Share

الفصل 6

Penulis: كل شيء سراب
عادت ريما للمنزل في وقت متأخر، وكان المطر يهطل بغزارة في الطريق، حتى ابتلت تماما قبل وصولها.

فتحت الباب فوجدت يوسف لقد عاد، لكنها حتى لم تلق نظرة إليه وتوجهت إلى الطابق العلوي مباشرة.

ولم تصل إلى أول الدرج حتى لف منشفة حولها من الخلف.

جاء صوت يوسف بقلق: "لماذا لم تطلبي مني أن آتي لأخذك؟ لقد ابتللت بالكامل."

هل كنت ستأتي أصلا إذا اتصلت بك؟ مرت السخرية من عيني ريما، وأبعدت يده ثم صعدت السلم.

ذهبت للاستحمام، وبعد خروجها، رأت يوسف يحمل شراب الزنجبيل وينفخ ليبرده.

في الحقيقة أن يوسف رجل مسؤول، لولا ذلك لما اعتنى بها لأكثر من عشر سنوات، حتى اختلط عندها المسؤولية بالحب.

ولما انتبه لخروجها، سحبها لتجلس على السرير وأطعمها ملعقة تلو الأخرى: "هل هو حار؟ اشربي بسرعة، الزفاف قريب، لا يجب أن تصابي بالبرد الآن."

أنهت ريما شربه بصمت، ونظرت إلى ظهره وهو يغادر، كان قلبها خاويا تماما.

يوسف، كما تتمنى، لن يكون هناك زفاف…

في اليوم التالي، خرجت ريما لتقديم تأشيرة في إدارة الجوازات، وما إن خرجت من المبنى حتى قابلت يوسف ومجموعة المتدربين معه.

نظر يوسف إلى المكان الذي خرجت ريما منه وضاق حاجباه: "لماذا جئت إلى هنا؟"

أجابت بهدوء: "هناك من سيسافر من فرقتي الموسيقية، جئت لأساعدها فقط."

ولم يسأل أكثر، لأنه لم يخطر بباله أبدا أن الشخص الذي سيسافر هو ريما نفسها.

قال أحد المتدربين خلفه: "لدينا اجتماع العشاء اليوم، فتعالي معنا أيضا يا سيدة التميمي."

قال يوسف أيضا: "تعالي معنا، سنعود إلى البيت معا لاحقا."

ذهبوا إلى مطعم هوت بوت في النهاية، ونظرت ريما إلى يوسف فورا، فدائما ما كان يرفض مرافقتها لأكل هوت بوت بحجة أن رائحته قوية.

قال متدرب آخر يعقد ذراعيه: "غريب أن الأستاذ يأتي لهذا المطعم، آه صحيح، لأن رنا تحب ذلك، ليست الهوت بوت فقط، بل أي شيء تحبه رنا، الأستاذ يرافقها لأكله."

خفضت ريما رأسها بابتسامة ساخرة دون أن تقول شيئا.

بعد دخولهم، جعلوا يوسف ورنا يجلسان معا مباشرة، ثم تظاهروا وكأنهم انتبهوا لريما الآن وقالوا بدهشة: "آه، عذرا! نسينا وجود السيدة التميمي معنا، اعتدنا أن يجلس الأستاذ مع رنا، لن تغضبي منا، أليس كذلك يا سيدة التميمي؟"

وخز الألم قلبها بقسوة، لكنها هزت رأسها بصمت وجلست في الجهة المقابلة.

ورأت بوضوح من مكانها أن يوسف يربط المريلة لرنا، ويجهز لها الصلصة التي تفضلها، ويطهي لها الطعام رغم أنه لم يأكل أي شيء.

قبضت ريما على عيدان الطعام بقوة، وحدقت في طبقها شاردة.

أخيرا لاحظ يوسف صمتها، فوضع قطعة طعام عشوائيا في طبقها: "كلي أكثر."

نظرت ريما إلى الكونياكو في طبقها، فابتسمت بمرارة وأبعدته جانبا.

ريما تعاني من حساسية بالكونياكو منذ طفولتها، وكادت تموت بسببه ذات مرة عندما كانت صغيرة، لكنه نسي ذلك.

بقيت مطرقة طوال الوجبة، لم ترفع رأسها لتنظر إليه ولو مرة.

حتى قالت رنا فجأة: "آنسة ريما، قلادتك جميلة جدا، هل يمكنني إلقاء نظرة فيها؟"

قبضت ريما على علاقتها حالا وتريد الرفض، لكن أحد الجالسين بجانبها نزعها بقوة من رقبتها.

"السيدة التميمي لن تكون بخيلة لهذه الدرجة، انظري يا رنا."

مدت ريما يدها لتمنعه، وصرخت نحو يوسف: "لا يمكن!"

تضايق يوسف من صراخها وقال وهو يعبس: "إنه مجرد علاقة، لماذا لا ترينها رنا؟ أنسيت كلامي؟"

كيف يجرؤ على ذكر ما قاله سابقا؟ رأت ريما أنه لقد مد يده لأخذ القلادة ثم يسلمها لرنا، فتريد نزعها من يده.

وعندما رأت رنا ذلك، مدت يدها أيضا وكأنها تمنع الأمر قائلة: "بما أن الآنسة ريما لا تريد، فانس الأمر يا أستاذ يوسف."

وفور نزول كلماتها، سقطت القلادة في القدر، وتناثرت قطرات المرق على أيديهم.

أسرعت ريما في التقاطها لكنها لمست القاع الساخن، فشعرت بألم حاد وكأن أصابعها تقطع.

كان يوسف أول من يهرع إليها في مثل هذه الحالات لعلاجها، لكن هذه المرة وبعد أن يشتد عليها الألم، فتبحث عنه تلقائيا، لتجد أنه كان يمسك يد رنا التي احترقت قليلا وينفخ عليها بقلق.

ولما كادت رنا تبكي بسبب الألم، أخذها يوسف إلى المستشفى فورا دون أن ينظر ولو نظرة واحدة إلى ريما التي كادت تفقد وعيها من الألم.

وحين استعادت أنفاسها، كان المطعم على وشك الإغلاق.

طلبت من صاحب المطعم استخراج القلادة، وعندما فتحته مغطاة بالزيوت، رماد أمها قد ذاب بالكامل في الحساء.

جلست ريما منهارة على الأرض تعانق العقد وتبكي بحرقة حتى بح صوتها في المطعم الخالي.

لن تسامح يوسف أبدا في حياتها هذه.
Lanjutkan membaca buku ini secara gratis
Pindai kode untuk mengunduh Aplikasi

Bab terbaru

  • ذاكرة لا تجف مثل البحر   الفصل 20

    وأثناء مساعدتها لوالد يوسف في النزول، دخل يوسف بخطوات مترنحة ووقف في الأسفل يحدق بها مذهولا.كان المشهد مألوفا، كم مرة كانت ريما تساند والده في النزول هكذا؟ لوهلة، خُيل له أنها عادت وأن ما حدث لم يكن إلا كابوسا، وما زال لهما مستقبلا بعد.لو كان ذلك في الماضي، لألقت نظرتها فيه فورا وابتسمت له، أما الآن، فقد أصبحت نظراته الحارقة بلا معنى، كأنه هواء بالنسبة لها.كل ما حدث كان حقيقة، لن تعود، ولن يكون هناك مستقبل يجمعهما بعد الآن.أدرك يسوف ذلك، فشعر وكأن خنجرا يغوص في صدره، كل نفس يأخذه ممزوج بالعذاب.على العشاء، جلس يوسف مقابلها، يحدق بها بحرارة، ويمد بيده نحو الأطباق ليقدم لها الطعام الذي تحبه.لكنها لم ترفع رأسها ولا مرة، ظلت تتحدث مع والد يوسف، ونقلت وكل ما وُضع في صحنها إلى طبق القمامة مباشرة.بعد الطعام، جلست ريما مع والد يوسف قليلا ثم استأذنت، بينما بقي يوسف واقفا جانبا بصمت.وما إن نهضت وغادرت، حتى لحق بها فورا.كانت ريما تعلم أنه يتبعها، فواصلت السير حتى وصلت لحديقة الفيلا ثم توقفت.التفتت تعانق كتفيها ونظرت إلى يوسف الذي لحق بها بارتكاب: "إن كان لديك ما تقوله، فقله هنا، ولا تزعج

  • ذاكرة لا تجف مثل البحر   الفصل 19

    أوصلها سامي إلى المنزل كالعادة، لكنها شعرت بأن هناك ما تغير.عند نزولها، قدم سامي لها علبة هدية: "هدية عيد ميلادك."وفي الطريق من باب المجمع حتى بيتها، أسرعت أكثر من المعتاد شوقا لفتح الهدية.وعندما وصلت لأسفل المبنى ورأت يوسف، توقفت فجأة.وقفت تحدق به من بعيد، كان يحمل كعكة وهدية ويتقدم نحوها.قدم الهدية لها بتوتر وقال بصوت مبحوح: "عيد ميلاد سعيد يا ريما، قلت إنني سأرافقك في كل عيد ميلادك، لحسن الحظ أنني لم أفوت هذه المرة."حقا، لم يغب يوسف يوما عن عيد ميلادها، حتى في أصعب أيام العمليات، كان يجد وقتا للاحتفال بعيد ميلادها، ولو كان الثمن هو سهر ليلة كاملة لإجراء العمليات.لكن ذلك كان في الماضي، أخذت ريما الهدية ورمتها فورا في سلة المهملات قبل أن يظهر يوسف أي فرح في عينيه.شحب وجهه في لحظة، وشعر وكأن يدا خفية تعتصر قلبه وتمنعه من التنفس.قالت ببرود: "لم تعد مضطرا لتحمل هذه المسؤولية عديمة القيمة، ابتعد عني."قال يوسف بمرارة: "لم أفعل هذا بدافع المسؤولية، أنا آسف يا ريم، أدركت خطئي حقا وندمت حقا، أرجوك، أعطني فرصة واحدة فقط، سأكون أفضل…""لماذا؟" قاطعته ببرود.ساد الصمت ثوان، ثم ابتسمت ر

  • ذاكرة لا تجف مثل البحر   الفصل 18

    بعد أن أوصلت جميلة إلى منزلها، عادت ريما إلى بيتها.وبعد أن انتهت من الاستحمام واستلقت على السرير، تذكرت كلمة "الحب" التي قالها يوسف، فلم تستطع منع نفسها من الضحك.أن يقول يوسف إنه يحبها، كان إهانة لهذه الكلمة.في اليوم التالي، لم يكن هناك عرض، وتم إلغاء التدريب، قرأت ريما إشعار الفرقة، ثم رمت هاتفها ونظرت للسقف، فاكتشفت أنها لا تفعل شيئا سوى التدريب والعروض.وما إن تسلل الفراغ إلى قلبها قليلا، حتى اتصل سامي بها: "لا تدريب لكنم اليوم، صحيح؟ سأمر لآخذك بجولة."وافقت ريما بما أنها لا جد شيئا لفعله، ونهضت ثم رتبت نفسها بتكاسل، وعندما نزلت، كان سامي ينتظر تحت.تفاجأت قليلا ثم أسرعت إليه وجلست بالمقعد الأمامي: "هل انتظرت طويلا؟ كان يجب أن أسرع."شغل سامي السيارة بلا مبالاة: "لدي الكثير من الصبر معك، انزلي متى شئت."اعتادت ريما على حديثه المليء بالتلميحات مؤخرا، فابتسمت: "حسنا، أنزل بعد نوم طويل المرة القادمة."قال سامي دون أن يغضب: "لا مشكلة."قضى سامي اليوم كدليل سياحي، يتجول بها في الأماكن القريبة، رغم أنها عاشت هنا لعام كامل، فلم تتجول فيها بعد.وأخذها إلى مطعم قرب البحر في المساء.وعندم

  • ذاكرة لا تجف مثل البحر   الفصل 17

    توقفت ريما واستدارت ببرود: "هل أرسلك والدك للبحث عني؟"فلم تستطع تخيل سبب آخر غير ذلك.تجمد يوسف بعد سماع هذا ثم أسرع في الشرح: "لا، أنا جئت إليك بنفسي.""ماذا تريد؟" قالت ريما وتراجعت بخطوة بصوت بارد.عندما رأى موقفها المتحفظ والحذر، فشعر يوسف بالألم الذي يمزق قلبه وازداد مرارة فيه.امتلأت عيناه بالحزن والرجاء: "ريما، عودي معي، أنا…""ما زلت تريد سداد المعروف؟ لا داعي، لقد انتهى كل شيء، ارحل، لم يعد بيننا أي دين." قالتها ريما بنظرة باردة إليه.قالت ذلك وتجاوزته للمغادرة، لكن يده أمسكت بها."ليس لرد المعروف، أريد أن تعودي فقط، كنت غبيا، ولم أفهم مشاعري إلا بعد أن فقدتك!" أمسك بها بارتكاب ويريد إبقاءها بشدة.عقدت ريما حاجبيها بسبب كلامه، وضايقها لمسه، فانتزعت يدها بقوة.شعر يوسف بفراغ في كفه وقلبه، كأن آلاف الإبر تخترقه.خفض يوسف رأسه ليحدق في يده الخالية من شيء وقال بمرارة: "ريما، أحبك، ليس بسبب المعروف، كل ما فعلته لك منذ الطفولة كان بدافع الحب.""لم أفهم هذا من قبل، كنت أهرب من حقيقة مشاعري حتى لا أُقيد، فأسأت إليك كثيرا… آسف، عشت كل يوم بعد رحيلك في ندم، أرجوك، أعطيني فرصة لأعوضك."

  • ذاكرة لا تجف مثل البحر   الفصل 16

    بسبب كثرة الأشخاص، انقسموا إلى سيارتين.ركبت ريما مع جميلة في سيارة سامي، بينما ركب الآخرون سيارات أجرة.جلست ريما في المقعد الأمامي لأنها تصاب بالدوار في السيارة، بينما جميلة في الخلف وما زالت تنظر للخارج قائلة: "ذلك الشخص كان وسيما جدا! رغم الإرهاق الظاهر عليه، ما زالت وسامته بارزة! أتمنى لو حصلت على رقمه!"لم تقل ريما كلمة، فانتبه سامي لصمتها وقال لأخته في الخلف: "اصمتي أنت! تعتقدين كل من ترينه وسيما! لا أدري كيف تعمل عيناك!"فانشغلت جميلة فورا بالمشاجرة اللفظية مع سامي، ونسيت يوسف تماما.راقبت ريما ظلال الأشجار تتراجع خارج النافذة، وعقلها كله مع تلك الكلمة التي قالها يوسف، صوته لم يحمل ذرة دهشة، وهذا يعني أن لقاءهما ليس صدفة، إذا لماذا جاء إليها؟لقد مر وقت طويل، ومن المفترض أنه لقد تزوج من رنا الآن، فلماذا أتى إليها إذا؟فكرت طوال الطريق دون جدوى، فقررت طرد الأمر من رأسها، فلم يعد يخصها على أي حال.أكلت ريما العشاء شاردة الذهن، وركب السيارة بعده، أوصل سامي جميلة أولا، ثم انطلق باتجاه آخر.حينها لاحظت أنها ليست طريق المنزل، فقالت باستغراب: "إلى أين نحن الآن؟"وضع سامي يدا على المق

  • ذاكرة لا تجف مثل البحر   الفصل 15

    بعد انتهاء العملية، أقامت ريما عدة أيام في المستشفى ثم خرجت، وقد عاد صوتها كما كان.انضمت ريما إلى فرقة موسيقية بصدفة، وفيها فتاة تُدعى بجميلة، تحب التعلق بها وهي من أقنعتها بالانضمام.ولأن لديها خبرة، نظموا عرضا صغيرا في حانة بسرعة.وبعد عام كامل، عندما وقفت ريما على المسرح مجددا، شعرت أنها استعادت نفسها، وابتسامتها كثرت.وبعد العرض، بقيت ريما كأنها ما زالت في تلك اللحظات خلال العرض، لكن أصوات جميلة ارتفعت فجأة عندما وصلت إلى الكواليس: "أخي؟! لماذا أتيت؟ لم تحضر عروضي أبدا!"كانت ريما تركز على خطواتها دون أن ترفع رأسها، حتى سمعت صوتا مألوفا: "لا تقلقي، لم آت من أجلك."تجمدت لحظة، ثم رفعت رأسها ورأت سامي واقفا في الممر، وبعد كلمته تلك، حول نظراته نحو ريما."أتيت لأرى كيف تعافت مريضتي." قالها وهو يبتسم بخفة.تابعت جميلة نظراته إلى رينا بجانبها: "هل تعرفان بعضكما؟!"لم تتوقع ريما أن جميلة هي شقيقة سامي، وبسبب هذه الصلة، صارت جميلة تدعوها كثيرا للطعام، وتحضر سامي معها أحيانا، وهكذا ازدادوا قربا.وبعد نصف عام، شاركت ريما مع الفرقة بمسابقة وفازوا بالمركز الأول في النهاية، وكان الجائزة سلسلة

Bab Lainnya
Jelajahi dan baca novel bagus secara gratis
Akses gratis ke berbagai novel bagus di aplikasi GoodNovel. Unduh buku yang kamu suka dan baca di mana saja & kapan saja.
Baca buku gratis di Aplikasi
Pindai kode untuk membaca di Aplikasi
DMCA.com Protection Status