Share

الفصل 0197

Author: فنغ يو تشينغ تشينغ
كانت ورد ضعيفة للغاية، فساعدتها أمها على الجلوس داخل السيارة.

حدقت مذهولة في ورقة فحص السونار بيدها؛ كان يظهر أنها تحمل طفلين، ففي الفحص السابق كان أحد الطفلين مختبئا خلف الآخر، فلم يظهر.

كانت ورد حاملا بتوأم: طفل ذكر… وطفلة أنثى.

نعم… طفلها ما زال حيا. لكنها لا تريد أن تخبر سهيل.

وحين تنتهي من إجراءات إدراج الشركة في البورصة… ستغادر إلى مدينة السحاب، ولن تعود بعدها إلا نادرا. سيكبر طفلاها هناك… وسيحملان اسمها— هما طفلا ورد وحدها.

ظلت ورد تحدق في التقرير طويلا.

أمسكت السيدة بسمة يدها برفق، وقالت لها بلين: "حاولي أن تأكلي قليلا… الطفلان يحتاجان إلى الغذاء كي ينموا جيدا."

أومأت ورد إيماءة خفيفة.

التفتت برأسها تنظر خارج السيارة؛ كانت الشمس مشرقة، وفي البعيد كان سهيل واقفا—

وحين يلتقيان مجددا… سيكونان غريبين.

ابتسمت ورد ابتسامة باهتة، لكنها لم تستطع تجاوز الأمر.

فالزواج بسهيل لم يترك لها سوى الجراح في قلبها، وإصابة مزمنة بطنين الأذن؛ لقد استعادت سمعها، لكن في ساعات الليل الهادئة يهاجمها الطنين من جديد، ولم تنفع جلسات العلاج الكثيرة.

مع حلول المساء، عاد سهيل إلى القصر الكبير لعائلة عباس.

Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • بعد رحيلي شابَ شعره في ليلة   الفصل 0200

    كان صغيرا جدا… لا يتجاوز حجم كف ضئيلة، ومع ذلك، ألقى العقاب كله على عاتق سهيل وحده. ومهما كان المصير— حتى لو سقط في جحيم لا انتهاء له، وحتى لو تفتتت عظامه وتحول رمادا— فهو لا يتردد… ولا يتراجع!"يا إله السماء كلها… أرجوكم امنحوا طفلي أيمن مأوى يأوي إليه."…بعد عودته من المعبد، مرض سهيل مرضا شديدا.عجز الأطباء عن علاجه، ولم يتحسن قليلا إلا مع حلول عطلة مناسبة خاصة.وفي المساء، انتشرت سحب بنفسجية داكنة في السماء.دخلت عربة سوداء فاخرة ببطء إلى قصر البلاتين. نزل السائق أولا، ثم فتح الباب. نزلت السيدة بديعة بثياب فاخرة وأناقة لافتة، تحمل صندوق طعام جميلا… وفيه كرات الأرز اللزج صنعتها بيديها من الفاصوليا الحمراء.اقتربت الخادمة تستقبلها: "سيدتي."سلمت السيدة بديعة صندوق الطعام للخادمة، وصعدت الدرج وهي تسأل: "هل تحسن سهيل؟ قلت لسكرتيرة ياسمين ألا ترسل ملفات هذه الأيام! هو ما زال محموما، ومع ذلك يصر على قراءة الوثائق… أولئك المساهمون يريدون قتله من التعب!"أجابت الخادمة بحذر: "اليوم عطلة خاصة… سكرتيرة ياسمين في إجازة."تنهدت السيدة بديعة بارتياح.طرقت الخادمة الباب لها، ثم انسحبت بهدوء تارك

  • بعد رحيلي شابَ شعره في ليلة   الفصل 0199

    خرج سهيل من المبنى، وما زالت في الممر خلفه أصداء صرخات حسناء الحادة تتردد.كان السكون مخيفا من حوله، وكأن عددا لا يحصى من الأشباح والوحوش يختبئ في العتمة.سهيل لا يؤمن بإله، لكنه شعر أن تلك الأشباح قد تحولت منذ زمن إلى طمع وغضب وجهل، وتغلغلت في عظامه ودمه… وما وصل إليه اليوم، لم يكن إلا ثمرة شياطينه الداخلية.لو لم يكن مهووسا بالسلطة يوما، لكان قد اكتشف مشاعره نحو ورد منذ وقت مبكر… ولما ترك امرأة تحبه حبا صادقا تتعذب أربع سنوات، وتنتهي بخسارة جدتها… وطفلها الذي لم يولد.كان المعلم نجيب قد قال له يوما: إن هالته مظلمة، وقد تؤذي من حوله… ولن يحظى أحد بالقرب منه بخاتمة طيبة.هبت رياح الليل العاتية، ترفع أطراف شعره… وتدخل برودة قاسية إلى جسده كله.وأطالت أعمدة الإنارة ظله على الأرض.جلس داخل السيارة الباردة، وبدأت صور السنوات الماضية تتتابع في ذهنه، مرة بعد مرة… لا يعرف كيف يواجه ورد، ولا كيف يواجه نفسه.يا للسخرية… المرأة التي وضعها يوما على عرش قلبه لم تكن سوى خدعة.حين كان يسافر إلى مدينة النورين ليرافق حسناء—كانت ورد تبكي… وتتألم!جلس فترة طويلة، يفكر في الاتصال بورد. لكن… رقمه كان محظ

  • بعد رحيلي شابَ شعره في ليلة   الفصل 0198

    اشتدت العاصفة كأمواج هائجة.فجأة رأت حسناء سهيل.كان واقفا عند الباب، ينظر إليها وكأنه هادئ، لكن في عينيه مشاعر لا يعرفها أحد؛ كان فيهما احتقار، وكراهية، وشيء آخر لم تستطع فهمه.ارتبكت حسناء بشدة، فدفعت الرجل عن جسدها، ونزلت عن السرير وثيابها بالكاد تسترها، وركضت نحو سهيل ترجوه بيأس: "سهيل، لا تفهم الأمر خطأ… هو من دس لي الدواء، هو من أجبرني!"أما ذلك الطبيب المسمى أندرو، فقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة.ارتدى ثيابه ببطء، ثم غادر الغرفة، وعندما مر بجانب سهيل، ابتسم وقال: "أنا لست سوى واحد من ألعابها الصغيرة!"لم يتحرك سهيل؛ الشيء الوحيد الذي أراد معرفته الآن هو: هل كانت نار تلك الليلة فعلا من تدبير حسناء؟ وهل كان مرضها كل تلك السنين حقيقيا؟كان وجهه باردا، خاليا من أي دفء.وفهمت حسناء أنه أصبح يشك فيها.فضحكت.ضحكت حتى ترقبت الدموع عينيها، ونظرت إلى حبيبها السابق، بصوت خافت كأنه صوت شبح—"لقد رأيت كل شيء… ولن أخفي شيئا بعد الآن.""نعم، كما رأيت… لم أعد تلك حسناء البريئة! لدي رجال… ليس رجلا واحدا، بل أكثر. أستمتع بالإثارة التي يمنحونني إياها… أستمتع باللذة، تلك اللذة التي كنت ترفض من

  • بعد رحيلي شابَ شعره في ليلة   الفصل 0197

    كانت ورد ضعيفة للغاية، فساعدتها أمها على الجلوس داخل السيارة.حدقت مذهولة في ورقة فحص السونار بيدها؛ كان يظهر أنها تحمل طفلين، ففي الفحص السابق كان أحد الطفلين مختبئا خلف الآخر، فلم يظهر.كانت ورد حاملا بتوأم: طفل ذكر… وطفلة أنثى.نعم… طفلها ما زال حيا. لكنها لا تريد أن تخبر سهيل.وحين تنتهي من إجراءات إدراج الشركة في البورصة… ستغادر إلى مدينة السحاب، ولن تعود بعدها إلا نادرا. سيكبر طفلاها هناك… وسيحملان اسمها— هما طفلا ورد وحدها.ظلت ورد تحدق في التقرير طويلا.أمسكت السيدة بسمة يدها برفق، وقالت لها بلين: "حاولي أن تأكلي قليلا… الطفلان يحتاجان إلى الغذاء كي ينموا جيدا."أومأت ورد إيماءة خفيفة.التفتت برأسها تنظر خارج السيارة؛ كانت الشمس مشرقة، وفي البعيد كان سهيل واقفا—وحين يلتقيان مجددا… سيكونان غريبين.ابتسمت ورد ابتسامة باهتة، لكنها لم تستطع تجاوز الأمر.فالزواج بسهيل لم يترك لها سوى الجراح في قلبها، وإصابة مزمنة بطنين الأذن؛ لقد استعادت سمعها، لكن في ساعات الليل الهادئة يهاجمها الطنين من جديد، ولم تنفع جلسات العلاج الكثيرة.…مع حلول المساء، عاد سهيل إلى القصر الكبير لعائلة عباس.

  • بعد رحيلي شابَ شعره في ليلة   الفصل 0196

    أجهضت ورد.لم تسترح، بل عادت مباشرة إلى مجلس عزاء الجدة. جلست بثياب الحداد، راكعة إلى جانب الجدة، تحرق النقود الورقية لها.هبت نسمة ليلية مفاجئة… باردة حد الوحشة.تطاير رماد النقود، وتبعثر في ظلمة الليل.أرخت ورد جفنيها، وسقطت دموعها قطرة بعد أخرى: "يا جدتي… خذي هذا وأنفقيه. لا تبخلي على نفسك هناك. في كل يوم مهم… سأرسل لك نقودا."كانت الأقمشة البيضاء للحداد تصطفق بصوت حاد تحت الريح…تشبه تماما صوت الجدة وهي تشعل النار لصنع الأرغفة.[ورد، بعد ساعتين فقط… ستأكلين الأرغفة.][العجين هذا العام… تخمر بطريقة ممتازة.]انقبض قلب ورد حتى ضاق نفسها، هذه الأصوات… لن تعود تسمعها أبدا.رفعت رأسها نحو السماء، تنادي الجدة باسمها بصوت ممزق الروح.لكن الجدة… لن تعود.صورتها وابتسامتها… حبستا إلى الأبد داخل صورة بالأبيض والأسود، وفي ذاكرة ورد وحدها.…جنازة الجدة.بذل ياسر وزوجته كل ما يستطيعان، وجاءت جدة عائلة نور من مسافة بعيدة للمشاركة في الجنازة.رفضت عائلة نور حضور أي فرد من عائلة عباس. لا نادر و ناصر ولا زوجتيهما ولا حتى سهيل سمح لهم بإلقاء النظرة الأخيرة. رغم أن العائلتين شريكان في التجارة… إلا أن

  • بعد رحيلي شابَ شعره في ليلة   الفصل 0195

    صرخت سيدة مريم: "الدم! لقد أجهضت!"ارتجف قلب سهيل.خفض رأسه، ورأى بقع الدم تنتشر على ثياب الحداد التي ترتديها ورد، منظر يقطع النفس. تقدم بسرعة ليحملها: "ورد… سأوصلك إلى المستشفى."لكن ورد رفضت.هي لا تريده. لا تريد سهيل هذا الرجل.تراجعت خطوة، ووجهها شاحب كالثلج: "لا تقترب مني! سهيل… هذا الطفل، حيا كان أو ميتا… لا علاقة لك به بعد الآن."ظلت ورد تتراجع، إلى أن أمسك ياسر بها.ساقاها بالكاد تحملانها، والدم ينزل بلا توقف، لكنها أصرت أن تمشي وحدها، وأن تبتعد… تبتعد عن المكان الذي فيه سهيل.تحت الضوء الأبيض الساطع، أمسكت بإطار الباب، وظهرها منحن من شدة الألم.هي… ليست لا تحب هذا الطفل.لكنها فقدت للتو جدتها، فقدت أقرب من أحبها في هذا العالم. وليس بوسعها أن تحسن التفكير الآن؛ فما في قلبها لم يعد سوى الغضب واليأس.كان الليل غارقا في العتمة، وتلك الحمرة القانية… أصبحت جرحا عميقا في قلب سهيل.…أدخلت ورد إلى غرفة الطوارئ.كان ياسر هو من حملها إلى الداخل.حينها كانت ورد شبه فاقدة الوعي. لم يبق موضع في جسدها إلا وفيه كدمة أو خدش، أما راحة يدها… فكانت لحما ممزقا.قال الأطباء إن صمود امرأة حامل حتى

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status