عزوبيتي أشعلت نادي الثريّات

عزوبيتي أشعلت نادي الثريّات

By:  النهر الجليدي تحت القمرUpdated just now
Language: Arab
goodnovel4goodnovel
Not enough ratings
70Chapters
7views
Read
Add to library

Share:  

Report
Overview
Catalog
SCAN CODE TO READ ON APP

بعد خيانةِ صديقتِه له، حسمَ فارسُ الدالي الأمر وافترق عنها بلا تردّد. لم يتوقّع أنّ العزوبية ستفتح له الأبواب، فإذا بحياته تنقلب رأسًا على عقب نحو القمّة. سيّداتٌ شابّاتٌ ثريّات، وسيداتٌ قويات وأيقونات جمالٍ باختلاف طباعهنّ، تتقاطع أقدارُهنّ معه ويقتربنَ منه. أصبحن سندَه الصلب، يدفعنه خطوةً خطوةً نحو القمّة. الذين خانوني وسخروا منّي، الآن يطأطئون الرؤوس اعترافًا. اسمي فارس الدالي، وسأصيرُ ملكًا.

View More

Chapter 1

الفصل1

ليلٌ متأخّر، غرفةُ فندق.

كان الفراشُ الكبيرُ في حالةٍ من الفوضى، وسيّدةٌ جميلة تستر قوامها الممتلئ باللحاف، وعلى وجهِها أماراتُ الرضا.

جلس فارسُ الدالي على حافةِ السرير، لكنه نادمٌ أشدَّ الندم.

لا يدري ما الذي جرى له الليلة؛ ففي اللحظة التي انحنت فيها الأخت ليلى سليم، لم يستطع كبحَ نفسه.

"الأخت ليلى! آسف! قبل قليل أنا…"

وحين أفاق تمامًا، اجتاحته موجةُ خجل.

واحمرّ وجهُ السيّدةِ الجميلة كالشفق، وقالت مازحة: "لماذا تقول آسف؟ لأنك كنتَ عنيفًا معي تَوًّا؟"

مدّت يدَها إلى الحقيبة بجانبها، وأخرجت رزمةَ نقود ورمَتْها قرب فارس: "أعجبتني وأنت هكذا، خذ!"

"الأخت ليلى، لا أستطيع أخذَ هذا المال!" رفض فارس على عجل: "إنْ لم يكن هناك شيءٌ آخر، فأنا… يجب أن أرحل الآن!"

"انتظر!"

"ما الأمر، يا أختَ ليلى؟"

أخرجت السيّدة من الحقيبة نسختين من عقد، ووضعتهما عند طرف السرير: "هذ العقد، سأوقّعه!"

"شكرًا لكِ، أختَ ليلى!"

غادر فارسُ الفندقَ على عَجَل، وعاد إلى سكنه؛ كانت حبيبته رنا لطفي قد نامت منذ وقت.

وبسبب الحرّ، كادت تكون بلا أيّ قطعة ملابس، ومن دون غطاء، فبان قوامُها المصقول.

وبينما ينظرُ إلى حبيبته على السرير، ازداد شعورُه بالذنب.

أمضى مع رنا أربعَ سنواتٍ في الجامعة، وبعد التخرّج التحقا معًا كمتدرّبَيْن في مجموعة إي-بي-إس الدوائية؛ يعمل فارسُ موظّفَ مبيعاتٍ في القطاع، وتعمل رنا في مركز خدمة العملاء، فلا يكاد يتاح لهما وقتٌ ليلتقيا يوميًا.

كان فارس ينوي الليلة أن يأخذ رنا للتنزّه وتناولِ شيءٍ ما ليُنعش علاقةً بدأت تفتر تدريجيًّا.

لكنّ مديرَه المباشر، رامي مراد، استدعاه ليُرافق عميلةً تُدعى ليلى سليم.

وبينما احتسيا الشرابَ إلى منتصف الجلسة، قال رامي إن لديه أمرًا طارئًا وغادر أولًا.

وظلّ فارسُ وليلى يشربان، حتى انتهى بهما الأمر إلى الفندق.

"اللعنة، لقد أوقع بي رامي مراد."

ظلّ فارس ساخطًا يتمتم، لكنه، من شدّة الإرهاق، غفا غفوةً ثقيلة.

في الصباح الباكر، قصد فارس مكتبَ رامي مراد وصفق بالعقد الموقَّع على مكتبه.

"أوه، أحسنت يا فارس، تم توقيع العقد بهذه السرعة؟" ولمعتْ عينا رامي الصغيرتان: "قلتُ لك من قبل: حين تتحرّك، لا تُفلت منك هؤلاء السيداتُ الثريّات."

"يا مديرَ رامي، هل كان في شراب البارحة شيءٌ ما؟" سأل فارس.

وإلا فكيف افتقد أدنى قدرةٍ على ضبط نفسه؟

"يا فارس! لا تُطلق لخيالك العنان!" ضحك رامي: "أنت شابٌّ وسيم وقوامك رياضي، وعميلاتُ قطاعِنا… إنْ بذلتَ قليلًا من الجهد ظفرتَ بكلّ واحدةٍ منهن."

ازداد نُفورُ فارس كلّما سمع؛ فهو ينجز عملَه بمهارته، لا بهذه الأساليب الملتوية.

ولمّا همَّ بالردّ، سبقه رامي بسؤال: "أتريد التثبيتَ في الوظيفة؟"

فابتلع فارسُ كلماتِه وقال: "أجل! بالطبع أريد!"

"حسنًا! إن أتممت الهدف التالي فالتثبيتُ مضمونٌ تقريبًا!" أشار رامي إليه: "الهدفُ القادم هي سيّدةُ الأعمالِ الحسناءُ الشهيرة في قطاعك: يارا الغانم."

قرابةَ الظهر نفدتْ بطاريةُ هاتفِ فارس، وكان الشاحنُ في الشقّة المستأجَرة، فعاد بالدراجة ليأخذه.

فتح البابَ، فرأى مشهدًا لن ينساه ما عاش.

الشقةُ صغيرة، والباب يقابلُ غرفةَ النوم.

وعلى سرير غرفة النوم بدت رنا، يظهر كتفُها الأملسُ الأبيض، وهي مستلقيةٌ تحت الغطاء.

ورنا التي لا تُشغّل المكيّفَ أبدًا، كان المكيّف عندها الآن على 16 درجة.

"فارس، ألستَ في الدوام؟ ما الذي أعادك في هذا الوقت؟" ارتبكت رنا أشدَّ الارتباك.

وفي تلك اللحظة، سُمِع خريرُ الماء من الحمّام.

في طرفة عينٍ فهم كلَّ شيء، وفورًا غلَت الدماءُ في عروقه، فانقضَّ غاضبًا نحو الحمّام.

"فارس، ماذا تفعل؟"

قفزتْ رنا من السرير على عجل واعترضت طريقه.

وكانت ترتدي حينها طقمًا أسودَ من الدانتيل مُثيرًا لا يستر جسدَها.

"رنا، ألا تخجلين؟!"

لم يسبق أن رآها في مثل هذه الثياب.

وفجأةً ملأ الغضبُ والمهانةُ رأسَ فارس.

"يا أخي، تكلّمْ بهدوء!"

وخرج رجلٌ من الحمّام بمحض إرادتِه، يحدّق في فارس بحذر.

"أأنت؟"

تجمّد فارسُ لحظةً.

يعرف هذا الرجل؛ فقد رآه غيرَ مرّةٍ يرافق يارا الغانم حين كانت تزورُ الفرعَ لشراء مستحضرات التجميل، لكنه لم يدرِ طبيعةَ العلاقة بينهما.

"فارس، ما دمتَ رأيتَ كلَّ شيءٍ فلن أُخفي عليك!" مرّرتْ رنا يدَها في شعرها: "أنا وسهيل مراد صرنا معًا."

قالت ذلك بهدوء، كأنّ الخيانةَ أمرٌ بديهي.

"ها!" لم يجد فارسُ إلا السخرية: "أربعُ سنواتٍ من الحبّ أرخصُ من عشب!"

"فارس، أعلم أنّني آذيتُك، لكن ما أريده لا تستطيع منحي إيّاه!" قالت رنا وعيناها محمرّتان: "مضى أكثرُ من شهرين على التخرّج، انظر كم تكسب كلَّ شهر!"

"وبقدراتك، لن تقدر طوالَ عمرك على شراء بيتٍ في مدينةِ الرونق. ماذا تريدني أن أفعل؟ أعيشَ عمري كلَّه على الشظَف معك؟"

"وفوق ذلك، تعرف كم هو صعبٌ الدخولُ إلى مجموعة إي-بي-إس؛ وعند انتهاء فترة التجربة يُستبعد نصفُ المتدرّبين على الأقل."

ثمّ نظرتْ برِقّة إلى سهيل: "لكن سهيلًا لديه علاقات، وقد وعدني أن يُكلّم مَن يُثبّتني وينقلني للعمل في مقرّ مجموعة إي-بي-إس."

فإنْ تمّ تثبيتُها وصارت موظفةً رسمية في المجموعة، فستكون المزايا على مستوى شركةٍ ضمن أقوى خمسمئة شركة عالميًا، وسترفع رأسَها بين الأقارب والزملاء.

"إذًا من أجل هذا، رميتِ بكرامتك عرضَ الحائط؟"

وأشار فارسُ غاضبًا إلى لباسِها المُثير.

"وأين المشكلة؟" تقدّم سهيل بنظرةٍ متحدّية: "هذه الثياب أنا اشتريتُها لرِنا، وأنا أعرف كيف أُعجَب بجمالِها…"

"تبًّا لك!"

ولمّا تكلّم سهيل اشتعل غضبُ فارسِ الدالي، فاندفع بقبضةٍ في وجهه.

لكن سهيل غدر به، فرفع مقعدًا قريبًا ولوّح به نحو رأس فارس.

بوم!

سقط فارسُ أرضًا، وخرّت من رأسِه خيوطٌ من الدم.

وكشف سهيل عن قبحِه وراح يسبّ: "قلت لي إن اسمك فارس، صحيح؟ اسمعْ جيّدًا يا فارس، لقد مارست الحب قبل قليل على سريرِكما أنتَ وهي. أنت غبي، وستحمل عارَ الخيانة طولَ عمرك!"

"كفى يا سهيل!" احمرّ وجهُ رنا خجلًا.

لكن سهيلًا لم يهدأ، وقال لرنا: "أتدرين يا رنا؟ أمّي أكبرُ عميلةٍ في قطاعه؛ شكوى واحدةٌ منها تكفي لطردِه فورًا."

فانتفض قلب فارس، وتذكّر أنّ يارا الغانم حين زارت الفرع مرّاتٍ كانت تُصاحبه.

"أمُّك يارا الغانم؟" سأل فارس بلا وعي.

"وهل اسمُ أمّي على لسانِك؟" ورفع سهيل المقعدَ ليضربَه ثانية.

"حسنًا، كفى يا سهيل، دعْه ولنذهب!" حاولتْ رنا تهدئتَه: "لقد افترقتُ عنه، والليلةَ سأنتقل للسكن عندك!"

"حسنًا، لنذهب!"

وكفّ سهيل عن الجدال وبصق احتقارًا، ثم جذبَ حقيبةَ الجرّ وغادرا الشقّةَ المستأجَرة.

وبينما يراهما يبتعدان، أحسَّ قلبُ فارسٍ بسكينةٍ غريبة.

"يا لِلصُّدفة… اتّضح أن سهيل هو ابنُ يارا الغانم!"

Expand
Next Chapter
Download

Latest chapter

More Chapters

Comments

No Comments
70 Chapters
الفصل1
ليلٌ متأخّر، غرفةُ فندق.كان الفراشُ الكبيرُ في حالةٍ من الفوضى، وسيّدةٌ جميلة تستر قوامها الممتلئ باللحاف، وعلى وجهِها أماراتُ الرضا. جلس فارسُ الدالي على حافةِ السرير، لكنه نادمٌ أشدَّ الندم. لا يدري ما الذي جرى له الليلة؛ ففي اللحظة التي انحنت فيها الأخت ليلى سليم، لم يستطع كبحَ نفسه. "الأخت ليلى! آسف! قبل قليل أنا…" وحين أفاق تمامًا، اجتاحته موجةُ خجل. واحمرّ وجهُ السيّدةِ الجميلة كالشفق، وقالت مازحة: "لماذا تقول آسف؟ لأنك كنتَ عنيفًا معي تَوًّا؟" مدّت يدَها إلى الحقيبة بجانبها، وأخرجت رزمةَ نقود ورمَتْها قرب فارس: "أعجبتني وأنت هكذا، خذ!" "الأخت ليلى، لا أستطيع أخذَ هذا المال!" رفض فارس على عجل: "إنْ لم يكن هناك شيءٌ آخر، فأنا… يجب أن أرحل الآن!" "انتظر!" "ما الأمر، يا أختَ ليلى؟" أخرجت السيّدة من الحقيبة نسختين من عقد، ووضعتهما عند طرف السرير: "هذ العقد، سأوقّعه!" "شكرًا لكِ، أختَ ليلى!" … غادر فارسُ الفندقَ على عَجَل، وعاد إلى سكنه؛ كانت حبيبته رنا لطفي قد نامت منذ وقت. وبسبب الحرّ، كادت تكون بلا أيّ قطعة ملابس، ومن دون غطاء، فبان قوامُها المصقول. وبينما ينظرُ إلى
Read more
الفصل2
صيفُ مدينةِ الرونق خانقٌ جدًّا، وحرارتُه المرتفعة لا تنكفّ أيّامًا متوالية. كان فارسُ الدالي يريدُ توطيدَ علاقته بالعميلة يارا، لكنه في هذه الأيّام لم يجد فرصةً مناسبة. وحين بدأ ييأس، جاءت الفرصة! في تلك الليلة وصلت دفعةُ المكمّلات التي طلبتها يارا، فلم يلتفت فارس إلى انتهاء الدوام، وحملها إليها ليلًا. بلغ فيلا يارا، ضغط الجرس مرّاتٍ، فلم يجبه أحد. وإذ بسيارةٍ حمراء من طراز بورشه تقف أمام الباب؛ إنّها سيارتُها. ترجّلت يارا مترنّحةً من أثر الشراب، ودفعت أجرة السائق البديل، ولمحت فارس للتوّ. قالت: "يا فارس، ما الذي جاء بك؟" قال وهو يتقدّم: "يا أخت يارا، وصلتْ بضاعتُك، وخشيتُ أن تحتاجيها سريعًا، فجئتُك بها." "أتعبتَ نفسك وجئتَ في هذه الساعة، شكرًا لك." مدّت يدها لتتناول الطرد، فهبّتْ من عطرها نفحةٌ أربكت فارسًا قليلًا.على الأغلب كانت قد أنجبت طفلها صغيرةً، فعلى الرغم من أنّ سهيل ابنُها تجاوز العشرين، فهي لم تبلغ الأربعين بعدُ، وتحافظ على نفسها جيّدًا. بشرةٌ بيضاءُ مصقولة، عينان واسعتان وأنفٌ شامخ، وشفاهٌ رقيقة ملوّنة، وهيئةُ سيّدةٍ آمرة. لو تجاهلتَ السنّ، فهي حقًّا تعد في مصا
Read more
الفصل3
شعر فارس الدالي أن هناك شيئًا غير طبيعي، فنهض مرتديًا ثياب النوم وفتح الباب. قال: "ما الأمر؟" قالت رنا لطفي، ترتدي اليوم ثوبًا مهنيًا لا يحجب قوامها الجذَّاب: "جئت لآخذ شهادة تخرّجي." دخلت رنا وهي تتكلم، وبدأت تفتش مباشرة. كان سهيل قد أوصى بها إلى مقر مجموعة إي-بي-إس، وهو مستعد لقيادتها اليوم إلى المقر لإنهاء إجراءات التعيين. أمس عند ترتيب أغراضها اكتشفت أن الشهادة مفقودة، لعلها نسيتها وقت الانتقال من البيت.لا يمكنها إتمام إجراءات التعيين من دون شهادة التخرج. لذلك، وفي طريقها إلى المقر، مرّت على شقة فارس لتأخذ الشهادة. ولتجنب الشجار، طلبت من سهيل أن ينتظرها في السيارة أسفل المبنى. قالت بعد أن تعبت في البحث بلا جدوى: "هل أخفيت شهادتي؟" قال فارس وهو جالس على طرف السرير نصف نعسان: "ألهذا الحد أنا فارغ؟" قالت متجهمة: "فلماذا اختفت إذن؟" تنهد فارس وابتسم بمرارة: "شهادتك وضعتِها آخر مرة تحت الخزانة حين كنت ترتبين ثيابك، أنسيت؟" ما إن ذكّرها حتى تذكرت، فأسرعت وفتحت الخزانة، فإذا الشهادة في مكانها لم تُمس. لم يلمسها فارس فعلًا. قالت وهي تلتقطها: "أنا التي أسأت الظن بك." ورأت على
Read more
الفصل4
قال رامي مراد: "عليك أن تُقيم علاقةً حميمية مع يارا، تُصوَّر العلاقة كاملة بالفيديو، ثم تسلّمني الفيديو، هذا طلب قيادي كبير في المقر." قال فارس: "ماذا؟" تجمّد في مكانه. قيادي في المقر يطلب جرّه إلى فراش عميلة وتصوير كل شيء، ما الذي يجري؟ سأل فارس: "مَن هذا القيادي، ولماذا يطلب منّي هذا؟" قال رامي بنبرةٍ متجبّرة: "وهل هذا سؤال يُسأل؟ نفّذ ما أقول، وأنا أضمن لك التثبيت والترقية والثراء." انعقد حاجبا فارس، ونفرت نفسه من الطلب. دعك من القانون، فضميرُه وحده لن يتجاوز هذا. قال: "مديري، لا أستطيع فعلَ هذا." قال رامي وهو يضيّق عينيه: "إنها فرصة ذهبية، يارا اسمٌ ثقيل، مالٌ ونفوذ، وجمالٌ لا يقلّ عن الصبايا، لو ظفرتَ بها لكفاك ذلك عمرَك، لماذا لا تفهم اللعبة؟" تنفّس فارس وقال: "هذا شيء، وراتبي وترقيتي شيءٌ آخر، لن أخون ضميري." "طق." رمى رامي الملفّ على المكتب، وحدّق فيه: "وكم يساوي ضميرُك، اسمع، إن لم تفعل ما آمرك به، فاجمع أغراضك اليوم وارحل." قال فارس وهو يعضّ على شفتيه: "أنا في فترة تدريب ولم أخطئ، بأيّ حقّ أطرد؟" ابتسم رامي ببرود: "ما دمتَ تتدرّب في قطاعي فمصيرُك بيدي، إن قلتُ إنك
Read more
الفصل5
إن توكيل هذه المهمة إلى فارس الدالي كان القرار الصحيح، فهو الأقدر على إنجازها بسهولة. وإذا تمّت فلن يظلّ يعاني في هذا القطاع، سَينقله القياديُّ الكبيرُ إلى المقرّ. وسيصبح من خاصّته، ويتّسع أمامه الطريق.وبهذا ألقى رامي مراد صفة المدير جانبًا، وعاد يحاول إقناع فارس: "يا فارس، قد أفرطتُ قبل قليل، لكنّي أفعل هذا لمصلحتك، أؤكّد لك، لو تحرّكتَ فلن تقوى يارا على مقاومة سحرك، فرصة بهذه القيمة يجب أن تقتنصها."كان بطنه كبيرًا بارزًا، وتلمع عيناه الصغيرتان بمكر، مع ابتسامةٌ ماجنةٌ خافتة.قال فارس الدالي وفي عينيه نفور: "أنت تبالغ، الأخت يارا سيّدةُ مواقف، لطيفةٌ مع الجميع، سأوصل آخرَ طلبٍ إلى بيتها العصر ثم أستقيل."زمّ رامي فمَه: "لا تفقه الجميل." ثم انصرف متجهّمًا، وسرعان ما تعالت من مكتبه شتائمُه: "أحمق، بهذه الطباع لا تحلم أن تُفلح يومًا."عصرًا، خرجت البضاعة من المستودع، وقاد فارس شاحنة الشركة إلى فيلا يارا.ضغط الجرس، فلم يجبه أحد، فاستعمل بطاقة الباب ودخل البهو.فوجئ بأن يارا متمدّدة على الأريكة في هيئةٍ آسرة، كأنّها غفت. كان التلفاز عالي الصوت، لذا لم تسمع الجرس. كانت مستلقية كأميرة
Read more
الفصل6
لم يعرف فارس كيف يفسّر الأمر. فما زال لا يفهم لماذا يكلّفه قيادي في المقرّ بمثل هذه المهمّة. خالجه ظنّ أنّ ذلك القيادي عدوّ ليارا، ويريد اصطيادها بوصمة عبر هذا الأسلوب. قال فارس: "أخت يارا، هل لك خصومة مع أحد في مقرّ مجموعة إي-بي-إس؟" قطّبت يارا حاجبَيها لحظة ثم قالت: "أعرف بعض الناس هناك، لكن لا أظنّ أنّ بيني وبين أحد عداوة." ثم حدّقت فيه: "لماذا تسأل، هل استقالتك لها صلة بي؟" ارتجف قلب فارس، يارا حادّة الذكاء، بسؤالٍ عابر التقطت الخيط. قال بسرعة: "لا، يا أخت يارا، لا تشغلي بالك." وحين رأت أنّه لا يريد الإطالة في الحديث، لم تُلحّ. ربّتت على كتفه بابتسامةٍ رقيقة وقالت: "الاستقالة قد تكون خيرًا، أنت شاب، وموهبتك الطبيّة لامعة، عملُ مندوب مبيعات دواء أقلّ من مقامك، أن تكون طبيبًا أنسب لك." قال وهو يبسط يديه: "عندي وصيّةٌ عائلية، لا نمارس الطبّ." قالت بدهشة: "ولماذا؟" قال: "قصّةٌ طويلة، سأحكيها لك بالتفصيل لاحقًا.""حسنًا!" أومأت، وازداد فضولها نحوه. قالت: "ما دمتَ ستترك الشركة فلا تذهب إليها، لديّ سهرة مع صديقاتي الليلة، تعال معي." حكّ فارسٌ رأسه: "أخت يارا، هذا لقاء بينك أ
Read more
الفصل7
"تُعرّفونَه على حبيبة؟" ربّتت لورا سمارة على صدرها: "ما رأيك بالأخت لورا، هل أُناسِب؟" "ليس الدور عليك!" رمقت يارا لورا بنظرة، وارتسمت على شفتيها ابتسامة رقيقة: "أخي أعزب، وقد استقال للتوّ، ويحتاج إلى وظيفة لائقة. أيّ أخت منكنّ تستطيع أن ترتّب له شيئًا؟" "الأخت يارا، هذا..." ارتبك فارس الدالي. أخيرًا فهم مقصد يارا: لقد جاءت به الليلة إلى جلسة الصديقات لتعرّفه بعمل. "ابحثوا له عن عمل كما تشأن، لكن ما دخل العزوبية؟ خوّفتِني بلا داعٍ!" لورا، بطبعها المنفتح، قالت صراحة: "يا أخي، تعال قُد سيارة الأخت، والأخت كل يوم تأخذك تجبي الإيجارات." "جباية الإيجارات ليست لائقة! الشاب تخرّج للتوّ، وهذا وقت الكفاح." قالت يارا. قالت جيهان السالمي: "ليأتي عندنا إذن. بعد فترة التدريب تُثبَّت الوظيفة، وظيفة ثابتة ومزايا قوية!" "فارس، سمعتُ عنك من الأخت يارا من قبل، قالت إنك تعمل في مجموعة إي-بي-إس الدوائية." قالت سوسن الكيلاني بنبرة هادئة تحمل هيبة المديرة: "وبما أننا جميعًا مجموعات دوائية، فأرى أن مجموعة بي آر الدوائية أنسب لك." تنفّس فارس بعمق، وشعر فجأة بأن العالم عبثيّ. الوظائف التي يتزاحم عليها
Read more
الفصل8
"خرج فارس مع يارا من الغرفة، فألقى نظرة على القاعة الخاصة، فإذا بالدهشة تملؤه. لا يدري متى دخل بضعةُ شبّان من العاملين إلى القاعة. كانوا يرتدون سراويل بيضاء، وصدورهم عارية تُظهر عضلاتٍ متينة، وقد صفّفوا شعورهم بعناية، وبدت على وجوههم لمسات تجميل خفيفة، فتألّقوا منظرًا. كان أحدهم يرقص بحماسة، قابضًا على عمود الرقص، وحركاته مُغرية. "هذا الرقص بلا نَفَس!" صرخت الأخت لورا، ورفعت زجاجتَي بيرة، فأخذت تصبّهما على رأس الراقص. اندفعت البيرة برغوتها من قمة رأسه، وانحدرت فوق عظم ترقوته، ثم على صدره وعضلات بطنه، حتى ابتلّت سرواله... "هكذا صار فيه نَفَس!" قهقهت لورا، وتلألأت الجوهرة في عنقها مع حُليّ الذهب في يدها، فبدت البهاء والفخامة. ركع الشاب على الأرض كأنه كلب، وأخذ يلحس آثار البيرة عن جسده، يسعى لإرضائها. عندها أدرك فارس أن أولئك السيّدات لم يُبدين له الودّ إلا مراعاةً لمكانة يارا؛ أما هذا فهو وجهُ سهرتهنّ الحقيقي. "أريد أن أغنّي!" قالت جيهان السالمي إلى جوارها. "توقّفوا عن الرقص!" لوّحت لورا للشبّان، "أختكم تريد الغناء، اخدموها." "أختي، ها أنا!" اندفع شاب ببدلةٍ بيضاء يزحف حتى
Read more
الفصل9
شعر فارس ببرودةٍ زلِقة بين ساقيه فاقشعرّ داخله. "يوه! خرجتما من الغرفة بهذه السرعة؟ أسرع مما ينبغي، أليس كذلك؟" كانت لورا قد ظلت منشغلة بالمرح، ولمّا رأت فارس ويارا ارتسمت على وجهها ابتسامة ماكرة: "يا فتى، أأصابتك النشوة قليلًا؟ ولم تستطع التحكم، صحيح؟" ظننّ جميعًا أن فارس ويارا ذهبا إلى غرفة خاصة لأمرٍ خاص. "كُفّي عن المزاح!" رمقتْها يارا: "إن أردتِ اللعب فاذهبي أنتِ." "هه! ألستُ أفكّر في سعادتك الحميمة؟" قلبت لورا عينيها، ثم عادت إلى اللهو مع الأخريات. تصرّفت يارا تلك الليلة على غير عادتها. فهي في الأيام العادية جنونية لا تقلّ عن صديقاتها، لكنها الليلة اكتفت بالجلوس في الركن، ترافق فارس بهدوء، تشرب وتحادثه. حتى انتصف الليل وانفضّ الجمع، أوصل فارس يارا إلى فيلاها. بدت يارا مسرورة تلك الليلة، شربت كثيرًا، وحان أوان صعود الخمر إلى رأسها، فغامت حواسّها، والتبس كلامها، وصارت تحتاج إلى سندٍ في مشيها. أسندها فارس إلى الأريكة، ونزع حذاءها ومعطفها، وصبّ لها كأس ماء. "أختي يارا، اشربي قليلًا!" قال هامسًا. كانت يارا عندئذٍ تتكئ بتراخٍ على الأريكة، تحدّق بمقلتين فاتنتين بنظرة مائلة،
Read more
الفصل10 
"تجمّد سهيل في الجهة الأخرى لحظةً، ثم راح يزمجر كالمجنون: "يا وغد، كيف دخلت بيتي؟" "الأخت يارا شربت كثيرًا، فأعدتُها إلى البيت." قال فارس الدالي بهدوء. "لا يهمّني ما تقول… اخرج من بيتنا حالًا، وإلا اتصلتُ بالشرطة." صرخ سهيل وقد فقد صوابه. "أأنت مريض؟" قال فارس ببرود: "إن لم يكن أمرًا عاجلًا فلا تتصل مجددًا. الأخت يارا ثملة، فلا تُزعج راحتها. لقد وضعتُ هاتفها على الصامت." لم يشأ فارس إطالته، فقطع الاتصال. استشاط سهيل غضبًا حتى كاد ينفجر، واحمرّت عيناه حتى أوشك أن يُغشى عليه. … في اليوم التالي. "طق طق طق!" أيقظت طرقاتٌ عنيفة على الباب فارسًا من نومه. "من هناك؟" جاءه صوتُ امرأةٍ مسنّة من الخارج: "حلّ موعد الإيجار، ادفعه." "علمتُ، حين أستيقظ آتي إليكِ!" تملّص فارس بجملة. "أسرِع!" قالت وهي تهبط الدرج، وتمتمت: "نومٌ نوم! ما هذا الوقت ولا يزال نائمًا؟ بلا طموح. لا عجب أن حبيبته هربت مع غيره." فتح فارس عينيه المتعبتين، فإذا بالوقت ظهرُ النهار. "مصيبة، تأخّرتُ عن الدوام!" نهض يلبس على عجل، لكنه توقّف في اللحظة التالية وابتسم ساخرًا من نفسه. هو على وشك الاستقالة، فأيّ دوام بعد ا
Read more
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status