الفصل 16

في فترة ما بعد الظهيرة، غادر الاثنان منزل العائلة.

وأثناء وجودهما في السيارة، قالت هند: “يبدو أنك لاحظت موقف الجد. إنه يعارض طلاقنا بشدة. ماذا تنوي أن تفعل الآن؟"

نظر طارق إلى الخارج وتنهد قائلاً : يمكننا أن نستخرج شهادة الطلاق أولاً دون إخبار الجد، ثم نخبره تدريجيًا فيما بعد.

كما توقعت، قراره لم يتغير قيد أنملة. حتى وإن كان الجد قد تحدث إليه بلهجة قاسية، وحتى وإن كان يخفي الأمر عنه ويتحداه.

شعرت هند بثقل في التنفس، وكأن كل شهيق كسكين يخترق صدرها.

خفضت عينيها وأومأت برأسها بصمت قائلة بصوت مبحوح: “حسنًا، متى سنذهب لاستخراج شهادة الطلاق؟"تحقق طارق من جدوله على الهاتف وقال : "أنا مشغول هذه الأيام. لنقم بذلك يوم الاثنين المقبل."

”حسنًا."

عندما أجابت هند بهذه السهولة نظر طارق إليها بضع مرات وهو يضغط شفتيه. بصدق هند كانت جميلة للغاية.

عينان ساحرتان بزوايا مرفوعة، مليئتان بالحياة يمكن أن تكونا أحيانًا ناعمتين وأحيانًا حادتين. في لحظات النعومة، كانت تمتلك جاذبية غامضة تأسر من يراها وفي لحظات الحدة كانت تمتلك قوة قاطعة لا يمكن تجاهلها. وجهها بيضاوي مثالي بخطوط أنيقة وسلسة أنفها صغير ومتناسق وشفتاها صغيرتان وممتلئتان عندما تبتسم تظهر في زوايا شفتيها غمازتان صغيرتان تضيفان لمسة من الجاذبية.

أما عن جسدها فقد كان رشيقًا وأنيقًا ، وكان لديها انضباط ذاتي قوي. كانت تخصص بضعة أيام في الأسبوع لممارسة اليوغا بعد العمل وهذا أمر يعرفه طارق جيدًا.

في السنوات الثلاث من زواجهما ، كانت العلاقة بينهما دائمًا مليئة بالشغف ، وكان طارق يجد صعوبة في مقاومة سحرها.

حتى الآن، عندما يغلق عينيه ، يمكنه أن يستحضر في ذهنه تلك اللحظات الممتعة التي تقوده إلى عوالم من الأحاسيس.

وبالإضافة إلى جمالها الخارجي ، كانت هند تتمتع بقدرات مذهلة.أثناء دراستها الجامعية، حصلت على منح وطنية وجائزة الرئيس بسبب أدائها الأكاديمي المتميز ، وحتى أنها شاركت في مسابقة للغة الإنجليزية على مستوى الدولة وفازت بفرصة للدراسة بالخارج .

وفي العمل ، كانت ترتب كل شيء بدقة فائقة ، مما جعل شركة "م.ك" تحقق نتائج فاقت التوقعات.سؤال واحد يلوح في الأفق ، كيف يمكن لامرأة مثلها أن لا تكون محط إعجاب الرجال؟ بعد الطلاق من سيكون سعيد الحظ الذي سيفوز بها؟

فجأة سألها طارق بدون تفكير: “هل تحبين شخصًا ما؟”

شعرت هند بارتباك خفيف ، ثم نظرت إليه قائلة: "نعم.

”الشخص الذي تحبه هو من يجلس أمامها الآن ، ذلك الشخص الذي أحبته لعشر سنوات.

في ذلك الوقت ، كانت قد فقدت والدها للتو ، وانتقلت إلى منزل عائلة طارق وهي خائفة ومرتبكة. عندما تتذكر تلك اللحظات ، ما زالت المشاعر حاضرة كأنها حدثت بالأمس.كانت فتاة مراهقة آنذاك ، تعاني من انعدام الثقة بالنفس.  حساسة،  وخجولة كانت تعيش في ظل الآخرين وتنظر للحياة بتشاؤمإلى أن اقتحم شخص معين حياتها ،لينثر في أرض قلبها المظلمة شعاعًا من الدفء والضوء الساطع. منذ تلك اللحظة ،غرس الحب في أعماقها.

كانت تسعى دائمًا بكل جهدها لتتبع خطواته ،فقط لتقترب منه يومًا بعد يوم ، على أمل أن تكون بجانبه يومًا ما. لكن قلب الرجل كان يميل لغيرها ،ولم يتوقف يومًا عندها. حتى عندما حصلت عليه ، كان القدر يهيئها لخسارته. ربما كان هذا نصيبها المكتوب، أن تبقى وحيدة.

شعر طارق بضيق غير مفهوم بعد سماعها. هل هي مستعجلة على الطلاق لأنها تريد أن تكون مع الشخص الذي تحبه؟

”هل هو أيضًا يحبكِ؟" لسبب ما ،أراد طارق بشدة أن يسمع الإجابة.

هزت هند رأسها بلطف قائلة: “لا، إنه لا يحبني. لديه شخص يحبه، وقد أحبه لسنوات.”

زاد شعور طارق بعدم الراحة ، “إذا كان لا  يحبكِ لماذا ما زلتِ تحبينه؟"

ابتسمت هند بسخرية قائلة: “لا توجد دائمًا إجابة لكل شيء."

شعر طارق بالذهول للحظة ،ومرت في عينيه ظلال من الحزن.