Share

الفصل 467

Author: سيد أحمد
شعر رامي بشيءٍ من الحرج والشفقة، فحاول التوسّط بلطف: "سيد أحمد، نحن نتحدث عن روحين صغيرتين، تعلم جيدًا كم هو أمر شاق بالنسبة لأي امرأة أن تحمل وتُربي روح في داخلها، أعتقد أن هذا القرار..."

أما حازم، فرغم غبائه المعتاد، فقد أدرك أخيرًا أن الأمور ليست على ما يُرام، فسارع بالسؤال: "أخي، عن أي جراحة تتحدثون؟ ما الذي يحدث؟"

لكن أحمد قد نفد صبره تمامًا، وقف بغتة وهو يأمر ببرود: "جهّزوا غرفة العمليات."

أمسك حازم بذراع أخيه بانفعال: "أخي، أخبرني الحقيقة، ما نوع الجراحة التي تتحدث عنها؟"

أطلق رامي زفرةً ثقيلة، ثم تبع أحمد وهو يقول بهدوء يخبئ انكسارًا: "أكثر من شهر... ما الجراحة التي تظنها إذًا؟"

بقي حازم وحده في مكانه، وكأن سُحِبَ الهواء من حوله، وعلت علامات الاستفهام في رأسه كالعاصفة.

لماذا؟ ألم يكن أحمد يحب سارة حبًا جنونيًا؟ فلماذا يقرر التخلص من طفليها؟ طفلين، وليس واحدًا!

لم تكن سارة تعلم شيئًا عن كل هذا، بل إنها بالأمس فقط أرسلت إليه رسالة خجولة تطلب فيها معروفًا صغيرًا.

وتحت ثقل الذكريات والزمالة القديمة، لم يستطع حازم احتمال فكرة أن تفقد سارة طفليها في لحظة قسوة كهذه.

أخرج هاتفه بسرعة،
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 496

    صفاء لم تكن نائمة بالفعل، لم يكن ذلك لأنها متحمسة، بل لأنها كانت مشتعلة بالغضب.فمنذ لحظات، جاءها تقرير من أحد رجالها يخبرها بأن سيارة أحمد توجّهت إلى فيلا لا تعود إلى ممتلكات عائلته، خارج تلك الفيلا، كان هناك عدد كبير من الحراس، مما يدلّ بوضوح على أن من تقيم هناك ليست سوى سارة.في الليلة السابقة لحفل الزفاف، ذهب إلى بيت طليقته!أيّ إهانة هذه يمكن احتمالها!حسنًا يا سارة، بما أنك أخليتِ قلبكِ من الرحمة، فلا تلوميني إن سلكت طريقًا لا يرحم!تلك الليلة، بينما البعض يفرح، كان البعض الآخر يذوق مرارة القلق، أحمد لم يغادر، وبالرغم من برود سارة حياله، أصرّ على الجلوس إلى جانب سريرها طوال الليل.انسكب ضوء القمر على جسده، فغمره بهالة من السكينة، وبذلك النور الخافت، رأت سارة يده المضمدة، لكنها لم تذكر شيئًا.في النهاية، غلبها النعاس واستسلمت للنوم العميق.تمدّد أحمد بجانبها دون أن يخلع ثيابه، وأخذ ذهنه يسبح في ذكريات الماضي، يستعيد كل لحظة عاشها معها، لم يكن يعلم في أي منعطف ضاع الطريق، حتى باتا غريبين على سرير واحد.رغم أن علاقتهما الآن باتت هشة كالجليد تحت أشعة الشمس، إلا أن أحمد لم يكن مستعدًا

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 495

    من باب الاحتياط، استقلت سارة المروحية لتعود إلى المدينة.وما إن وصلت إلى المنزل حتى بادر رشيد إلى استقبالها، متحمسًا برغبة جامحة في معرفة إن كانت قد تصالحت مع أحمد.قال متلهفًا: "كيف جرى حديثكِ اليوم مع أحمد؟"وأمام هذا الاهتمام البالغ، لم تجد سارة بُدًا من أن تُجافي ضميرها لتطمئنه، فقالت بابتسامة باهتة: "كان جيدًا، يا أبي، قلت لكَ إنك لا تحتاج للقلق، لقد قضينا اليوم معًا بأكمله."تهلّلت أسارير رشيد وقال مبتسمًا: "هذا جيد، كل خوفي أن تندلع بينكما مشكلات. الطفل يكبر يومًا بعد يوم، وبينكِ وبينه رابطة قلبية، فصفاء الأسرة تُسهم في نموه الصحي."ثم اصطحبها إلى مرسمه ليُريها أحدث أعماله، فقد صنع سرير خشبي صغير مصنوع يدويًا، بإتقان وجمال.قال بفخر: "أنظري، لقد عملت على هذا السرير الصغير أيامًا طويلة، وأخيرًا أنهيته."كانت زوايا السرير الأربعة منقوشة برقة بأشكال حيوانات صغيرة، وقد تم صقل الخشب وتنعيمه بحيث لا يُؤذي فم الطفل حتى إن عضّه.وعُلّقت في أعلاه دمية موسيقية مزيّنة، جميلة لدرجة تضاهي ما يُباع في أرقى متاجر الأمومة والطفولة.قالت سارة بإعجاب حقيقي: "يا أبي، يداك ماهرتان بحق."ضحك رشيد وق

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 494

    فهل يعني هذا أنّ جلال مجرد مرتزق؟وماذا عن تلك الأسلحة التي أخفاها في الجزيرة؟سارع محمود إلى رواية ما حدث لسارة من تعرّض للخطر، فاندفع أحمد بخطًى قلقة نحوها قائلًا: "هل أُصبتِ؟"هزّت سارة رأسها نافية، وقالت: "لا، ما إن أطلق رصاصةً واحدة حتى اختبأت، على الأرجح كان هدفه فقط مرافقة زهرة إلى مكان آخر، لذا لم يلاحقني."قطّب أحمد جبينه وقال: "هذا المكان لم يعد آمنًا، محمود، انقل سارة على الفور."فربما زرع أولئك الأشخاص شيئًا في هذا القصر، وإن فجّروه فلن يتاح لهم حتى وقت للهروب."تم الترتيب بالفعل، يا سيدتي، هيا بنا."فتحت سارة شفتيها وكأنها على وشك البوح بشيء، إلا أنّها ترددت.قال أحمد بهدوء: "أعرف ما ترغبين في قوله، وسنتحدث لاحقًا حين تتاح الفرصة، سارة، كل ما يمكنني قوله لك الآن، هو أن هؤلاء الأشخاص ليسوا عاديين، وإن كانوا قد جاؤوا من أجلكِ فعلًا، فالأمر سيكون بالغ الخطورة."كانت ملامحه جادّة حين أردف: "لكن لا تقلقي، فأنتِ ما زلتِ في مأمن حتى اللحظة، هدفهم الآن هو إبعاد زهرة، سأجد لك مكانًا آمنًا خلال اليومين القادمين، محمود، اصطحب سارة إلى حيث يجب."لكن قبل أن تغادر سارة، لاحظت أنّ يده مخ

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 493

    ماذا جرى في الغابة؟من الواضح أن زهرة لم تقدم على فعلتها بدافع عابر، لا بد أن شخصًا ما في الخارج اقترب منها وخاطبها.كانت سارة تشعر بقلق شديد، لكنها لم تجرؤ على اتخاذ أي خطوة طائشة، فهي الآن حامل، والبقاء هنا هو الخيار الأكثر أمانًا.هل أصيب أحمد؟وما إن خطرت هذه الفكرة في ذهنها حتى دوى صوت "طلقة" فجأةً، واخترقت رصاصة الظلام، مارَّةً بمحاذاة وجنتها، ثم استقرت بقوة في خزانة الملابس خلفها، كانت على بعد شعرةٍ من الموت.اتسعت حدقتا عينيها، وجسدها بدا وكأنه شُلَّ بالكامل، لم تستطع الحركة، وكأن أحدهم قد جمدها في مكانها.في تلك اللحظة تحديدًا، رأت على المنحدر غير البعيد رجلاً واقفًا، وبما أنه لم يكن قناصًا محترفًا، فإن مداه كان محدودًا، وهذا ما أتاح لها فرصة رؤية ملامحه عن بعد.كان الرجل يرتدي قناعًا، طويل القامة منتصب القامة، ونظرته من خلف القناع التقت بنظرات سارة.صرخت على الفور: "جلال، أهذا أنت؟"لم يُجبها، بل اكتفى بنظرة عميقة نحوها، ثم استدار واختفى في غياهب الغابة.لم تكن مخطئة، ذاك الرجل لم يكن سوى جلال، الذي اختفى منذ زمن بعيد.لقد عاشا فترة على الجزيرة سويًا، وسارة لن تخطئ في التعرف

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 492

    لما رآها مصمّمة، لم يمانع أحمد.وقال بهدوء: "المكان بعيد قليلًا، يمكنكِ أن ترتاحي في الطريق."لكن سارة أجابت بوجه مشدود: "لا حاجة لذلك، لستُ ناعسة."غير أنه بعد عشر دقائق فقط، راحت رأسها الصغيرة تهتزُّ كما لو كانت دجاجةً تنقر الحبوب، ترتطم بزجاج النافذة مرارًا.رمقها أحمد بنظرة عجز، يفكر في نفسه، ما أنا بكائن مفترس حتى تلصق وجهها على النافذة لتبتعد عني؟ ثم مدّ ذراعه الطويلة وجذبها إليه برفق.فتحت سارة عينيها ونظرت إليه، أرادت أن تتملّص، لكن النعاس كان قد بدأ يغلبها، ولم يمض وقت طويل حتى استسلمت للنوم في أحضانه.في تلك الفترة، كانت سارة أكثر ميلاً إلى النوم، وكان نومها عميقًا لا تفيق منه بسهولة.أما أحمد فبقي جالسًا بصمتٍ، يرافقها بهدوء، فبعد سنوات من الفوضى والاضطراب، قلّما نال لحظة سلام كهذه معها.فكّر في نفسه، يا ليت الوقت يبطئ قليلًا، فقط لأبقى معها هكذا أكثر.تابعت السيارة تسلّق الجبل، وحين خيّم الليل خارج النوافذ، بدأت سارة تستفيق شيئًا فشيئًا من نومها.ما إن فتحت عينيها، حتى أدركت أنها كانت مستندة إلى صدره، فسحبت جسدها بعيدًا عنه على الفور.تنهد أحمد بنفَس فيه شيء من الأسف، بينما

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 491

    كبح أحمد مشاعره وقال بصوت مقيّدٍ: "أأنتِ متأكدة أن شقيقتي ليست هي القاتلة؟"إن كان الأمر كذلك، فربما الحاجز بينه وبين سارة قد يزول أو يخفّ على الأقل.قالت سارة بهدوء: "لم أقل هذا صراحةً، فقبل أيام فقط طرحتُ الأمر على والدي بشكل غير مباشر، وقد بدا لي أن تلك المرأة أسماء، ليست كما كنا نظن مجرد ضحية مسكينة."ثم روت له كل ما حدث بالتفصيل، وبينما كانت تتحدث، كانت قسمات وجه أحمد تتصلب، وراح يسترجع بدوره تلك الليلة وما أثار شكوكه فيها.كان من المقرر أن يلتقي حينها برامز ومجموعة من الأصدقاء، لكن رامز اعتذر فجأة، ليجد نفسه وسط عدد من أبناء الطبقة الثرية.الذين لم يكن يرتاح إليهم، فانتهز فرصة واعتذر عن البقاء وغادر، غير أنه، وما إن خرج من المكان، حتى شعر بحرارة غريبة تجتاح جسده، واكتشف لاحقًا أنه قد تعرّض لتخدير خفي.بعد الحادثة، أرسل محمود للتحقيق، لكن بسبب الزحام وتعدد الأشخاص المتواجدين، لم يتمكن من معرفة من الفاعل، وهكذا أُغلقت القضية دون نتيجة.لم يكن يتوقع أحمد أن تكون لتلك الليلة صلة بأسماء.قالت سارة بجدية: "نعم، كانت أسماء تستهدفك أنت منذ البداية، لكنها بعد مغادرتك، لا نعلم من الذي كانت

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status