كنتَ حلمي... وصار هو واقعي

كنتَ حلمي... وصار هو واقعي

By:  بهاء الربيعUpdated just now
Language: Arab
goodnovel4goodnovel
Not enough ratings
30Chapters
15views
Read
Add to library

Share:  

Report
Overview
Catalog
SCAN CODE TO READ ON APP

بعد ثماني سنوات من الحب، تحولت نور من حبيبة بدر الأولى إلى عبءٍ يتلهّف للتخلّص منه. ثلاث سنوات من المحاولة والتمسك، حتى تلاشت آخر بقايا المودة، فاستسلمت نور أخيرًا ورحلت. وفي يوم انفصالهما، سخر بدر منها قائلًا: "نور، سأنتظر يوم تعودين وتتوسلين لأعود إليكِ." لكنه انتظر طويلاً، وما جاءه لم يكن ندمها، بل خبر زفافها. اشتعل غضبًا، واتصل بها صارخًا: "هل اكتفيتِ من إثارة المتاعب؟" فجاءه صوت رجولي عميق من الطرف الآخر: "سيد بدر، خطيبتي تستحم الآن، ولا تستطيع الرد على مكالمتك." ضحك بدر باستهزاء وأغلق الهاتف، ظنًا منه أن نور تحاول فقط لعب دور صعبة المنال. حتى جاء يوم الزفاف، ورآها ترتدي فستان العرس الأبيض، ممسكة بباقة الورد، تمشي بخطى ثابتة نحو رجلٍ آخر. في تلك اللحظة فقط، أدرك بدر أن نور قد تركته حقًا. اندفع نحوها كالمجنون: "نور، أعلم أنني أخطأت، لا تتزوجي غيري، حسنًا؟" رفعت نور طرف فستانها ومضت من جانبه: "سيد بدر، ألم تقل إنك وريم خُلقتما لبعض؟ فَلِمَ تركع في حفل زفافي الآن؟"

View More

Chapter 1

الفصل 1

"سيدة نور، هل أنتِ متأكدة من أنكِ تريدين إلغاء حجز قاعة الزفاف السابقة؟"

شدّت نور أصابعها قليلًا على الهاتف، وكان صوتها خاليًا من أي انفعال: "نعم، متأكدة."

"حسنًا، فهمت. سأقوم بإلغاء الحجز لكِ."

"شكرًا."

بعد أن أنهت المكالمة، خلعت خاتم الزواج من إصبعها، ووضعته على الطاولة، ثم نهضت وهي تجرّ حقيبتها مغادرة المكان.

...

قبل أسبوعين.

في المساء، اختتمت نور قضيتها في المحكمة، وأول ما فعلته بعد خروجها هو فتح هاتفها.

فتحت تطبيق الواتساب، وفي المحادثة المثبتة في الأعلى كانت عشرات الرسائل التي أرسلتها، دون رد واحد من الطرف الآخر.

منذ أن تشاجرا الشهر الماضي بسبب تصميم بطاقات دعوة الزفاف، سافر بدر الكمالي في اليوم التالي في رحلة عمل إلى الخارج. وطوال هذا الشهر، مهما حاولت مصالحتَه برسائلها، ظل يتجاهلها تمامًا.

في هذه العلاقة، بلغت نور أقصى درجات التنازل والذل، ومع ذلك لم تستطع أن تستعيد قلب بدر أبدًا.

لم تستطع صديقتها المقربة سهر شوقي تحمّل الأمر، وسخرت منها قائلة: "تترافعين في عشرات قضايا الطلاق كل عام، ورأيتِ العديد من الرجال السيئين، ومع ذلك ما زلتِ غارقة في حب بدر، غير قادرة على رؤية حقيقته!"

في الواقع، لم تكن نور غافلةً عن الحقيقة، بل فقط لم تستطع التخلي عنه.

لم تستطع تحمّل فكرة كيف أحبّا بعضهما البعض بهذا القدر، لينتهي الأمر بشقاق سطحي وكراهية متبادلة.

كما لم تستطع تحمّل فكرة ترك... بدر نفسه.

بعد ثماني سنوات معًا، نسيت كيف كانت حياتها قبل بدر، ولا تعرف كيف يمكنها التعود على الحياة بدونه.

نقرت على هاتفها بضع مرات، وكانت تستعد لسؤاله متى سيعود، لكن فجأة ظهر إشعار على الشاشة.

لقد نشر بدر صورة على الفيسبوك.

كانت صورة بسيطة للبحر، لكن نور تعرّفت عليها من النظرة الأولى، إنها جزر المالديف، المكان الذي طالما أخبرته مرارًا وتكرارًا أنها تحلم بزيارته معه.

تجمدت أصابعها لوهلة، وبينما كانت على وشك العودة إلى المحادثة، ظهر إشعار برسالة من سهر.

نقرت عليها غريزيًا، لتكشف عن لقطة شاشة من حساب ريم البرهان.

نفس صورة البحر التي نشرها بدر، لكن مع سطر إضافي.

"بمجرد أن تذمّرت قليلًا من تعب رحلة العمل، أخذني في عطلة إلى جزر المالديف!"

لا بد أن بدر كان يعلم ما تعنيه جزر المالديف بالنسبة لها.

ذلك المكان الذي ذكرته له مرارًا، وكان دائمًا يتحجج بانشغاله، والآن ذهب إليه...مع امرأة أخرى.

رمشت بعينيها، لكن دموعها انهمرت دون إنذار.

وكأن الرياح الباردة التي هبّت قبل قليل، قد تسربت إلى قلبها أيضًا.

ثم جاءت مكالمة من سهر.

"تلك الحقيرة ريم! تعرف تمامًا أنكِ على وشك الزواج من بدر، ومع ذلك تتعمد نشر نفس الصورة معه لإثارة غضبكِ!"

"وبدر ذلك الأحمق أيضًا! ألم يجد مكانًا آخر يأخذها إليه؟ ألم يعلم كم تمنّيتِ الذهاب إلى المالديف معه؟! ثماني سنوات، حتى لو كنتما تمشيان على الأقدام لوصلتما!"

"هو وريم وقحان جدًا، وأنتِ تتحملين هذه الخيانة منذ ثلاث سنوات، هل ما زلتِ تخططين للزواج منه والبقاء معه طوال حياتكِ؟!"

شعرت نور بمرارة تعصر قلبها، كانت تفهم كل ما قالته سهر، لكنهما معًا منذ ثماني سنوات وسيتزوجان في غضون شهر تقريبًا، لذا لم تكن مستعدة للاستسلام بهذه السهولة.

أرادت أن تحاول للمرة الأخيرة. وإن لم يكن النجاح حليفها، فسوف ترضى بالقدر.

"سهر، السبت موعد تجربة فستان الزفاف وفستان وصيفة العروس، تذكري المجيء."

صمتت سهر فجأة، ثم قامت بالسب وأغلقت الخط مباشرةً.

كانت تخشى أن يقتلها الغضب لو استمرت المكالمة أكثر.

على مدار السنوات القليلة الماضية، من لم يلاحظ أن بدر قد تغيّر منذ زمن؟! لكن نور رفضت الاستسلام، وما زالت تعتقد أن بدر سيعود لها يومًا ما.

ما لم تخبرها به سهر، هو أنها رأت بدر بأم عينيها يحتضن نساءً مختلفات ويدخل بهن الفنادق لأكثر من مرة.

لقد أصبح فاسدًا منذ زمن، ولم يعد الرجل الذي كان قلبه وعينيه مخلصين تمامًا لنور، بل أصبح نذلًا بكل معنى الكلمة.

مثل هذا الوغد، يجب أن تصدمه شاحنة وهو خارج من البيت، ويبقى عاجزًا جنسيًا لبقية حياته!

في تلك الليلة، لم تنم نور جيدًا. فقد راودتها الكوابيس مرارًا، ولم تغفُ إلا قبيل الفجر.

ولم تكد تستغرق في النوم حتى سمعت صوت قفل الباب يُفتح بالبصمة.

فتحت عينيها، وما إن جلست حتى رأت بدر يدخل من الباب.

كان بدر يجرّ حقيبة سفره، وجهه منهك مغطى بتعب السفر، لكن نور لم تغفل عن آثار أحمر الشفاه على عنقه، والخدوش الخفيفة على صدره.

شدّت قبضتها على البطانية فجأة، وشعرت وكأن قطعة من الجليد انغرست في صدرها، تبعث فيه ألمًا باردًا.

رآها مستيقظة، فرفع حاجبه قليلاً وقال: "هل أيقظتكِ؟"

وبينما يتحدث، كان قد جرّ حقيبته إلى الخزانة وفتحها، وبدأ يبحث عن الملابس.

أخذت نور نفسًا عميقًا، وحدّقت في ظهره، ثم قالت: "هل أخذت ريم معك إلى جزر المالديف؟"

توقف بدر، ممسكًا بقميصه، ثم استدار وابتسم لها بحاجب مرفوع: "لماذا؟ إن أردتِ، يمكننا حجز شهر عسلنا هناك."

عندما سمعت نور السخرية في نبرته، شحب وجهها.

"أنت تعرف كم تمنيت الذهاب إلى المالديف."

"إذا أردتِ الذهاب، فلا يحق لريم الذهاب أيضًا؟"

"لم أقصد ذلك، أنا فقط كنت أريد..." أن أذهب معك.

لم تكمل كلامها حتى قاطعها بدر بنفاد صبر: "يكفي، لقد عدتُ للتو من رحلة عمل وأنا مُتعب، ولا أريد الجدال معكِ."

استدار ببرود ودخل الحمّام، وأغلق الباب خلفه بصوت قوي، قاطعًا عنها الرؤية.

أطرقت نور رأسها، تحدق في أطراف أصابعها الشاحبة، وارتسمت على شفتيها ابتسامة مريرة.

كان يجادلها في الماضي، لكنه الآن فلم يعد يكلّف نفسه حتى عناء الجدال.

عندما خرج بدر من الحمّام، كانت نور قد انتهت من ارتداء ملابسها وغسل وجهها، تجلس أمام مرآتها تضع أحمر الشفاه.

كانت ترتدي فستانًا مخمليًا أخضر داكنًا، وشعرها ينسدل حتى خصرها، ومكياجها متقن، كانت جميلة جدًا لدرجة أنه يكاد يكون من المستحيل إبعاد نظرك عنها.

نظر إليها بدر للحظة، ثم حوّل بصره بهدوء.

وعندما هم بالمغادرة، ذكّرته نور بهدوء: "السبت موعد تجربة فستان الزفاف، أتمنى ألا تتأخر مجددًا."

كانت نور تكره من لا يلتزمون بالمواعيد، وأحد أسباب موافقتها على بدر منذ البداية، هو أنه كان دقيقًا في المواعيد.

لكن منذ أن تغيّر، صار يخذلها مرارًا من أجل نساءٍ أخريات.

ابتسم بدر بسخرية: "لا تقلقي، لن أتأخر."

وما إن أنهى حديثه، حتى رنّ هاتفه.

ولا تعرف إن كان قصد ذلك أم لا، لكنه فتح السماعة الخارجية، وخرج صوت ريم بنبرة ناعمة من الهاتف:

"سيد بدر، لقد كنت جامحًا جدًا البارحة، وما زالت تلك المنطقة تؤلمني، عليك أن تتحمّل المسؤولية!"
Expand
Next Chapter
Download

Latest chapter

More Chapters

Comments

No Comments
30 Chapters
الفصل 1
"سيدة نور، هل أنتِ متأكدة من أنكِ تريدين إلغاء حجز قاعة الزفاف السابقة؟"شدّت نور أصابعها قليلًا على الهاتف، وكان صوتها خاليًا من أي انفعال: "نعم، متأكدة.""حسنًا، فهمت. سأقوم بإلغاء الحجز لكِ." "شكرًا."بعد أن أنهت المكالمة، خلعت خاتم الزواج من إصبعها، ووضعته على الطاولة، ثم نهضت وهي تجرّ حقيبتها مغادرة المكان....قبل أسبوعين.في المساء، اختتمت نور قضيتها في المحكمة، وأول ما فعلته بعد خروجها هو فتح هاتفها.فتحت تطبيق الواتساب، وفي المحادثة المثبتة في الأعلى كانت عشرات الرسائل التي أرسلتها، دون رد واحد من الطرف الآخر.منذ أن تشاجرا الشهر الماضي بسبب تصميم بطاقات دعوة الزفاف، سافر بدر الكمالي في اليوم التالي في رحلة عمل إلى الخارج. وطوال هذا الشهر، مهما حاولت مصالحتَه برسائلها، ظل يتجاهلها تمامًا.في هذه العلاقة، بلغت نور أقصى درجات التنازل والذل، ومع ذلك لم تستطع أن تستعيد قلب بدر أبدًا.لم تستطع صديقتها المقربة سهر شوقي تحمّل الأمر، وسخرت منها قائلة: "تترافعين في عشرات قضايا الطلاق كل عام، ورأيتِ العديد من الرجال السيئين، ومع ذلك ما زلتِ غارقة في حب بدر، غير قادرة على رؤية حقيقته!"
Read more
الفصل 2
انطلقت ضحكة خفيفة من بدر: "سأكون أكثر لطفًا في المرة القادمة، وسأذهب بعد قليل لشراء دواءً لكِ."تلاشى صوته تدريجيًا، بينما خفضت نور رأسها تحدّق في أحمر الشفاه المكسور بين أصابعها، بلا أي تعبير على وجهها.ألقت بأحمر الشفاه المكسور في سلة المهملات، ثم فتحت الطبقة الثانية من صندوق المجوهرات، فلم ترَ سوى بضع قطع متناثرة. في السابق، كان الصندوق ممتلئًا بمجوهرات أهداها لها بدر، لكن منذ خيانته، بدأت تتخلص منها قطعة بعد أخرى كلما شعرت بخيبة أمل فيه.في البداية كانت تتخلص منهم ببطء، لكن لاحقًا تكرر الأمر كثيرًا، حتى لم يتبقَ منهم شيء تقريبًا.تمامًا مثل حبها لبدر، الذي كان في بدايته جارفًا كالموج، لكنه الآن خمد وتحول إلى رماد، وكاد أن يتلاشى.التقطت نور إحدى السلاسل الذهبية الرفيعة للغاية. كانت هدية من بدر في الذكرى الثالثة لعلاقتهما.كان يتدلّى منها مخلب قطة صغير، لأنها في تلك الفترة كانت تتوق لتربية قطة، وتشاهد مقاطع فيديو للقطط طوال الوقت.عندما تلقت تلك القلادة، غمرتها الدهشة والفرح، وظلت تعبث بالمخلب الذهبي بسعادةٍ لا تنتهي.اتفقا حينها أنهما بعد التخرج واستئجار منزل، سيتبنيان قطة، واختار
Read more
الفصل 3
حين شعرت بنظراتها، سارعت ريم بتغطية السوار بيدها، وبدت في عينيها لمحة من الارتباك، ثم اقتربت من بدر تلقائيًا، وكأنها تطلب الحماية.سحبها بدر خلفه ونظر إلى نور: "لماذا تحدقين في ريم؟" احمرت عينا نور قليلًا وقالت: "بدر، لماذا أهديت ريم سوارًا مماثلًا؟ لقد قلت بوضوح إن هذا السوار مُخصصًا لي.""رأتكِ ريم ترتدينه وأعجبها، ما كان بإمكاني أن أطلب منكِ إعطاءها سوارك، أليس كذلك؟ ثم إنه مجرد سوار، متى أصبحتِ ضيقة الأفق إلى هذا الحد؟"عبس بدر بفارغ الصبر، كما لو كان يناقش أمرًا تافهًا.لمعت عيناها بعدم التصديق: "ولكن عندما أهديتني إياه، قلت حينها..."قبل أن تُكمل جملتها، قاطعها بدر بعبوس: "نور، ما الجدوى من التمسك بالماضي؟ لقد قلتِها بنفسك (حينها)."كان يكره حديثها عن الماضي، لأنه يذكّره بإخفاقاته المتكررة، والفترة المظلمة التي عاشها.نور هي من سارت معه في تلك المرحلة، وهي من رأت ضعفه وانكساراته، ولذلك حين نجح، لم يعد يرغب في تذكّر ذلك، بل بدأ ينفر منها تدريجيًا.نظرت إليه نور، والحزن في عينيها، كزجاج على وشك التحطم."إذًا، وعودك يمكن التنصل منها وكسرها متى شئت، أليس كذلك؟"نظر إليها ببرود: "لقد
Read more
الفصل 4
ابتسم لها بدر، وعيناه تفيضان إعجابًا: "إنه جميل، ويناسبكِ تمامًا."تبادلا النظرات عبر المسافة، والنظرات بينهما كانت مشبعة بحبٍ لا محاولة لإخفائه.كان من المفترض أن تكون هي من تجرّب فستان الزفاف مع بدر، لكن بحضور ريم الآن، بدت وكأنها الطرف الثالث.أمسكت نور بطرف فستانها بإحكام، وشعرت بأنها فقدت آخر ذرة من عقلها.رفعت فستانها بخفة، وسارت ببطء نحو ريم. ازدادت ابتسامة ريم اتساعًا عندما رأت نور تقترب، وقالت بسخرية: "سيدة نور، فستان زفافكِ جميل حقًا، وعندما رأيته، أردت تجربة أحد الفساتين أيضًا، آمل ألا تمانعين!""طاخ!"رفعت نور يدها وصفعتها صفعة مدوية، وقالت بوضوح، تنطق كل كلمة على حدة: "الآن عرفتِ إن كنتُ أمانع أم لا."اكتسى وجه بدر بالحرج وصرخ: "نور، هل جننتِ؟!"تقدم بسرعة، ودفع نور جانبًا، ثم رفع ذقن ريم ليفحص وجهها باهتمام.كانت تنورة فستان الزفاف ضخمة، وكانت نور ترتدي كعبًا عاليًا بطول ثمانية أو تسعة سنتيمترات، ومع دفعته تلك، التوت قدمها وسقطت أرضًا.ألم الكاحل النافذ لم يكن ليقارن بألم قلبها، ولا حتى واحدًا من عشرة آلاف.في الماضي، كان بدر ليشعر بالحزن الشديد لرؤيتها تذرف دمعة، لكنه ا
Read more
الفصل 5
عندما دخلت سهر متجر فساتين الزفاف، كانت نور جالسة على أريكة، تتصفح كتالوج فساتين الزفاف بهدوء وأناقة، وجانب وجهها يعكس سكينة راقية.نظرت سهر حولها ولم ترَ بدر، فعقدت حاجبيها واقتربت: "أين بدر؟""لقد رحل."لمعت عينا سهر باستياء: "هل ترككِ هنا هكذا؟"أطرقت نور بعينيها، وأصابعها تفرك دون وعي صورة الفستان في الكتالوج، دون أن تنطق بكلمة.عندما رأتها سهر على هذا الحال، شعرت بالغضب والضيق، فغيرت الموضوع: "كيف كان فستان الزفاف؟ هل أعجبكِ؟""أنا راضية جدًّا، حتى إنني التقطت بعض الصور.""دعيني أراها."في اللحظة التي رأت فيها الصور، لمعت عينا سهر بالدهشة: "إنه جميل جدًا! ويناسبكِ تمامًا. عندما أتزوج، عليكِ أن تصممي لي فستان زفافي أيضًا!"ابتسمت نور بخفة: "حسنًا.""تسك تسك!"أثناء تكبير الصور وتأملها، قالت سهر بسخرية: "هذا النذل محظوظ حقًا! لا أدري ما الحسنات التي فعلها في حياته السابقة ليستحق امرأة جميلة مثلكِ!"ابتسمت نور بمرارة، في الواقع، هو لم يكن يريد الزواج منها أصلًا؛ بل هي من أصرت.لاحظت سهر أن نور أصبحت أكثر صمتًا اليوم، فعقدت حاجبيها ووضعت هاتفها جانبًا، وسألتها: "هل تشاجرتِ أنتِ وبدر م
Read more
الفصل 6
هي في الأصل لم تكن تنوي الردّ على ريم، تلك المصطنعة، لكنها كانت تجلس خلفهم للتو وسمعت ريم تتباهى أمام صديقتها، وكيف أن بدر اصطحبها معه يوم تجربة نور لفستان الزفاف، ولم يكتفِ بأن سمح لها بتجربة الفستان أيضًا، بل ودفع نور من أجلها.وبالتفكير في صمت نور واحمرار وتورم كاحلها يومها، فهمت سهر الأمر.لم تكن سهر تتمتع بطبع نور الهادئ، لذا قامت بصفع ريم صفعتين لتهدئة غضبها. تجهّم وجه بدر وقال ببرود: "هذا أمر بيني وبين نور، ولا يحقّ لكِ التدخل فيه."بينما كان يتحدث، وقعت نظراته الباردة على نور التي كانت قد اقتربت من سهر، ولم يُخفِ اشمئزازه منها."ظننت أن إعطاءكِ بضعة أيام سيجعلك تهدئين، لكن لم أتوقع أنكِ ستحرضين سهر على افتعال المتاعب مع ريم."شحب وجه نور وقالت بصوتٍ واهن: "أتظن أنني من تعمّد إخبار سهر بما جرى في متجر فساتين الزفاف؟""وإلا فكيف علمت سهر بذلك؟ أنتِ امرأة خبيثة، لا عجب أن عائلة الشمري طردتكِ! أكثر ما أندم عليه في حياتي هو أنني أحببتكِ!"ارتجف جسد نور، وتراجعت خطوتين إلى الوراء لا إراديًّا، وكادت أن تسقط، وكأن الأرض تميد بها.قبل ثماني سنوات، عندما اعترف بحبه لها، أخبرها أن لقائه
Read more
الفصل 7
في ساعات الفجر الأولى، استيقظت نور على صوت فتح الباب.نظرت إلى ساعة المنبّه بجانب السرير، كانت تشير إلى الثانية وست عشرة دقيقة بعد منتصف الليل.تحرك بدر بهدوء شديد، كأنه يخشى أن يوقظها.لكن ما لم يكن يعلمه، هو أنها منذ أن اكتشفت خيانته، فأي حركةٍ مهما كانت بسيطة، كفيلة بإيقاظها.لكن قلبه لم يعد ملكها منذ زمن، فكيف له أن يلاحظ أمرًا تافهًا كهذا؟ وبما أنها لم ترغب في التعامل معه الآن، فأغمضت عينيها وتظاهرت بالنوم.فتح بدر الخزانة، وأخذ منها ثياب نومٍ واتجه إلى الحمّام.تردّد صوت الماء قليلًا، ولم يمضِ وقت طويل حتى خيّم الصمت مجددًا.فُتح باب الحمام، واقتربت خطواته ببطء حتى توقفت عند السرير.ورغم أنها كانت تدير له ظهرها، إلا أنها شعرت به وهو يرفع الغطاء عن جانبه من السرير ويستلقي بجانبها.هبط نصف السرير الآخر قليلًا تحت وزنه، وسكنت الغرفة المظلمة تمامًا، حتى صارت أنفاسهما الخافتة تُسمع بوضوح.لم تعد نور تشعر بالنعاس، فبدأت الأفكار تدور في زهنها.كانت في الماضي، حين تعجز عن النوم، يسمعها بدر القصص حتى تهدأ وتغفو، وأحيانًا كان يحدّثها عن المستقبل.كان يقول إنه بعد نجاح مشروعه التجاري سيشتري
Read more
الفصل 8
والآن، بعد انتشار صورته مع ريم، أصبحت ريم هي الحبيبة الرسمية، بدلًا من نور.لو كان ذلك في الماضي، لاتصلت نور به فورًا لتوبّخه وتطالبه بتوضيح الحقيقة أمام الجميع.لكنها الآن، أرادت أن ترى ماذا سيفعل بدر إذا لم تبكي أو تُثير ضجة.هل سيتجاهل الأمر، أم سيتقدم للتوضيح؟وضعت نور هاتفها جانبًا وكأن شيئًا لم يحدث، وواصلت العمل.كانت تظن أن هذا اليوم سيمضي مشتّتًا، لكن المفاجأة أنها لم تتأثر إطلاقًا، بل أنجزت عملها بزيادة على المعتاد.وقبل انتهاء الدوام، فتحت نور تطبيق تويتر، لتجد أن العناوين الرائجة التي ضجّت صباحًا قد اختفت تمامًا، ولم يُصدر حساب بدر ولا حساب الشركة الرسمي أي تصريحات ذات صلة. كانت تعلم أن عدم توضيح الموقف يُعد اعترافًا ضمنيًا.صحيح إن علاقتهما لم تُعلن صراحة، إلا أن هناك من كان يعلم بها.لذا عدم توضيح الأمر الآن أشبه بتفجير قنبلة داخل شركته.وإذا انفجرت هذه القنبلة، فستؤثر بلا شك على صورة شركته.لكن من أجل ريم، لم يعد يُبالي بالعواقب.ومع ذلك، لم تتفاجأ نور بالنتيجة، بل بدت كما توقعت تمامًا.كأنها تشاهد فيلمًا تعرف نهايته قبل أن يبدأ، ففقدت أي إحساس بالدهشة أو الاهتمام.وأدر
Read more
الفصل 9
اشتعل صدر شيماء غضبًا، وامتلأت عيناها بخيبة أمل وهي تنظر إلى بدر.أما بدر، فكان الاحمرار القاسي من صفعة أمه ما زال يلهب وجهه، وقال: "أنتِ محقة يا أمي، ولهذا أنا ممتنّ أنني لم ألتقِ بها حين كنت فقيرًا، حتى لا تضطر أن تتقاسم معي مرارة الفقر والمعاناة."في اللحظة التي أنهى فيها كلماته، شدّت نور على يديها بعنف، واجتاحها وجع طاغٍ امتدّ من قلبها إلى أطراف جسدها كلّه.لم تكن أيٌّ من كلماته الجارحة السابقة تقارن بوقع هذه الجملة عليها الآن.شعر بالأسف على ريم، ويخشى أن تعاني معه.إذًا، فماذا عن تلك السنوات التي عاشتْها نور معه، تشاركه التعب والخذلان؟ ما قيمتها إذًا؟يا نور، إلى متى ترفقين بقلبٍ يطعنكِ هكذا دون أن يرفّ له جفن؟ نظرت شيماء إلى نور، فرأت وجهها شاحبًا والحزن يطغي في عينيها."نور، لا تأخذي كلامه على محمل الجد، إنه غاضب فقط، سأؤدّبه بنفسي...""خالة شيماء."نظرت إليها بثبات وقالت بنبرة هادئة متماسكة: "لستِ مضطرة للشرح نيابةً عنه، أعلم أنه صادق. لطالما رغبتُ في أن أكون كنتكِ، لكن يبدو أن هذا لن يحدث بعد الآن، فلنقم... بإلغاء الزفاف.""لقد شبعتُ، شكرًا لكِ على العشاء."نهضت، وأمسكت بحقي
Read more
الفصل 10
بعد أن شهدت نور حب بدر لريم، لم تعد قادرة على خداع نفسها أكثر.كما أن مشاعرها تجاه بدر قد تلاشت بفعل صراعات السنوات الماضية المتكررة، فلم يبقَ لها سوى القليل لتتمسك به."لا!"كان تعبير شيماء حازمًا: "أعطيه فرصة أخرى، وإن خذلكِ هذه المرة كما في السابق، فلن أحاول إقناعك مرة ثانية.""اعتبري هذه الفرصة بمثابة رد جميل إنقاذي لكِ، حسنًا؟"تنهدت نور في نفسها، ففعليًا ما تقوم به هو مجرد تأجيل لانفصالٍ حتمي، وأن النهاية لن تتغير.فكيف يمكن لشخصين لا يحبان بعضهما البعض أن يظلا معًا؟أمام نظرة شيماء المتوسلة، أومأت نور برأسها: "حسنًا يا خالة شيماء، أنا موافقة، إذا انفصل بدر عن ريم خلال شهر، سأسامحه."لكنها كانت تعرف في داخلها أن بدر لن يترك ريم من أجلها.عندما رأت شيماء موافقتها، تنفست الصعداء أخيرًا، وأخرجت من حقيبتها سوارًا من اليشم."هذا السوار تركته لي جدة بدر، وليس لدي أي شيء ثمين آخر، اعتبريه هدية زفاف مني، وأرجوكِ لا ترفضي."تألق السوار تحت الضوء ببريق لؤلؤي، وكان من الواضح أنه ذو قيمة عالية.دفعت نور السوار بعيدًا قائلةً: "خالة شيماء، إنه ثمين للغاية، لا يمكنني قبوله.""ليس ثمينًا، إنه مج
Read more
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status