها.

"بالضبط!"

"لكننا الآن تطلقنا"

ثم أضافت بابتسامة ساخرة: "شخصٌ عديم القيمة مثله، متسول قذر بلا شيء، وأنتِ تعاملينه ككنزٍ وتلقين بنفسكِ في

أحضانه، من الواضح أنكما من نفس النوع"

صوت صفعة!

تلقَّت مها صفعة قوية.

Continue to read this book for free
Scan code to download App
Comments (1)
goodnovel comment avatar
ابو احمد سالم
اين بقي الصه
VIEW ALL COMMENTS

Latest chapter

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 30

    شعر مُراد بألمٍ حاد على خده، فغطى وجهه بيده وهو يشعر بالغضب الشديد، كان متأكدًا أن خالد قد فعل ذلك عمدًا!ومع ذلك، فقد اعتاد على السخرية والإهانة خلال السنوات الثلاث التي قضاها متزوجًا في عائلة عامر، وقد طمست مها كل الحدة في شخصيته.اختار في النهاية أن يكتم غضبه ويتحمل مضايقات خالد.صرخ خالد بغضب: "ماذا تنتظر!""قم بجمع كل القطع المكسورة ونظف المكان!"مُراد حاول كبت غضبه، وركع ليجمع القطع الخزفية المكسورة من على الأرض.ضحك خالد بسخرية وقال: "أتريد أن تتحداني؟ أنت مجرد كلب أعمى، ما زلت صغيرًا جدًا لتلعب هذه اللعبة!"ثم داس بقوة على ظهر يد مُراد وأدار قدمه بقسوة.كانت يد مُراد مليئة بالقطع الحادة من الخزف، وتدفق ألم شديد عبرها، مما أدى إلى تمزق جلده فورًا وسال دمه بغزارة. شهق مُراد من الألم وسحب يده بسرعة، مسببًا انزلاق قدم خالد المفاجئ، ما أدى إلى سقوطه أرضًا وارتطامه بشدة، لينتهي به الأمر مستلقيًا على ظهره.صرخ خالد غاضبًا: "أيها الحقير، سوف أقتلك!"أمسك خالد بقطعة من سيجارته، محاولًا أن يحرق بها وجه مُراد.تفاجأ مُراد ورفع يده ليتصدى للهجوم، لكن قطعة السيجارة لامست جرحه ا

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 29

    على الأقل ضميره لن يسمح له أن يمر بهذا الموقف بسهولة.صرخ خالد: "لا يهمني من تكون، غادر فوراً وإلا لن أكون لطيفًا معك!"كاد خالد أن ينفجر من الغضب، ونظراته كانت مليئة بالكراهية تجاه مُراد.كان مُراد مترددًا.لكن لؤلؤة كانت في ظهره وتدعمه، ولذلك لم يكن يخشى تهديدات خالد.ولكن لؤلؤة أوضحت له من قبل أنها لا تريد الكشف عن العلاقة بينهما، ولا ترغب في أن يستغل مُراد هذه العلاقة في الشركة.إضافة إلى ذلك، خالد كان رسميًا رئيسه المباشر وأحد الشخصيات المؤثرة في الشركة، ممثلًا لمصالح العديد من القيادات العليا.إذا دخل في مواجهة مع رئيسه في أول يوم له في العمل، فلن يكون ذلك في صالحه.وإذا تفاقمت الأمور ونتج عنها آثار سلبية داخل الشركة، فإن صورة مُراد أمام لؤلؤة ستتدهور كثيرًا.رأى خالد أن مُراد التزم الصمت، فظن أنه خائف وضحك ساخرًا: "ماذا تنتظر؟ غادر فوراً!"مُراد، وقد قرر أخيرًا، قال: "أيُها المدير خالد، جئت لأقدم نفسي لك حسب القواعد والإجراءات، وإن طلبت مني المغادرة، فهذا لا يبدو مناسبًا أليس كذلك؟"لقد اتخذ قراره النهائي.عندما أنقذ السيد عامر دون تردد وقبل أيام خاطر بحياته لإنقاذ ل

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 28

    "أيُها المدير خالد، أرجوك دعني وشأني..."قالت سلمى بنبرةٍ يائسة وملامحها تعكس حيرة عميقة، إذ لم تكن تعرف ما الذي يجب أن تفعله.رد خالد مبتسمًا بخبث: "يا سلمى، النساء الجميلات مثلكِ خلقن ليُعجب بهن الرجال. يجب عليكِ استغلال هذه الميزة جيدًا!""لا تقلقي، طالما أنكِ ستكونين معي، أضمن لكِ الترقية وزيادة الرواتب. ستحصلين على كل ما تريدين في الشركة!"ضحك خالد ضحكة شيطانية وانتهز لحظة انهيار دفاعاتها النفسية ليحتضنها ويبدأ في محاولة تقبيل وجهها الجميل.حاولت سلمى المقاومة ولكن كلما تذكرت صورة والدتها المريضة في السرير، وحاجات شقيقها الدراسية، شعرت بالعجز عن المقاومة، وفقدت كل الشجاعة.في لحظة من اليأس الشديد، استسلمت تمامًا وامتلأ وجهها بالحزن.ثم فجأة، سمعوا طرقًا على الباب ودخل مُراد وهو يحمل بعض أوراق الانضمام للشركة من قسم الموارد البشرية.تجمد مُراد للحظة عند رؤية المشهد في المكتب، غير قادر على فهم ما يحدث.استفاقت سلمى فجأة ودفعت خالد بعيدًا، وقد احمرّ وجهها خجلًا.كان خالد على وشك تحقيق هدفه، ولكن مُراد قاطع المشهد، مما أشعل غضبه. نظر بغضب شديد إلى مُراد وقال: "من أنت أيها ال

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 27

    في المكتب.جلس خالد، الذي يبلغ من العمر حوالي خمسين عامًا، ذو الرأس الأصلع والجسم الممتلئ قليلًا، خلف مكتبه.أمام مكتبه كانت تقف فتاة شابة ملامحها تبدو عليها علامات التوتر، ويديها متدليتين بجانبها.كانت الفتاة بالواحد والعشرين أو الثانية والعشرين من عمرها، ملامح وجهها دقيقة وجميلة، تبدو هادئة وعلى وجهها نظارة سوداء كبيرة تخفي جمال ملامحها.جسدها صغير وملابسها بسيطة، لكن ذلك لم يخفِ جمالها الطبيعي.اسم الفتاة التي تقف أمامه هو سلمى، وهي إحدى سكرتيرات الرئيس التنفيذي الثلاث في الشركة، مكانتها الوظيفية مثل مُراد، حيث كان مُراد سكرتيرًا إداريًا وهي سكرتيرة شخصية.بالإضافة إلى ذلك، فإن سكرتير الرئيس التنفيذي له رئيسان مباشران، الأول هو الرئيس التنفيذي نفسه والثاني هو مدير مكتب الرئيس التنفيذي.قال خالد وهو ينظر إليها بعينين ضيقتين ووميض خبيث في عينيه: "أيتُها السكرتيرة سلمى، لقد مر شهر منذ انضمامكِ إلى الشركة. صحيح أن أداؤك في العمل جيد، لكن ردود أفعالك ليست سريعة بما يكفي.""لستُ راضيًا تمامًا عن أدائكِ!""برأيكِ، كيف يمكننا حل هذا الأمر؟"شعرت سلمى بالصدمة وانحنت بسرعة قائلة: "أ

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 26

    "لا أرى أنه سيء لهذا الحد..."احمر وجه لؤلؤة الجميل بشكلٍ ملحوظ لوهلة.ما كانت تتحدث عنه مع هيام قبل قليل كان مجرد حديث بين الصديقات.ولكن هيام قامت بشيءٍ غير متوقع، حيث ذكرت كل شيء أمام مُراد مباشرة.في تلك اللحظة، شعرت لؤلؤة بالحرج الشديد ولم تكن تعرف كيف تواجه مُراد.أما هيام، فقد كانت أكثر إحراجًا، فقد شعرت برغبة في البكاء بسبب خيبة أملها. لقد كانت تترقب ذلك الرجل بشدة، حتى أنها بدأت في الإعجاب بهذا الرجل المثالي في مخيلتها!لكنها لم تكن تتوقع أن الرجل الذي كانت تعتبره قويًا وشهمًا، كان في الحقيقة الرجل الخنيث الذي قابلته للتو!كانت تلك ضربة قاسية لها!لقد شعرت وكأن لؤلؤة قد وضعتها في مأزق!تنفست لؤلؤة بعمق وهدأت نفسها أولاً.ثم قالت، "مُراد، أنا بحاجة إلى سكرتير إداري بجانبي، أريد تعيينك في هذا المنصب، ما رأيك؟""إذا لم يعجبك المنصب، يمكنني تغيير الوظيفة لك!"قال مُراد بحماس، "بالطبع يعجبني! أنا سعيد جدًا."كان مُراد في غاية السعادة، إذ كانت الوظيفة التي عرضتها عليه لؤلؤة أفضل بكثير مما كان يتوقع، كما أنه سيكون بجانبها دائمًا ويتعلم منها الكثير من الأمور، وهذا شيء لم

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 25

    "أنا بخير، كل الفضل يعود لمُراد الذي أنقذني..."هزت لؤلؤة رأسها وأخبرت هيام بكل ما حدث بالتفصيل.كانت هيام زميلة الجامعة وأقرب صديقة للؤلؤة.لم يكن لدى لؤلؤة الكثير من الأصدقاء وكانت هيام صديقتها المقربة الوحيدة.بالطبع، الجزء المتعلق بمعاكسته لها لم تخبرها به؛ فمثل هذه الأمور لا تُقال حتى للأخوات."هل تقولين إن هذا الرجل الغريب عنكِ تماماً، لم يكتفِ بحمايتك بل تصدى لضربة سكين وحتى أنه كاد يفقد حياته لحمايتكِ!""هذا هو الرجل الحقيقي!""لابد أن التواجد بجانبه يُشعركِ بالأمان للغاية!"قالت هيام وعيناها تلمعان. لقد كانت معجبة بالرجال الأقوياء الذين يظهرون في المسلسلات العسكرية بسبب شعورها بعدم الأمان منذ صغرها.لكن للأسف، كانت تلك مجرد مسلسلات ولم تصادف يوماً رجلاً حقيقياً مثلهم.لكن الآن، ظهر أمامها مثال حي.من خلال وصف لؤلؤة، استطاعت هيام تقريباً أن تتخيل المشهد الخطر والشعور بالأمان لذي لطالما افتقدته."نعم، في المجتمع الآن أصبح الناس غير مبالين، من النادر جداً أن نجد مثل هذا الشخص الشجاع.""لو لم يحمِني في ذلك الوقت، كنت سأفقد حياتي بالتأكيد."قالت لؤلؤة وهي متأثرة.عند

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status