Share

الفصل7

Author: سيد أحمد
عندما ذكرت سارة ذلك الشخص، كان صوتها هادئًا، وكأنها قد تجاوزت الأمر.

لكن باسل كان يعلم أن من أحب شخصًا بعمق لا يمكن أن يتجاوز الأمر بسهولة. هي فقط تخفي جروحها، وتهتم بها بمفردها عندما لا يكون هناك أحد.

لم يسأل باسل كثيرًا، بل غيّر الموضوع: "أعلم أن المال لعملية والدكِ لم تدفعيه بعد. كصديق، سأعيرك إياه الآن، يمكنك ردّه لي لاحقًا."

كان يعرف أن سارة، كفتاة صغيرة، ليس من السهل عليها جمع المال. حاول في السابق مساعدتها عدة مرات، لكنها دائمة الرفض

أجابت سارة مرة أخرى: "لا حاجة لذلك يا زميلي الأكبر."

"يا سارة، إن مرض والدكِ عاجل، هل تُفضلين أن تظلي تتعرضين للإهانة من ذلك الوغد بدلاً من قبول مساعدتي؟ ليس لدي أي شروط، أنا فقط أريد مساعدتك. رغم أن عائلتي ليست مثل عائلة أحمد، لكن هذا المال بالنسبة لي لا يعد شيئًا، فلا تشعري بالذنب."

نظرت سارة إليه ببطء وهي تحمل كوب الماء، وجهها شاحب ويبدو محزنًا.

"يا زميلي الأكبر، أعلم أنك شخصٌ طيب، لكن... لم يعد لدى مستقبل."

لا تملك القدرة على رد هذه النية، سواء كانت المشاعر أو المال.

برؤية المحلول في الحقنة يوشك على النفاد سحبت الإبرة بحسم، مما جعل الدم يتدفق دون توقف. ثم نهضت وأخذت معطفها.

"يا زميلي الأكبر، لا داعي للقلق بشأن المال، فبمجرد أن نحصل على شهادة الطلاق، سيوفر لي عشرة ملايين، ووالدي أجرى عملية بالأمس، سأذهب لزيارته."

كانت شخصيتها عنيدة، تمامًا كما كان من غير المتوقع أن تتخلى عن دراستها لتتزوج. حتى مُعلمها يشعُر بالأسي تجاها في كُل مرة يتناولا الطعام سويًا، يا للأسف نابغة مثلها يتم إخراجها من الجامعة!

"وكما هو مُتوقع بدا أنها أوشكت على الرحيل، فأراد أن يصطحبها للخارج، رفعت سارة هاتفها وقالت: "السيارة التي طلبتها وصلت. "

أغلقت الطريق على باسل تماماً.

ارتدت سارة معطفها، وعندما وضعت يدها على مقبض الباب، قال باسل: "يا سارة، هل شعرتِ بالندم على ترك كل شيء والزواج منه؟"

"شعرتُ بالندم؟

لقد تسبب في تدمير عائلة سارة، ووالدها تعرض لصدمة وحادث سيارة جعلاه يرقد على السرير، وفقدت طفلها العزيز.

فمن المفترض أن تكون نادمة، ولكن بمجرد أن تغلق عينيها، تتذكر الرجل الذي أنقذها خلال العاصفة من حادث السفينة ذلك العام ، وهو الشاب الذي يرتدي ملابسًا بيضاء وقد رأته في المدرسة."

أجابت بصوت مليء بالكبرياء: "لا أشعر بالندم."

ثم أغلقت الباب خلفها، وباسل يراقبها وهي تبتعد وداخل قلبه مشاعر مختلطة.

عند وصولها إلى المستشفى، كان رشيد لا يزال في وحدة العناية المركزة. كان بإمكانها فقط أن تنظر إليه من بعيد، والأسئلة التي كانت تريد طرحها كانت عالقة في حلقها.

في ذهنها، كان والدها رجلاً مهذبًا وراقيًا، حتى قبل الطلاق لم يتبادل أي كلمات جارحة مع والدتها. وحتى بعدما تركته زوجته، لم يتزوج مجددًا وكان يقضي كل وقته المتبقي بعمله ومعها.

إذا كان أحمد يذكر والدها دائمًا، فهذا يعني أن كراهيته الحقيقية لم تكن موجهة إليها.

سارة كانت تعلم أن هناك شيئًا غامضًا حول اختفاء أخت أحمد، والتي فُقدت عندما كانت صغيرة، حيث عانت والدته من الصدمة وذهبت للعيش في الخارج لسنواتٍ عديدة.

فما هي العلاقة بين الأُخت المفقودة وأبي؟

قررت أن تبدأ من المقربين لوالدها، فتوجهت قبل طلوع الشمس إلى منزل السائق القديم السيد فهد ومدير المنزل السيد سعيد.

فكان من الغريب أن هؤلاء الذين خدموا والدها طوال حياته إما تعرضوا لحوادث غريبة أو انتقلوا إلى الخارج ولم يعد بالإمكان الاتصال بهم.

والدها، الذي يعرف الحقيقة كان في غيبوبة، مما جعلها تشعر وكأنها تعثُر على إبرة في كومة قش.

الوضع لم يعد مجرد صدفة، بل كان واضحًا أنه مدبر عن عمد.

لم تستطع عائلة سارة الحصول على أي معلومات، حيث أنها لم تكن غبية، بل توجهت بسرعة إلى تتبع الأدلة المتعلقة بسائق أحمد خالد ومساعده، محمود.

نظرت إلى ساعتها، كانت بالفعل الساعة السابعة، وفي هذا الوقت يجب أن يكونوا في طريقهم لاستقبال أحمد، فاتصلت سارة بمحمود.

لحسن الحظ، بعد عدة رنات، أجاب الطرف الآخر كما هو معتاد بلطف:" سيدتي"

عندما سمعت سارة هذا اللقب المألوف بعد فترةٍ طويلة، كبتت مشاعرها المتألمة وقالت بسرعة: "أيُها المساعد محمود لقد رتبت موعداً مع أحمد للطلاق، هل يمكنكِ أن تأخذني معه؟"

صمت الطرف الآخر، فهم لا يحبون المفاجآت مثل أحمد.

أضافت بسرعة:" لا تُخطئ فهمي، فليس لدي أي نية أخرى، أنا فقط أخشى أن يحدث شيءٌ غير متوقع اليوم يُعيق الطلاق، إن والدي في المشفى وتكاليف العلاج لم تُدفع بعد، أنا..."

وبالحديث عن التعامُل، كانت سارة على علاقةٍ جيدةٍ مع كلا من خالد ومحمود، ولم تكن قاسية عليهما، لذا عندما أظهرت بعض ضعفاً، وافق محمود على الفور: "أين أنتِ يا سيدتي؟ سأكون عندكِ قريباً."

أعطت سارة عنواناً قريباً منهم، وهو الطريق الرئيسي إلى لؤلؤة البحر، حيث تعيش صفاء.

على الرغم من أن سارة لم تكن ترغب في الاعتراف بذلك، إلا أن أحمد تم تصويره عدة مرات من قبل وسائل الإعلام وهو يقيم هناك، ومن الواضح أنه كان يقيم هناك خلال الأشهر التي انفصل فيها عن سارة.

"أعتذر يا سيدتي، نحن على وشك الوصول إلى شارع الجبال، قد يتعين عليكِ الانتظار عشرين دقيقة."

"حسنًا. سارة كانت متفاجئة بعض الشيء، شارع الجبال؟"

هذا الطريق يقع بالقرب من منزل أحمد، ألم يكونوا يقيمون معاً؟

لكن سارة سرعان ما تخلصت من هذا الفكر، فقد كان الأمر لا يعنيها."

وصل خالد بسرعة، وفتح محمود الباب بكل احترام كما هو معتاد، قائلاً: "آسف لجعلكِ تنتظري طويلًا يا سيدتي.

بالمقارنة مع هدوء محمود، كان خالد أكثر حيوية: "كيف لم تريحي نفسكِ في هذا الطقس البارد؟ فحتى الديوك لم تصح بعد."

نظر محمود إلى خالد بجدية، فتوقف خالد عن الكلام. أضافت سارة وهي تظهر حزنها: "في السابق، كنت أظن أن تغيُر قلبه كان بسبب صفاء، ولكن الآن أرى أن السبب ليس مجرد امرأة. بالطبع أنتم تعرفون شيئًا عن أخت أحمد."

فجأة، توقفت السيارة بحدة، ورفع خالد يده عن المقود بسرعة وقال: "يا سيدتي، لا تتحدثي بهذا الشكل."

أجاب محمود بهدوء: "يا سيدتي، نحن لا نتجرأ على التدخل في شؤون أحمد. حتى لو كنا نعلم شيئًا، فلن نتمكن من إخباركِ، أرجو أن تفهمي."

مسحت سارة دموعها قائلة : "أعلم أن هذا يضعكم في موقفٍ صعب، ولكنني فقدت كل شيء. إن أحمد لا يتحدث ووالدي في غيبوبة، وكل خيوط الأمل انقطعت. حتى وإن مِت، فأُفضل الموت وأنا على دِراية بالحقيقة، فهذا أفضل من المعاناة اليومية الذي يتسبب بها أحمد لي."

"يا سيدتي ، قضية آنسة زهرة هي منطقة محظورة بالنسبة للرئيس التنفيذي أحمد ، نحن لا نعرف الكثير عنها."

كتب محمود على ورقة عنوانًا ثم قال : "يا سيدتي، بناءً على معرفتنا، يمكنني مساعدتكِ لهذه الحد فقط."
Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 1058

    ابتسمت سارة قليلًا وقالت: "لم نعد إلى بعضنا".كانت ملامح جلال تفيض بتعبير يقول بوضوح: "هل تظنين أنني أحمق يسهل خداعه؟".رفعت سارة يديها وقالت: "حسنًا، لم نتزوج مجددًا، لكننا... فعلنا ذلك".قال بنبرة هادئة: "صراحة تُحسب لكِ".قالت ضاحكة بخفة: "أنا أيضًا امرأة عادية، أليس طبيعيًّا أن تكون لي بعض الاحتياجات؟"، كانت سارة أمام جلال تبدو أحيانًا ببراءة طفلة صغيرة.لم يكن بينهما حب رجلٍ وامرأة، بل كانت علاقة أقرب إلى الأخوّة.فقد ساعدها جلال كثيرًا طوال الطريق، وفي قلب سارة صار منذ زمن بعيد أشبه بأحد أفراد العائلة الذين تعتمد عليهم.قال لها ذات مرة إن عائلته قد ماتت جميعًا، وهي أيضًا بلا عائلة.قالت بهدوء: "أما هو، فقد كان مستعدًا لتركِي أرحل".ردّت بابتسامة حزينة: "حتى لو لم يكن يريد، فما بيده حيلة، فالوضع اليوم خرج عن سيطرته تمامًا".جلست سارة بجانبه، ودست كوعها في صدره مازحة: "وأنتَ، في مثل هذا العمر، ألا تشعر بأي احتياج؟ كيف تتعامل مع الأمر؟".رمقها جلال بنظرة جانبية حادة، فرفعت سارة يديها استسلامًا.قالت ضاحكة: "حسنًا حسنًا، كنت فقط أمزح، لا تكتم كل شيء في صدرك وإلا ستختنق"، وأخرجت لسانه

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 1057

    عاد أحمد إلى منزل الزوجية القديم الذي كان يجمعه بسارة، ومنذ رحيلها عاد للعيش فيه من جديد، محافظًا على كل شيء كما كان منذ أن غادرت.غرفة الطفل التي كانت مجهّزة من قبل، أعاد أحمد ترميمها وتزيينها، وكان أحيانًا يقيم فيها مع فارس.تضع العمة هالة كل يوم على مائدة الطعام باقةً من الزهور الزاهية، كأنها تنتظر عودة سيّدة البيت سارة في أي لحظة.ربما لأن أحمد علم أن سارة أيضًا في هذه المدينة، لم يعد ذلك البيت الخالي يبدو موحشًا كما كان.دخل محمود إلى مكتبه مسرعًا، ليقدّم له تقريرًا مفصّلًا عن أخبار الشهر الماضي.إحدى الجمل التي قالها لفتت انتباه أحمد: "قلتَ إن القرش الذهبي مات؟ كيف حدث ذلك؟"كيف يمكن لأحمد أن يترك القرش الذهبي يفلت من يده بسهولة؟ لكن قبل أن يتمكّن من التحرك ضده، بلغه خبر موته.أخرج محمود منشورًا من شبكة الويب السوداء يعود إلى شهرٍ مضى.كان رأس القرش الذهبي ظاهرًا بوضوح في الصورة، والطريقة التي نُشر بها المنشور تشبه تمامًا الأسلوب الذي اعتاد أحمد استخدامه مع أعدائه.كان الرقم 100 هو الرمز التعريفي للقرش الذهبي.قال أحمد بحدة: "هل عرفتم من الذي فعل ذلك؟"أجاب محمود: "إنها العميلة

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 1056

    بدّلت سارة ملابسها مسبقًا في غرفة تبديل الثياب بالمطار، وارتدت قبعةً سميكةً كبيرةً مع كمّامة تخفي وجهها تمامًا، حتى إن أحدًا لم يكن ليعرفها.حين علمت بعودة أحمد، كانت السيارات التي جاءت لاستقباله قد اصطفّت في طابورٍ طويل.وقبل أن يخرجا من المطار، نظر إليها أحمد بعينين مفعمتين بالشوق وقال: "سارة."عقدت سارة ذراعيها أمام صدرها وقالت: "أحمد، لقد اتفقنا من قبل، لا تقل لي إنك تنوي الإخلال بوعدك؟"قال بهدوءٍ مفعمٍ بالعجز: "لا، فقط يصعب عليّ فراقكِ."قالت ببرودٍ لطيف: "موقعك الآن ما زال غير مستقر، ووجودي قربك ليس آمنًا، لا تدع أحدًا يعلم بوجودي، فذلك هو أفضل ما يمكننا فعله، أليس كذلك؟"كانت سارة أكثر وعيًا واتزانًا من ذي قبل.عرف أحمد أن كلامها كله صحيح، ومع ذلك لم يستطع إخماد شعور الفقد في قلبه.قال بصوتٍ خافت: "أعلم ذلك، ولكني فقط..."فاجأته سارة بنزع كمامتها، ثم ارتفعت على أطراف أصابعها لتقبّل شفتيه، فأحاط أحمد خصرها بذراعيه وشدّها إليه ليعمّق تلك القبلة.لقد كانت الجوهرة التي فقدها لسنوات، وبعد أن وجدها من جديد، صار أكثر خوفًا من فقدانها ثانيةً.قالت بهدوءٍ مؤلم: "أحمد، أنت تعلم أن مشكلة

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 1055

    في القرية الساحلية الهادئة دوّى صوت طائرةٍ مروحيةٍ قادمة، ولم يكن صعبًا أن يخمن المرء أنّ محمود جاء لاصطحابهم.غير أنّ ساحة المنزل لم تكن تتسع لهبوط الطائرة، فظلّت المروحية تحوم في السماء تبحث عن أفضل مكانٍ للنزول.عضّت سارة على كتف أحمد بأسنانها وقالت بغضبٍ مكتوم: "أيها الوغد، أما انتهيت بعد؟"ابتسم أحمد بنصف شفتين وقال: "حبيبتي سارة، ألستِ تعرفين كم يستغرقني الأمر؟ إلا إذا..."ولمّا خطرت ببال سارة صورة خالد بلسانه الطويل وحبّه للثرثرة، لم ترغب سوى في إنهاء الأمر سريعًا.استدارت من تلقاء نفسها، وطوقت عنقه بذراعيها، وهمست عند أذنه بأنفاسٍ حارة: "أحمد... أسرع..."...هبطت المروحية في ساحةٍ صغيرةٍ وسط القرية، فاجتمع الناس من كل صوبٍ يتفرجون بدهشة، بينما أسرع خالد نحو منزل الفلاح البسيط.قال وهو يتلفت: "ما الذي أتى بالرئيس إلى هذا المكان؟ أخي، أهذا هو العنوان؟ هل تأكدت؟"نزع محمود نظارته الشمسية وردّ ببرود: "تأكدت تمامًا".اقترب صاحب الدار، سائلًا: "تبحثان عن مَن؟"وصف الرجلان ملامح أحمد، فقادهم المضيف بنفسه نحو الحجرة الخلفية قائلًا: "هو هناك، الشخص الذي تبحثان عنه بالداخل".أخرج محمود ر

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 1054

    كانت سارة تحدق بأحمد، وقد ظنّت أنه سيغضب، بل إنها كانت مهيّأة تمامًا لانفجاره في وجهها.لكن أحمد تنفّس بعمق وقال بنبرة هادئة تخالطها مرارة: "فهمت الآن، يبدو أن سارة حبيبتي لا تريد سوى علاقة جسد بلا قلب."لقد كانت في الماضي مقيدة بقيود كثيرة، أما الآن فهي لا ترغب في أن تحبس نفسها مجددًا داخل أي علاقة.فالعشيقة لا يُطلب منها مسؤولية ولا تفسير، والأهم من ذلك أنّ بإمكانها في أي وقت أن تنسحب دون قيود.ولم تعد مضطرة بعد الآن لمناقشة الماضي أو التحدث عن المستقبل.اتضح أنّه ما دامت المسؤولية غائبة، فحتى العلاقات المعقدة يمكن أن تبدو متناغمة.يا لسخرية القدر، لقد تذكّر أحمد تلك الأيام حين كانت صفاء تصرّ أن يتزوجها، بينما هو لم يكن قادرًا على نسيان سارة، حتى إنه في لحظة ضعف اقترح أن تبقى سارة إلى جواره كعشيقة دائمة.ومن كان يظن أنّ الزمن سيدور، ليصبح هو الآن من يرجوها أن تمنحه أي مكان في حياتها.بل حتى إن كان ذلك المكان مجرد لقب "العاشق"، فهو سيشكرها عليه.فهو يعلم أنّ الاقتراب من سارة ولو قليلًا هو طريقه الوحيد ليصل يومًا إلى قلبها من جديد.مرّت سارة بأصابعها على ذقنه وقالت بنبرة واثقة فيها شيء

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 1053

    المياه التي كانت تضطرب بعنف عادت شيئًا فشيئًا إلى هدوئها.سقطت زهرة من الغصن بفعل الرياح، فحملها الهواء برفق حتى حطّت على سطح الماء، فمدّ أحمد يده والتقطها، ثم ثبتها في شعر سارة.رمقته سارة بنظرة عتاب رقيقة، ثم لفت شعرها بخبرة وثبّتته بمشبكها.قالت وهي تنظر إلى الأفق: "حين ننتهي من الاستراحة سنغادر، اليوم طقس جميل، علينا أن نستغلّه لنقطع أكبر قدر ممكن من الطريق، هذه الغابة تحتاج سبعة أيام لعبورها على الأقل."أجابها أحمد بهدوء: "حسنًا."جمع أحمد ما تبقّى من الأسماك التي اصطادها ليلة أمس ليأخذه معه، فربما تكون زادهم في المحطة التالية.وحين أنهيا تجهيز أغراضهما، وقف أحمد عند مدخل الكهف يحمل حقيبة تسلّق ضخمة على ظهره، وتلفّت خلفه بنظرة امتزج فيها الحنين بشيء من الأسى.قالت سارة من أمامه بوجه بارد: "أما زلت واقفًا؟ لنرحل."عندها استيقظ من شروده وقال: "نعم، لنذهب."وخطر بباله أنّه لن ينسى هذا المكان ما عاش.في الليلة التالية لم يجد الاثنان مأوى، فاضطر أحمد أن يصنع سريرًا معلقًا من الحبال والأغصان، فناما متقاربين داخل كيس نوم واحد، يتأملان السماء التي تناثرت فيها النجوم كحبات لؤلؤ مضيئة.كان

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status