Short
تسعة وتسعون جرحًا قبل الرحيل

تسعة وتسعون جرحًا قبل الرحيل

By:  مورCompleted
Language: Arab
goodnovel4goodnovel
10Chapters
7views
Read
Add to library

Share:  

Report
Overview
Catalog
SCAN CODE TO READ ON APP

عندما اشتدّت عليّ نوبة التهاب الزائدة الدودية الحاد، كان والداي وأخي وحتى خطيبي منشغلين بالاحتفال بعيد ميلاد أختي الصغرى. اتصلت مراتٍ لا تُحصى أمام غرفة العمليات، أبحث عمّن يوقّع لي على ورقة العملية الجراحية، لكن جميع الاتصالات قوبلت بالرفض وأُغلقت ببرود. وبعد أن أنهى خطيبي أيمن المكالمة معي، أرسل رسالة نصية يقول فيها: "غزل، لا تثيري المتاعب الآن. اليوم حفلُ بلوغ شهد، وكل الأمور يمكن تأجيلها إلى ما بعد انتهاء الحفل." وضعتُ هاتفي ووقّعتُ بهدوء على استمارة الموافقة على العملية. كانت هذه المرة التاسعة والتسعون التي يتخلون فيها عني من أجل شهد، لذا لم أعد أريدهم. لم أعد أشعر بالحزن بسبب تفضيلهم لها عليّ، بل بدأت أستجيب لكل ما يطلبونه بلا اعتراض. كانوا يظنون أنني أصبحت أكثر طاعة ونضجًا، غير مدركين أنني كنت أستعدّ لرحيلٍ أبدي عنهم.

View More

Chapter 1

الفصل 1

مكثتُ في المستشفى ثلاثة أيام، وكان هاتفي صامتًا تمامًا؛ لم أتلقَّ أي مكالمة.

لكنني لم أتصل بأحد، ولم أتفقد صفحاتهم على إنستغرام عمدًا كما كنت أفعل سابقًا لأتابع أخبارهم.

كنت فقط أستعيد عافيتي بهدوء على السرير، أجرّ جسدي الضعيف وحدي لإجراء الفحوصات أو دفع الرسوم.

حتى يوم خروجي من المستشفى لم أُخبر أحدًا، بل حزمت حقائبي شيئًا فشيئًا بمفردي، وأنا أتحمل ألم بطني وأشق طريقي ببطء إلى المنزل.

ما إن دفعت باب الفيلا حتى توقفت الضحكات والهمهمات فجأة.

أدركتُ أن جميع أفراد العائلة كانوا مجتمعين على الأريكة في غرفة المعيشة، حتى خطيبي أيمن كامل كان يجلس بجانب شهد جبران واضعًا يده بحنان على كتفها.

عندما رآني أدخل، سحب يده بسرعة، وظهرت على وجهه لمحة من الحرج.

"غزل، لقد عدتِ! أين كنتِ طوال الأيام الماضية؟"

سخر أخي شادي جبران بنبرة باردة وبغيضة:

"أين يمكن أن تكون؟ هي فقط لم ترغب في حضور حفل بلوغ شهد سن الرشد، لذا تعمّدت إثارة المشاكل لنا. إنها ببساطة لا تطيق رؤية شهد سعيدة!"

مشيتُ بصمت إلى غرفتي، دون أن أنطق بكلمة واحدة.

تفاجأ أخي لأنني لم أثُر ضجة كالعادة.

في السابق، كلما وبّخني على تصرفي الطفولي، كنتُ أبكي وأتذمّر، وكأنني ظُلمت ظلمًا عظيمًا.

أما الآن، فلماذا أصبحتُ صامتة فجأة؟

أخذت أمي مشروبًا من على الطاولة وأسرعت نحوي.

"غزل، كنتُ مشغولة بتحضر حفلة شهد خلال الأيام الماضية ولم أُجب على مكالماتكِ. لا تغضبي مني."

نظرتُ إلى عصير المانجو الذي وضعته أمي في يدي، وقلبي الذي فقد الأمل منذ زمن، ما زال يشعر بألم خفيف.

أنا أعاني من حساسية تجاه المانجو، لكن شهد تعشقها أكثر من أي شيء آخر، ولهذا تمتلئ به ثلاجة المنزل دائمًا. مهما أكّدت لهم مرات عديدة أنني لا أستطيع شربه، لم يتذكّر أحد يومًا.

أعدتُ العصير إلى يد أمي وتراجعتُ خطوةً إلى الوراء في صمت.

"لستُ غاضبة، سأعود إلى غرفتي."

وما إن استدرتُ حتى سمعتُ دويًا هائلًا قادمًا من غرفة المعيشة.

قفز أبي فجأةً، وضرب الطاولة بقبضته وهو يصرخ في وجهي:

"وجهكِ جامدٌ منذ دخولكِ! لمن تفعلين هذا؟ لقد اعتذرت لكِ والدتكِ بالفعل، بل وقدمت لكِ مشروبكِ المفضل بنفسها، وهذا هو ردّكِ؟ يبدو أننا دلّلناكِ أكثر مما ينبغي!"

انقبض قلبي بشدة، كنتُ منزعجة للغاية لدرجة أنني كدتُ أختنق.

غشّت الدموع عيني، لكنني مع ذلك تمكنتُ من انتزاع عصير المانجو من يد أمي وشربته دفعة واحدة.

وضعتُ الكوب الفارغ برفق، ومسحت دموعي، ونظرت إلى أبي بهدوء.

"أختي تحب المانجو، لكنني أعاني من حساسية تجاهه، لكن لا بأس، لقد شربت العصير. هل يمكنني العودة إلى غرفتي الآن؟"

ربّتت أمي على ظهري بانزعاج.

"يا لكِ من ابنة مزعجة، لماذا لم تخبريني بحساسيتكِ مُسبقًا؟ من أجبركِ على شربه؟ أنتِ حقًا عنيدة كعادتكِ!"

بدا أبي مُحرجًا، لكنه أصرّ على كلامه بعناد:

"ألا تملكين فمًا؟ ألا تستطيعين الشرح؟ شخصيتكِ لم تكن محبوبة أبدًا، على عكس شهد التي تُجيد الكلام."

دوى صوت شهد المتملق من غرفة المعيشة.

"يا أبي، لا تقل هذا لأختي، سيحزنها ذلك."

رغم تظاهرها باللطف، إلا إنها لم تستطع إخفاء شماتتها في عينيها.

لطالما أحبّت شهد إبراز تفوقها من خلالي؛ تقارن نفسها بي في كل شيء، ولا ترتاح إلا إذا داست عليّ لتبدو هي أفضل.

كان من المفترض أن أحزن، لكن قلبي الآن مُخدر من كثرة الألم. حتى مع مواجهة هذا الإحراج مرة أخرى، بقى قلبي جامدًا تمامًا.

"أنا آسفة، هذا خطئي، لن أكرر ذلك."

وما إن اعتذرت حتى نظر إليّ جميع الحاضرين بدهشة.
Expand
Next Chapter
Download

Latest chapter

More Chapters
No Comments
10 Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status