Short
ذاكرة لا تجف مثل البحر

ذاكرة لا تجف مثل البحر

By:  كل شيء سرابCompleted
Language: Arab
goodnovel4goodnovel
20Chapters
52views
Read
Add to library

Share:  

Report
Overview
Catalog
SCAN CODE TO READ ON APP

كان هذا التأجيل الثالث والثلاثون لحفل زفاف ريما حسان ويوسف التميمي، لأنها تعرضت لحادث السيارة عشية الزفاف. أصيبت بتسع عشرة كسرا في جسدها، ودخلت العناية المركزة ثلاث مرات حتى استقرت حالتها أخيرا. وحين تحسن جسدها قليلا، استندت إلى الجدار وتريد المشي في الممر، لكن ما إن وصلت عند المنعطف حتى سمعت أن خطيبها يوسف كان يتحدث مع صديقه. "المرة الماضية كانت غرقا، وهذه المرة حادث السيارة، وتأجل الزفاف شهرين آخرين. ما الطريقة التي تنوي استخدامها في المرة القادمة؟" عندما سمعت ريما حديثهما عند المنعطف، شعرت وكأن الدم تجمد في عروقها. كان يوسف يرتدي معطفا أبيض طبيا، يقلب هاتفه بين أصابعه قائلا بنبرة باردة: "لن يتأخر بعد الآن."

View More

Chapter 1

الفصل 1

كان هذا التأجيل الثالث والثلاثون لحفل زفاف ريما حسان ويوسف التميمي، لأنها تعرضت لحادث السيارة عشية الزفاف.

أصيبت بتسع عشرة كسرا في جسدها، ودخلت العناية المركزة ثلاث مرات حتى استقرت حالتها أخيرا.

وحين تحسن جسدها قليلا، استندت إلى الجدار وتريد المشي في الممر، لكن ما إن وصلت عند المنعطف حتى سمعت أن خطيبها يوسف كان يتحدث مع صديقه.

"المرة الماضية كانت غرقا، وهذه المرة حادث السيارة، وتأجل الزفاف شهرين آخرين. ما الطريقة التي تنوي استخدامها في المرة القادمة؟"

عندما سمعت ريما حديثهما عند المنعطف، شعرت وكأن الدم تجمد في عروقها.

كان يوسف يرتدي معطفا أبيض طبيا، يقلب هاتفه بين أصابعه قائلا بنبرة باردة: "لن يتأخر بعد الآن."

تفاجأ صديقه: "إذن ستتقبل الزواج من ريما؟ وماذا عن تلك المتدربة عندك، رنا جمال؟"

"حينما أحضرت ريما إلى بيت عائلتنا في طفولتنا، قال لي أبي إنه علي أن أحسن إليها، لأننا سنتزوج مستقبلا. لذلك اعتنيت بها كزوجتي منذ الصغر، حتى صار الاهتمام بها عادة لي، حتى التقيت برنا." ولما قال ذلك، ارتسمت ابتسامة خفيفة في عينيه: "رغم خلفية أسرتها ليست جيدة، إلا أنها لا تستسلم للقدر أبدا، وظلت قوية. ومن أول لحظة رأيتها فيها، لفتت انتباهي."

"بما أنك معجب بها لهذا الحد، فحاول كسب قلبها إذا!" قال صديقه حائرا.

ساد الصمت لثوان، ثم خفض يوسف نظرته قائلا: "والدة ريما صاحبة فضل على عائلتي. هي مسؤوليتي. تلك الثلاث والثلاثون مرة كانت صراعي. والآن يجب أن أتحمل هذه المسؤولية. أما رنا، فمجرد أن أراقبها من بعيد يكفيني، ولا أجرؤ أن أطمع بأكثر."

كل كلمة منه كانت كخنجر ينغرس في قلب ريما، فتشبثت بالجدار وبالكاد تثبت على قدميها.

شعرت بحكة على خدها، فمدت يدها لتكتشف أنها دموع.

لم تستطع ريما سماع المزيد، فهرولت مترنحة نحو غرفتها، والدموع تغمر وجهها بصمت.

لم يخطر ببال ريما قط أن تلك الحوادث الثلاث والثلاثين كانت من تدبير يوسف نفسه.

في المرة الأولى، أصيبت بطعنة وسط شجار لا علاقة لها به.

وفي المرة الثانية، لدغتها أفعى في حديقة المنزل، فسممها السم وكادت تفارق الحياة.

وفي الثالثة، دعاها يوسف لتسلق الجبل، فسقطت من الحافة وبقيت في العناية المركزة لنصف شهر.

وكل ذلك فقط لأنه لا يريد الزواج بها.

ارتبطت ريما ويوسف بخطوبة منذ أن كانت في العاشرة، حين تورطت عائلة التميمي بقضية كادت تزج بهم في السجن، فاعترفت والدتها المحاسبة بكل التهم لتنقذهم.

فأخذها جد يوسف إلى منزله، وقرر الخطوبة بينها وبين يوسف ليضمن لها مستقبلا آمنا.

ومنذ طفولتها، أحسن الجميع معاملتها هناك، حتى يوسف نفسه، وشجعوها في كل ما أرادت فعله، حتى فرقتها الموسيقية التي كانت طبقة المجتمع الراقية تحتقرها، فقد وقفوا معها في هذا الأمر أيضا.

لذلك آمنت تماما بأنهما يحبان بعضهما البعض، ولم يخطر لها أن كل ذلك كان مجرد مسؤولية، وأن قلبه كان يخص امرأة أخرى.

وتحول الألم الكليل في صدرها إلى شفرة حادة تقلب جراحها كلها وتنهشها.

بعد عشر دقائق، دخل يوسف ليعقم جراحها. وحين رأى احمرار عينيها، توقف لحظة وسأل: "ما بك؟ هل الجرح يؤلمك مجددا؟"

لكن عندما رأت ريما شكله المهتم بها، لم تذكر إلا كلمة المسؤولية التي قالها في ذهنها، فاشتد الوجع في قلبها.

كانت أعصابها شديدة الحساسية، وحتى التعقيم يتطلب تخديرا لها.

ولما هم يوسف بحقن المخدر، رن هاتفه، فوضعه جانبا وأجاب.

نظرت ريما إلى السلسة الكرتونية المعلقة بهاتفه، فتذكرت ماضيهما.

كان ذلك أول فوز لفرقتها، وكانت السلسلة هي الجائزة. أهدته إياها بفرح، لكنه رماها في درج بلا مبالاة.

"إنها طفولية جدا"، قال هذا بعبسة ضجر.

أما الآن، فهاتفه يحمل نفس السلسة لدى رنا التي تتأرجح أمام عيني ريما، وجعلتها تشعر بوجع لاذع.

تسرب صوت من الهاتف في هدوء الغرفة، جاء صوت رنا: "أستاذ، لدي مريض هنا ولست متأكدة من حالته، هل يمكنك الحضور؟"

بمجرد سماعها، شعرت ريما بأن مزاج يوسف قد تحسن فورا بأكمله.

"حسنا، سآتي فورا"، قالها بصوت خفيف مفعم بالسعادة.

كانت تظن كل ذلك مجرد اهتمام معلم بمتدربته، لكن الآن فهمت بأنه كان شيئا آخر منذ البداية.

أنهى يوسف الاتصال، وتجاوزت يده المخدر، وأمسك أدوات التعقيم مباشرة.

اندفع الألم من جروحها كالصاعقة، فشهقت قهرا، ودار رأسها، وانهمر العرق البارد من جسدها.

تمتمت ترتجف: "يوسف، لم تضع المخدر بعد…"

تابع يوسف عمله بلا أي توقف، وربت عليها بلا مبالاة: "هكذا أفضل، المخدر يعيق فاعلية الدواء. تحملي قليلا."

ارتجف جسد ريما بسبب الألم، وقبضت أصابعها على الملاءة بشدة حتى كادت تمزقها.

رجته بصوت مكسور: "يوسف، أرجوك، أعطني المخدر، حقا هذا مؤلم."

"اهدئي، سينتهي الأمر حالا." وأسرع بيديه أكثر.

وانتهى التعقيم بعد دقائق، فرمى يوسف الأدوات على الصينية.

وقد انهارت ريما على السرير بسبب الألم، ولمحت خطواته المستعجلة للمغادرة بزاوية نظرها المائلة.

في الحقيقة أن المخدر لن يعيق شيئا، لكنه فعل هذا ليذهب إلى رنا سريعا، فلم يرغب حتى بانتظار خمس دقائق لانفعال المخدر.

وفي تلك اللحظة، تمزق قلبها حزينة، وانحدرت دموعها فوق الملاءة البيضاء.

واستمر الألم في تعذيبها بلا توقف، حتى اسودت الدنيا أمام عينيها، وفقدت وعيها كليا.
Expand
Next Chapter
Download

Latest chapter

More Chapters
No Comments
20 Chapters
الفصل 1
كان هذا التأجيل الثالث والثلاثون لحفل زفاف ريما حسان ويوسف التميمي، لأنها تعرضت لحادث السيارة عشية الزفاف.أصيبت بتسع عشرة كسرا في جسدها، ودخلت العناية المركزة ثلاث مرات حتى استقرت حالتها أخيرا.وحين تحسن جسدها قليلا، استندت إلى الجدار وتريد المشي في الممر، لكن ما إن وصلت عند المنعطف حتى سمعت أن خطيبها يوسف كان يتحدث مع صديقه."المرة الماضية كانت غرقا، وهذه المرة حادث السيارة، وتأجل الزفاف شهرين آخرين. ما الطريقة التي تنوي استخدامها في المرة القادمة؟"عندما سمعت ريما حديثهما عند المنعطف، شعرت وكأن الدم تجمد في عروقها.كان يوسف يرتدي معطفا أبيض طبيا، يقلب هاتفه بين أصابعه قائلا بنبرة باردة: "لن يتأخر بعد الآن."تفاجأ صديقه: "إذن ستتقبل الزواج من ريما؟ وماذا عن تلك المتدربة عندك، رنا جمال؟""حينما أحضرت ريما إلى بيت عائلتنا في طفولتنا، قال لي أبي إنه علي أن أحسن إليها، لأننا سنتزوج مستقبلا. لذلك اعتنيت بها كزوجتي منذ الصغر، حتى صار الاهتمام بها عادة لي، حتى التقيت برنا." ولما قال ذلك، ارتسمت ابتسامة خفيفة في عينيه: "رغم خلفية أسرتها ليست جيدة، إلا أنها لا تستسلم للقدر أبدا، وظلت قوية. وم
Read more
الفصل 2
استفاقت ريما، فوجدت متدربين يعملون تحت إمرة يوسف يحيطون بها، وكانت رنا بينهم.نهضت ريما مستندة إلى السرير وقالت: "ماذا تفعلون هنا؟"قالت متدربة بملامح مطيعة: "الأستاذ يوسف قال إنك ستكونين حالة التعليم لنا، وطلب أن نسبقه إلى هنا…"دفعتها متدربة أخرى بمرفقها وقالت: "ولم تشرحين لها كل هذا؟ إنها مجرد شخص يسدي المعروف طمعا في المقابل، ولا تستحق أن نحسن إليها."شحب وجه ريما، لن تشعر بعدم ارتياح بسبب هذا الكلام من قبل، لكنها ترى الآن أن هذا الكلام محق، وهذا سبب بقاء يوسف بجانبها."بالضبط! لولاها لكان الأستاذ يوسف يستطيع السعي في حبّه الحقيقي." ثم نظرت إلى رنا الواقفة في الوسط بنظرة ذات إشارة واضحة.نظرت ريما إلى وجه رنا المحرج قليلا وشعرت بطعنة حادة في قلبها.صفقت متدربة فجأة وقالت: "هل من الممكن أن أمها فعلت ذلك لتزوّج ابنتها من الأستاذ يوسف؟ لذلك ضحت بنفسها، فبمكانته، لن تصلا إليه مهما حاولتا."وافق الآخرون وقالوا: "صحيح، الأم وابنتها ليستا طيبتين، والأم أكثر خبثا."قبضت ريما يدها بقوة، فمهما قالوا عنها، ستتحمل.لكن ريما تعرف أن أمها تحملت الذنب حينها لأنها كانت ممتنة لخير عائلة التميمي لهم
Read more
الفصل 3
قالت ريما بحزم وهي واقفة في غرفة الجلوس: "يا عم التميمي، أريد فسخ خطوبتي."تجمد والد يوسف قليلا وقال: "لماذا فجأة… أليست حفلة الزفاف على وشك أن تُقام؟"أخفضت ريما عينيها تخفي مرارة في داخلها: "لا نحب أنا ويوسف بعضنا، ولا نريد أن نعطل الآخر، وسيتم إطلاق سراح أمي قريبا، أريد أخذها للرحيل وأصحبها جيدا."ولما رأى إصرارها، وافق والد يوسف مضطرا: "حسنا، سأرتب لك كل شيء مثل تذكرة الطائرة، عندما تخرج والدتك من السجن بعد نصف شهر، يمكنك المغادرة…"وفجأة سُمع صوت يوسف من الخلف: "من الذي سيغادر؟"تصلب جسد ريما فورا، وسبقت والد يوسف بالكلام: "لا أحد، لماذا عدت؟"لم يسأل يوسف المزيد: "سمعت أنك عدت، فجئت لأصطحبك."ثم دعاهما والد يوسف لتناول الطعام قبل الرحيل.وأثناء العشاء، اعتاد يوسف أن يضع الطعام في طبقها، لم يخطئ يوما في هذه التفاصيل مثل اصطحابها إلى المنزل ووضع الطعام لها، ولذلك ظنت أنه يحبها فعلا بخطأ.وفي منتصف الأكل، ذكر يوسف شأن الزفاف: "أبي، الزفاف سيقام بعد نصف شهر كما هو مخطط، تذكر أن تبلغ الضيوف."تفاجأ والد يوسف ونظر إليهما: "ألم تخبرك ريما؟ إنها تريد فسخ الخطوبة."لكن صوته غرق في رنين ال
Read more
الفصل 4
لم تسمع ريما سوى طنين يضرب رأسها، فتوقفت أفكارها تماما في هذه اللحظة، ومعنى دخول نفس الغرفة… لم تجرؤ على التفكير فيه.ما زالت تتمسك ببعض الأمل، ربما كل ما في الأمر هو إيصال رنا إلى غرفتها فقط؟لكن بمجرد أن وقفت أمام باب الغرفة، سمعت أصواتهما المكتومة وهمسات حارة وصوت الجنس من خلفه، فتلاشى الأمل تماما.لم تقتحم ريما الباب، فقد بلغت حد الانكسار، ولا تريد دفع نفسها لمزيد من الذل.غطت فمها لتكتم شهقتها، ثم خرجت من الفندق تتعثر بخطاها هاربة.جلست ريما على الأريكة وتحدق في الخارج طول تلك الليلة.وصور تلك الغرفة وما قد يحدث فيها ظلت تنهش قلبها بألم لا يوصف.عاد يوسف في اليوم التالي، ملابسه متجعدة وعليها بقع مجهولة، ورائحة عطر رنا تلتصق به.نظرت إليه ريما بعينين حمراوين بسبب السهر وقالت: "لقد نمت مع رنا البارحة."توقف يوسف عن نزع ربطة عنقه لحظة ثم قال: "آسف، هذا خطأي، لكنها تناولت شيئا سيئا بأمس، وكان الدواء قويا، ولم يكن أحد غيري يستطيع مساعدتها…""لكنكما نمتما معا! هل ما زلت تتذكر أن لك خطيبة؟"قالت بصوت مرتجف وهي تتقدم نحوه، كانت الألفاظ تتفلت من سيطرتها.كان يوسف متعبا بلا نوم طول الليلة،
Read more
الفصل 5
عندما فتحت ريما عينيها مجددا، كانت على سرير المستشفى، وكل جسدها يتفكك ألما، ولم تعد تعرف كم مرة دخلت المستشفى.رن الهاتف في تلك اللحظة، وكان الضابط في السجن الذي تواصلت معه بشكل خاص: "آنسة ريما، والدتك تتعرض لمعاملة خاصة في السجن، هل أزعجت أحدا؟"تجمد نفس ريما وقالت بذهول: "ماذا تقصد؟…""هناك من أصدر أوامر للإدارة لمعاملة والدتك معاملة خاصة، الآن لا طعام لها، وزميلات الزنزانة يؤذينها، ويجعلونها تقف تحت الشمس عشر ساعات يوميا!"سقط الكلام عليها كالصاعقة وبدأ كل شيء يدور حولها وابتعد الصوت من الهاتف تدريجيا.فُتح باب الغرفة فجأة ودخل يوسف.رفعت ريما رأسها ببطء لتنظر إليه، وفهمت كل شيء فجأة: "أنت من فعل هذا."يوسف هو الشخص الوحيد الذي يستطيع فعل ذلك، خصوصا أنه يعتقد أنها هددت رنا.لم يظهر على وجه يوسف أي دهشة أو استغراب.نظرت إليه وكأنها لم تعرفه يوما وقالت بصوت مرتجف: "أمي لها فضل على عائلتكم، لا يحق لكم معاملتها بهذا الأسلوب، صحتها ضعيفة منذ سنين، لن تتحمل ذلك."اقترب يوسف منها وأمسك وجنتيها بقسوة وقال ببرود: "لها فضل على عائلتنا، لكن ليس على رنا، إن كان عندك غضب، فصبيه علي، فأستحق لذلك،
Read more
الفصل 6
عادت ريما للمنزل في وقت متأخر، وكان المطر يهطل بغزارة في الطريق، حتى ابتلت تماما قبل وصولها.فتحت الباب فوجدت يوسف لقد عاد، لكنها حتى لم تلق نظرة إليه وتوجهت إلى الطابق العلوي مباشرة.ولم تصل إلى أول الدرج حتى لف منشفة حولها من الخلف.جاء صوت يوسف بقلق: "لماذا لم تطلبي مني أن آتي لأخذك؟ لقد ابتللت بالكامل."هل كنت ستأتي أصلا إذا اتصلت بك؟ مرت السخرية من عيني ريما، وأبعدت يده ثم صعدت السلم.ذهبت للاستحمام، وبعد خروجها، رأت يوسف يحمل شراب الزنجبيل وينفخ ليبرده.في الحقيقة أن يوسف رجل مسؤول، لولا ذلك لما اعتنى بها لأكثر من عشر سنوات، حتى اختلط عندها المسؤولية بالحب.ولما انتبه لخروجها، سحبها لتجلس على السرير وأطعمها ملعقة تلو الأخرى: "هل هو حار؟ اشربي بسرعة، الزفاف قريب، لا يجب أن تصابي بالبرد الآن."أنهت ريما شربه بصمت، ونظرت إلى ظهره وهو يغادر، كان قلبها خاويا تماما.يوسف، كما تتمنى، لن يكون هناك زفاف…في اليوم التالي، خرجت ريما لتقديم تأشيرة في إدارة الجوازات، وما إن خرجت من المبنى حتى قابلت يوسف ومجموعة المتدربين معه.نظر يوسف إلى المكان الذي خرجت ريما منه وضاق حاجباه: "لماذا جئت إلى
Read more
الفصل 7
أصيبت ريما بحمى شديدة في تلك الليلة، وظلت طريحة الفراش يومين حتى بدأت تستعيد وعيها تدريجيا.جلس يوسف بجانب سريرها، ولما استيقظت، لمس جبينها وقال: "الحرارة انخفضت قليلا أخيرا."ظلت ريما تحدق بسقف الغرفة بعيون فارغة، لا ترد على أي كلمة قالها، حتى قال: "ريما، لا تقلقي كثيرا، سأعالج صوتك بالتأكيد."تحركت عينا ريما نحوه، فتحت فمها لتتكلم لكنها لم تستطع إصدار أي صوت، وشعرت بحرقة شديدة في حلقها.ولما رأى القلق على وجهها، ربت على كتفها مفسرا: "الحمى كانت شديدة، والتهاب الحلق أضر بالأوتار الصوتية، سنقوم بعملية بسيطة لك وسيتحسن كل شيء."بدا واثقا للغاية، فاطمأنت ريما قليلا.بعد ثلاثة أيام، كان لدى ريما عرض غنائي، فأخذت حقنة مخدرة لتتمكن من الغناء بصعوبة حتى النهاية.أعضاء الفرقة لم يروها منذ أيام، فأصروا على عشاء جماعي، لكنها رفضت لأنها ستخضع للعملية غدا.ورغم الأسف، لم يلحوا عليها: "سنجتمع فيما بعد، الفرص كثيرة…"قالت ريما وهي تنظر إليهم بهدوء: "سأسافر، تذكرتي بعد خمسة أيام."صُدمت الفرقة بكلماتها، وقال أحدهم بعد صمت طويل: "لكن زفافك بعد ستة أيام، لقد استلمنا الدعوات."أخفضت ريما رأسها وقالت: "
Read more
الفصل 8
في اليوم السابق للزفاف.بعد أن رافق يوسف رنا لمشاهدة الألعاب النارية على الجبل، قرر المبيت هناك.في صباح اليوم التالي، أراد أن يوصل رنا إلى منزلها ثم يعود للمستشفى، لكن ما إن وصلا إلى المدينة حتى قالت رنا من المقعد الأمامي: "أستاذ، لدي إجازة اليوم، لنذهب للأكواريوم!"تذكر يوسف فجأة ريما في المستشفى، وكاد يرفض، لكن رنا ربت على ذراعه قائلة: "الأكواريوم قريب من هنا، لنذهب هناك يا أستاذ، أرجوك؟"كلما تحدثت بذلك الصوت اللطيف، كان يعجز عن الرفض.وبعد انتهائهما من التجول، لقد حل الظلام، أوصل يوسف رنا إلى منزلها وهم بالعودة للمستشفى، لكنها أمسكت بيده بلطف: "الوقت متأخر يا أستاذ، ابق الليلة هنا."شعر يوسف بحرارة يدها على معصمه، وتردد قليلا، غدا سيكون الزفاف، ليلة واحدة فقط، ثم وافق.ولما وافق، تهلل السرور في قلب رنا.ثم أخرجت زجاجة خمر من الخزانة: "أستاذ، دعنا نشرب قليلا."كانت تعلم أن غدا هو زفاف يوسف وريما، ورغم كل تلميحاتها مؤخرا، لم يبد يوسف أنه ينوي إلغاء الزفاف كأنه لم يفهم قصدها.حتى بعد تلك الليلة التي نام فيها معها، لم يذكر تحمل أي مسؤولية عنها، فلم تجد حلا سوى أن تسكره كي يفوت الزفاف
Read more
الفصل 9
كانت كلماته كالصاعقة التي حطمت وعي يوسف: "غادرت؟ أليس اليوم هو حفل الزفاف…؟""ألم تقولا إنكما لن تقيما الزفاف قبل نصف شهر؟"شعر يوسف أنه لا يفهم الكلام، كيف يمكن لريما أن تلغي الزفاف؟وعندما عاد مسرعا إلى منزله، كان والد يوسف يقرأ الجريدة في الأريكة، فتح الباب بقوة، مما أثار انتباهه وتفاجأ عندما رأى شكل يوسف.كان يوسف شاحبا في وسط الصالة، وكأنه يقف على حافة الانهيار.حدق في والده بصوت مبحوح: "أبي، ما الذي يحدث؟ أين ذهبت ريما؟"عاد والد يوسف لوعيه: "ألم تخبرك ريما؟ هذه الفتاة…""أبي." قالها يوسف بحدة مستعجلة."قبل نصف شهر، في اليوم الذي عادت ريما من المستشفى فيه، قالت إنكما لا تحبان بعضكما البعض، ولا تريدان إضاعة حياة بعضكما، وتريد إلغاء الزفاف وأخذ والدتها الرحيل معا.""ظننت أنه لا يجب أن تقيدا بسبب جيلنا، فوافقت. لم أتوقع أنها لم تخبرك بالأمر…"تلاشت بقية الكلمات داخل طنين مرعب في أذني يوسف، فسقط على الأريكة ممسكا رأسه عاجزا عن التفكير.تجاوز حد التعامل بينه وبين رنا حدث بعد إعلان ريما إلغاء الزفاف، فلماذا ألغته إذا؟ هل حقا كانت تظن أنهما سيعوقان بعضهما؟هذه حقيقة يعتدها أصلا، فلماذا
Read more
الفصل 10
تملك الارتباك رأس يوسف وهو يمسك بالرسالة.رحلت ريما بكرامة، لقد أصبح حرّا، يستطيع ملاحقة رنا الآن، كل شيء يسير كما كان يريد، لكن لماذا لا يشعر بأي سعادة بل شعر بأن قلبه محطم؟سقطت الرسالة أرضا، رأى والده ملامحه المصدومة، فالتقط الورقة بشيء من الريبة.وما إن قرأ محتواها حتى اتسعت عيناه غضبا، ورفع يده وصفع يوسف بقوة وهو ما يزال في ذهوله."ما الذي ارتكبته من حماقات؟!"كان يتذكر كل تأجيل من الثلاثة والثلاثين، وفي كل مرة كانت ريما تتأذى، اعتبرها شبه ابنة له، وآلمه ما كانت تعانيه، لم يتوقع أن كل ذلك كان من فعل ابنه!انحرف رأس يوسف من قوة الصفعة، وأذنه تصدر طنينا، صوت والده الغاضب يصل وكأنه معزول بضباب."كنت أتساءل لماذا قررت ريما الرحيل فجأة، تبين أنك من دفعها لفعل ذلك! أأنت بشر؟! والدة ريما أرادت مساعدتنا بصدق، وزواجكما كان قراري، كيف ربيتك لتفعل أمورا مقززة كهذه؟!"لم ينطق يوسف بكلمة، أطرق رأسه مفكرا بأن والده محق، لا يعتبر بشرا حقا."اركع في قاعة الأسلاف! ولا تخرج دون أمري!" صاح الأب ولوح بيده.نهض يوسف من دون اعتراض، وتوجه نحو قاعة الأسلاف كمن فقد وعيه.القاعة كانت المعتمة الهادئة، ركع
Read more
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status