Compartir

الفصل 4‬‬‬‬‬‬‬

Autor: القرع المر المقلي مع البيض
لم يكمل الطبيب كلامه بعد، وفجأة أمسكت أمينة بأنابيب ورمتها بقوة على الأرض.

قالت بحزم: "قلت لك، لا أريد أن أنجب طفله."

كان وجه أمينة شاحبًا، لكن عينيها مليئتان بالإصرار.

وأضافت: "مهما دفع لكم هاشم، سأدفع عشرة أضعاف، فقط لا تخبروه."

ارتبك الطبيب تمامًا.

"لكن... لكن إن سأل السيد هاشم..."

فأجابته أمينة بهدوء: "حين يسأل، سيكون لكل حادث حديث."

كانت قد قررت الرحيل، ولن تترك وراءها شيئًا يربطها به.

نظرت إلى شظايا الزجاج على الأرض، وشعرت بوخزة ألم في قلبها.

فقد كانت يومًا ما تحلم بإنجاب طفل من هاشم.

أما الآن...

ابتسمت بسخرية، واستدارت وغادرت دون أن تلتفت.

......

أنهت أمينة بنفسها إجراءات الخروج من المستشفى.

وعند عودتها إلى المنزل، شعرت بالاختناق من رائحة هاشم التي تملأ المكان.

فقررت الذهاب إلى ساحة الصيد لتصفية ذهنها.

كانت هوايتها الكبرى في مملكة ألدريا هي ركوب الخيل والصيد.

لكن في جمهورية الزهر لم تكن ثقافة الصيد منتشرة.

وحين عادت إلى البلاد لم تجد مكانًا مناسبًا للصيد.

وعندما علمت الأم بالتبني بذلك، اشترت جبلًا كاملًا وحولته إلى ساحة صيد.

ثم سجلته باسم أمينة.

كانت أمينة تأتي إلى هنا كلما ساءت حالتها النفسية.

ولأن المكان بُني وفق أعلى المعايير، أصبح من أشهر أماكن النخبة في جمهورية الزهر.

وصلت أمينة إلى بوابة ساحة الصيد، فرأت سيارة مايباخ سوداء مألوفة.

فتح الباب، ونزل منها هاشم وهو يحمل ندى بين ذراعيه.

قالت ندى بخجل: "هاشم، أنزلني، أستطيع المشي."

لكن هاشم لم يتوقف: "لقد أمطرت للتو، والأرض مبتلة."

احمر وجه ندى أكثر، وحين أنزلها عند المدخل، رفعت رأسها فرأت أمينة، فتجمدت في مكانها.

"أختي؟"

عندها فقط لاحظ هاشم وجود أمينة، فعبس على الفور.

لقد تذكر أن الطبيب اتصل به سابقًا ليخبره أن أمينة تعرضت لصدمة نفسية.

وحين تأكد أنها ليست في خطر، لم يهتم بالأمر أكثر.

لكنه لم يتوقع أن يراها هنا.

نظر إلى وجهها الشاحب بشيء من الضيق وقال بحدة:

"أمينة، ماذا تفعلين هنا؟"

أجابته بهدوء: "جئت لأركب الخيل."

كان مع ندى وهاشم مجموعة من أصدقائهما،

وحين سمعوا جوابها، انفجروا ضاحكين.

"ركوب الخيل؟ هل تعرفين كيف تركبين أصلًا يا أمينة؟"

"نعم، تظنين أن ركوب الخيل مثل ركوب الحمار في الريف؟ احذري أن تكسري عنقك!"

لم يكن أحد يعلم أن والديها بالتبني من كبار رجال المال في أوروبا.

وأن لهم صلات بالمافيا، لذلك كانت دائمًا متحفظة.

حتى عائلة الشماري نفسها لم تكن تعرف التفاصيل.

لذا ظن الجميع أنها فتاة بسيطة من عائلة عامة لم ترَ العالم من قبل.

أطلق بعض أصدقاء هاشم صفيرًا ساخرًا.

"أمينة، إن لم تعرفي الركوب، يمكنني أن أساعدك. هل تفضلين الجلوس أمامي أم خلفي؟"

"طبعًا خلفه أفضل، التصاق الجسد بالكرتين الضخمتين... كم سيكون الأمر مثيرًا!"

ضحكوا بصوت عالٍ، وعيونهم تتفحص أمينة بوقاحة.

قبض هاشم قبضته دون وعي، واشتد بروده في النظر.

وأخيرًا تكلّمتْ ندى التي كانت تقف بجانبه بصوتٍ لطيفٍ.

"كفى، لا تتحدثوا عن أختي بهذه الطريقة."

لكن كلماتها كانت بلا أثر، فأطلقت صديقاتها تعليقات مليئة بالسخرية:

"لا يمكننا لومهم يا ندى، أختك هذه وجهها كوجه الثعلبة."

"صحيح، أنتما توأم، لكن أمينة لا تشبهك أبدًا، ملامحها رخيصة وباهتة."

حين استعادت عائلة الشماري ابنتها الحقيقية أمينة، لم تستطع والداها التخلّي عن ندى التي ربّياها لسنوات، فأعلنا للناس أنّ الفتاتين كلتاهما ابنتاهما الشرعيّتان.

وأن أمينة كانت قد أُبدلت بالخطأ بعد الولادة.

لذلك ظن الجميع أن ندى وأمينة أختان حقيقيتان.

نظرت ندى إلى أمينة بقلق، خائفة أن تكشف الحقيقة، لكن أمينة استدارت بهدوء ودخلت ساحة الصيد دون أن تنبس بكلمة.

تنفست ندى الصعداء سريعًا، ثم غيرت الموضوع قائلة:

"كفى حديثًا عن هذا، لنذهب للصيد. سمعت أن هنا ثعلبًا أبيض، ويقال إن من يصطاده ويقدمه لحبيبته، لن يفترقا أبدًا."

قالت ذلك وهي تنظر بخجل إلى هاشم.

ثم ارتدى الجميع معداتهم وامتطوا الخيول متجهين إلى الجبل.

اختارت أمينة طريقًا مختلفًا عنهم، لكن بعد وقت قصير بدأ المطر يهطل بغزارة.

وكان الجبل معروفًا بانهياراته عند المطر، فسارعت أمينة بالنزول إلى الأسفل.

وحين عادت إلى القاعة الرئيسية، رأت ندى وبقية المجموعة في حالة ذعر، بينما لم يكن هاشم بينهم.

اقتربت منهم وسألت بقلق:

"ما الذي حدث؟"

فانفجرت ندى بالبكاء:

"أختي، الأمر سيئ! هاشم عالق في الجبل!"‬
Continúa leyendo este libro gratis
Escanea el código para descargar la App

Último capítulo

  • بعد مغادرتك، أدركت أنني أحبك   الفصل 25

    تجمدت أمينة في مكانها، لم تصدّق أن هاشم قد توفي حقًا.في مقبرةٍ في جمهورية الزهر.وقفت أمينة أمام شاهد القبر، تحدّق في صورة هاشم بالأبيض والأسود على الشاهد، وعيناها تحملان مزيجًا من المشاعر المتضاربة.لم تكن تتخيّل أن آخر لقاء بينهما قبل نصف عام سيكون الوداع الأخير بين عالمين.نظرت إليها الأم بالتبني وقالت بصوتٍ متردد:"أمينة، هل تلومينني؟ في ذلك الوقت، جاء هاشم يبحث عنك، وقال إنه لن يقبل العلاج بالخلايا الجذعية إلا إذا وافقتِ على إنجاب طفلٍ له.""لكنّكِ قلتِ حينها إنك لا تريدين أن يكون لكِ أي علاقةٍ بحياته أو موته، فقررتُ من تلقاء نفسي ألا أخبركِ بالأمر. إن كنتِ ستلومين أحدًا، فلتلوميني أنا."استفاقت أمينة من شرودها، وابتسمت للأم بالتبني قائلة:"أمي، لا تقولي هذا الكلام. لقد كنتِ واضحةً جدًا في ذلك الوقت، وأنا من قلتُ بلساني إن موت هاشم لا علاقة له بي.""لذا، لم يكن هذا قراركِ، بل قراري أنا."ارتجفت نظرات الأم بالتبني وقالت:"وماذا لو كنتُ قد أخبرتكِ حينها بكلامه؟"أجابت أمينة بهدوء:"حتى لو كنتِ أخبرتِني، لما أنقذتُه.""ففي النهاية، حياته تخصّه هو، ولا يمكن أن تكون قيدًا يربطني به."

  • بعد مغادرتك، أدركت أنني أحبك   الفصل 24‬‬‬‬‬‬‬

    في اليوم التالي.في مملكة ألدريا.استيقظت أمينة للتو من نومها، ولم تتوقع أن تدخل أمها بالتبني فجأة إلى الغرفة وعلى وجهها ملامح معقدة.رفعت أمينة رأسها وقالت: "أمي، هل حدث شيء؟"ترددت الأم بالتبني قليلًا، ثم قالت بصوت منخفض:"هناك رسالة من جمهورية الزهر، هاشم طلب مني أن أنقلها إليك."تجمدت أمينة للحظة، لكنها سرعان ما قالت بحزم دون تردد:"لا أريد أن أسمع شيئًا."نظرت إليها الأم بالتبني بعينين مترددتين وقالت:"أمينة، هل أنتِ متأكدة؟"في الحقيقة، عندما علمت الأم بالتبني أن هاشم يريد أن يبعث برسالة إلى أمينة، كانت هي الأخرى تنوي رفضها فورًا.لكن عندما سمعت محتوى الرسالة، أصيبت بالذهول.لم تتوقع أن هاشم قد أصيب بمرض خطير لا شفاء منه، والأدهى من ذلك أنه أعلن أنه لن يقبل العلاج بالخلايا الجذعية إلا إذا عادت أمينة إلى جانبه.كان هذا بمثابة ابتزاز عاطفي، يضع أمينة على قمة جبل من الأخلاق لتُجبر على العودة إليه.في البداية لم تكن الأم بالتبني تنوي إخبارها بذلك، لكنها فكرت أن الأمر يتعلق بحياة إنسان، وخافت أن تندم أمينة لاحقًا إن علمت بالأمر، فقررت أن تخبرها.قالت لها:"الأمر يتعلق بحياة هاشم، هل أ

  • بعد مغادرتك، أدركت أنني أحبك   الفصل 23‬‬‬‬‬‬‬

    نُقِل هاشم إلى المستشفى لإجراء الفحوصات، وكانت النتائج صادمة للجميع.فقد تبيّن أنّ هاشم مصاب بالسرطان.وكان هذا النوع من السرطان خفيًّا للغاية، لذلك اكتُشف في مرحلة متأخرة.بدت ملامح الطبيب ثقيلة وهو يتحدث قائلًا:"سيد هاشم، أفضل علاج متاح حاليًا لهذا النوع من السرطان هو العلاج بالخلايا الجذعية. من الأفضل أن يكون لديك طفل، حتى نتمكن من الحصول على بعض الخلايا الجذعية أثناء فترة الحمل لعلاجك.""لا تقلق، فلن يتأثر الطفل بأي ضرر."تجمّد هاشم في مكانه، بينما كان والداه البيولوجيان وندى قد وصلوا مسرعين إلى المستشفى.وبمجرد أن علمت ندى بإصابة هاشم بمرضٍ قاتل، فقدت السيطرة على نفسها تمامًا، ولم تعد تفكر في الخلافات السابقة بينهما، فسارعت تقول بانفعال:"سأنجب لك طفلًا!" أمسكت بيده بقوة وهي تتابع:"هاشم، لستَ مضطرًا للزواج بي، ولا لقطع أي وعد، فقط دعني أنجب لك طفلًا، أريد أن أنقذ حياتك!"كانت كلماتها صادقة تمامًا في تلك اللحظة. فهما كانا رفيقي طفولة، ورغم كل حساباتها السابقة، إلا أن مشاعرها تجاهه كانت حقيقية.كانت مستعدة لفعل أي شيء من أجل إنقاذه.لكنها لم تتوقع أن يمد يده ببرود ويقول:"لا أريد

  • بعد مغادرتك، أدركت أنني أحبك   ‫الفصل 22‬‬‬‬‬‬‬

    فيما يخصّ حادثة الاختطاف التي وقعت في تلك السنة، لم يكن هناك سوى قلّة قليلة تعرف الحقيقة الكاملة.حتى إخوة هاشم كانوا يظنّون أن تلك العملية كانت من تخطيطه هو.لكنّ الأمور لم تكن بتلك البساطة.في البداية، كان هاشم قد خطّط فعلاً لعملية اختطاف مزيّفة، غير أنّ الخطة انقلبت رأساً على عقب في منتصف الطريق.فقد علمت مجموعة من الخاطفين الحقيقيين بما خطّط له، فهاجموا الخاطفين المزيّفين وطرحوهم أرضاً، ثم اختطفوا ندى وأمينة فعلاً.لذلك حين اختار أبوا ندى أن تغادر ندى، كانت أمينة في خطر حقيقي، إذ كان أولئك الخاطفون الأشرار ينوون قتلها بوحشية.وعندما علم هاشم بالأمر، اندفع إلى وكر الخاطفين غير آبه بحياته، تلقّى ثلاث طعنات وكاد يفقد حياته، لكنه أنقذ أمينة في النهاية.تذكّر تلك الأحداث القديمة جعله يغرق في لحظة من الشرود.على مدى هذه السنوات، كثيراً ما سأل نفسه: لماذا خاطر بحياته من أجل إنقاذ أمينة؟كان يجيب نفسه دائماً بأن السبب هو أنّ الخطة كانت فكرته منذ البداية، ولو ماتت أمينة بسببها، فسيعيش مذنباً إلى الأبد، ولن يستطيع مواجهة عائلة فاروق ولا عائلة الشماري.لكن في أعماقه كان يعلم أنّ هذا ليس السبب

  • بعد مغادرتك، أدركت أنني أحبك   ‫الفصل 21‬‬‬‬‬‬‬

    تغيّر وجه هاشم في تلك اللحظة."انتظري، أمينة، هل تعلمين..."قاطعته ببرود: "نعم، أعلم كل شيء."تابعت أمينة بصوتٍ بارد:"أعلم أنك تزوجتني فقط من أجل العائلة، وأعلم أيضًا أنك كنت تنوي منذ البداية أن تطلقني، لتجعلني امرأةً مهجورة، عقابًا لي لأنني أخذت مكان ابنة عائلة الشماري، لكن يا هاشم..."ارتسمت على وجهها ابتسامة مريرة وقالت:"أريد أن أسألك سؤالًا واحدًا فقط: عندما ضعت وأنا صغيرة، هل كان ذلك خطئي؟ وعندما أعادتني عائلة الشماري قبل أربع سنوات، هل كان ذلك برغبتي؟ حتى زواجنا، كان قرارًا بين عائلة الشماري وعائلة فاروق، فما علاقتي أنا بكل هذا؟""من البداية إلى النهاية، كل شيء كان بإجبار منكم، فلماذا في النهاية تلقون اللوم عليّ؟"نظرت أمينة إلى هاشم وسألته أخيرًا السؤال الذي ظلّ يؤلم قلبها:"هاشم، ما هو الخطأ الذي ارتكبته بحقك؟"نظر إليها، إلى وجهها الشاحب، وشعر وكأن قلبه يُمزّق من الداخل."ليس كذلك، أمينة، اسمعيني أنا..."فتح فمه ليشرح، لكنه لم يستطع أن ينطق بكلمة واحدة.أما أمينة فلم تعد ترغب حتى في النظر إليه.قالت بهدوء خالٍ من الحقد واللوم:"أعلم أنه قبل مجيئي، أنت وندى ووالديّ الحقيقيين،

  • بعد مغادرتك، أدركت أنني أحبك   ‫الفصل 20‬‬‬‬‬‬‬

    "ماذا قلت؟!"تغيّر وجه هاشم في تلك اللحظة.بدأ الطبيب يتلعثم وهو يروي ما حدث في ذلك اليوم.وحين أنهى كلامه، سارع لتبرير نفسه قائلًا:"سيد هاشم، لم أُخفِ الأمر عنك بإرادتي، لكن اشترت السيدة المستشفى بالكامل، ولم يكن أمامي إلا أن أطيع أوامرها، فلم أجرؤ على إخبارك بشيء."حاول الطبيب بكل قوته الدفاع عن نفسه، لكن هاشم لم يعد يسمع شيئًا.تراجع خطوة إلى الوراء مترنحًا، وأخيرًا أدرك الحقيقة—أمينة، هل كانت تنوي الطلاق منذ ذلك الحين؟ولكن لماذا؟ما الذي جعلها تصر فجأة على الرحيل؟لم يعد الرجل قادرًا على الاحتمال، فتوجّه إلى الفندق الذي تقيم فيه أمينة.انتظر هناك ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ، حتى جاء اليوم الذي كانت فيه أمينة ومن معها يستعدون لمغادرة جمهورية الزهر.وعندما رآه الزوجان لينك، حاولا استدعاء الحراس فورًا.لكن أمينة أوقفتهم قائلة:"دعاني أتحدث معه وحدي."تقدّمت نحوه، فرأت وجهه مغطى بلحية غير مرتبة، وعينيه حمراوين من السهر."أمينة..."قال هاشم بصوت مبحوح حين رآها."دعينا نبدأ من جديد، أرجوكِ." أعدك أن أكون زوجًا أفضل، وسأعبّر لك عن حبي كل يوم... فقط لا تتركيني."خلال الأيام الماضية فكّر هاش

Más capítulos
Explora y lee buenas novelas gratis
Acceso gratuito a una gran cantidad de buenas novelas en la app GoodNovel. Descarga los libros que te gusten y léelos donde y cuando quieras.
Lee libros gratis en la app
ESCANEA EL CÓDIGO PARA LEER EN LA APP
DMCA.com Protection Status