Share

الفصل 118

Author: سيد أحمد
"ماذا ناديتني للتو؟" سألت نور بدهشة وهي تنظر إلى سارة.

فأجابتها سارة ببرود: "ألم تنسي، يا سيدة نور؟ أنتِ ووالدي تطلّقتم منذ أكثر من عشر سنوات، وزوجكِ الآن هو العم يوسف، فهل أخطأت حين ناديتكِ بلقبكِ الجديد؟"

لم تكن سارة في السابق بهذه البرودة، حتى بعد عودتها من الخارج، كانت تعامل نور بشيء من اللين، لكن الآن، خلال فترة قصيرة، أصبحت حادة كحد السيف.

"سارة، لقد تغيّرتِ كثيرًا! كيف يمكن أن تقولي لي شيئًا كهذا؟ ففي النهاية، أنا ما زلت والدتكِ".

"نعم، لقد تغيّرتُ، تغيّرت لأنني أدركت متأخرة كم يمكن لقلوب الناس أن تكون خبيثة، وأنانية، لو كنتُ قد أدركت ذلك منذ البداية، لما أمضيت سنوات طويلة في ظلمة الليل أنتظر والدتي، وأضعت شبابي في انتظار شخص لن يعود أبدًا".

"سارة، أعلم أنني خذلتكِ، لكنني عدتُ الآن، سأحاول بكل ما أملك أن أعوّضكِ".

نظرت سارة إلى وجه نور أمامها، لكنها بالكاد تتذكر ملامح أمها عندما كانت صغيرة.

رغم أن ملامحها لم تتغير كثيرًا، إلا أن آثار السنوات واضحة في ملامحها، ولكن الشعور الذي كانت تحمله تجاه والدتها قد اختفى تمامًا، وكأن تلك الذكريات تعود إلى شخص آخر.

"عندما قررتم أن تتخلوا عني،
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 622

    كانا في الأصل شقيقين من أب واحد وأم مختلفة، أحدهما استأثر بحب والده، ينعم بطفولة كاملة مليئة بعطف الأبوين.والآخر منذ ولادته لم يتلقَّ ذرة حنان، ومع ذلك امتلك ثمانين في المئة من ثروة عائلة أحمد.وُلد الاثنان في العام والشهر واليوم نفسه، كلاهما كانا طفلين خُدَّج، غير أنّ أحمد سبق أخاه بولادته بخمس دقائق فقط، ومع ذلك كانت بينهما هوة شاسعة في المكانة.لقد بقي السيد سامر ملازمًا لغرفة الولادة، يحرس ميلاد طفله.بينما أحمد منذ اللحظة الأولى لوجوده في هذا العالم لم يعرف طعم الأبوة، كان اسمه من اختيار الجد، أما الأب المزعوم فلم يكلف نفسه حتى عناء النظر إليه.أما اسم أخيه هيثم فقد اختاره السيد سامر بنفسه، وأنه جوهرة قلب والديه.في سن الثالثة، كان أحمد قد بدأ يحلم بعيد ميلاده.إذ أخبره الجد أن والده سيعود ليحتفل به معه، ومنذ نصف شهر وهو يترقب تلك اللحظة، حتى أنه في الليلة السابقة لم يستطع النوم، ومع بزوغ الفجر جلس أمام الباب ينتظر قدوم أبيه.انتظر طويلًا، من غروب إلى شروق، لكن الأب لم يأتِ قط.عندها خطر للطفل الصغير سؤالٌ موجع هل يعقل أنّ أبيه لم يعد أبدًا، لذلك ضلّ طريقه إلى البيت؟رجاه ببراءة

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 621

    في استراحة قصيرة، كان أحمد منهمكًا حتى الإرهاق.فمحمود وخالد لم يكونا موجودين، وكثير من الأمور كان عليه أن يتولاها بنفسه.حتى عز اضطر أحمد إلى استدعائه على عجل، إذ لم يتبقَ سوى نصف ساعة على التصويت المهم في مجلس المساهمين، عز لم يكن خائفًا، لكنه شعر بالأسى من أجل أحمد.ثم قال: "سيدي الرئيس، لقد كرّستَ جهدك للشركة كل هذه السنوات، ولولاك ما كانت مجموعة عائلة أحمد لتبلغ هذا النجاح، لكن هؤلاء الناس يقابلون الجميل بالنكران".أشعل أحمد سيجارة وقال بهدوء: "ليست بالضرورة أمرًا سيئًا، لقد شعرت منذ زمن بوجود مَن يحرّك الأمور في الخفاء، وهذه فرصتي لأكشف الخائن بينهم".فقال عز: "هل تنوي التطهير الداخلي؟"أجاب أحمد وهو يزفر دخانًا أبيض: "أنا وهو، لا بد أن يأتي اليوم الذي نصطدم فيه، وسأجعله يدرك أن الطمع بما لا يخصه لا يؤدي إلا إلى الهلاك".أخرج عز هاتفه وألقى نظرة سريعة، ثم قال: "سيدي، حدسك كان صحيحًا، بعد رحيلك مباشرة ذهبت سناء للقاء رجل".رفع أحمد حاجبيه: "من هو؟"كبّر عز الصورة على شاشة الهاتف، فإذا برجل يرتدي بذلة بيضاء أنيقة، يضع شفتيه على حافة كوب القهوة.وحتى من جانبه فقط يمكن الشعور بهالته

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 620

    كانت أصابع أحمد الطويلة تنقر بخفة على سطح الطاولة، كما لو أنّ ذيل الثعلب قد انكشف أخيراً.ما إن أنهى عمّ أحمد الثاني كلماته، حتى تحوّلت جميع الأنظار نحوه.بعضهم بدا عليه الفهم الواضح، وبعضهم الآخر امتلأ بالغضب والشك، وكأنهم يتساءلون ما الذي يخطط له؟أما أحمد الجالس في قلب العاصفة، فقد ظلّ وجهه هادئًا، وأصابعه تواصل الطرق بإيقاع منتظم، لا أثر للاضطراب فيه.بينما ارتسم التوتر على وجه عمّه الثاني، إذ سرعان ما تسلّل العرق إلى جبينه يغطيه بنقاط دقيقة، وكأنّ أشواكًا وخزت ظهره.فهو يعلم أن طرح مثل هذا الطلب المفاجئ أمر كفيل بإرباك أي إنسان وإخافته، فلماذا بدا أحمد مطمئنًا وكأنه كان يتوقع ذلك؟لا، هذا مستحيل، فالأمر وقع فجأة، والخطة لم تُعَدّ سوى هذا الصباح، لا يمكن أن يكون قد علم بالأمر مسبقًا!إنه فقط يجسّ النبض!هكذا أقنع نفسه، وحاول أن يثبّت أعصابه قدر الإمكان، وأن لا يُظهر أي خلل في ملامحه.ابتسم أحمد ابتسامة باردة وقال وهو يوجّه نظره نحوه: "أنا فقط فضولي، تريد أن تعزلني، فمن الذي تفكر أن تدفع به إلى مكاني؟"أجاب العم الثاني بثقة مصطنعة: "في عائلة أحمد هذه، كم من الشباب الموهوبين لدينا؟ أ

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 619

    جلس أحمد في مقعده الرئيسي صامتًا، لم ينطق بكلمة.كان من المعروف أنّ مجرد نظرة واحدة منه كفيلة بأن تُرعب أي شخص وتجعل قلبه يرتجف، غير أنّ الحاضرين اليوم وكأنّهم ابتلعوا جرأة النمور، لم يتوقفوا عن توجيه اللوم والاتهامات نحوه.قال أحد الأعمام بنبرة ممتزجة بالاستياء والادعاء: "يا أحمد، لقد كنتُ دائمًا أُقرّ بقدرتك، وعندما سلّمك عمّك الأكبر الشركة كنّا جميعًا أول المصفقين، ولم تُخيب آمالنا، بل أدرت الشركة بحنكة وبراعة، لكن هذه المرة ارتكبت خطأً فادحًا، ففي يوم واحد فقط لم نخسر قيمة أسهمنا فحسب، بل انهارت السمعة التي بناها أجدادنا بشق الأنفس، ضاعت الجهود والتاريخ، وأنت بصفتك قائد هذه العائلة، ألا ترى أنه من واجبك أن تُعطينا تفسيرًا لما حدث؟"ظلّ وجه أحمد بارد الملامح، ونبرته مقتضبة وحاسمة حين نطق: "انتظروا."صُدم الرجل: "انتظروا؟ وماذا تنتظر؟ هل تعلم كم من الناس الآن يسخرون منا؟ وكم منهم يترقبون سقوطنا ليستبدلونا؟ حتى أنا، الذي لا أخالط الدوائر الإعلامية، أعلم أنّ للعلاقات العامة وقتًا ذهبيًّا إن فات ضاعت كل الحيل، لقد مرّ يوم وليلة ولم تفعل شركة أحمد شيئًا، وأنت، كرئيس تنفيذي، ماذا فعلت؟"و

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 618

    جلس أحمد في السيارة مغمض العينين يستعيد هدوءه، فشعر عز بأن أجواء المقصورة صامتة على نحوٍ مخيف، فسارع إلى السؤال: "سيدي الرئيس، هل فشلت المفاوضات بينكما؟"قال أحمد ببرود: "لم تفشل المفاوضات، بل لم يكن هناك مجال لها من الأساس، تلك المرأة مريضة."رفع يده إلى جبهته متأففًا: "مرّت كل هذه السنوات، ومع ذلك لم تتغيّر قيد أنملة، بل ازدادت سوءًا، لو كنت أعلم ما ستؤول إليه لما رقّ قلبي يومها وأنقذتها."قبل عشرة أعوام، وبمحض المصادفة مرّ بأحد القرى الجبلية، ورأى سناء تعيش وسط معاناة قاسية، فقد كانت عائلتها من أولئك الذين يفضلون الذكور على الإناث.كان شقيقها قد أُرسل للدراسة في الثانوية بمدينة بعيدة، بينما أراد أهلها أن تترك هي مقاعد الدراسة وتتزوج رجلاً مسنًّا أعزب من القرية. كان المال الذي سيدفعه الرجل مهرًا يُخصّص لإعانة شقيقها على إكمال دراسته، وحين حاولت الاعتراض والتمسك بحقها في التعليم، لم تجنِ سوى الضرب المبرح من والديها.أحمد لم يكن رجلاً يتدخل في شؤون الآخرين عادة، إلا أنه يومها لمح جانب وجهها وهي تقف وحيدة.فذكّرته بفتاة لم يلتقِ بها إلا مرة واحدة، لكنها بقيت محفورة في ذاكرته.ولأنه هو ن

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 617

    كانت تلك الحكاية قد مضت عليها سنوات طويلة، غير أنّ سناء ما زالت حين تستعيدها تشعر بذلك الألم الذي اخترق عظامها وأحرق قلبها.مكثت نصف عام كامل في المستشفى، وفي تلك المدة خرج أحمد كليًا من عالمها.حتى عندما هددته بأنها ستتخلى عن دراستها إن تركها، لم يجبها سوى بجملة واحدة: "كما تشائين"، ثم حجبها من حياته تمامًا.ليلها كان بكاءً ونهارها حسرة، وفي نزوة انتقامية تزوجت من أكرم الذي يكبرها بعشرين عامًا.وحين فقدت ساقيها لم يتخلَّ عنها، بل تزوجها رغم إعاقتها وأحسن معاملتها.غير أنّها، وقد ظلت قاسية القلب تجاهه، دفعته بدوره إلى أن يبحث عن ملاذ عند بعض الممثلات الصغيرات، وكأن الأمر عقاب متبادل.لكن ما لم يكن أحد يعلمه أنّ قلب سناء ظل أسير أحمد، فهي تتابع كل أخباره، وتعيش على تفاصيله، بل إنها غدت أكثر هوسًا به مما كانت عليه في الماضي.وحين بلغها خبر فسخ خطوبته من صفاء، غمرتها السعادة.إذ أيقنت أنّ أحمد لم يكن ليحب أي امرأة بسهولة، وأنه في هذا العالم لا توجد من تستحق أن تقف بجواره.غير أنّ الأقدار كان لها رأي آخر، فما هي إلا أيام حتى رأته ممسكًا بيد سارة في حفل توزيع الجوائز، وهو يعلن على الملأ هوي

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status