All Chapters of جن جنون خطيبي حين كرست حياتي للبحث العلمي: Chapter 11 - Chapter 20

26 Chapters

الفصل 11

في تلك اللحظة، شعر يوسف وكأن صاعقة هائلة ضربته.تلك الشكوك التي كانت تراوده بين الحين والآخر تأكدت الآن أخيرًا.تريد نادية حقًا الانفصال عنه!ولكن لماذا؟اليوم كان موعد زفافهما، وهو يعرف أن هذا الحلم راودها طوال عشرين سنة، فكيف يمكنها أن تتخلى عنه بسهولة؟وبينما يفكر في الأمر، تذكر وجه نادية الهادئ قبل رحيلها.شعر وقتها أنها تريد إخباره بشيء، ولكنه كان مشغولًا بالذهاب إلى المستشفى لرؤية ميار، فلم يسمع ما أرادت قوله.وقبل أن يغلق الباب، لمحها بطرف عينه جالسة على الأريكة، ولم يكن هناك أثر على وجهها لفرحة الزفاف، ولا حتى غضب من ذهابه لرؤية ميار قبل الزفاف بيوم.كانت هادئة تمامًا كبركة ماءٍ راكدة.إذًا فما أرادت قوله ليلة أمس كان الانفصال؟انهار يوسف على الأريكة، والأفكار تعصف برأسه.ظل هاتفه يرن على الطاولة أمامه، فقد تلقى مكالمات من والديه وأصدقائه.لكنه لم يملك القدرة على الرد.لم يفهم أبدًا سبب رغبتها في الانفصال.ووفقًا لما قاله الموظف، فقد ألغت الزفاف قبل نصف شهر!نصف شهر؟تذكر فجأة أن ذلك كان اليوم الذي علم فيه بنجاح عملية التلقيح الصناعي وحملت ميار.كان ينوي حينها أن يطرح عليها موض
Read more

الفصل 12

على الجانب الآخر، وبعد رحلةٍ استغرقت ساعتين، وصلت أخيرًا إلى العاصمة.قبل إقلاع الطائرة، كانت زميلتي في المختبر قد أرسلت إليّ رسالة، تخبرني فيها أنها تخشى أن أضل الطريق، فرتبت شخصًا ليستقبلني.في صالة الوصول، كان هناك كثيرون بانتظار المسافرين، ونظرت حولي مرارًا فلم أجد أحدًا يرفع لافتةً عليها اسمي.كنت على وشك إخراج هاتفي للاتصال بها وأتأكد، حينها سمعت صوتًا يناديني من الخلف:"زميلتي الأكبر!"استدرت، فرأيت شابًا مبتسمًا يقترب مني."معذرةً، ولكن من أنت؟"بدت ملامحه مألوفة، لكنني لم أستطع تمييزه.تنهد الفتى أمامي متظاهرًا بالتألم، وقال بصوتٍ يغلب عليه الفرح:"مضت خمس سنوات فقط يا زميلتي، فهل نسيتِ بالفعل زميلك الأصغر في المختبر؟ يا له من أمرٍ مؤلم!"بدأت صورة وجهه المنهك الذي أمضى أربعًا وعشرين ساعة بلا نوم في المختبر قبل خمس سنوات تتطابق مع ملامحه الحالية.نظرت إليه بدهشة."أنت زميلي الأصغر زيدان!"قبل خمس سنوات، حين كنت على وشك التخرج، عين أستاذنا طالبًا جديدًا يدعى زيدان.كنت حينها منشغلة بأمور التخرج، ولم أتواصل معه كثيرًا.كل ما أذكره أن بيانات تجاربه كان بها مشكلة، لكنه لم يستطع تف
Read more

الفصل 13

لم أتمكن من التفكير في أي شيءٍ آخر، فهدّأت من روعي، وأخذت نفسًا عميقًا، ثم دفعت الباب ودخلت.لم نلتقِ منذ خمس سنوات، وقد لاحظت بعيني الحادة أن الشيب بدأ يغزو شعر أستاذي قليلًا.شعرت بخجلٍ شديد حين تذكرت كيف غادرت لأكون مع يوسف رغم إلحاح أستاذي المتكرر.نظر الأستاذ إليّ، تلك الطالبة التي كان يعقد عليها أكبر الآمال، وأيضًا أكثر من شعر نحوها بالأسف، واختصر كل كلامه في تنهيدة واحدة."بما أنك جئت هذه المرة، فعليك أن تلازمني جيدًا في إجراء التجارب."قمعت مشاعري المضطربة، وأومأت برأسي بشدة.لم يقل الأستاذ شيئًا آخر، ولوّح بيده إلى زيدان ليأخذني إلى السكن الجامعي لوضع أمتعتي.وصلت إلى السكن، فوضعْت حقيبتي على الفور، واستلقيت على السرير متنهدةً بارتياح.منذ الليلة الماضية وحتى الآن، لم أنم سوى ساعتين في الطائرة، فشعرت بإرهاقٍ شديد، وبمجرد أن لامست الفراش، غلبني النوم.لم أتمكن من توضيب أمتعتي قبل أن أغفو.كنت نائمة نومًا عميقًا حين أيقظني رنين الهاتف.أمسكت الهاتف بصعوبة، وذهني لم يستعد صفاءه بعد، فأجبت على الهاتف تلقائيًا.سمعت صوت يوسف الغاضب على الطرف الآخر من الهاتف:"أين أنت يا نادية؟"انف
Read more

الفصل 14

ظل يوسف متفاجئًا بعد انتهاء المكالمة.كانت هذه أول مرة تُبادر فيها نادية بإنهاء المكالمة.كما أنها لم توضح أي شيءٍ بعد، فلماذا أنهت المكالمة؟وما زال لا يعرف أين ذهبت نادية.أعاد يوسف الاتصال، لكنه سمع صوت الرد الآلي قادمًا من السماعة:"الرقم المطلوب مغلق أو غير متاح، يرجى الاتصال في وقتٍ لاحق..."ثم همّ بإرسال رسالة إليها.لكن ما إن أرسلها، حتى ظهر أمامه على الفور علامة تعجب حمراء كبيرة، مع إشعار:"تم إرسال الرسالة، لكن الطرف الآخر رفض استلامها."اندهش يوسف.أيعني هذا... أنها حظرته تمامًا من قائمة اتصالاتها؟ليس وكأنها لم تغضب منه من قبل، لكنها لم يسبق أن قامت بحظره.وبينما كان يشعر بالذعر، تولّدت داخله موجة غضبٍ عارمة.هل كل هذا حقًا بسبب الطفل؟لكنه أوضح لها مرات لا تُحصى أن ميار مريضة بالسرطان، وأنها أيضًا منقذة حياته، ومن الطبيعي أن يساعدها على تحقيق رغبتها. فلماذا لا تستطيع نادية تفهمه ودعمه؟لكن بعد غضبه، غلب عليه شعور بالخوف.فهو لم يفكر يومًا في الانفصال عن نادية.والآن، هو لا يعرف مكانها، ولم يعد حتى يملك وسيلة تواصلٍ معها، فكيف سيعثر عليها؟في لحظة ارتباك، خطرت بباله صديقتها
Read more

الفصل 15

لم تكن لينة تتوقع أن يتمكن من نسيان حدث كبير كهذا، فازداد أسفها على صديقتها المقربة، وازداد ازدراؤها للرجل الذي أمامها."أنت حقًا كثير النسيان، حتى أنك نسيت أمرًا مهمًا كما حدث في ليلة رأس السنة قبل ست سنوات.""حينها لم تقل حتى كلمة شكر، وها أنت الآن تعامل نادية بهذه الطريقة!"ازداد غضب لينة بينما تتحدث، فأخبرته ما فعلته نادية في الخفاء من أجله طوال العشرين عامًا الماضية، وعن تلك الليلة الخطيرة قبل ست سنوات، بل وأرته الصور التي احتفظت بها في هاتفها لنادية وهي في المستشفى حينها.لم يعرف يوسف كيف غادر منزل لينة.كان في حالة من الذهول التام، وشعر أن عالمه ينهار، وقد غرق في ظلام دامس، عاجزًا عن الوصول إلى أي بصيص من الضوء.كان يذكر أن من أنقذته في تلك الليلة قبل ست سنوات هي ميار، فكيف يمكن أن تكون نادية؟إذا كان الأمر حقًا كما قالت لينة، وأن من أنقذته هي نادية، فهذا يعني أنه أخطأ طوال هذه السنوات في هوية من أنقذته، بل وحتى...بل وحتى أن الطفل الذي تحمله ميار الآن لم يكن ينبغي له أن يوجد أصلًا!استقل يوسف على الفور سيارة أجرة مسرعًا إلى المستشفى، فقد أراد أن يتأكد مما إن كانت ميار هي من أنق
Read more

الفصل 16

أغمض يوسف عينيه، وقد مزق هذا الخبر قلبه."لم تكوني أنتِ من أنقذني قبل ست سنوات يا ميار."اتسعت حدقتا ميار، وشعرت بالتوتر، إذ إنها كانت متأكدة في ذلك الوقت أنه قد اعتبرها هي من أنقذته، فلماذا عاد الآن لفتح هذا الموضوع قائلًا إنها ليست من أنقذته؟ومع ذلك، حافظت على هدوئها، وابتسمت بلطف، محاولةً مسك يده."ما الذي تقوله يا يوسف؟"شعر يوسف بالاختناق بسبب الارتباك الذي شعر به بعد اختفاء نادية، والندم الشديد الذي اجتاحه بعد معرفته الحقيقة.وفي تلك اللحظة انفجر غاضبًا، وأبعد يد ميار بعنف، وصرخ بعينين حمراوين:"إنها من أنقذتني، وهي من ظلت بجانبي عشرين عامًا!""توقفي عن المراوغة، لقد وجدت الدليل، لماذا خدعتني؟"وحين رأت ميار انهياره بهذا الشكل، أدركت أن الأمر لم يعد بالإمكان إخفاؤه.ففي ذلك الوقت، كانت قد جاءت للمستشفى لزيارة صديقتها، وحين مرت أمام سريره ورأت وسامته، توقفت قليلًا، ولم تتوقع أن يستيقظ في تلك اللحظة ويظن أنها من أنقذته.ولم تنفِ هذا الأمر حينها.كانت تنوي في البداية استغلال هذا الأمر للتقرب منه والارتباط به.لكن أهلها أرسلوها فجأة للدراسة في الخارج، فانقطع التواصل بينهما.ولم تعد
Read more

الفصل 17

في ذلك اليوم، دبر يوسف عمليةً جراحية بإصرار، متذرّعًا بأن إصابة ميار بالسرطان تجعلها غير قادرة على الحمل، وأجهض الجنين الذي في رحمها.بعد أن أنهى أمر ميار، لم يرضَ بانقطاع أخبار نادية هكذا، فذهب إلى بيت لينة ليسألها بإلحاح عن مكان نادية.وبسبب التزام لينة الصمت، بات يوسف يراقب باب منزلها يوميًا.وبعد أيام من الإزعاج المتواصل، ضاقت لينة ذرعًا، فاكتفت بإخباره إن نادية ذهبت إلى المختبر، وقد غادرت مدينة الرونق، لكنها رفضت أن تذكر أي تفصيل عن المختبر.كان يوسف ونادية قد درسا في نفس الجامعة، فخطر بباله أستاذها.وبعد سؤال عدد من زملائه القدامى، علم أن أستاذها أنشأ مختبرًا جديدًا في العاصمة.ورغم أنه لم يكن يملك دليلًا قاطعًا على وجود نادية هناك، إلا أن حدسه كان يؤكد له أنها في العاصمة.اشترى يوسف تذكرة طيران فورًا، وسافر إليها.ووفقًا للعنوان الذي حصل عليه من زملائه، وصل يوسف إلى المختبر بسهولة.في ذلك الوقت، لم يكن أول بحث تجريبي قد بدأ بعد، لذا لم يكن المختبر مغلقًا بالكامل.وبالتالي، طلب يوسف من شخصٍ عاد لتوه من الخارج أن يساعده في البحث عن نادية.تفاجأت حين سمعت من زميلتي في المختبر أن هن
Read more

الفصل 18

في مطار مدينة الرونق بعد مرور عامين.كنت أدفع عربة الأمتعة، أتأمل التغييرات التي حدثت حولي.لم أكن أتوقع أن تستغرق التجربة الأولى في المختبر عامين كاملين، لكن النتيجة كانت مثالية، فأعطانا الأستاذ إجازة لشهرين كاملين، وها قد عدت أخيرًا إلى مدينة الرونق بعد غياب طويل.غمرني الحنين للحظة، فقد غادرت هذه المدينة منذ عامين.لكن الفرق هو...لمعت عيناي حين رأيت زيدان الذي يمشي بجواري بحماس.الفرق هو أنني حين غادرت قبل عامين كنت وحيدة.لكن بعد عامين، ها نحن نعود معًا.وهذه المرة، كان لا يزال هناك أمرٌ هام نحتاج إتمامه.نظر زيدان إلى ساعته فجأة، ثم أمسك معصمي وبدأ بالهرولة."أسرعي يا زميلتي الأكبر، وإلا سنتأخر!"فور أن علمت لينة بعودتي، أصرت على إقامة حفل استقبال، فقد مرّ وقت طويل منذ اجتمعنا مع أصدقائنا.كنت قد اشتقت لأصدقائي للغاية، ولذا وافقت على الموعد الذي حددته، وهو يوم وصولي أنا وزيدان.وصلنا إلى باب المطعم عند الموعد المحدد.فسحبني زيدان معه إلى الداخل.وأثناء صعودي الدرج، خُيّل إليّ أنني رأيت وجهًا مألوفًا.لكنني لم أعر الأمر اهتمامًا، فربما كانت مجرد تهيؤات، كما أن الأهم الآن هو العثور
Read more

الفصل 19

كان يوسف قد ذهب إلى دورة المياه لينظر في المرآة ويعدّل ملابسه، ثم وقف أمام باب القاعة الخاصة.كان في الأصل قد جاء لتناول وجبة طعامٍ لا أكثر، ولم يتوقع أبدًا أن يصادف نادية هنا.لكن الآن وقد علم أين هي، فلم يستطع الانتظار حتى يلقاها مجددًا.جهز نفسه بسرعة، ثم وقف أمام الباب.قبل أن يدفع الباب، تخيل ردّة فعلها المحتملة.ربما ما زالت غاضبة منه ولن تغفر له.وربما تجاوزت ما حدث منذ زمن، وصارت تعتبره صديقًا عاديًا لا أكثر.لكنه شعر أنه مهما كانت مكانته في قلبها الآن، فسيتقبّل الأمر.يكفي أن يستطيع رؤيتها مرة أخرى، وكان واثقًا من قدرته على إحياء مشاعرها نحوه.لكن ما لم يخطر بباله هو أن نادية بالفعل أصبح لديها حبيب، بل وهي على وشك الزواج منه!حين سمع كلمة "خطيبي"، كان كمن سُكب عليه دلو ماء بارد بلل رأسه حتى قدميه.شعر وكأن أحدهم قبض على قلبه فلم يعد بقدرته التنفس.كان يتمنى من أن يسمعها في اللحظة التالية تقول إنها تمزح، وأن زيدان مجرد زميل أصغر منها لا أكثر.لكن لم يحدث ذلك.بل سمع صديقاتها بالغرفة تتحدثن حول من ستكون وصيفة الشرف، حتى أن حديثهن وصل إلى من ستصبح عرابة أطفالها مستقبلًا.لم يستطع
Read more

الفصل 20

كدت أضحك من شدة الغضب حين سمعت كلماته.ماذا يعني بأن هذه مزحة؟ هل أحتاج حقًا أن أستأجر ممثلًا من أجله؟أنا لم أعد أبالي بما يعتقده.لكن بداخلي كان هناك بعض التساؤلات.كان دائمًا يعاملني بفتورٍ حين كنا معًا، ولا يتأثر مهما فعلتُ لأجله.كنت أظن قلبه مصنوعًا من حجر في ذلك الوقت، إذ لم أستطع جعله يلين لي أبدًا.لم أدرك أن له جانبًا لطيفًا إلا حين ظهرت ميار.وقبل عامين، قررت أن أبتعد وأتركهما معًا. لكن لماذا يتصرف الآن وكأنه هائمٌ بي؟صحيح أن ميار توفيت بالسرطان، لكن ذلك لا يبرر معاملة يوسف لي الآن."عذرًا، لكن زيدان هو خطيبي حقًا.""زفافنا سيكون في الثامن عشر من هذا الشهر، أي بعد عشرة أيام فقط."كان وقع كل كلمةٍ قلتها كالصاعقة على أذني يوسف.احمرت عيناه فورًا، ولم يستطع تقبّل فكرة أن المرأة التي يحبها ستتزوج من رجلٍ آخر!لكنني فقدت الرغبة في أي جدال معه، ولم أكن أريد أن أفسد الحفل من أجل شخص لم يعد يعني لي شيئًا.لذلك دعوت الجميع للذهاب إلى مكان آخر.وحين مررت بجانبه، مدّ يده تلقائيًا وأمسك بطرف ملابسي.لكنني كنت قد تخلصت من أي مشاعر تجاهه بالفعل منذ زمن، فسحبت طرف ثوبي دون تردد، وأمسكت ي
Read more
PREV
123
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status