حبٌّ يخرج عن السيطرة، وقلبٌ يتوسل البقاء

حبٌّ يخرج عن السيطرة، وقلبٌ يتوسل البقاء

بواسطة:  الغابة العميقةتم تحديثه الآن
لغة: Arab
goodnovel4goodnovel
لا يكفي التصنيفات
30فصول
429وجهات النظر
قراءة
أضف إلى المكتبة

مشاركة:  

تقرير
ملخص
كتالوج
امسح الكود للقراءة على التطبيق

بعد ثلاث سنوات من الزواج، كان أكثر ما تفعله دانية يوسف هو ترتيب الفوضى العاطفية التي يخلّفها أدهم جمال وراءه. وحتى حين انتهت من التغطية على فضيحة جديدة له، سمِعته يضحك مع الآخرين ساخرًا من زواجهما. عندها لم تعد دانية يوسف راغبة في الاستمرار. أعدّت اتفاقية الطلاق وقدّمتها له، لكنه قال ببرود: "دانية يوسف، يوجد ترمّل في عائلة جمال… ولا يوجد طلاق." لذا، وفي حادث غير متوقّع، جعلته يشاهدها وهي تحترق حتى صارت رمادًا، ثم اختفت من حياته بالكامل. * عادت إلى مدينة الصفاء بعد عامين بسبب العمل. أمسكت بيده بخفة وقدّمت نفسها: "اسمي دانية، من عائلة الغانم في مدينة النسر…دانية الغانم." وعندما رأى أدهم جمال امرأة تُطابق زوجته الراحلة تمامًا، كاد يفقد صوابه رغم قسمه بألا يتزوج مجددًا، وبدأ يلاحقها بجنون: "دانية، هل أنتِ متفرّغة الليلة؟ لنتناول العشاء معًا." "دانية، هذه المجوهرات تليق بكِ كثيرًا." "دانية، اشتقتُ إليك." ابتسمت دانية يوسف بهدوء: "سمعتُ أن السيد أدهم لا يفكّر في الزواج ثانية." فركع أدهم جمال على ركبة واحدة، وقبّل يدها قائلًا: "دانية، لقد أخطأت… امنحيني فرصة أخرى، أرجوك."

عرض المزيد

الفصل الأول

الفصل 1

"دانية، كل وسائل الإعلام تتحدث عن أدهم الآن، والصحفيون سدّوا مدخل الفندق تمامًا. أتعبناكِ مجددًا."

الساعة العاشرة ليلًا.

جلست دانية يوسف أمام مكتبها، تمسك جبينها بتعب وهي تستمع لمكالمة حماتها دون أن تنطق بكلمة.

ثلاث سنوات من الزواج، وفضائح أدهم جمال وعشيقاته تنبت كالفطر بعد المطر، موجة تلو أخرى، لا نهاية لها.

وكلما سنحت لها فرصة لرؤيته، كان ذلك فقط لمساعدته في لملمة ما تسببه نزواته.

بقيت دانية يوسف صامتة، فواصلت يسرى العوضي بنبرة مثقلة بالهمّ:

"دانية، هذه المرة ليست مجرد سمعة الشركة وأسهمها… الأمر أن حورية أيمن عادت. هي مختلفة عن بقية النساء، ويجب أن تحافظي على زواجكِ من أدهم."

حورية أيمن… عادت؟

تقلّص حاجبا دانية يوسف بتعب شديد.

قالت برفق بعد صمت قصير: "أمي، فهمت… أنا قادمة الآن."

أغلقت الهاتف، وحدّقت في الشاشة طويلًا، قبل أن تنهض وتأخذ مفاتيح السيارة.

……

بعد نصف ساعة.

حين صعدت دانية يوسف من باب الفندق الخلفي، كان العم مالك وخديجة السباعي بانتظارها.

كانت خديجة السباعي تحمل حقيبة من إحدى الماركات الفاخرة، وتقدمت منها قائلة:

"سيدة دانية، الملابس جاهزة."

كانت نفس الملابس التي ترتديها حورية أيمن الليلة، لتأدية المسرحية الإعلامية المطلوبة.

أما العم مالك فطرق الباب:

"سيدي، وصلت السيدة."

"ادخلي."

أتت إجابة أدهم جمال الهادئة الواثقة.

فتح العم مالك الباب لها، فخرج أدهم جمال من الحمام مرتديًا بيجاما رمادية فضفاضة، وعضلات صدره وبطنه مرسومة بوضوح، يمسح شعره المبتل بمنشفة، يفيض كسلًا وجاذبية.

وعندما رأى دانية يوسف، لم يبدُ عليه أدنى قدر من الارتباك أو الذنب رغم أنّه بدا وكأنه ضُبط متلبسًا.

ثلاث سنوات… وقد اعتادا كل هذا.

انحنى والتقط سيجارة من على الطاولة، وضعها بين شفتيه وأشعلها.

نفث دخانًا خفيفًا، ثم قال لها ببرود عادي:

"جئتِ."

"نعم." أومأت دانية يوسف بلهجة رسمية: "سأذهب لأغيّر ملابسي أولًا."

أخذت الملابس من خديجة السباعي واتجهت نحو غرفة النوم.

وعند الباب، خرجت حورية أيمن وهي ترفع شعرها خلف أذنها.

توقفت دانية يوسف فورًا.

حورية أيمن… بالفعل عادت.

تجمدت حورية أيمن لحظة، ثم ابتسمت بسهولة وقالت:

"دانية وصلتِ."

ثم ربّتت على رأسها كما لو كانت تهدئ طفلة:

"تعبتِ يا دانية."

شدّت دانية يوسف قبضتها على الملابس، وقالت بصوت متماسك:

"لا داعي، أخت حورية."

لم تكن تعلمُ مسبقًا أن حورية أيمن كانت الحبَّ الأولَ لأدهم جمال، ولم تكن تعلمُ أنه كان لا يزال يحبّها في ذلك الحين.

ولولا جهلُها حينها، لما هزّت رأسها حين سأَلها الجدّ إن كانت تحبّ أدهم، ولما وضعته تلك الإجابة تحت ضغطٍ ليتزوّجها.

وحاضرها هذا… ما كان ليصير مهينًا إلى هذه الدرجة.

أما أدهم جمال، فكان دائمًا حاسمًا ودقيقًا، وقد أوصل مجموعة الصفوة إلى أوج ازدهارها.

حتى كبار القوم يهابونه.

لكن حياته الخاصة… مثقوبة بكل الفضائح.

لعله كان كارهًا لهذا الزواج، لذلك يعاقبها ويعاقب الجد بهذه الطريقة.

مرّت حورية أيمن من جانبها، فالتفتت دانية يوسف بلا وعي.

ناولها أدهم جمال سترة وقال بلطف:

"ارتديها، لا تصابي بالبرد."

ضحكت حورية أيمن بسعادة:

"أنت تهتم بي دائمًا، أدهم."

نظرت دانية يوسف إليهما طويلًا، وقلبها يغص بالشجن.

هو الذي أنقذها من النار سابقًا، هو الذي كان يعاملها بلطف… كيف أصبحا هكذا؟

دخلت الغرفة دون كلمة.

بدّلت فستانًا أبيض مطابقًا لفستان حورية أيمن، ولما عادت كانت الأخيرة قد غادرت، وكذلك العم مالك وخديجة السباعي.

لكن طرق الباب في الخارج كان كالرعد.

"الرئيس أدهم، سمعنا أنك ستتطلق، هل هذا صحيح؟"

"الرئيس أدهم، هل أنت الآن مع الآنسة حورية أيمن؟"

لو التقطت الصحافة دليلًا واحدًا على خيانته، لانهارت أسهم المجموعة.

نهض أدهم جمال بتكاسل، وفتح الباب ببرود.

"الرئيس أدهم، هل ستستمر السيدة دانية في منصبها بعد الطلاق؟ كم ستحصل عليه؟"

"هل ستحصل على أسهم؟"

عند باب غرفة النوم، ضحكت دانية يوسف بسخرية خفيفة.

الكل ينتظر طلاقها مسبقًا… كم هم متنبئون.

تماسكت، ومشت بخطى هادئة حتى وقفت خلف أدهم جمال.

ثم مررت ذراعها حول خصره، وأسندت ذقنها على كتفه، وقالت برقة:

"حبيبي، ماذا يحدث؟"

نظرة واحدة منها، ويده حول خصره، جعلت الجميع يصدم.

"السيدة دانية؟"

"ليست حورية أيمن… إنها السيدة دانية!"

بدأوا يلتقطون الصور بجنون، لكن كانت الوجوه مليئة بخيبة الأمل.

ظنوا أنهم قبضوا على فضيحة… فإذا هي زوجته الشرعية.

وهي لا تزال تحتضنه.

التفت أدهم جمال إلى الصحفيين ببرود:

"هل نحتاج لرد؟"

"عذرًا رئيس أدهم، سيدة دانية… أزعجناكما."

"نتمنى لكما ليلة سعيدة."

أغلق الباب.

فأبعدت دانية يوسف ذراعيها بسرعة وقالت ببرود:

"كنت فقط أتعامل مع الصحفيين."

تجاهلها، وذهب ليبدّل ثوبه.

ظهره العريض وخصره النحيف، بشرته البيضاء…

ارتبكت دانية يوسف واحمرّ وجهها، وقالت بخفوت:

"سأعود للشركة الآن."

نظر إليها، لكنها كانت قد فتحت الباب وغادرت.

وقف طويلًا يحدّق بالباب… ثم عاد لارتداء ملابسه.

*

أمسكت دانية يوسف المقود بإرهاق في طريق العودة، تشعر باختناق في صدرها.

أخبرها الطبيب قبل شهر بوجود تكتلًا بسيطًا في جسدها، وطلب منها تخفيف التوتر.

لم تكن لديها قبل الزواج.

نظرت إلى اتفاقية الطلاق على المقعد، وتنهدت بيأس.

أخذتها إلى الفندق… ثم أعادتها معها.

لثلاث سنوات وهي تتردد. أرادت الطلاق عشرات المرات، لكن كلما تذكرت أنه حملها من وسط النيران، فتتراجع.

كانت تخشى أنها إن قدمت الاتفاق… سيوافق فورًا، ولن يبقى لها سبيل للعودة.

لذلك ظلت الاتفاقية بجانبها طويلًا.

……

بعد انتهاء الفضيحة، عاد كل شيء كما هو.

كالعادة.

مرت دانية يوسف صباح ذلك اليوم بجوار قاعة اجتماع صغيرة.

"إعادة الحساب؟ رئيس أدهم، هذه سادس مرة!"

"زوجتك دانية يوسف محظوظة، جعلها زواج واحد تطير للعلاء، لا تحتاج حتى لإعداد المخططات، تكتفي بوضع توقيعها ليرضى الطرف الآخر!"

تحسدينها؟ من غيرها يملك تلك الحِيَل، ويعرف كيف يكسب القلوب، ويجيد التحمّل؟ رأيتِ فضيحة الليلة قبل الماضية؟ عادت لتغطية فضائحه أيضًا. إنها بحقّ امرأة تتسامح مع خيانة زوجها بلا حدود!"

ثم قال صوت شاب:

"سيد أدهم، سمعت أن دانية يوسف جاءت الفندق بينما كنتَ مع حورية أيمن… ألا تبالغ قليلًا؟ هل بكت؟"

استمع أدهم جمال لهم وهو يبتسم قائلًا:

"من أين سمعتم كل هذا؟ يبدو مثيرًا."

كان يتناول العشاء مع حورية أيمن في تلك الليلة، وسكب النادل العصير على ملابسهما، فصعدا لتبديلها فقط.

لكنه لم يكترث للشائعات… ولا لمشاعر دانية يوسف.

"سيد أدهم، أنت وهي لا تناسبان بعضكما، طلّقها ودع غيرها يحصل على فرصة."

كانت دانية يوسف تقف صامتة خارج الباب، تحدق فيه.

يتحدث عن خيانته وكأنه مجرد غريب.

المشروع الذي يعملون عليه هو مشروع حكومي، لا يسمح لها بالمشاركة فيه أبدًا.

حياته كلها مغلقة في وجهها بعد الزواج… أكثر مما كان قبل الزواج.

جلس إيهاب نبيل بكسل وقال:

"يا أدهم، لا تسمع لهم. تساعدك دانية في الشركة، وتهتم بك في البيت.

أنت تسهر وتعبث، وهي لا تعترض بل تغطي على فضائحك. أي امرأة تستطيع فعل ذلك؟

قبل مئتي عام، كانت ستُقام لها نصبًا تذكاريًا! مثل هذه الزوجة… وتفكر بالتخلي عنها؟"

اعترضت فتاة:

"مجرد غضّ الطرف، أنا أستطيع القيام بما هو أفضل لو طلّقتها! ومهري أكبر بكثير من مهر دانية يوسف!"

"رُقية عمرو، ليس دورك، ما زالت حورية أيمن موجودة."

أما أدهم جمال فابتسم:

"رُقية عمرو، دعي جدك يجهّز المهر."

ساد الضحك في الداخل… وهي بالخارج تتلقى الطعنات.

عادت دانية يوسف إلى مكتبها دون كلمة.

هي حقًا فتاة عادية.

أمها معلمة توفيت عندما كانت في الثامنة، وأبوها شرطي استُشهد أثناء مهمة، وجدها كان جنديًا بسيطًا، سائق لجد أدهم جمال.

لذلك عرفته منذ الطفولة.

وضعها الجد بعد الزواج في منصب نائبة الرئيس لمساعدته.

مساعدة… أو مراقبة.

ومع ذلك، لم تستطع أن تضبطه.

أخرجت اتفاقية الطلاق من الدرج، وحدقت بها طويلًا.

كان عليها أن تكفّ عن خداع نفسها…

كانت تعلم منذ زمن… أنها لن تحصل على قلب أدهم جمال.

فجأة… لم ترغب في الاستمرار.

لم تعد تريد أن تكون حجر عثرة في طريق سعادته.

وحين انتهى من الاجتماع، ذهبت إليه.

عند باب مكتبه، خرج أدهم جمال، ففوجئ برؤيتها قليلًا وقال:

"هل هناك شيء؟"

قالت: "هناك بعض الملفات تحتاج توقيعك."

عاد إلى مكتبه، والتقط القلم.

وقّع على الملفات، فمدّت نحوه نسختين من اتفاقية الطلاق وقالت بصوت ثابت:

"حين يناسبك الوقت… لنُنْهِ هذا الزواج."

تجمّد القلم في يده، وبقي ينظر إلى دانية يوسف دون حركة.

توسيع
الفصل التالي
تحميل

أحدث فصل

فصول أخرى

تعليقات

لا توجد تعليقات
30 فصول
الفصل 1
"دانية، كل وسائل الإعلام تتحدث عن أدهم الآن، والصحفيون سدّوا مدخل الفندق تمامًا. أتعبناكِ مجددًا."الساعة العاشرة ليلًا.جلست دانية يوسف أمام مكتبها، تمسك جبينها بتعب وهي تستمع لمكالمة حماتها دون أن تنطق بكلمة.ثلاث سنوات من الزواج، وفضائح أدهم جمال وعشيقاته تنبت كالفطر بعد المطر، موجة تلو أخرى، لا نهاية لها.وكلما سنحت لها فرصة لرؤيته، كان ذلك فقط لمساعدته في لملمة ما تسببه نزواته.بقيت دانية يوسف صامتة، فواصلت يسرى العوضي بنبرة مثقلة بالهمّ:"دانية، هذه المرة ليست مجرد سمعة الشركة وأسهمها… الأمر أن حورية أيمن عادت. هي مختلفة عن بقية النساء، ويجب أن تحافظي على زواجكِ من أدهم."حورية أيمن… عادت؟تقلّص حاجبا دانية يوسف بتعب شديد.قالت برفق بعد صمت قصير: "أمي، فهمت… أنا قادمة الآن."أغلقت الهاتف، وحدّقت في الشاشة طويلًا، قبل أن تنهض وتأخذ مفاتيح السيارة.……بعد نصف ساعة.حين صعدت دانية يوسف من باب الفندق الخلفي، كان العم مالك وخديجة السباعي بانتظارها.كانت خديجة السباعي تحمل حقيبة من إحدى الماركات الفاخرة، وتقدمت منها قائلة:"سيدة دانية، الملابس جاهزة."كانت نفس الملابس التي ترتديها حوري
اقرأ المزيد
الفصل 2
حدّق أدهم جمال في دانية يوسف طويلًا، ثم قال بابتسامةٍ لا هي ضحك ولا هي غضب:"تريدين الزواج فتتزوجين، وتريدين الطلاق فتطلبينه...دانية يوسف، تعيشين فعلًا على هواكِ."حافظت دانية يوسف على يدها الممدودة بالاتفاقية، وقالت بهدوء:"فكرت طويلًا، وأرى أننا فعلًا غير مناسبين لبعض، ثم إنني حينها لم أكن أعرف علاقتك بحورية أيمن، ولم أكن أعرف…"لم تكد تُكمل حتى قاطعها أدهم جمال: "دانية يوسف… عادت حورية، لكن لا تُبالغي. أساليب التمنّع والتدلّل لا تجدي معي."كانت دائمًا تطمع في نفوذ عائلة جمال في نظره، وتُسحر الجد بكلامها المعسول حتى أقنعته بزواجها منه.من يطلب الطلاق؟ دانية يوسف هي آخر من قد يفكّر في مفارقته.شدّت دانية يوسف قبضتها على الاتفاقية حتى برزت العروق على ظهر يدها، لكنها اضطرت للمحافظة على هدوئها وقالت بنبرة ثابتة:"سواء كنتُ أبالغ أو أتدلّل، وقّع على الأوراق، ولنذهب معًا إلى مكتب الشؤون المدنية، وستعرف الحقيقة حينها يا أدهم جمال."كانت مُصرةً على أن تثبت نفسها.نظر إليها أدهم جمال قليلًا ثم قال ببرود:"حسنًا، أوافق على الطلاق.لكن قولي لي، يا دانية، هل وافق جدّك؟ هل حصلتِ على دفتر القيد ا
اقرأ المزيد
الفصل 3
منذ ثلاث سنوات من الزواج، لم يعد أدهم جمال إلى البيت إلا مرات قليلة تُعدّ على الأصابع، ولذا حين رأته يعود فجأة، شعرت دانية يوسف بصدمة حقيقية.ثم سألت بدهشة:"لماذا عدت؟"وسرعان ما شرحت:"أنا لا أقصد أنه لا ينبغي لك العودة… هذا منزلك، ومن الطبيعي أن تعود إليه."ثم أضافت بسرعة:"حمّام الغرفة لم أستخدمه منذ فترة طويلة، وكذلك السرير…تنظّف الخالة إلهام كل يوم وتُعقّم المكان."قالت ذلك لأنها تذكرت شيئًا.كان أدهم جمال يرتدي بدلة سوداء ذات مرة، وعندما أمسكت طرف كُمّه، سحب يده بقوة، ثم تخلّص من البدلة كلها.منذ ذلك اليوم لم تَعُد تلمسه، ولا تلمس أغراضه مطلقًا.كانت تبرّر خوفًا من أن ينوي النوم هنا الليلة، فيشعر بالاشمئزاز لأنها كانت تنام في هذه الغرفة.الواقع أنّها لم تعد تعيش هنا منذ وقت قصير من الزواج، بل كانت تنام دائمًا في غرفة الضيوف المجاورة.استمع أدهم جمال لكلامها، ثم خلع سترته ورماها بلا مبالاة على الأريكة.تحرّكت دانية يوسف جانبًا لتترك له الطريق.ولمّا أرادت الخروج وهي تحمل مستحضرات العناية بالبشرة، سأله فجأة ببرود:"أحضرتِ دفتر القيد العائلي؟"نظرت إليه وأومأت:"نعم. أعطاني جدّي إي
اقرأ المزيد
الفصل 4
ابتسمت حورية أيمن وهي تقف لتحيّيه:"التقيت للتو بدانية، فدعوتها لنتناول الغداء معًا، لن تمانع، أليس كذلك يا أدهم؟"رمق أدهم جمال دانية يوسف بنظرة باردة وقال:"طالما أنتِ مسرورة، فلا بأس."جلس بجانب حورية أيمن بكل طبيعيّة، وكأن زوجته ليست موجودة أصلًا.سكبت له الشاي مبتسمة:"كنتُ أتحدّث مع دانية منذ قليل، قالت إنكما تنويان الطلاق. كنت أفكّر أنه بعد طلاقكما، عليّ أن أقدّم لها شابًا جيدًا، لا يصح أن تضيع معها هذه السنوات بلا مقابل."كان من المفترض أن يجلس بجوار زوجته، ومع ذلك جلس قرب حورية أيمن بكل أريحية.أما نظراته لدانية يوسف فكانت دائمًا كمن يتجاوز عقبة في الطريق، يتفاداها فقط.لم تعد دانية يوسف ترغب في الحساب أو الغيرة؛ فهي لا تملك أصلًا رصيدًا يسمح لها بذلك.كل ما شعرت به هو الإحراج.كان ينبغي أن تتوقع أنه طالما ظهرت حورية أيمن في الشركة، فلا بد أن لقاءها به كان مُرتّبًا.قدّم النادل قائمة الطعام لأدهم جمال، فطلب بعض الأطباق، فذكّرته حورية أيمن:"أدهم، لا تطلب فقط ما أحبه أنا، اطلب أيضًا ما تحبه دانية."نظر إلى دانية يوسف وهو يحمل القائمة، وبدا في عينيه أن وجودها زائد عن الحاجة.وكا
اقرأ المزيد
الفصل 5
كان يظن أنها تضايقت من عودة حورية أيمن، وأنها تحاول أن تلعب لعبة شد الحبل وتغيّر أسلوبها في إغرائه.لم يتوقع أن تحضر فعلًا دفتر القيد العائلي، وأن تُعد أيضًا اتفاقية سرية، بل وتتابع حتى السياسة الجديدة التي صدرت قبل أيام.شعر أدهم جمال أن الأمر أصبح مثيرًا للاهتمام، وأراد أن يرى كيف ستستغل موضوع الطلاق لتطالب بمطالب مبالغ فيها.بعد أن سمعت كلامه، نظرت دانية يوسف إلى أدهم جمال، وشعرت أن ما يقوله لا يُصدق.لم تستطع حتى أن تتخيل إلى أي حد يراها حقيرة في قلبه.لا يمكنهما التواصل، هي وأدهم جمال ليس لديهما لغة مشتركة.تحيّزه ضدها لن يتغير حتى لو عاشت عمرها كله.حسنًا، لا بأس. لم يعد أي من هذا مهمًا.نظرت إليه أخيرًا وقالت بصوت منهك:"إن كنت تريد أن تظن ذلك، فليكن. فقط اختر يومًا يناسبك، ولنذهب لإنهاء الإجراءات."ما إن اعترفت بهدوء، حتى اختفت الابتسامة عن وجه أدهم جمال، واكتفى بأن يحدّق في دانية يوسف ببرود تام.ولمّا رأته صامتًا، قالت:"ارتَح الآن، وعندما يتوفر لديك وقت، فقط أخبرني."بعد أن أنهت كلامها، استدارت وسارت نحو الباب.وحين رفعت يدها اليمنى لتفتح الباب، أمسك شخص بمعصمها فجأة.وقبل أن
اقرأ المزيد
الفصل 6
انتفضت دانية يوسف فزعًا، ورفعت رأسها لتنظر إليه، وقالت:"ألم تنم بعد؟ لقد أخفتني."لم تُجب عن سؤاله، بينما كان أدهم جمال يُدخل يديه في جيبي سرواله وينظر إليها ببرود.شعرت دانية يوسف بوخزةٍ من الذنب أمام تلك النظرة، رغم أنها لا تعرف سببها.هو لم يهتمّ بها يومًا.تجنّبت عينيه وشرحت:"نفدت بطارية هاتفي. عادت صفية من رحلة عمل، وكنا نتناول العشاء معًا."ضحك أدهم جمال بسخرية وقال:"وجبة عشاء تحتاج إلى ستّ أو سبع ساعات؟"رفعت دانية يوسف عينيها لتنظر إليه بالطريقة ذاتها.من الواضح أنّه كان يعرف إلى أين ذهبت.حدّقت فيه بلحظات، ثم قالت:"من حقي أن يكون لي أصدقائي وحياتي الخاصّة أيضًا."أطرق برأسه ينظر إليها وقال بنبرة متكاسلة:"الزواج لم ينتهِ بعد، وعجزتِ عن إكمال التمثيل؟"تمثيل؟ متى مثّلت شيئًا؟منذ ثلاث سنوات بعد الزواج، لم تخرج بمفردها سوى هذه المرة.عاد إلى البيت قبلها الليلة فقط، وصادف أن نفدت بطارية هاتفها في الليلة نفسها.هكذا عاشت ثلاث سنوات، تنتظر وحدها في غرفةٍ خالية.نظرت إلى أدهم جمال ولم تجادله حول مَن المخطئ ومَن المصيب.ففي النهاية، هذا الطريق كانت هي من اختارته.اكتفت بالتذكير ب
اقرأ المزيد
الفصل 7
لمّا رأى أدهم جمال حالتها، سأل بصوت منخفض:"ما بكِ؟"قبضت دانية يوسف يديها بخفة قرب رأسها، ثم ابتلعت ريقها بصمت، ونظرت إليه بجدية وتابعت كلامها السابق:"أنا فكّرتُ مطوّلًا قبل أن أطلب الطلاق."تفسيره قبل قليل لم يكن مهمًا، ولا يغيّر شيئًا.بروده يومًا بعد يوم، ونفوره منها، ولامبالاته… هذه هي الحقيقة الوحيدة.وبينما تصرّ هي على الطلاق، قبض أدهم جمال على معصمها، وانحنى ليقبّل شفتيها مباشرة.قبلة مفاجئة جعلت عيني دانية يوسف تتسعان، وتجمّد جسدها بالكامل.حدّقت فيه مذهولة حتى كتمت أنفاسها.قبّل شفتيها برفق، وحين لاحظ أنها لا تتنفس من شدّة التوتر، ازداد قبَله نعومة.كان إيهاب نبيل قد قال له الحقيقة… عليه أن يدلل دانية يوسف قليلًا، وإلا ستثور فعلًا.لامس بشرتها الناعمة بأصابعه، وعندما رفعها عن السرير أطلقت "أمم…" خافتة، بدت غامضة ومشوّشة.ثم وضعت يديها على صدره محاولةً منعه.وعندما رآها تفعل ذلك، أمسك بيديها وشبّك أصابعه بأصابعها ليحبسها تمامًا.سألت بصوت يرتجف: "أدهم جمال… هل قبّلتَ الشخص الخطأ؟"وما إن نطقتْ بهذه الجملة… حتى فقد كل اهتمامه.ابتعد عنها، وأشعل الضوء الكبير، ثم نهض وأشعل سيجا
اقرأ المزيد
الفصل 8
ضحك أدهم جمال وهو ممسك بالمقود بكلتا يديه، وقال:"ما الأمر؟ هل تريدين أن تعدّي الأيام التي ستقضينها معي أيضًا؟"شرحت دانية يوسف:"ليس هذا ما أقصده… فقط أريد ترتيب أموري والتخطيط لوقتي."كانت قد أرسلت سيرتها الذاتية إلى شركة النجم للتكنولوجيا قبل أيام، وقد ردّ عليها المدير بنفسه، وأخبرها إنها تستطيع الالتحاق بالعمل في أي وقت.الآن نحن في أوائل مايو، وهي تنوي إنهاء إجراءات الاستقالة هذا الشهر، ثم الالتحاق بالعمل الجديد الشهر المقبل… لذلك لا يمكن لأدهم جمال أن يؤخّرها طويلًا.فقال أدهم جمال:"شهر… أو أكثر قليلًا."شهر أو نحو ذلك… هذا وقت يكفيها للتواصل مع الشركة.فقالت:"حسنًا."لم تمضِ دقائق حتى وصلا إلى الشركة. رمى أدهم جمال مفاتيح السيارة لمدير الأمن، ودخلا المبنى معًا."هل جاء الرئيس أدهم اليوم مع الرئيسة دانية؟""لم أتوقع أن يأتيا معًا… هل سيبدأ الرئيس أدهم حملة علاقات عامة جديدة؟""صباح الخير رئيس أدهم. صباح الخير رئيسة دانية.""صباح الخير جميعًا."اكتفت دانية يوسف بهزّ رأسها ردًا على التحية، بينما ردّ أدهم جمال بنظرات مقتضبة ويداه في جيبيه.لكن ظهورهما معًا… أثار ضجّة كبيرة.الهمسا
اقرأ المزيد
الفصل 9
مرّت ثلاث سنوات كاملة.ولم تستطع يسرى العوضي إلا أن تشكّ بأن ابنها لا يتحمّل أيّ مسؤولية، ويترك دانية يوسف تعيش كالأرملة وهي ما تزال على ذمّته.عندما سألتها بذلك الشكل المباشر، لم تعرف دانية يوسف كيف تجيب فورًا.حدّقت بيسرى العوضي طويلًا قبل أن تقول:"أمّي… أنا وأدهم جمال ننوي الطلاق."فكّرت طويلًا… وفي النهاية اختارت قول الحقيقة."الطلاق؟"انفجرت يسرى العوضي فورًا:"لماذا الطلاق فجأة؟ ما الذي حدث؟"ثم سارعت تسأل:"هل هو الذي طلب الطلاق؟ هذا العاق—"وقبل أن تُكمل شتيمتها، قالت دانية يوسف بسرعة:"لا يا أمّي، ليس هو… أنا التي طلبت الطلاق."صمتت يسرى العوضي فجأة.نظرت إليها طويلًا، ثم سألت بحذر:"دانية… هل بسبب عودة حورية أيمن؟ اسمعيني، رغم أنها عادت، فنحن عائلة جمال كلّنا في صفّك. لا يمكن لحورية أن تحدث أي مشكلة، سأراقب أدهم بنفسي من أجلِك."لقد رأت كل صبر دانية يوسف خلال السنوات الثلاث الماضية.كانت تحبّها… وكانت غاضبة من ابنها في الوقت نفسه.لكن مهما وبّخته… لم يكن أدهم جمال يأخذ كلامها على محمل الجد.قالت دانية يوسف وهي تمسك طبقها بهدوء:"ليست بسبب حورية أيمن… أنا فكّرت في هذا منذ زمن
اقرأ المزيد
الفصل 10
أنهت دانية يوسف الاتصال، ونظرت إلى يسرى العوضي وأدهم جمال وقالت:"أمّي، لديّ عمل يجب أن أتابعه، سأصعد إلى غرفتي."قالت يسرى العوضي:"لم تنتهي من طعامك بعد—"ابتسمت دانية يوسف وقالت:"لقد شبعت."ردّت يسرى العوضي:"حسنًا، اذهبي لعملك. إن أردتِ عشاءً خفيفًا لاحقًا، أخبريني.""حسنًا."غادرت دانية يوسف، وظلّت يسرى العوضي تتابعها بنظرها، بينما بقي أدهم جمال كما هو… لا ينظر إليها ولا يظهر أدنى اهتمام.وعندما اختفت دانية يوسف داخل غرفتها، التفتت يسرى العوضي نحو ابنها وقالت بحدّة:"سمعت كلام دانية قبل قليل، صحيح؟ قلتُ لك عشرات المرات ألا تتمادى، لكنك لا تسمع. والآن…لم تعد دانية تريد العيش معك."ثم تابعت بغضبٍ أكبر:"وما شأنك ببنات عائلة أيمن؟ واحدة ذهبت… فتتعلق بالأخرى؟ إلى متى ستظل مربوطًا بالاسم نفسه؟"ولم تنتظر ردّه، بل أكملت:"ما قدّمته دانية لعائلة جمال وللشركة، وصبرها عليك… ألا ترى؟ أم أنك أعمى؟ يا أدهم، الإنسان يجب أن يملك قليلًا من الضمير."كان أدهم جمال يستمع ببرود، وقال بهدوء قاسٍ:"إن كانت قد تحمّلت وقدّمت… فلابد أنّ لها نواياها الخاصة."أغضبت هذه الجملة يسرى العوضي كثيرًا.حدّقت فيه
اقرأ المزيد
استكشاف وقراءة روايات جيدة مجانية
الوصول المجاني إلى عدد كبير من الروايات الجيدة على تطبيق GoodNovel. تنزيل الكتب التي تحبها وقراءتها كلما وأينما أردت
اقرأ الكتب مجانا في التطبيق
امسح الكود للقراءة على التطبيق
DMCA.com Protection Status