Share

‫الفصل 4‬

Author: المرأة الحادة القلم
ترددت شائعات تقول إن شجارهما كان بسببي.

اكتفيت بالابتسامة بلا مبالاة حين سمعت ذلك.

لم أعد تلك المحاربة العاشقة التي كانت تدخل منشوراتهما على إنستغرام مئات المرات في اليوم، فقط لتلتقط أي تلميح من كريم أو رنا أو حتى من أصدقائهما المشتركين، لكي تكون أول من يظهر إلى جانب كريم إن ظهرت أي شرارة خلاف بينهما، وتقول له: أنا من أحبك حقًا.

العاشقان حين يختلفان، يتصالحان سريعًا على وسادتهما.

وماذا لو كان الأمر بسببي؟ ألم أكن دائمًا جزءًا من لعبتهما منذ البداية؟

لكن منذ ذلك اليوم، بدأ كريم يتصل بي أكثر فأكثر، غير أنني كنت إما أرفض المكالمة فورًا، أو أعتذر بحجج مختلفة عن لقائه.

حتى جاء اليوم السابق لسفري، حين دعاني كريم لحضور حفل غنائي.

قال لي: "لقد حجزت التذاكر، فلنلتق الليلة، أرجوك، لا تغيبي عن الموعد؟"

وأضاف بصوت متوسل: "اليوم ذكرى زواجنا، لن ترفضيني مجددًا، أليس كذلك؟"

لم يسبق له أن كلّمني بهذه اللهجة المتوسّلة.

كان في الماضي يفتح حديثًا عابرًا، يخطو نحوي خطوة واحدة، فأهرع أنا نحوه بكل ما فيَّ من لهفة سعيا وراء رضاه لأقطع التسع والتسعين خطوة المتبقية، ثم أكتشف في النهاية أنه حتى تلك الخطوة الوحيدة، كان يسحبها من أجلي لأجل رنا.

لكني لم أعرف ماذا أقول.

فاليوم لم يكن ذكرى زواجنا، بل ذكرى زواجنا الرابع من جديد.

بعد كل تلك الانفصالات والعودات، كنت أنا الوحيدة التي تحفظ كل ما بيننا بدقة في القلب.

ومع ذلك، وافقت في النهاية، فقد كنتُ فعلًا أرغب في حضور حفلة غنائية لرامي البدر.

لكن في تلك الليلة، انتظرت طويلًا أمام قاعة الحفل، ولم يظهر كريم.

فتحت الرسالة الصوتية التي أرسلها لي للتو، فجاء صوته المليء بالأسف مع ضجيج الحفل في الخلفية، وصوت ضحكة رنا يتخلله:

"آسف يا ريما، رنا شعرت فجأة بتوعك، أوصلها إلى المستشفى."

"سنحتفل بذكرانا في مرات كثيرة قادمة، غدًا حين تسافر رنا، سأكون معك في أي شيء تريدينه، حسنًا؟"

بدأ الحفل أخيرًا، وانطلقت الألحان العذبة من القاعة.

"شكرًا لدعوتك الخاصة، لأشهد حبك. أذكر نفسي دائمًا، ألا أهرب."

أغلقت المحادثة، وبعد شهر كامل، فتحت الإنستغرام مجددا.

وقعت عيناي على منشور جديد لرنا قبل دقائق، صورة سيلفي تجمعها بكريم من قلب الحفلة الغنائية.

"تركت كل ذكرياتي، لأحقق لك حبك. لكنني ما زلت أرفض أن أصدق أن هذا هو القدر."

استمرت الأغنية، كأنها تسخر مني، من تلك اللحظة التي وافقت فيها على لقائه، ومن الطريق الذي سرت فيه وأنا ما زلت أحتفظ بآخر خيط من الأمل نحوه.

والآن، تحطم ذلك الأمل تمامًا.

الطلاق السابع بيننا، كان عليّ أن أفهم منذ زمن، أليس كذلك؟

لحسن الحظ، كانت هذه المرّة الأخيرة أخيرا.

دون أي حنين، استدرت ومضيت نحو المطار، وجلست هناك الليل كله.

في السابعة صباحًا، أنهيت إجراءات السفر.

أرسل لي كريم رسالة يسأل فيها متى سنعود لبعضنا، لم أجب، وحذفت اسمه من قائمة أصدقائي.

في الثامنة صباحًا، كنت في طابور الصعود إلى الطائرة.

اتصل بي، لم أجب، وحظرته فورًا.

في التاسعة صباحًا، جلست في مقعدي على متن الطائرة.

أعلنت المضيفة أن نضع الهواتف على وضع الطيران، لكن في تلك اللحظة تلقيت اتصالًا من نورا.

وجاءني صوت كريم المرتبك من الطرف الآخر:

"ريما، أين أنتِ؟"‬
Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • حين انتهى الحب السابع‬   ‫الفصل 10‬

    هكذا فقط يجب أن يكون الحب.على الرمال الوردية في جزر الياقوت، أضاءت ثلاثمائة مصباح كريستالي الشاطئ الخاص كأنه نهار صاف.كنت أرتدي فستان الزفاف الأحدث من فيرا وانغ، أنظر إلى نفسي في المرآة، أكثر هدوءا ونضجا مما كنت عليه قبل ثلاث سنوات.قالت مصففة الشعر بخفوت: "الآنسة الطائي، هناك سيّد في الخارج..."فقاطعتها نورا بحدّة: "قولي له إن العروس لا تستقبل أحدا."توقفت أصابعي عن ترتيب الطرحة: "هل لا يزال كريم في الخارج؟""منذ ليلة البارحة وهو راكع عند مدخل الشاطئ."قلبت نورا عينيها وقالت: "يهدد بأنه لن ينهض ما لم يركِ، حاول الأمن إبعاده ثلاث مرات بلا جدوى."نظرت من خلال النافذة الزجاجية الضخمة، فرأيت الرجل تحت المطر الغزير، وكان مبللا حتى العظم، وقد تمزق بنطاله الفاخر من احتكاكه بالرمال المرجانية الخشنة، والدم يسيل من ركبتيه.أبعد المظلة السوداء التي حاول الحارس تغطيته بها، كأنه يريد أن يغتسل بالمطر من كل ما أثقله.دخل وائل فجأة وهو يحمل جهازًا لوحيًا.على الشاشة ظهرت بيانات الانهيار اللحظي لأسهم مجموعة الدليمي — قبل نصف ساعة فقط، كانت مجموعة العنزي القابضة قد أنهت شراء آخر سبعة بالمائة من أسهم

  • حين انتهى الحب السابع‬   ‫الفصل 9‬

    أخرج هاتفه من الحقيبة، وشغّل مقطع فيديو.في الصورة، كانت رنا تقف أمام نافذة مستشفى للأمراض النفسية، وجهها متورم ومشوّه بسبب آثار الأدوية الطويلة الأمد، تحدّق إلى الخارج بعينين خاليتين من الحياة.قال بصوت بارد: " أجبرتها على بيع جسدها، ثم أدخلتها المستشفى للأمراض النفسية."تحدّث كريم على عجل: "أنتِ تكرهينها، لذلك جعلتها تدفع الثمن...""أتظن أنني تركتك بسبب رنا؟"ابتسمتُ فجأة."سأقول لك——""لم أعد أهتم، تماما كما لم أعد أهتم بك منذ زمن."أمسك وائل بيدي في اللحظة المناسبة، وتشابكت أصابعنا.رأيتُ نظرات كريم تتركّز على يدينا المتشابكتين، كأنّها لسعته نار.قلتُ بهدوء: "سنتزوج الشهر القادم، وآمل أن تتمنى لنا السعادة حينها."عند سماع ذلك، أشرق وجه وائل، الذي عُرف دائما برزانته، كطفل صغير غمرته السعادة.أما شفاه كريم فبدأت ترتجف، وفجأة اندفع نحوي كمن يغرق، وأمسك بذراعي بقوة."لا... ريما، لا تفعلي! لا يمكنكِ الزواج منه! لقد وعدتِني بأنكِ ستحبّينني إلى الأبد!""أرجوكِ، لا تتركيني، لا تتزوجي غيري!"نظرتُ إليه وقلتُ بهدوء:"قبل سبع سنوات، عندما طلبتَ الطلاق لأول مرة من أجل رنا، كنتُ أنا أيضاً راكعة

  • حين انتهى الحب السابع‬   ‫الفصل 8‬

    كان يحدّق في الشاشة التي كانت تعرضني وأنا أُصافح أحد مسؤولي وزارة التجارة في دولة أجنبية، تتحرّك حنجرته بعصبية واضحة.قال ببرود: "أخبروا قسم المالية أن يرفعوا فائدة الأسهم المرهونة للبنك بمقدار نقطتين إضافيتين."حين اخترقت الطائرة الخاصة من فئة الصقر طبقة الستراتوسفير، كنتُ في صالة التنفيذيين في فندق الجمال أوقّع على استلام طرد خاص.فتحتُ التغليف المبطّن بالرغوة، فظهرت سبع شهادات زواج مذهّبة، وإلى جانبها سبع شهادات طلاق داكنة، تتلألأ بسخرية تحت الضوء.بينها وُجدت بطاقة صغيرة أرسلتها نورا من الوطن:「قال إنه إن جمع هذه كلَّها، فسيجعلك تعودين إليه. 」ضغطتُ زرّ النداء برفق، ولما جاء النادل ابتسمتُ قائلة: "من فضلك، استخدم آلة التمزيق للتخلص منها."حين وجدني كريم، كنتُ أجلس في مقهى مع شريكي المحتمل في الزواج، وائل العنزي من مجموعة العنزي القابضة.في بيت الزجاج على الجادة الخامسة في مدينة النور، كان وائل يُدير أطراف أصابعه على حافة فنجان القهوة ببطء.على مدى ثلاث سنوات، ذلك الإمبراطور في صفقات الاستحواذ، الذي يطلق عليه في شارع المال لقب "الذئب المجنون"، لم يُظهر صبره هذا إلا أمامي فقط.قال به

  • حين انتهى الحب السابع‬   ‫الفصل 7‬

    "أنتِ الآن، فورًا، غادري البلاد!"أخرج هاتفه واتصل بالحراس الشخصيين."تعالوا حالًا، وخذوا الآنسة رنا إلى المكان الذي تنتمي إليه."استبد الذعر برنا تمامًا."لا يمكنك أن تفعل بي هذا يا كريم! أنا أحببتك كثيرًا—"لكن ما أجابها كان صوت الباب البارد وهو يُفتح.حملها حارسان بملابس سوداء وجرّاها إلى الخارج، وصدى صراخها تلاشى في ظلمة الليل.وقف كريم في مكانه، ينظر إلى وعاء الحساء المقلوب على الأرض، ثم انحنى ببطء.انتشرت رائحة حساء لحم الضأن بالخضار في الهواء...تمامًا كالشخص الذي لن يعود أبدًا.عندما هبطت الطائرة على مدرج بلدٍ غريب، نظرت من النافذة إلى المناظر المجهولة، وشعرت كأنني في عالم آخر.ما إن خرجت من الممر حتى رأيت ظل والدي المنحني قليلًا.ذلك العملاق التجاري الذي كان يومًا رمز القوة والطموح، أصبح اليوم شعره أبيض تمامًا، وعيناه احمرّتا حين رآني.حين قررت مجموعة الطائي الانتقال إلى الخارج للتوسع، بقيت في الوطن لأتزوج كريم، متحدّية والدي، بل وقطعت علاقتي به.ومنذ ذلك اليوم، لم أرَ عائلتي منذ ست سنوات."أبي..."ارتميت في حضنه ودموعي تخنق صوتي."ابنتك كانت عاقّة، تركت العائلة من أجل رجل خسي

  • حين انتهى الحب السابع‬   ‫الفصل 6‬

    كان صوته أجشًّا، وعيناه حمراوان كأنّه أدرك أخيرًا أنّ هذه المرّة، أنا فعلاً لم أعد أريده.عاد كريم إلى المنزل بخطوات آلية، وما إن فتح الباب حتى استقبله عبير الطعام المألوف.رائحة حساء لحم الضأن بالخضار العذب، الطبق الذي كانت ريما تتقنه أكثر من أي شيء آخر.خفق قلبه بقوة، ومرّ في عينيه بريق من الفرح الجامح.قال بصوت مرتجف: "ريما؟ عدتِ؟"اندفع نحو المطبخ متعثر الخطوات، تغمر عينيه البهجة والتوق، لكنّ ملامحه تجمّدت في لحظة حين رأى من هناك، وتلاشت ابتسامته شيئًا فشيئًا.ليست هي.كانت رنا ترتدي منامة حريرية بيضاء، تقلب الحساء في القدر ببطء. وحين رأته، أشرقت ابتسامة حلوة على وجهها.قالت بلطف: "عدت يا كريم؟"تلاشت كلّ التوقّعات في لحظة.تجمّد وجه كريم وتبدّل لونه إلى البرود.قال ببرود واضح: "ألم تعودي إلى بلدك؟"لقد تذكّر بوضوح أنّه هو من أوصل رنا بنفسه إلى الطائرة.قالت بابتسامة خفيفة: "عدت من جديد."وضعت الملعقة جانبًا، وتقدّمت نحوه بخطوات هادئة، وأصابعها الرقيقة لامست صدره."كريم، لم أستطع فراقك... أريد أن أكون معك.""هذه المرة، لن أرحل."رفعت رأسها وعيناها تتلألآن بإصرار لا يلين."لنتزوّج."

  • حين انتهى الحب السابع‬   ‫الفصل 5‬

    "وداعًا، يا زوجي السابق."أغلقت الهاتف بحسم، ثم أطفأت الجهاز تمامًا.بينما كنت أستمع إلى هدير محركات الطائرة، شعرت أخيرًا بأن الغبار قد سكن، وأن روحي تحررت.كان كريم واقفًا في منزل نورا، ممسكًا بالهاتف الذي انقطع الاتصال منه، وعيناه شاردتان.كان صوته مبحوحا، كأنّه يُصارع مشاعر يريد إخفاءها."إلى أين ذهبت؟"احتضنت نورا ذراعيها وسخرت قائلة:"الآن فقط تذكرت أن تسأل؟""لقد رحلت.""...رحلت؟ ماذا تعنين؟""إلى أين ذهبت؟!"رفعت نورا كتفيها وابتسمت بمكر."هل تظن أنني سأخبرك؟"تجمدت نظرات كريم فجأة، وبرود صوته كان كحد السيف: "نورا، ليس لدي وقت لألعابك.""أوه، السيد كريم، يبدو أنك بدأت تفقد أعصابك؟"دارت بعينيها ثم تقدمت نحو الباب وفتحته بقوة."اخرج، مكاني ليس مفتوحًا لك."بقي كريم واقفًا في مكانه، وجهه متقلب بين الغضب والذهول."اتفقنا أن نعيد زواجنا اليوم، لا يمكنها أن تختفي هكذا.""إعادة زواج؟"وضعت نورا يدها على فمها بطريقة مبالغ فيها وضحكت بسخرية."يا سيد كريم، هل تظن أن عقد الزواج بطاقة نقاط من السوبرماركت؟ تجمع سبع مرات لتحصل على جائزة؟"تقلصت حدقة كريم فجأة، كأن كلماتها أصابت جرحًا دفينًا

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status