Share

الفصل 389

Author: سيد أحمد
شعرت سارة أنّ الأمر بدا مفاجئًا للغاية، فلم تُلحّ في السؤال، فعلى قدر العلاقة العابرة التي تجمعها بتلك المرأة، فإن ما باحت به من أسرار كافٍ لأن تشعر بالامتنان.

توقفت السيارة عند زقاقٍ يخلو من كاميرات المراقبة، وكانت هناك مركبة رباعية الدفع سوداء مركونة مسبقًا في المكان.

قالت المرأة: "علينا أن نبدّل السيارة."

"حسنًا."

سارعت سارة بالنزول، واكتشفت أنّ السيارة الجديدة تتمتع بأداءٍ عالٍ، حتى نوافذها مصنوعة من زجاج مضاد للرصاص.

اتجهت السيارة نحو الضواحي، وبدا على سارة شيء من التوتر، ففتح السيد مصطفى الثلاجة الصغيرة، وأخرج زجاجتي لبن رايب، ثم قال وهو يناولها واحدة: "هل ترغبين في شرب بعض اللبن؟"

نظرت إليه سارة بدهشة، ترى رجلًا يرتدي خاتمًا فاخرًا من الياقوت الأزرق، يشرب اللبن بطريقة طبيعية تمامًا، وكان بطعم الفراولة.

قالت وهي تتناول الزجاجة: "شكرًا، شكرًا لك."

ابتسم السيد مصطفى بخفة، وقال: "بصراحة، أغلب أفراد عائلتنا يحبون اللبن، خصوصًا بنكهة الفراولة."

قالت سارة مبتسمة: "نعم، طعمه لذيذ فعلًا"، كانت تعلم أنه يحاول التخفيف من توترها، فبادلته الامتنان داخليًا.

الطعم الحلو الحامض انتشر على طرف لس
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 400

    ما دام العم يوسف ما يزال موجودًا، لم يرغب أحمد في تعقيد الأمور أكثر، فلم يتعمّد استفزازه.لكن الحق يُقال، حين رأى زهرة مجددًا، تلاشت كل المشاعر المعقّدة في قلبه، ولم يتبقّ سوى خيبة أمل لا توصف، إذ لم يفهم كيف لفتاة كانت يومًا ما بهذا القدر من البراءة واللطافة أن تتحول إلى شخص كهذا.قال أحمد لها: "هل خضعتِ لعملية تجميل؟"حتى ملامحها لم تعد تحمل أي شبهٍ بعائلته كما كانت لدى أسماء، راودته عشرات الأسئلة التي أراد أن يطرحها.قالت بكل صراحة: "نعم"، طالما هو من يسأل، لم تجد حاجة لإخفاء أي شيء.سألها: "ولماذا لجأتِ للتجميل؟"تجنبت نظره وهي ترد: "لا شيء بيني وبينك يمكن الحديث فيه، هذا المكان لا يصلح للبقاء، غادر من فضلك، واعتبر أنّك لم ترني قط".أحمد وقف في وجهها، مانعًا طريقها: "لا تريدين العودة إلى العائلة، ولا تعترفين بي كأخٍ لكِ، بل وتؤذين سارة، ألا يجدر بكِ أن تشرحي لي لماذا؟ لماذا تتسببين بالأذى لأناسٍ أبرياء؟ ألم تكوني في صغركِ تبكين لأيامٍ حين تموت قطة صغيرة؟ كيف وصلتِ إلى هذه الدرجة؟"تذكّر جيدًا كم تألمت زهرة في طفولتها حين ماتت تلك القطة، حتى أنّه بعد ذلك لم يسمح لسارة بإحضار قطتها ش

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 399

    استدارت سارة وغادرت، دون أن تواصل الاستماع لما يُقال في المكان.كل ثانيةٍ تبقى فيها هناك كانت إهانةً لنفسها، فكم كانت محبتها لأحمد طوال تلك السنوات مثيرةً للسخرية؟رغم أنّ زهرة دمّرت عائلتها وألحقت بها الأذى، إلا أنها في حديثه ما زالت زهرة الصغيرة الرقيقة.فكّرت في تلك الليلة، حين كاد السم أن يُحقن في جسدها، وكيف كانت قاب قوسين أو أقرب إلى مغادرة هذا العالم.مجرد النفس الذي يصدر من أحمد كان يجعلها تشعر بالغثيان.أمامها يتحدث عن حبه، ويعدها بإجابات، وفي الحقيقة لم يكن يفعل سوى إخفاء الأدلة حتى لا تتمكن أبدًا من معرفة الحقيقة.أهذا ما يُسمّى حبًا؟حين غادرت سارة، التقطت حجرًا من حافة الشرفة، وفي لحظةٍ من الغضب، تمنّت بصدق أن تسحق به رأس أحمد.تنفّست بعمق، ومضت دون أن تلتفت خلفها.كان صوت زهرة أجشًا، هذه المرة لم تتعمّد التظاهر أو التجمُّل."أختكِ ماتت منذ زمن، ومن ترينه الآن مجرد جثةٍ تمشي على الأرض."كان صوتها خاليًا من أي انفعال، لكن أحمد ما زال يتذكّر كم كانت زهرة صغيرة ولطيفة في صباها.في هذا العمر، كان من المفترض أن تكون زهرةً في أوج تفتّحها، لا أن تتحدّث كما لو كانت عجوزًا مكسورة ت

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 398

    غادرت سارة المكان مسرعة وهي تملؤها الشكوك، لكنها فوجئت بشخصٍ يسحبها فجأة ويكمم فمها، ويجرّها إلى جانب الشرفة.كان على جسده عبقٌ خفيف من العطر، وحين شعرت به، لم تتفاجأ كثيرًا، فقد أدركت على الفور أنه السيد مصطفى، لكنها لم تفهم بعد ما الذي ينوي فعله.رمقها السيد مصطفى بنظرة، مشيرًا بعينيه إلى الأسفل.إلى الأسفل؟كانا يقفان في شرفة الطابق الثاني، وفي العشب الواسع في الطابق الأول، لا تدري متى، ظهر شخصان واقفان هناك.حتى وإن كان أحدهما يُظهر ظهره لها، فقد تعرفت عليه على الفور.أليس ذاك أحمد؟كان ممسكًا بذراع امرأة نحيلة ترتدي فستانًا أبيض طويلًا.إنها زهرة، التي لم يمضِ وقت طويل منذ أن التقتها.هدفه كان الإيقاع بمنظمة الحشرات السامة، فهل يُعقل أنه كان يعرف منذ البداية أن زهرة هي أحد أفرادها؟حين خطرت لها هذه الفكرة، شعرت سارة ببرودة تجتاح ظهرها.لكنها سرعان ما هزت رأسها؛ أحمد يحبها، لا يمكن له أن يخدعها في أمرٍ كهذا، لا بد أن ما تراه الآن مجرد صدفة، وربما هو نفسه لم يعلم بالأمر إلا للتو.لكن وجهها سرعان ما تلقى الصفعة الأولى من الواقع.قالت زهرة بصوتٍ بارد: "اتركني".قال أحمد بنبرة حزينة: "

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 397

    رغم أنّ قلب صفاء كان يرفض الأمر بكل جوارحه، إلا أنّها لم تجد سبيلًا آخر، فاضطرت إلى الاعتراف بالحقيقة كاملة.عندما أنهت سارة الاستماع إلى كل ما جرى، تبدّل وجهها على الفور.قالت بغضبٍ شديد: "إذًا كنتِ تعرفين منذ البداية أنّ تطابق النخاع العظمي تمّ بنجاح، ومع ذلك لم تنطقي بكلمة واحدة؟ تركتِ أمي تزداد سوءًا في المستشفى حتى وصلت إلى حافة الموت؟! حتى إن لم تكوني تعرفين هويتها، ألم يكن لديكِ قلب؟ لقد سرقتِ حبّ أمي الذي كان من المفترض أن يكون لي طيلة هذه السنوات، فماذا تريدين بعد؟!"كلما فكّرت سارة في الأمر، ازداد غضبها، وكأنّها على وشك الانفجار.كيف يمكن أن يكون في هذا العالم أناس بهذه القسوة والبرود؟قالت بسخريةٍ جارحة: "حتى لو ربيتِ كلبًا، لكان تعوّد عليكِ منذ زمن!"انهارت صفاء باكيةً حتى عجزت عن النطق، ثم تمتمت: "أعرف أنّ كل شيء كان خطأ من جهتي، لكن هذا ليس وقت العتاب، إن كنتِ ترغبين فعلًا في إنقاذي، فساعديني على الخروج من هنا، يجب أن أتبرع بالنخاع العظمي لأمي في أقرب وقت، وإلا سيكون الأوان قد فات."قاومت سارة بشدّة رغبتها في صفعها، وأخذت نفسًا عميقًا عدة مرات لتحاول تهدئة نفسها.قالت ببر

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 396

    كانت زهرة تظنّ أنّ السيّد ي جاء ليُحاسبها، غير أنّ الواقع لم يكن كذلك، فسرعان ما سمح لها بالمغادرة.ولأنّ صفاء قد تكون أيضًا في هذا القصر، لم يغادر الاثنان، بل نزلا في جناحٍ خاصٍّ رتّبه لهما صامد.وبعد أن تأكّد السيد مصطفى من خلوّ الغرفة من أيّ أجهزة تنصّت، قال أخيرًا: "ما الذي تريدين سؤالي عنه؟"سألته: "هل كنت تعرفها منذ وقتٍ طويل؟"أومأ برأسه، "نعم، أنا من أنقذها، فقط عندما عثرتُ عليها في ذلك الوقت كانت بائسةً للغاية، إذ كانت معظم أنحاء جسدها محترقة بالنار، حتى وجهها أصيب بحروقٍ تجاوزت الأربعين بالمئة، لذا في البداية لم أكن متأكدًا إن كانت هي الفتاة التي تبحثين عنها."شهقت سارة بدهشة، "لا عجب أن صوتها بدا غريبًا بعض الشيء."قال السيد مصطفى: "تلك الفتاة، إضافةً إلى الحروق، كان جسدها مليئًا بالجروح، عندما وجدتها كانت على شفير الموت، نحيلة كأنها هيكل عظمي، لم يكن في جسدها موضعٌ سليم، وبعد نصف عام من الرعاية، بدأت ملامحها تعود إلى طبيعته."وعندما قال هذا، هزّ رأسه بأسى، "ولم يمضِ وقتٌ طويل حتى رحلت برفقة المتمرّدين من منظمة السلام والأمان، ولم أرَ تلك الفتاة بعدها قط، في الحقيقة، لم ألتق

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 395

    اقترب العم يوسف من جانب المرأة، وعلى وجهه بدا شيء من القلق، وقال بصوتٍ منخفض: "هل ابنتي بين يديكِ؟"رفعت المرأة رأسها تنظر إليه، وكان قناع بوجه شيطان يغطي ملامحها، أجابت بصوت هادئ: "دعني أنهي العزف، وسأخبرك."قاوم العم يوسف الغليان الذي اعتمل في صدره بصعوبة، فهو يعلم جيدًا أن أفراد منظمة الحشرات السامة لا يعرفون الرحمة، ولم يجرؤ على استفزازها دون حساب.حين رآها تزحف قليلاً لتفسح له مكانًا، جلس بجوارها.هو يعرف العزف على البيانو بالطبع، ولكن خبرته لا تتجاوز قراءة النوتات، وقدرته لا تزيد عن عزف لحنٍ متعثر.تحت قيادتها، بدأت أصابعه تلامس مفاتيح البيانو، يعزف ببطءٍ شديدٍ نغمةً لم يلمسها منذ زمن بعيد.وبالكاد أنهى العزف، حتى عاد يسألها من جديد: "هل أنتِ من اختطف ابنتي؟"ضحكت ضحكة قصيرة، وقالت: "أتذكّر أنك جئت إليّ تطلب علاجًا لمرض سرطان الدم، أليست زوجتك ما زالت في العناية المركزة؟""هل تملكين طريقةً لإنقاذها؟""بالطبع، وإلا لما جئتَ إليّ، أليس كذلك؟" أجابت بنبرة طبيعية.لكن العم يوسف لم يبدُ عليه أيّ أثر للفرح، بل على العكس، بدا عليه التوجس، وقال بتحفظ: "وما هو الثمن؟"سمع ضحكتها الخافتة،

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status