Share

الفصل 677

Author: سيد أحمد
كادت كلمات السيدة ناريمان أن تُفجّر غضب السيد سامر، فقد كانت في الماضي دائمًا تخاطبه بحذرٍ وحرص، أما الآن فكل كلمة وكل فاصلة تخرج من فمها تحمل وخزًا جارحًا، ألهذا الحد بات لسان هذه المرأة مسمومًا؟

والمُزعج حقًا أنّ أكثر ما يُثير وجع السيد سامر هو طفولة شهيرة المليئة بالآلام، لكن حين بدأت السيدة ناريمان بسرد تفاصيلها بوضوح، أحسّ بالضيق، حتى أن يده التي كانت تطوّق خصر شهيرة ارتخت فجأة.

انفجرت شهيرة بالبكاء هذه المرة، ومن الواضح أنها بكت بصدق، إذ لطالما كانت تكره أن ينبش أحد ماضيها، وها هي السيدة ناريمان لا تجد سوى أكثر الجروح حساسية لتفتحها.

قال السيد سامر بحدة: "ناريمان، انظري إلى نفسكِ، هل فيكِ شيء من وقار الكبار؟ ما أنتِ إلا امرأة فظة! ألا تشعرين بالخزي؟" لم يجد في قاموسه كلمات أخرى يهينها بها، إذ لطالما كان وصفها بالـ"فظة" أكثر ما يردده في وجهها.

كانت السيدة ناريمان على وشك الرد، لكن سارة تقدمت بخطوة لتقول بصوت ثابت:

"سيد سامر، سواء كنتما مطلّقَين أم لا، حتى لو كانت مجرد امرأة غريبة في الشارع، لا يليق بك أن تصفها بتلك الكلمات البذيئة، فكيف وهي امرأة أحبّتك يومًا ما؟"

اتسعت عينا السي
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 682

    شهدت عائلة أحمد انقلابًا عاصفًا في أوضاعها، إذ خرج هيثم من غرفة المكتب وخلفه الخادم عمّ إبراهيم يتبعه بخطوات مفعمة بالزهو، حتى بدت ملامحه متباهية إلى أقصى حد.في ذلك الوقت كانت السيدة ناريمان لا تزال غارقة في دوامة مثلثٍ عاطفيٍّ لم تستطع الخروج منه، أما شهيرة فقد أثارت الفوضى بنزواتها، بينما كان سيد سامر متمسكًا بما يسميه رجولته الزائدة، يشد على يدها رافضًا تركها، مما أشعل غضب السيدة ناريمان.رفعت السيدة ناريمان يدها بقوة وصفعت سيد سامر صفعة مدوية، فتجمد في مكانه من الدهشة، إذ لم يكد يصدق أن هذه المرأة التي لم يَرَ منها التجرؤ منذ زمن، قد مدّت يدها عليه الآن!هذا المشهد أشعل بدوره غضب شهيرة، فانقضّت كأنها تدافع عن كنزها الثمين، وهاجمت السيدة ناريمان بجنون.لتتحول أجواء البيت إلى فوضى عارمة، سيدتان تتجاذبان شعر بعضهما، والخدم واقفون واجمون، لا يجرؤون على التدخل أو الانحياز لأي طرف.وحدها سمية اندفعت بخطوة سريعة، فأمسكت بشهيرة وأطاحت بها أرضًا بقوة، لتصرخ الأخيرة من شدّة الألم باكية، وتزداد الفوضى اشتعالًا في المكان.إلى أن ظهر هيثم فجأة وقال ببرود: "خالتي ناريمان، اعتذري لأمي الآن." كا

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 181

    هيثم كشف عن وجهه الحقيقي تمامًا، لم يعد يُحاول إخفاء غروره واستعلاءه، حتى بدا الفارق بينه وبين أحمد هائلًا، كأنّ بينهما بونًا شاسعًا لا يُقارن.تقدّم خطوة بعد أخرى حتى وقف أمام سارة، مدّ يده نحوها مبتسمًا بسخرية وقال: "يا زوجة أخي، اعتبارًا من اليوم… أرجو أن تُوجّهيني".لكن سارة لم تُقابل تلك اليد الممدودة، ولم تُعره سوى نظرة باردة، ثم تجاوزته مباشرةً واتجهت نحو الجد وجدي لتدعمه بيدها قائلة: "جدي، سأُرافقك إلى غرفتك".أومأ الجد وجدي برأسه ببطء، ثم نهض متكئًا على عصاه، واتجه معها عائدًا إلى غرفته، بينما كان الخادم إبراهيم يقف في زاوية الممر ينظر إلى ظهره المنحني بحسرةٍ وامتعاض.قال عمّ إبراهيم بصوت خافت: "سيدي، هل حقًّا تنوي القبول بشروطه؟"أجاب الجد وجدي بعد صمتٍ قصير: "في الوقت الراهن، لا نملك خبرًا مؤكدًا عن أحمد، وإن كان ما يقوله صحيحًا، فلن يكون أمامي خيار آخر، لكن لا تقلق، فمنذ سنوات وأنا قد نقلت معظم الأصول المهمة والأسهم إلى اسم أحمد، حتى لو اعترفتُ رسميًّا أمام الناس بمكانة هيثم، فلن يستطيع أن يمس شيئًا من تلك الممتلكات".ثم أضاف بنبرة يغشاها التفكير العميق: "هيثم لا يملك سوى و

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 680

    في مواجهة سؤال سارة الحاد، ارتسمت على ملامح هيثم ابتسامة نصر، وكأنه جنرالٌ خاض حربًا طويلة وها هو الآن يثأر لكرامته المهزومة. ثم قال بنبرة متهكّمة: "لا تتعجّلي يا زوجة أخي، ففي النهاية دمّنا واحد يسري في عروقي وعروقه، فكيف يمكن أن أؤذيه؟ أنا ذهبتُ خصيصًا لإنقاذه، غير أن إصاباته كانت بالغة، وهو الآن ما يزال تحت العناية المركّزة".سارة سارعت تسأله بقلق: "ما الذي حدث له بالضبط؟ وأين هو الآن؟"الجد وجدي كان يقلب حبات مسبحته بين أصابعه وهو يحدّق في هيثم بصرامة، ثم قال: "تقول إن الرجل بين يديك، أين الدليل؟"أخرج هيثم هاتفه وعرض مقطع فيديو قصير، ظهر فيه رجل ممدّد على سرير المستشفى، موصول بأجهزة التنفس، والأطباء يحيطون به في محاولة لإنقاذه، وبرغم ضبابية الصورة، كان واضحًا أن الملامح تعود إلى أحمد.سألته سارة: "كيف حاله الآن؟"أجابها هيثم: "بعد تدخل الأطباء نجا من الخطر، فلا داعي للقلق، فهو بالنسبة إليّ ورقة ثمينة، ولن أسمح أن تضيع مني بسهولة".كانت كلماته صادمة، إذ أطلق على أحمد صراحة لقب "الورقة" أو "القطعة" في لعبته، معلنًا أنه لم يعد يكلّف نفسه حتى عناء إخفاء نواياه.قال الجد وجدي بصرامة:

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 679

    رفع الخادم إبراهيم بصره هو الآخر نحو هذا الأبن غير الشرعي المتغطرس.لم ينتظر هيثم حتى يتكلم الجد وجدي، بل بدأ يتحدث من تلقاء نفسه قائلًا: "الحق يقال يا جدي، لقد كنتَ منحازًا طوال حياتك، أبي أحب أمي، لكنك لم تسمح لها بدخول هذا البيت، ليس هذا فحسب بل أنكرتَني أنا أيضًا، وألصقت بي لقب الأبن غير الشرعي، وتركتَ الناس يهنونني ويشتمونني، بينما ذلك الأخ الذي لم يكن ينبغي أن يولد أصلًا حاز على كل حبك وموارد عائلتك كلها، أليس هذا قمة الظلم؟"رفع الجد وجدي حجر المحبرة القريب منه، وضرب به بشدة وهو يصيح: "ابن الحرام الذي جأت به أمك دون زواج، أتجرؤ على رفع صوتك أمامي؟ اسمع جيدًا، كما أنني لم أعترف بأمك في الماضي فلن أعترف بك اليوم، وبمثل هذه الجرأة تريد أن تطالب بحق الوراثة؟ إنك تحلم!"ابتسم هيثم ببرود قائلًا: "أحقًا؟ إذن لو مات من تضع كل ثقتك فيه، هذا البيت الكبير، لمن ستتركه؟"قال الجد بحدة: "ماذا تقصد؟"اقترب هيثم بخطوات ثابتة من الجد، بينما ارتسمت على وجه الخادم علامات القلق وهو يحدق به بترقّب.قال هيثم بابتسامة ماكرة: "سمعت أن أخي الأكبر ذهب بالأمس إلى مصنع النصر، عجبًا! كيف لم يفكر بالعواقب؟ ت

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 678

    رفع الجد وجدي عينيه نحوه، وفي بريقهما قسوة لا تخفى، وقال بصوت غاضب: "ماذا قلت؟ أأنتَ تعرف شيئًا؟"ابتسم هيثم ابتسامة بريئة، غير أن عينيه كانتا تلمعان ببرودة سامة تشبه زحف الأفعى، وقال: "جدي، حفيدك يرغب في الحديث معك على انفراد، لا أدري هل يناسبك ذلك؟"كان يبتسم، لكن ما انبثق من نظرته كان من الشرور ما يجعل الظهر يقشعر.تأمل الجد وجدي وجهه مليًّا، ثم قال ببرود: "تعال معي إلى المكتبة".ساعدت سارة الجد وجدي حتى وصل إلى الباب، لكنه أذن فقط لهيثم بالدخول مع الخادم، بينما أُبقي الجميع خارجًا في الانتظار.لم يخلُ قلب سارة من القلق، فمزاج الجد في تلك اللحظة لم يكن مستقرًا، وهو في هذا العمر المتقدم قد لا يحتمل الصدمات، فخشيت عليه كثيرًا.ربتت السيدة ناريمان على ظهر يدها وقالت: "لا تخافي، الجد يعرف كيف يضبط نفسه".ثم أمسكت بيد سارة وسارت بها نحو الشرفة، وجلستا هناك، وأمرت الخدم بإحضار بعض الحلوى، ومنذ البداية وحتى تلك اللحظة لم تلقِ نظرة واحدة على سيد سامر.تناولت سارة بضع قطع من الحلوى محاولةً تهدئة اضطراب معدتها.في تلك الأثناء، دخلت سمية بخطى مسرعة، واقتربت من السيدة ناريمان تهمس في أذنها ببضع

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 677

    كادت كلمات السيدة ناريمان أن تُفجّر غضب السيد سامر، فقد كانت في الماضي دائمًا تخاطبه بحذرٍ وحرص، أما الآن فكل كلمة وكل فاصلة تخرج من فمها تحمل وخزًا جارحًا، ألهذا الحد بات لسان هذه المرأة مسمومًا؟والمُزعج حقًا أنّ أكثر ما يُثير وجع السيد سامر هو طفولة شهيرة المليئة بالآلام، لكن حين بدأت السيدة ناريمان بسرد تفاصيلها بوضوح، أحسّ بالضيق، حتى أن يده التي كانت تطوّق خصر شهيرة ارتخت فجأة.انفجرت شهيرة بالبكاء هذه المرة، ومن الواضح أنها بكت بصدق، إذ لطالما كانت تكره أن ينبش أحد ماضيها، وها هي السيدة ناريمان لا تجد سوى أكثر الجروح حساسية لتفتحها.قال السيد سامر بحدة: "ناريمان، انظري إلى نفسكِ، هل فيكِ شيء من وقار الكبار؟ ما أنتِ إلا امرأة فظة! ألا تشعرين بالخزي؟" لم يجد في قاموسه كلمات أخرى يهينها بها، إذ لطالما كان وصفها بالـ"فظة" أكثر ما يردده في وجهها.كانت السيدة ناريمان على وشك الرد، لكن سارة تقدمت بخطوة لتقول بصوت ثابت: "سيد سامر، سواء كنتما مطلّقَين أم لا، حتى لو كانت مجرد امرأة غريبة في الشارع، لا يليق بك أن تصفها بتلك الكلمات البذيئة، فكيف وهي امرأة أحبّتك يومًا ما؟"اتسعت عينا السي

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status