Share

الفصل 109

Author: شاهيندا بدوي
كأن الحاجز الذي كان يفصلهما قد انهار.

كانت نور تعلم أن ظهره سيحمل الندبات ذاتها.

كانت ندبات متشابكة تعلو ظهره المشدود، تبدو كآثار جروح مشوهة على جسده المثالي.

نظرت نور إلى ظهره العريض. بقدراته الحالية، يستطيع أن يتحمل أعباء عائلة القزعلي، لكن من يدري كم من القوة احتمل كتفاه.

وضعت يدها على ظهره. تجمد جسد سمير للحظة، لكنه لم يرفض لمستها. ثم قال لها بصوتٍ مبحوح: "لم تعد تؤلمني."

كانت تلك الندبات توخز قلب نور.

صمتت، مشددة قبضتها بقوة.

لم يرغب سمير في الحديث عن هذه الآثار. ربما كانت تحمل ذكرياتٍ مؤلمة، بعضها يرتبط بماضٍ مشترك.

أطبقت نور شفتيها، تراجعت خطوات قليلة وسحبت يدها بهدوء.

اكتشفت أن جسد سمير يخبيء أسرارٌ أخرى لم تكن تعرفها.

تساءلت: ربما كان شخص آخر في الماضي، غير سمير الذي أعرفه الآن؟

قالت دعاء إنها لا تحب فاطمة، بل قالت إنها هي التي ربت سمير، وليست لفاطمة الحق لتتباهى أمامها.

لم تهتم به فاطمة أبدًا، رغم انها والدته.

كان هذا غريباً جدًا.

ربما لم تحب فاطمة ابنها حقًا، فكانت طفولته خالية من الدفء؟

لكن فاطمة الآن تبدو مهتمة به بشدة. هل استيقظت من غفلتها في منتصف العمر؟

غرقت نور في حي
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل 200

    كانت الغرفة قد نُظِّفت، وأصبحت مرتبة.لكن بسبب طول المدة التي لم يُسكن فيها المكان، خلا من الحياة، وبدأت تفوح منه رائحة عَفِنة خفيفة.فتحت نور النوافذ لتجديد الهواء، وأخرجت الأغطية من الخزانة."إن شعرتَ بالتعب، فاستلقِ هنا قليلًا."جلس سمير على الأريكة، وأغمض عينيه، كانت رائحة الخمر تفوح من جسده.لاحظت نور أنه لم يتكلم كثيرًا، فعرفت أنه متعب.رتبت له الغرفة خصِّيصًا، لتجعله يرتاح على السرير قليلًا.أومأ وهو يعقد حاجبيه وقال: "حسنًا."لم تكرِّر نور كلامها، بل غادرت بهدوء ونزلت إلى المطبخ.لم تجد اللوازم ضرورية، أو شيء قد يفيق سمير من الثمالة، فقررت الخروج لشراء ما يلزم.كانت عبير تراقب نور، ورأتها وهي تخرج.عرفت حينها أن سمير في الأعلى، وبما أنه شرب كثيرًا مع الأقارب، فلابد أنه الآن في حالة سكر.رأت أن هذه هي الفرصة المناسبة.ابتسمت بخفة، وحملت حساء الإفاقة من الثمالة الذي أعدَّته، وصعدت به إلى الأعلى. الكل يعرف أن نور تزوجت برجل غني، وأصبح لديها زوجٌ جيد، ولهذا تغيّر تعاملهم معها.وصاروا لا يحترمونها هي وأمها.لا أحد بات يحسب لوجودهما حسابًا.وإن كانت علاقة نور بزوجها غير متينة، فربم

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل 199

    "هذا ليس كلامي أنا، بل الحقيقة! سمعت أن نور كانت تعمل سكرتيرة حتى من قبل أن تتخرج، ومن الطبيعي أن تكون الأقرب للفرصة، فتتزوج في عائلة غنية، هي ذكية، ليست مثلكما، ماذا تستطيع ابنتك عبير أن تفعل؟ ليس لديها وظيفة، ولا سمعة طيبة، كيف يمكن لها أن تنجح في المستقبل؟"كان لسان والدتها سليطًا، وحديثها جارحًا، آلمت كلماتها عبير، فاحمرّت عيناها ونظرت إليها قائلة: "ألست حفيدتك يا جدتي؟ كيف تقولين إن نور أفضل مني؟"ثم انفجرت بالبكاء راكضةً إلى الخارج.قلقت نيرمين عند رؤيتها تركض، وصاحت بقلق: "عبير! يا عبير!"ثم نظرت إلى والدتها وقالت: "أمي، كيف تقولين هذا أمام عبير؟ ألا تريدين لنا أن نعيش بسلام؟" ردت العجوز وهي تشرب الشاي، غير عابئة بما قد يُصيب عبير: "أنا أقول هذا لأجلكما، يجب أن تسعيا وتنتزعا مكانكما في هذه الحياة، المهم أن تعيشي حياة جيدة، وحتى إن اضطررتِ لاختيار طرق ملتوية!" ركضت عبير إلى نهر صغير، وأخذت ترمي الحجارة في الماء بعنف.الكل يقول إن نور أفضل منها.لماذا عليهم مقارنتها بنور، رغم أنها كبرت ونضجت.نور منذ صغرها متفوقة دراسيًّا، جميلة، ومحبوبة.يمدحها الكل ويقولون إنها عاقلة، وخلوقة،

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل 198

    أخذت نور كوب الماء وسمعت كلامه."ما أحن قلب هذا الزوج، لا يفعل شيئًا إلا بعد أن يضع زوجته في عين الاعتبار!"تصرفهما البسيط هذا بدا لطيفًا في أعين الآخرين. زاد ضحكهم، وتهليلهم، وصخبهم، مما جعل نور تشعر ببعض التوتر.رفع سمير كأس النبيذ، وقال بابتسامة: "إنها زوجتي، من الطبيعي أن أدللها.""يا إلهي، أنت لطيفٌ للغاية، يا ليت زوجي بنصف لطفك، لم نكن لنتشاجر كل يوم!""هاهاهاها..." ضحك الجميع بسعادة.كانت نور صامتة أغلب الوقت، فسمير منحها ما يكفي من الاعتبار.صارت نور في عيون الآخرين الفتاة التي تزوجت في عائلة ثرية، وزوجها محب ويهتم بها، مما أثار غيرة الكثيرين.شعرت نور ببعض الريبة، فسألت سمير: "كان هؤلاء الأقارب باردين معي للغاية منذ قليل، والآن صاروا بهذه الحفاوة، هل فعلت لهم شيئًا من ورائي؟"بدا أن سمير كان يتعامل معهم بسهولة، وكأنه يعرفهم منذ زمن.قال سمير: "لم أفعل الكثير، قدمت لهم فقط بعض الهدايا البسيطة."لا عجب إنهم لطفاء هكذا.من أكل من يدك لن يقدر على الكلام، ومن أخذ منك لن يجرؤ على الاعتراض، هذا إذا سبب تحوُّلهم بهذا الود فجأة.تابع سمير بصوت منخفض: "ما داموا يقدرونك، فلا يهم شيءٌ آ

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل 197

    رأت نور أن سمير قد أفصح عن الأمر بهذه الصراحة، فلم تجد ضرورة لإخفائه، فقالت: "يا جد هاني، لقد تزوجت بالفعل، فلا حاجة لك أن تبحث لي عن عريس.""هذا هو زوجكِ إذًا!"فرح الجد كثيرًا، فقبل وفاة جد نور، كانت نور لا تزال طالبة، والآن قد شهد زواجها، أمعن النظر في سمير وابتسم قائلًا: "إنه وسيم ووقور، يبدو أنه نجم بين الرجال، ذوقك جيد يا نور!""عليكما أن تحسنا عشرة بعضكما البعض، فاللقاء قدر، لكن الاستمرار معًا أمر أصعب، عليكما الحفاظ على زواجكما!" كان يفكِّر في مصلحتهما، لذا ظل يردد تلك العبارات.ابتسم سمير قليلًا لدى سماعه كلام الجد.أما نور فلم تشأ أن تقاطعه، فجلست تستمع إليه بصبر.كان عليه الذهاب لتناول الطعام معهما، لكنه تنهد قائلًا: "يا حسرة على خالد، من الجيد أن جدَّكِ مات مسبقًا قبل أن يموت غيظًا."هو أيضًا رأى خالد يكبر أمامه يومًا بعد يوم.ورأى تغيره المؤلم، مات قبل حتى أن يموت هذا العجوز، وهذا جعل الجد يشعر بالأسف.صمتت نور، فكما قال سمير، من أراد أن يرى الحقيقة، لن يحتاج إلى شرح طويل.امتلأت المقاعد بالضيوف.تقدمت نور، وهي تتوقع سماع همسات نميمة عنها.لكن ما إن دخلت، حتى سمعت صوتا ينا

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل 196

    مرت مدة طويلة منذ أن سكنت هناك، لكنها كانت دائما توكل من يقوم بالتنظيف.كان محمود وسوسن من الناس الذين يقدرون المعروف، فحتى مع علمهم أن زواج نور من سمير قد انتهى، أرادا منها أن تشكر سمير.جلس سمير في غرفة الجلوس.سكبت له نور كأسًا من الماء وقالت: "أبي وأمي طلبا مني أن أشكرك.""لا داعي للشكر."جلست نور إلى جواره، ثم قالت بسخرية: "أنا لم أستطع إقناعهم بعد حديث طويل، وأنت بكلمتين جعلتهم يصدقون، أهذا لأني ضعيفة أم ماذا؟ لماذا لم يصدقوني وصدَّقوك أنت؟"لم تفهم نور.فهي بالتأكيد كانت قادرة على حل الموقف، لكن في النهاية سمير هو من حلَّه.شرب سمير من الماء الساخن، ولم تتغير ملامحه بينما كان يستمع إليها، وكأن هذا الموقف مألوف له كثيرًا، قال: "هناك حقيقة يجب أن تفهميها، الناس بطبعهم سيئون، خاصة أقاربك، هم يضخمون عيوبك، ويتغافلون عن حسناتك، لا تشفقي على من تظنينه مسكينًا، فمن كان كذلك حتمًا كان له من الذنوب ما يستحق به ما يعيشه. وأكثر من يكرهك هم أولئك الغير راضين عن حياتهم، وهؤلاء لا يستحقون منك أي اهتمام."ثم نظر إليها بابتسامة وقال: "ليس فقط أنت، بل أنا أيضا هكذا، الفرق فقط أنك الآن في مركز ال

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل 195

    سكت الجميع في وقتٍ واحد.وتوجهت الأنظار إلى مصدر الصوت.رأوا عدّة سيارات تقف في الخلف، بينما يتقدّم نحوهم رجل فارع القامة.كان يرتدي بدلة رمادية سوداء، ملامحه حادة ووسيمة، بعينين عميقتين حازمتين، حاوطه جوّ من البرود والهيبة، يمنع الآخرين من الاقتراب منه، ويجبرهم على احترامه.تنحّى الناس جانبًا، وفتحوا له الطريق.التفتت نور نحو الوراء وقد بدت عليها الدهشة، لماذا أتى إلى هنا؟أرخى حضورُه التوتر الذي قيّدها، وألقت بخرطوم الماء من يدها.ساد صمت قصير قبل أن يهتف أحدهم بغضب: "من أنت لتتدخل في شؤون عائلتنا؟"حدّق فيه سمير بنظرات قاطعة.تلاشى غضب ذلك الرجل، وشعر بالبرد يسري في ظهره.قال سمير بصوت بارد: "أنا زوج نور، أمازلت ترى أني لا أملك الحق؟""زوجها؟"صُدم الجميع، وتساءلوا بدهشة: "إذًا فهي حقًا تزوجت من عائلة ثرية."نظروا خارجًا عند الباب حيث اصطفت بعض السيارات الفاخرة.كلها سيارات من علامات تجارية يعرفونها، لكن قلَّما رأوها في الحياة الواقعية.عرفوا أن القادم ليس شخصية ذو هويَّة عادية.الأمر الذ كانوا يعتقدونه شائعة أصبح حقيقة، هي حقًا تزوَّجت من رجلٍ غني."لا عجب أن توقفت كل تلك السيارات

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status