Share

الفصل 7

Penulis: كل شيء سراب
أصيبت ريما بحمى شديدة في تلك الليلة، وظلت طريحة الفراش يومين حتى بدأت تستعيد وعيها تدريجيا.

جلس يوسف بجانب سريرها، ولما استيقظت، لمس جبينها وقال: "الحرارة انخفضت قليلا أخيرا."

ظلت ريما تحدق بسقف الغرفة بعيون فارغة، لا ترد على أي كلمة قالها، حتى قال: "ريما، لا تقلقي كثيرا، سأعالج صوتك بالتأكيد."

تحركت عينا ريما نحوه، فتحت فمها لتتكلم لكنها لم تستطع إصدار أي صوت، وشعرت بحرقة شديدة في حلقها.

ولما رأى القلق على وجهها، ربت على كتفها مفسرا: "الحمى كانت شديدة، والتهاب الحلق أضر بالأوتار الصوتية، سنقوم بعملية بسيطة لك وسيتحسن كل شيء."

بدا واثقا للغاية، فاطمأنت ريما قليلا.

بعد ثلاثة أيام، كان لدى ريما عرض غنائي، فأخذت حقنة مخدرة لتتمكن من الغناء بصعوبة حتى النهاية.

أعضاء الفرقة لم يروها منذ أيام، فأصروا على عشاء جماعي، لكنها رفضت لأنها ستخضع للعملية غدا.

ورغم الأسف، لم يلحوا عليها: "سنجتمع فيما بعد، الفرص كثيرة…"

قالت ريما وهي تنظر إليهم بهدوء: "سأسافر، تذكرتي بعد خمسة أيام."

صُدمت الفرقة بكلماتها، وقال أحدهم بعد صمت طويل: "لكن زفافك بعد ستة أيام، لقد استلمنا الدعوات."

أخفضت ريما رأسها وقالت: "ألغينا الزفاف، اعتبروا أن الدعوات لم تصل إليكم."

ساد الصمت بين الجميع، فهم يعرفون كم تحب ريما يوسف.

حكت ريما وضربت أقرب شخص منها بخفة: "ما بكم؟ يقولون الزواج قبر، ولن أدخل القبر الآن، فافرحوا لي! ولا تقلقوا، لن أتخلى عن الغناء، فهو كل ما أملك الآن…" كانت آخر جملتها بصوت يكاد يُسمع.

وعندما رأوا صدق تعابيرها، اطمأنوا قليلا.

"إذن عودي لزيارتنا دائما يا أختي ريما، لا تختفي بعد السفر…"

شعرت ريما بيد تمسكها، وسمعت صوت يوسف المنخفض: "إلى أين ستذهبين؟"

لقد جاء يوسف لاصطحابها.

لم تجبه، وودعت أعضاء الفرقة، وبعد أن ركبت السيارة، سألها مجددا فقالت: "أنوي ترك الفرقة."

تفاجأ يوسف قليلا وهو يقود السيارة بيد واحدة: "لماذا ستتركينها؟ ألم تكوني تحبين الغناء أكثر؟"

"الآن لم أعد أحبه." أجابت ببرود.

ولم يعلق كثيرا: "العملية في صباح الغد، لقد رتبت كل شيء."

افترضت ريما أن يوسف سيجري العملية لها، أو على الأقل سيكون الجراح المسؤول، فلم تسأل شيئا.

لكنها عندما استلقت على طاولة العمليات وتلقت المخدر، اكتشفت أن الجراحة هي رنا، ويوسف يقف بجانبها كمساعد.

كانت تقدر صوتها كثيرا، ولم يكن ممكنا أن تتركه بيد متدربة.

حاولت ريما النهوض بفزع لكن المخدر شل جسدها، فتقطعت كلماتها: "بدلوا الطبيب،… لا… ليست هي… يوسف… أنت…"

مسح يوسف على وجهها بلطف: "اهدئي، رنا تحتاج إلى هذه العملية لأجل بحثها، ودرجاتها أفضل، لا تقلقي، عندما تستيقظين، سينتهي كل شيء."

ومع نهاية كلماته، غرقت ريما في اللاوعي.

عندما استيقظت ريما، لقد أصبحت في غرفة المرضى، وبعد لحظات من الذهول، تذكرت كل شيء قبل وقوعها في النوم، فتحت فمها لتتكلم، لكن لم يخرج منها سوى حروف متكسرة كأنها صوت منفاخ هواء.

وضعت يدها على حلقها وتحاول مرات عدة، لكن لم يتحسن شيء، احمرت عيناها من القلق.

فُتح باب الغرفة ودخل يوسف وخلفه رنا.

نظرت ريما إليه بإلحاح مشيرة إلى حلقتها، فتهربت عينا يوسف لحظة قبل أن يقول: "حدثت مشكلة بسيطة في العملية، لكن اطمئني، سأعالج صوتك."

اتسعت عينا ريما وتجمدت تماما كأن صاعقة ضربتها.

مشكلة بسيطة؟ لو كانت بسيطة، لماذا كان بهذا الموقف؟

وبالصدفة التقت عيناها بعيني رنا خلف يوسف ممتلئتين بالتحدي والغرور.

لمعت الصدمة في عينيها، كانت تشك برنا سابقا بعد حدوث مسألة التهديد بالصور، لكنها كانت تعتقد أنها فتاة ولن تدفع نفسها الى ذلك الموقف بنفسها.

لكن الآن تبين أنها من دبرت ذلك، فقدت أمها بسببها، وفسد صوتها بسببها أيضا، فاندفع الغضب في قلب ريما، وأمسكت شيئا بجانبها ورمته نحوها بقوة.

عقد يوسف حاجبيه وقفز خطوة ليحمي رنا بين ذراعيه: "ريما! هل أنت مجنونة!"

قبضت ريما يدها بقوة ونظرت لرنا بنظرة مليئة بالحقد: "هي… فعلت… ذلك… عمدا."

تعمقت تجاعيد يوسف وزاد برود نبرته: "العملية بها مخاطر دائما، ما علاقتها هي؟ لا تضربي الناس كما تشائين لأن الأمور لا تعجبك."

تجمدت نظرة ريما ثم نظرت إليه ببطء.

رأت على وجهه ضيقا من جنونها فقط، فابتسمت بسخرية مريرة، كيف نسيت؟ لولا ثقة يوسف العمياء في رنا، لما استطاعت رنا فعل شيء.

لم تنطق ريما بأي كلمة في الأيام التالية، وكان يوسف يزورها يوميا ويكرر وعوده بمعالجة صوتها، لكنها لم تنظر إليه ولو مرة.

وفي الليلة الرابعة، وصلتها رسالة من والد يوسف تحتوي على معلومات رحلة ومبلغ من المال.

【ريما، خذي هذا المبلغ، وعيشي حياة جيدة مع والدتك.】

لم تخبر ريما والد يوسف بوفاة أمها حتى لا تقلقه، وردت عليه: "حسنا."

وما إن حفظت الرسالة، حتى قال يوسف الجالس في الأريكة: "ريما، لدي أمر ما، لن أبقى هنا ليلة اليوم. لقد رتبت موعد العملية، سنجريها بعد الزفاف بعد غد."

لم ترفع ريما رأسها، ونشرت رنا صورة مع يوسف في عرض للألعاب النارية بعد عشر دقائق في صفحتها.

ارتعشت يد ريما قليلا، ثم فتحت حساب رنا وضغطت على الحذف.

عندما غادرت ريما المستشفى في اليوم التالي، توقف المطر المستمر لأيام أخيرا، وأشرقت الشمس، كسرت ريما شريحة هاتفها ورمتها في القمامة عند أسفل المبنى.

خطت ريما وحدها نحو حياة جديدة بلا يوسف مع أشعة الشمس.
Lanjutkan membaca buku ini secara gratis
Pindai kode untuk mengunduh Aplikasi

Bab terbaru

  • ذاكرة لا تجف مثل البحر   الفصل 20

    وأثناء مساعدتها لوالد يوسف في النزول، دخل يوسف بخطوات مترنحة ووقف في الأسفل يحدق بها مذهولا.كان المشهد مألوفا، كم مرة كانت ريما تساند والده في النزول هكذا؟ لوهلة، خُيل له أنها عادت وأن ما حدث لم يكن إلا كابوسا، وما زال لهما مستقبلا بعد.لو كان ذلك في الماضي، لألقت نظرتها فيه فورا وابتسمت له، أما الآن، فقد أصبحت نظراته الحارقة بلا معنى، كأنه هواء بالنسبة لها.كل ما حدث كان حقيقة، لن تعود، ولن يكون هناك مستقبل يجمعهما بعد الآن.أدرك يسوف ذلك، فشعر وكأن خنجرا يغوص في صدره، كل نفس يأخذه ممزوج بالعذاب.على العشاء، جلس يوسف مقابلها، يحدق بها بحرارة، ويمد بيده نحو الأطباق ليقدم لها الطعام الذي تحبه.لكنها لم ترفع رأسها ولا مرة، ظلت تتحدث مع والد يوسف، ونقلت وكل ما وُضع في صحنها إلى طبق القمامة مباشرة.بعد الطعام، جلست ريما مع والد يوسف قليلا ثم استأذنت، بينما بقي يوسف واقفا جانبا بصمت.وما إن نهضت وغادرت، حتى لحق بها فورا.كانت ريما تعلم أنه يتبعها، فواصلت السير حتى وصلت لحديقة الفيلا ثم توقفت.التفتت تعانق كتفيها ونظرت إلى يوسف الذي لحق بها بارتكاب: "إن كان لديك ما تقوله، فقله هنا، ولا تزعج

  • ذاكرة لا تجف مثل البحر   الفصل 19

    أوصلها سامي إلى المنزل كالعادة، لكنها شعرت بأن هناك ما تغير.عند نزولها، قدم سامي لها علبة هدية: "هدية عيد ميلادك."وفي الطريق من باب المجمع حتى بيتها، أسرعت أكثر من المعتاد شوقا لفتح الهدية.وعندما وصلت لأسفل المبنى ورأت يوسف، توقفت فجأة.وقفت تحدق به من بعيد، كان يحمل كعكة وهدية ويتقدم نحوها.قدم الهدية لها بتوتر وقال بصوت مبحوح: "عيد ميلاد سعيد يا ريما، قلت إنني سأرافقك في كل عيد ميلادك، لحسن الحظ أنني لم أفوت هذه المرة."حقا، لم يغب يوسف يوما عن عيد ميلادها، حتى في أصعب أيام العمليات، كان يجد وقتا للاحتفال بعيد ميلادها، ولو كان الثمن هو سهر ليلة كاملة لإجراء العمليات.لكن ذلك كان في الماضي، أخذت ريما الهدية ورمتها فورا في سلة المهملات قبل أن يظهر يوسف أي فرح في عينيه.شحب وجهه في لحظة، وشعر وكأن يدا خفية تعتصر قلبه وتمنعه من التنفس.قالت ببرود: "لم تعد مضطرا لتحمل هذه المسؤولية عديمة القيمة، ابتعد عني."قال يوسف بمرارة: "لم أفعل هذا بدافع المسؤولية، أنا آسف يا ريم، أدركت خطئي حقا وندمت حقا، أرجوك، أعطني فرصة واحدة فقط، سأكون أفضل…""لماذا؟" قاطعته ببرود.ساد الصمت ثوان، ثم ابتسمت ر

  • ذاكرة لا تجف مثل البحر   الفصل 18

    بعد أن أوصلت جميلة إلى منزلها، عادت ريما إلى بيتها.وبعد أن انتهت من الاستحمام واستلقت على السرير، تذكرت كلمة "الحب" التي قالها يوسف، فلم تستطع منع نفسها من الضحك.أن يقول يوسف إنه يحبها، كان إهانة لهذه الكلمة.في اليوم التالي، لم يكن هناك عرض، وتم إلغاء التدريب، قرأت ريما إشعار الفرقة، ثم رمت هاتفها ونظرت للسقف، فاكتشفت أنها لا تفعل شيئا سوى التدريب والعروض.وما إن تسلل الفراغ إلى قلبها قليلا، حتى اتصل سامي بها: "لا تدريب لكنم اليوم، صحيح؟ سأمر لآخذك بجولة."وافقت ريما بما أنها لا جد شيئا لفعله، ونهضت ثم رتبت نفسها بتكاسل، وعندما نزلت، كان سامي ينتظر تحت.تفاجأت قليلا ثم أسرعت إليه وجلست بالمقعد الأمامي: "هل انتظرت طويلا؟ كان يجب أن أسرع."شغل سامي السيارة بلا مبالاة: "لدي الكثير من الصبر معك، انزلي متى شئت."اعتادت ريما على حديثه المليء بالتلميحات مؤخرا، فابتسمت: "حسنا، أنزل بعد نوم طويل المرة القادمة."قال سامي دون أن يغضب: "لا مشكلة."قضى سامي اليوم كدليل سياحي، يتجول بها في الأماكن القريبة، رغم أنها عاشت هنا لعام كامل، فلم تتجول فيها بعد.وأخذها إلى مطعم قرب البحر في المساء.وعندم

  • ذاكرة لا تجف مثل البحر   الفصل 17

    توقفت ريما واستدارت ببرود: "هل أرسلك والدك للبحث عني؟"فلم تستطع تخيل سبب آخر غير ذلك.تجمد يوسف بعد سماع هذا ثم أسرع في الشرح: "لا، أنا جئت إليك بنفسي.""ماذا تريد؟" قالت ريما وتراجعت بخطوة بصوت بارد.عندما رأى موقفها المتحفظ والحذر، فشعر يوسف بالألم الذي يمزق قلبه وازداد مرارة فيه.امتلأت عيناه بالحزن والرجاء: "ريما، عودي معي، أنا…""ما زلت تريد سداد المعروف؟ لا داعي، لقد انتهى كل شيء، ارحل، لم يعد بيننا أي دين." قالتها ريما بنظرة باردة إليه.قالت ذلك وتجاوزته للمغادرة، لكن يده أمسكت بها."ليس لرد المعروف، أريد أن تعودي فقط، كنت غبيا، ولم أفهم مشاعري إلا بعد أن فقدتك!" أمسك بها بارتكاب ويريد إبقاءها بشدة.عقدت ريما حاجبيها بسبب كلامه، وضايقها لمسه، فانتزعت يدها بقوة.شعر يوسف بفراغ في كفه وقلبه، كأن آلاف الإبر تخترقه.خفض يوسف رأسه ليحدق في يده الخالية من شيء وقال بمرارة: "ريما، أحبك، ليس بسبب المعروف، كل ما فعلته لك منذ الطفولة كان بدافع الحب.""لم أفهم هذا من قبل، كنت أهرب من حقيقة مشاعري حتى لا أُقيد، فأسأت إليك كثيرا… آسف، عشت كل يوم بعد رحيلك في ندم، أرجوك، أعطيني فرصة لأعوضك."

  • ذاكرة لا تجف مثل البحر   الفصل 16

    بسبب كثرة الأشخاص، انقسموا إلى سيارتين.ركبت ريما مع جميلة في سيارة سامي، بينما ركب الآخرون سيارات أجرة.جلست ريما في المقعد الأمامي لأنها تصاب بالدوار في السيارة، بينما جميلة في الخلف وما زالت تنظر للخارج قائلة: "ذلك الشخص كان وسيما جدا! رغم الإرهاق الظاهر عليه، ما زالت وسامته بارزة! أتمنى لو حصلت على رقمه!"لم تقل ريما كلمة، فانتبه سامي لصمتها وقال لأخته في الخلف: "اصمتي أنت! تعتقدين كل من ترينه وسيما! لا أدري كيف تعمل عيناك!"فانشغلت جميلة فورا بالمشاجرة اللفظية مع سامي، ونسيت يوسف تماما.راقبت ريما ظلال الأشجار تتراجع خارج النافذة، وعقلها كله مع تلك الكلمة التي قالها يوسف، صوته لم يحمل ذرة دهشة، وهذا يعني أن لقاءهما ليس صدفة، إذا لماذا جاء إليها؟لقد مر وقت طويل، ومن المفترض أنه لقد تزوج من رنا الآن، فلماذا أتى إليها إذا؟فكرت طوال الطريق دون جدوى، فقررت طرد الأمر من رأسها، فلم يعد يخصها على أي حال.أكلت ريما العشاء شاردة الذهن، وركب السيارة بعده، أوصل سامي جميلة أولا، ثم انطلق باتجاه آخر.حينها لاحظت أنها ليست طريق المنزل، فقالت باستغراب: "إلى أين نحن الآن؟"وضع سامي يدا على المق

  • ذاكرة لا تجف مثل البحر   الفصل 15

    بعد انتهاء العملية، أقامت ريما عدة أيام في المستشفى ثم خرجت، وقد عاد صوتها كما كان.انضمت ريما إلى فرقة موسيقية بصدفة، وفيها فتاة تُدعى بجميلة، تحب التعلق بها وهي من أقنعتها بالانضمام.ولأن لديها خبرة، نظموا عرضا صغيرا في حانة بسرعة.وبعد عام كامل، عندما وقفت ريما على المسرح مجددا، شعرت أنها استعادت نفسها، وابتسامتها كثرت.وبعد العرض، بقيت ريما كأنها ما زالت في تلك اللحظات خلال العرض، لكن أصوات جميلة ارتفعت فجأة عندما وصلت إلى الكواليس: "أخي؟! لماذا أتيت؟ لم تحضر عروضي أبدا!"كانت ريما تركز على خطواتها دون أن ترفع رأسها، حتى سمعت صوتا مألوفا: "لا تقلقي، لم آت من أجلك."تجمدت لحظة، ثم رفعت رأسها ورأت سامي واقفا في الممر، وبعد كلمته تلك، حول نظراته نحو ريما."أتيت لأرى كيف تعافت مريضتي." قالها وهو يبتسم بخفة.تابعت جميلة نظراته إلى رينا بجانبها: "هل تعرفان بعضكما؟!"لم تتوقع ريما أن جميلة هي شقيقة سامي، وبسبب هذه الصلة، صارت جميلة تدعوها كثيرا للطعام، وتحضر سامي معها أحيانا، وهكذا ازدادوا قربا.وبعد نصف عام، شاركت ريما مع الفرقة بمسابقة وفازوا بالمركز الأول في النهاية، وكان الجائزة سلسلة

Bab Lainnya
Jelajahi dan baca novel bagus secara gratis
Akses gratis ke berbagai novel bagus di aplikasi GoodNovel. Unduh buku yang kamu suka dan baca di mana saja & kapan saja.
Baca buku gratis di Aplikasi
Pindai kode untuk membaca di Aplikasi
DMCA.com Protection Status