Share

الفصل 667

Author: سيد أحمد
حتى لو كانت سياراتهم من أفخر الأنواع، بل حتى أبسط السيارات، فمن النادر أن تُترك بلا صيانة إلى أن تتعطل مكابحها، فكيف يمكن أن يحدث عطل كهذا؟

بدأت سارة تستعيد صفاء ذهنها تدريجيًا وقالت: "هل هو الشخص نفسه الذي تسبب لنا بفقدان طفلنا؟"

أجاب أحمد: "أمي لم تظهر طوال هذه السنوات، ومن المستبعد أن يكون لها أعداء، والسيارة التي جئتُ بها قبل قليل لم يحدث لها شيء، وحدها السيارة التي كنتنّ تركبنها تعطلت، فالأمر بنسبة كبيرة مرتبط بعدو لكِ أنتِ."

اتسعت عينا سارة بصدمة وقالت: "يا له من قلبٍ قاسٍ ووسيلة بالغة الوحشية."

منذ أن استيقظت من فقدان الذاكرة، كان أحمد يغمرها بالحب حتى يكاد يرفعها إلى السماء، ورغم أنه طالما أوصاها بالحذر، لم تشعر قط بخطر حقيقي إلا اليوم، حين لامست الموت عن قرب.

أمامها كانت مقدمة السيارة قد غاصت في منطقة التخفيف وبدت مشوهة تمامًا، ولولا تلك الوسادة التي أوقفت الاندفاع، لارتطموا مباشرة بجدار صلب، وعندها لم تكن السيارة لتتحطم فقط، بل كانوا جميعًا سيتحولون إلى أشلاء.

شدّت سارة على كفها حتى غاصت أظافرها في راحة يدها، وقالت بمرارة: "حقًا لم يكن لي أعداء كبار في الماضي؟ ما حجم الكراهية
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 918

    خفضت سارة رأسها فجأة، فرأت حركتها الآن، ولو لم يكن أحمد قد أمسك بيدها، لكانت قد مالت عليه تمامًا.بعد فركها الشديد منذ لحظات، صار شكل حافة سرواله الداخلي الداكن بارزًا بوضوح.سارعت سارة إلى سحب يدها من كفه، كانت ردة فعلها سريعة للغاية، وحين أفلتت، سقطت على الأرض بمؤخرتها، وقالت متألمة: "آه!"ارتبك أحمد واقترب مسرعًا ليجذبها: "سارة حبيبتي، هل أنتِ بخير؟"كانت الأرض مغطاة بالفقاعات التي صنعتها سارة، وفي عجلة من أمره انزلق هو أيضًا."آه!"ارتطم الاثنان بقوة، فوقع أحمد فوق سارة.بات كل منهما يشعر بوضوح بملامح جسد الآخر.كادت سارة تجن، مثل هذا الموقف حتى الروايات لا تجرؤ أن تكتبه بمثل هذه المصادفة!كان أول خاطر لها هو جراحه: "كيف حالك؟ هل انفكت الغرز؟"جرّ هذا الارتطام القوي ألمًا شديدًا في ظهر أحمد، اجتاحه حتى كاد يعصف به.لكنه تمالك نفسه وقال: "لا بأس، دعيني ألتقط أنفاسي قليلًا."لم تجرؤ سارة على أن تدعه يستخدم ذراعيه خشية أن يشد على الجرح، فاستسلمت لتتركه مسندًا عليها.لكن ما إن أسند جسده، حتى أدركت سارة بوضوح أنه بدأ يستجيب.احمرّ وجهها وهي تصرخ: "أحمد، أيها الوغد!"تنهد أحمد بوجه ملؤه

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 917

    كان وجه سارة قد احمرّ تمامًا، حتى بدا كتفاحة ناضجة متلألئة.مع أنهما في الماضي عبرا حدودًا أعمق من ذلك بكثير، إلا أنها لم يسبق لها أن نزعت سرواله بيدها، والأسوأ أن بينهما الآن طلاقًا يفرّق.أما أحمد فقد بدا في غاية الهدوء، ينتظرها دون استعجال.لم يُدرَ ما الذي قالته سارة لنفسها لتقنع قلبها، لكنها بعد أن التقطت نفسًا عميقًا بدأت أصابعها تتحرك.أغمضت عينيها وهي تسحب سرواله، ثم استدارت بسرعة لتعدّل درجة حرارة الماء.وحين التفتت من جديد، كان أحمد قد جلس، ساقاه متباعدتان قليلًا، وعضلات جسده مرسومة بوضوح حدّ الجنون، منظرٌ يفتن أي امرأة.غير أن أحمد كان مستقيم الظهر، جالسًا في وقار، وملامحه الوسيمة جادة حدّ المبالغة، كأن مجرد التفكير بهكذا اتجاه هو إساءة بحقه.قال بهدوء: "حبيبتي سارة، لقد أتعبتُك."لم تجد سارة ما تقوله، فالمكان وإن كان مهيأً جيدًا، إلا أنه لا يشبه بيتها المليء بأدوات الاستحمام المريحة، فبللت صدره بالماء، وعصرت شيئًا من الصابون في راحتها، وبدأت تمرره ببطء على جلده.كانت قد استراحت خلال العامين الأخيرين، حتى اختفت قساوة كفّيها، وغدت ناعمة طرية، وكلما انزلقت على جسد أحمد اشتعلت

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 916

    عندها فقط تذكرت سارة أن أحمد لم يستحم منذ ثلاثة أيام، وفي العادة كانت تكتفي بمسح يديه وقدميه بالمنشفة، أما أكثر من ذلك فلم يكن.وهو في بيته رجل لا يمرّ عليه يوم دون استحمام، فكيف وقد ظلّ محروماً من ذلك طوال هذه المدة، لا شك أنه يعاني كثيرًا.إنها حاجة طبيعية، ولا عيب فيها.قالت له: "سأتصل بخالد ليأتي ويمسح لك جسدك، فظهرك لا يجوز أن يلامسه الماء."أجاب بهدوء: "حسنًا."رفعت سارة الهاتف، وبدا صوت خالد على الطرف الآخر منشغلًا للغاية، حتى أن الضجيج في المكان كان شديدًا.قال معتذرًا: "سيدتي، عذرًا، أنا وأخي مشغولان جدًا هذه الأيام، أخشى أننا لن نتمكن من الحضور في اليومين القادمين، وإن احتجتِ شيئًا فأخبري الممرضات، فهنّ سيقمن بكل ما تحتاجينه."وقد أوصل كلامه إلى هذا الحد، فلم يكن أمام سارة إلا أن تصمت دون إلحاح.أغلقت الهاتف وقالت: "سأبحث لك عن ممرضتين ليدخلن ويساعدنك."لكن معصمها شُد فجأة، وجذبها أحمد بقوة نحوه حتى كادت تسقط، فاضطرت أن تسند يديها إلى حافة السرير.وبهذه المسافة القريبة، أبصر أحمد بوضوح قطرات ماء صغيرة تنحدر من عنقها إلى الأعماق الخفية من جسدها.لحس شفتيه بخفة، وقال بملامح جاد

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 915

    لم يرفع أحمد رأسه حتى، واحد يطعم وآخر يأكل، كأن ثقته بسارة مطلقة لا تقبل شكًّا.تصرفه هذا كان بمثابة صفعة قوية على وجه ندى.شعرت ندى وكأنها صارت أضحوكة.انسجامهما بدا واضحًا، وحين غاصت أسنانه في بعض الثمار الغنية بالعصير، انزلقت بضع قطرات من فمه على جانب شفتيه.سارعت سارة تمسح فمه بالمنديل برفق.بعد أن فرغا من الفاكهة، جلست سارة صامتة إلى جواره، تنتظر حتى أنهى القراءة قبل أن تقول: "إن كان الوقت مناسبًا يمكننا تبديل الضماد الآن."أجاب بصوت منخفض: "حسنًا."مضت سارة إلى الحمام، وعادت تحمل ماءً دافئًا ومنشفة ساخنة، ثم التفتت نحو ندى قائلة: "آنسة ندى، حان وقت تبديل الضماد."قالت ندى بحدة: "هو رجل، أيخشى أن يراه أحد؟"اشتعل قلبها نارًا، فالتفاح الذي قشّرته لم يأكله، أما ذلك الذي قطعته تلك المرأة الثعلبة فقد التهمه كله.لم تفهم ما السحر الذي بثّته سارة في قلبه.قال أحمد بهدوء قاطع: "باستثناء زوجتي، لا أحتمل وجود أحد آخر."اغرورقت عينا ندى بالدموع وقالت بانكسار: "لكن يا أحمد، لقد طلقتم منذ زمن!"مدّ أحمد يده، وجذب يد سارة إليه قائلًا: "لكنني ما زلت أرغب في العودة إليها، غير أن سارة حبيبتي لا ت

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 914

    كانت الباروكة التي ترتديها سارة قد فسد شكلها بين يدي أحمد وهو يعبث بها مبتسمًا: "ما زال شعركِ الحقيقي أجمل، ناعمٌ وعاطر."قالت بضجر: " أنت مزعج." ثم أصدرت همهمة وهي تمضي خلفه لتضع الدواء على جرحه، وبعدها أعادت لفّه وربطه بعناية.ساورها شعور قوي أن أحمد يخطط لأمر جلل، ولهذا أراد منها أن تغادر بسرعة.لقد انفصلا، ولم يعد ملزمًا بأن يخبرها بما ينوي فعله.صحيح أن الطفل نجا، لكن الجراح التي تركها في نفسها كانت حقيقية أيضًا.لقد جازى دَينًا في عنقه بأن ألقى بآلامه فوق كتفيها، وذلك في جوهره ظلم كبير لها.لن يعيد وجود هذا الطفل العلاقة بينهما، فالرابط الوحيد الباقي لم يعد سوى كونهما والدين له.بقاؤها سبعة أيام إلى جانبه للعناية به ما هو إلا سداد لجميل إنقاذه حياتها في تلك المرة.ومن الآن فصاعدًا، كلٌّ يسلك طريقه الخاص، أما سارة فقد حسمت أمرها بالطريق الذي تريد أن تمضي فيه.الأيام التالية كانت أشبه بأكثر اللحظات هدوءًا بينهما منذ سنوات، لا صراع فيها ولا جراح قاسية.هي تولّت رعايته بعناية وصبر، فلم تغفل عن مأكله ومشربه ولا عن تفاصيل يومه.ولم تعرف سارة ما الذي أوكله أحمد خفية إلى خالد ومحمود، إذ

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 913

    كانت تلك دموع الفرح التي انهمرت من عيني سارة، إذ غمرها السرور والانفعال حتى عجزت عن إيجاد الكلمات المناسبة، وكل ما كان يدور في ذهنها هو ملامح وجه فارس البريئة اللطيفة.لقد كانت حقًا حمقاء، فلو عرفت منذ البداية، لكانت أمضت وقتًا أطول مع ذلك الطفل.قال أحمد: "حبيبتي سارة، لا تبكِ، فأنا أعلم أن الخطأ كلّه خطئي أنا."رفعت سارة يدها وضربته بخفة على كتفه قائلة: "بالطبع هو خطؤك."ومع أنها تجنبت موضع جرحه، إلا أن الحركة أثارت الألم، فقبض أحمد على أسنانه متألمًا.لقد حلمت غير مرة من قبل، لو أنّ فارس كان ابنها، كم كان ذلك سيكون رائعًا، أما الآن فالأمر لم يعد مجرد حلم، بل صار واقعًا، ففارس حقًا ابنها.شعرت سارة أن السعادة هبطت عليها بسرعة تفوق ما توقعت، وأدركت أن صبرها الطويل لم يكن عبثًا.وأخيرًا، تجلّى القمر بعد انقشاع الغيوم.قال أحمد: "لقد تنازلت مرارًا وتكرارًا مراعاةً لسالم، لكن صفاء ما فتئت تتجاوز الحدود وتثير المتاعب، لقد استنزفت كل ما لها من جميلٍ في عنق سالم، ولهذا أنهيت خطبتي بها، وما أستطيع فعله من أجلها الآن لا يتعدى أن أتركها تعيش بقية حياتها بسلام، وما عدا ذلك فلا شيء."كانت سارة ت

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status