أبحرت بدون حبك

تزوجت سرًا من المدير التنفيذي لمدة ست سنوات، لكنّه لم يوافق أبدًا أن يناديه ابننا بـ"يا أبي".

وبعد أن فوّت عيد ميلاد ابنه مرة أخرى بسبب سكرتيرته.

أعددت أخيرًا عقد الطلاق، وأخذت ابني وغادرت إلى الأبد.

الرجل الذي لطالما تحلى بالهدوء فقد هذه المرّة السيطرة على نفسه، واقتحم المكتب كالمجنون يسأل عن وجهتي.

لكنّ هذه المرّة، لن نعود أنا وابني أبدًا.

"يا سيد شاكر الحسيني، سأذهب إلى الخارج للدراسة الشهر القادم، وهذه استقالتي."

نظر المدير إليّ بدهشة: "لماذا هكذا فجأة؟"

أخبرته بما جهزته سلفًا من حجج، وقلت له: "والد الطفل في أستراليا، وأخطط للذهاب مع الطفل للمّ شمل الأسرة."

أومأ المدير برأسه: "حسنًا! أنتِ تعتنين بالطفل بمفردك هنا، كان هذا صعبًا عليكِ، كنا نظنّ أنّكِ أم عزباء."

ابتسمتُ، لم أكن كذلك سابقًا، لكنني سأصبح هكذا قريبًا.

بمجرد خروجي، صادفت جمال السعدني وشيماء بليغ يسيران تجاهي. جمال السعدني هو رئيسي، وهو أيضًا والد ابني، قبل سبع سنوات، كنت سكرتيرته الشخصيّة، وفي ليلة سُكْر حدث ما لم نتوقعه، وأنجبنا طفلاً، وهذا العام هو العام السادس لزواجنا السريّ، وهو العام نفسه الذي يمنع فيه ابنه من مناداته بـ"يا أبي".

كانت خطوات جمال بطيئة، كأنّه يتعمد الاهتمام بالمرأة التي بجانبه، وكانت شيماء تمسك التقرير بيد، وتمسك باليد الأخرى طرف بدلة جمال، كان مشهدهما يؤلم العينين من حلاوته.

عند مرورنا بجانب بعضنا، خفق قلبي لحظة، ولم أستطع منع نفسي من النداء: "جمال..."

توقف الرجل عن المشي، وقال ببرود: "مساعدة لين."

يحمل هذا النداء المهذب البارد تحذيرًا، كأنّه يقول لي: "إنّنا هنا في شركة، ونحن مجرد مدير ومرؤس".

فهمت ما يعنيه، وأخفيت كل مشاعري: "السيد جمال!."

أومأ جمال برأسه دون أن يتوقف عن المشي، كأنّه يمر بجانب شخص غريب. ابتسمت بسخرية، وابتلعت خبر استقالتي الذي كنت أنوي أخباره به، فعلى أي حال، جمال لن يهتم بالأمر.

أضاءت شاشة الهاتف، وإذ بها رسالة من ابني عبر ساعته الذكية: [أمي، هل سيأتي أبي ليحتفل بعيد ميلادي؟]

توقفت قليلاً، ونظرت خلفي، رأيت جمال ينحني برقة ليتحدث مع شيماء، وعندما مرّ أحد بجانبهما، احتضن شيماء لحمايتها، ولا يُخفى الدفء في عينيه.

كتمت شعوري بالحزن، وأرسلت له رسالة: [اليوم عيد ميلاد ابننا، هل لديك وقت الليلة؟]

عبر الممر، رأيته يلتقط هاتفه، ثمّ وضعه بعد أقل من ثلاث ثوانٍ، دون أي تغيير في تعبير وجهه، ابتسمت بسخرية وأنا أنظر للشاشة التي لم تأتِ فيها أيّ رد.

لين، ألا تزالين مغفلة؟ تعلمين من البداية أنّ قلبه لن يملأه أحد، فما الذي كنتِ تترقبين حدوثه؟

أعدت الهاتف إلى جيبي، وأخذت نفسًا عميقًا، ومشيت بعيدًا، "جمال، ستصبح حرًا قريبًا".

بعد مغادرة الشركة، ذهبت مباشرة لأخذ ابني من روضة الأطفال.

عندما رآني، أول شيء قاله: "أمي، اليوم عيد ميلادي"، واستطرد وقال: "ماما، هل سيحتفل أبي معي؟"

في الشارع وسط الزحام، امتلأت عيناي بالدموع: "أبوك هو..." قبل أن أنهي كلامي، رنّ الهاتف.

أخيرًا، وجد جمال وقتًا للرد: [لدي وقت، سأعود للمنزل].

غمرتني السعادة، وأومأت برأسي على الفور: "لا تقلق يا زين، سيأتي والدك إلى المنزل."

صفق ابني بيديه، ورمى نفسه بلهفة بين ذراعي، فبعد ست سنوات من الزواج، هذه هي المرّة الأولى التي سيحضر فيها جمال عيد ميلاد ابنه.

أعددت مائدة طعام شهية في المساء، وأنهى طفلي واجباته بسرعة.

مضت ساعة، ساعتان، ثلاث ساعات......، أرسلت رسائل استفسار واحدة تلو الآخرى على الهاتف، ولكن كالعادة، لم يصل أي رد، فهم ابني ما يحدث، ونظر إليّ بحذر قائلًا: "أمي، هل أبي مشغول جدًا؟"

أوجع قلبي، أردت التفسير، ولكن لم أجد أي كلمات لتبرير الموقف، في النهاية؛ كلّ ما استطعتُ قوله: "لا بأس، والدتك ستكون دائمًا معك."

لم يسأل ابني مرّة أخرى، وأمسك قبعة عيد ميلاده بأدب: "ماما، ساعديني في ارتدائها."

أومأت برأسي، وعندما كنت على وشك مساعدته، لمحت عن غير قصد تحديث لمنشور شيماء الذي نشرته على إنستغرام:

[اليوم كان رائعًا، أنا سعيدة جدًا اليوم].