Share

الفصل9

Author: النهر الجليدي تحت القمر
شعر فارس ببرودةٍ زلِقة بين ساقيه فاقشعرّ داخله.

"يوه! خرجتما من الغرفة بهذه السرعة؟ أسرع مما ينبغي، أليس كذلك؟" كانت لورا قد ظلت منشغلة بالمرح، ولمّا رأت فارس ويارا ارتسمت على وجهها ابتسامة ماكرة: "يا فتى، أأصابتك النشوة قليلًا؟ ولم تستطع التحكم، صحيح؟"

ظننّ جميعًا أن فارس ويارا ذهبا إلى غرفة خاصة لأمرٍ خاص.

"كُفّي عن المزاح!" رمقتْها يارا: "إن أردتِ اللعب فاذهبي أنتِ."

"هه! ألستُ أفكّر في سعادتك الحميمة؟"

قلبت لورا عينيها، ثم عادت إلى اللهو مع الأخريات.

تصرّفت يارا تلك الليلة على غير عادتها.

فهي في الأيام العادية جنونية لا تقلّ عن صديقاتها، لكنها الليلة اكتفت بالجلوس في الركن، ترافق فارس بهدوء، تشرب وتحادثه.

حتى انتصف الليل وانفضّ الجمع، أوصل فارس يارا إلى فيلاها.

بدت يارا مسرورة تلك الليلة، شربت كثيرًا، وحان أوان صعود الخمر إلى رأسها، فغامت حواسّها، والتبس كلامها، وصارت تحتاج إلى سندٍ في مشيها.

أسندها فارس إلى الأريكة، ونزع حذاءها ومعطفها، وصبّ لها كأس ماء.

"أختي يارا، اشربي قليلًا!" قال هامسًا.

كانت يارا عندئذٍ تتكئ بتراخٍ على الأريكة، تحدّق بمقلتين فاتنتين بنظرة مائلة، وفي عينيها غلالةٌ فاتنة.

"فا...رس!"

تمتمت بغير وعي، وخصلاتٌ مبعثرة من شعرها انسدلت فوق شفتيها القانِيتين.

انزلقت حمالةُ الفستان المبتلّة إلى كتفها، فانكشفت مساحةٌ ناصعة، وانعقد ذيلُ الفستان على ساقيها الممشوقتين، فبدت في غاية الإغراء.

بدت يارا في تلك اللحظة كزهرة ليلٍ رُوِّيت بالخمر، تتلهّف لعاشق الزهر.

"أختي يارا، أنا هنا!"

أسرع فارس يناولها الماء ليخفّف من أثر الشراب.

"فارس!"

مدّت يدًا مترنّحة، فأمسكت بقبضة قميصه، وفي الوقت نفسه أسقطت الكأس.

تسرّب الماء إلى ثيابها، وكانت رقيقة أصلًا، فازدادت شبه شفافة، والتصقت ببشرتها التصاقًا وثيقًا.

تعثّر فارس من جذبها له فزلّت قدمه ووقع فوقها دون قصد.

تسرّبت إليه لِينةٌ دافئة من تحت جسده، فكأنّ تيارًا كهربائيًا سرى في أوصاله.

كان يدرك أنّ "مرض" يارا بدأ يشتدّ.

فالخمر غيّب حواسّها، وجسدُها، بسبب "المرض"، مضطربٌ قَلِق.

رنّ هاتف يارا في تلك الأثناء.

كان فارس فوقها، ولحسن الحظ طال ذراعه، فمدّ يده إلى طاولة القهوة وأخذ الهاتف، فإذا بالمتّصل ابنُها سهيل.

وانفضحت في ذهن فارس فورًا ملامحُ ذلك الوجه المقيت الذي نعتَه "بالسلحفاة الخضراء".

ومرّ بذهنه خاطرٌ شريرٌ لحظةً.

لكنّه هزّ رأسه وطرد ذلك الخاطر في الحين.

"أختي يارا، اتصال!"

حاول أن ينهض وهو يناديها.

غير أنّها كانت ثملةً جدًّا، ويبدو أنها لا تقوى على الردّ.

نادى مرّتين وثلاثًا، ثم كفّ، ولم يُجب عن الاتصال، بل وضع الهاتف بجوارها.

يُخيّل إليه أنها لن تصحو هذه الليلة.

لكن ثيابها ما تزال مبتلّة، وإن نامت هكذا فستبرد حتمًا.

ألقى نظرة حوله، فرأى بطانيةً إلى جانب الأريكة، فتناولها وغطّاها بها.

ولمّا فرغ من كلّ ذلك وتهيّأ للمغادرة، رنّ الهاتف ثانيةً، وكان المتصل ما يزال سهيل.

تضايق فارس قليلًا، عضّ شفته، وتقدّم ليردّ مباشرة.

"سهيل، الأخت يارا شربت كثيرًا، ولا تقدر الآن على الردّ، اتصل غدًا."
Patuloy na basahin ang aklat na ito nang libre
I-scan ang code upang i-download ang App

Pinakabagong kabanata

  • عزوبيتي أشعلت نادي الثريّات   الفصل70

    "يارا، أنتِ تمزحين معي، أليس كذلك؟" قال فارس.لم تؤكّد يارا ولم تنفِ وقالت: "أنت شاب ونارك متّقدة، تلك الليلة في الحمّام عندما كنت تستمني رأيتك بعيني."في الحال شعر فارس الدالي بحرجٍ بالغ.كان صحيحًا أنّه في يومٍ ما انتابه المزاج، فأفرغ وحده في الحمّام.وصادف أن عادت يارا فوقع نظرها عليه.وكان يذكر أنّ الباب كان موصدًا، فهل لم يُحكم إغلاقه فرأته يارا من خلال الشق؟لكن لا بأس الآن؛ علاقتهما تزداد حرارة، وكثير من الأسرار بات مكشوفًا بينهما.وباتت يارا بلا قيود أسرةٍ وزواج، أكثر حرية.وفارس لم يعد يرزح تحت عبء الحرج الأخلاقي.لذلك، أيًّا يكن ما يحدث، فلن يشعر أي منهما بثقلٍ على كتفيه.قالت يارا: "حسنًا، اليوم عطلة؛ فلنخرج إلى عشاء فاخر!"قال: "حاضر!"بدّلا ملابسهما وخرجا.انقضى الأحد سريعًا، وفي صباح الاثنين وصل فارس إلى الشركة، وما إن دخل حتى رأى زينة نوار تتهادى بكعبٍ عالٍ مقبلةً نحوه.قالت: "مبارك يا فارس، ستنال ترقية!"قال مستغربًا: "ها؟" ولم يفهم قصدها.قالت زينة: "بعد قليل ستعرف!"وبسرعة بدأ اجتماع الصباح.وقفت سُجَى البكري بزيّ مكتبي رسمي أمام الجميع، واستهلّت بخبرٍ من العيار الثقي

  • عزوبيتي أشعلت نادي الثريّات   الفصل69

    "اخرج!""يا لها من جريئة!" صاح فراس ضاحكًا وهو يسبّ.ثم اقترب متحسّبًا من فارس وقال: "الأخ فارس، ما كان باين إنك تُخفي الكثير!"شرب فارس رشفةً من المشروب ولم يُجبه."الأخ فارس، أشرب معك نخبًا!" قال فراس دبّاس مُتزلفًا ثم جرع كأسًا. "من اليوم أنا معك، ومن لا يحترمك أؤدّبه!""أنت، اهدأ قليلًا." لوّح فارس بيده وذهب إلى جهاز اختيار الأغاني.سألت ميرا فخري زينة: "أختي، هل السيد فارس زميلك؟""همم." تمتمت زينة نوار، وكانت منشغلة تفكر كيف تقترب من فارس فلم تُعر سؤالها اهتمامًا.قالت ميرا فخري: "سأنتقل الأسبوع القادم إلى قسمكم كأخصائية دعم المبيعات. هكذا سأرى السيد فارس كل يوم!"زينة: "..."من حيث لا تدري، ظهر منافس جديد.وكلما حدث ذلك ازداد إعجاب زينة بفارس.باتت تراه أكثر وسامة، وفارس يقود سيارة تقارب قيمتها خمسين ألف دولار، وفاز بعميل تزيد قيمة عقده على مئة مليون دولار، أي أنّ دخله السنوي سيكون معتبرًا.إنه حقًا فارس أحلام الموظفات.يبدو أنها فوّتت الفرصة من قبل.تذكّرت لقائها مع فارس عند العميل؛ يا لها من فرصة ذهبية! لو أغرته يومها لممارسة الحب داخل السيارة وبذلت كل حيلها لربما كسبته.ولا ت

  • عزوبيتي أشعلت نادي الثريّات   الفصل68

    "كبيرك؟" سأل فارس."جواد!" قال أدهم: "هو نفسه المريض الذي نزف بشدة في مستشفى الرونق الأهلي.""أوه أوه!" أخيرًا فهم فارس المقصود.قبل قليل اتصل به المدير وسيم قانع وأخبره أن جواد يريد شكره وجهًا لوجه.ولما تعذر الشكر حضورًا، أرسل تابعه لينقل الامتنان.لا عجب إذن أن يكون الأخ أدهم بهذه المودة."يا سيد فارس، هذه هدية من كبيري جواد ضرغام، نرجو أن تتقبلها." أشار أدهم إلى رجاله فقدموا علبة صغيرة أنيقة.كانت علبة مصوغة بعناية.فتحها أدهم فإذا ببطاقة تتلألأ بالذهب."يا سيد فارس، هذه بطاقة اسمية من الذهب الخالص، منقوش عليها شعار شركة كبيري ومعلومات الاتصال." قال أدهم: "لم يصنع كبيري إلا ثلاث بطاقات مثلها، وهذه الأخيرة لك، وأتشرف بتسليمها نيابة عنه.""هذا كثير عليّ!" سارع فارس بالرفض.البطاقة سميكة ثقيلة، وقيمتها بالذهب مبلغ كبير.وخلفه كانت عينا زينة نوار ومن معها تلمعان.لكن هذه الهدية الثمينة رأى فارس أنه لا يصح قبولها."أخ أدهم، وصلتني مشاعرك، فلتعدها من فضلك." قال فارس."يا سيد فارس، هذا يحرجني." قال أدهم: "جئت مكلفًا من كبيري، وإن لم تستلمها يُعَدّ عملي تقصيرًا وسأعاقَب عند عودتي."قطّب فا

  • عزوبيتي أشعلت نادي الثريّات   الفصل67

    وفي هذه اللحظة، كان المشهد صفعةً قاسية على وجهه."رؤوسهم تنزف!" قالت لبنى قمر وهي تشير إلى أحد الأتباع، مرتجفة.كان ذلك التابع صريحًا أيضًا؛ إذ كانت شظايا الزجاج على الأرض وهو يسجد على جبينه، فانسكب الدم على ياقة قميصه فبدت الصورة دامية."حسنًا، كفى!" أوقف فارس الموقف في الوقت المناسب.قال أدهم نمر: "يا سيد فارس، لقد وصلت لتوي ولا أدري ما الذي جرى حقًا! قبل قليل سمعتك تقول إنهم اقتحموا غرفتك الخاصة لإثارة الشغب؟ ما القصة؟"أشار فارس إلى سهيل وسامي لهبان ومن معهم.قال فارس: "كنّا نلهو بسلام، فركلوا الباب ودخلوا يعربدون واعتدوا على صديقاتي، وقتها فقط رددت. وأنا أعترف أني تسرّعت، ولا ينبغي أن يحدث شجار في مكان الأخ صقر."الجملة الأخيرة خرجت بنبرة دبلوماسية مُتصنّعة.وما إن سمع أدهم ذلك حتى استشاط غضبًا.قال أدهم وهو يشير إلى سهيل: "ألا تبصرون؟ أتجرؤون على الفوضى هنا؟ كلكم تعالوا إلى هنا."جاء سهيل ومن معه مذعورين أمام أدهم.لوّح أدهم بيده: "اضربوا!"فانقضّ الأتباع من خلفه وأحاطوا سهيلًا وساميًا ومن معهم، لكمات كالبرق وركلات متتابعة.وتعالت صرخات الألم والاستجداء.وارتجفت زينة نوار وميرا ذ

  • عزوبيتي أشعلت نادي الثريّات   الفصل66

    كان السيّد الذي أوكل إليه الكبير جواد ضرغام مهمة تحيّة السيد الدالي، هو نفسُ الشاب الواقف أمامه الآنويجب أن يُعلَم أنّ جواد ضرغام ينظر إلى من أنقذ حياته كإلهٍ يُحمَل على الرأس.وفوق ذلك قال المدير وسيم قانع إنّ هذا الشاب ذا بأسٍ وحزم، ولولاه لما حصلت المستشفى بسهولة على أدوية إي-بي-إس الأساسية.ومكانة وسيم قانع بين رجال الشارع رفيعة.والمستشفى التي يديرها، مستشفى الرونق الأهلي، هي الملاذ الآمن لهم لحفظ الأرواح.ففي أيّ ساعة كانت، إذا جُرح أحدهم وصل إلى هناك فنال العلاج فورًا.وبما أنّ فارس الدالي أعان وسيم قانع على توفير أدويةٍ عالية الجودة، فبالمعنى الأعمّ لقد أعانهم جميعًا.ومتى اجتمعت هذه الروابط، صارت منزلة فارس في قلبي وسيم قانع وجواد ضرغام واضحة لا تحتاج قولًا.وأدهم نمر ليس إلا تابعًا عند جواد ضرغام.ومن يُجِلّه جواد إلى هذا الحد، كيف يتجرّأ تابعه على تهديده وتخويفه؟أليس هذا انقلابًا للموازين؟تماسك أدهمُ قليلًا وسأل على استحياء: "أأنت فارس الدالي؟ أنت الذي ساعد المدير وسيم على توقيع العقد؟""نعم، أنا هو، ما الأمر؟""السيد فارس، إذًا أنت حقًا هو."كان وجه أدهم قبل لحظات مكفهرً

  • عزوبيتي أشعلت نادي الثريّات   الفصل65

    حين يدافع أحدهم عن صديقته، يتحوّلون إلى مثيري فتنٍ يحرّضون ويفرّقون بين الناس ويكيدون لمن تصدّى لهم.يجسّدون الدهاء والأنانية والمكر والجبن بأقصى ما يكون.نظر صقر البدري إلى فارس الدالي بعينين باردتين، وكانت مهابةُ زعيم الشارع التي تفوح منه كفيلةً بسحق كل شيء في لحظة."هل تعرف ما عاقبةُ إثارة الشغب في ساحتي؟"قال فارس: "أولًا، لستُ أنا مَن بدأ الشغب، بل هذان الاثنان؛ جاءا من الغرفة المجاورة لإثارة المشاكل عندنا، وعندها فقط مددتُ يدي وضربتهما.""ثانيًا، لماذا ضربتُ رجالك؟ يمكنك أن تسألهم بنفسك."لمّا سمع صقر ذلك بدا أن في الأمر ملعوبًا، فرمق الرجلَ النحيل بنظرة حادّة وقال: "تكلّم لنسمع!""صـ... صقر، هم الذين أثاروا الشغب، جئتُ لأصلح بينهم، فلم يرضخْ هو فبادَر إلى الضرب!" دافع الرجل النحيل."أنت تكذب؛ لو كان الأمر هكذا فقط، فكيف كنتُ لأمدّ يدي!" قال فارس: "أنتم تستقوون بالعدد وتُهدّدون بإبقاء كل الفتيات وإخراج الرجال، ومن العجيب أنّ في عصرنا هذا ما زال يقع إذلالُ الرجال والاستقواءُ على النساء!""إذًا أنت مَن بدأ الضرب؟" عقد صقر حاجبيه."نعم!"عضّ صقر على أسنانه ولوّح بيده فجأة.فهوَت صفع

Higit pang Kabanata
Galugarin at basahin ang magagandang nobela
Libreng basahin ang magagandang nobela sa GoodNovel app. I-download ang mga librong gusto mo at basahin kahit saan at anumang oras.
Libreng basahin ang mga aklat sa app
I-scan ang code para mabasa sa App
DMCA.com Protection Status