"ورد، ما الأمر الذي استدعيتني من أجله؟" سأل سيف."أخي الصغير، أجبني، هل تعرف الكثير من رجال الأعمال في الوسط التجاري؟" سألت ورد."نعم، ما المشكلة؟" أومأ سيف وقال: "أنا أحب تكوين الصداقات، وأعرف عددا غير قليل منهم.""إذن هل يمكنك أن تعرفني على بعضهم؟" قالت ورد، "أريد أن أناقش معهم بعض فرص التعاون.""لا مشكلة أبدا!" أجاب سيف بحماس، "من ترغبين في مقابلته؟ سأقوم بالتواصل معه من أجلك."ناولته ورد قائمة وقالت: "هذه قائمة بالأسماء، انظر هل تستطيع أن تصل إليهم من أجلي."أخذ سيف القائمة، ألقى نظرة عليها وقال: "معظم هؤلاء أعرفهم، ودعوتهم لمناقشة تعاون لن تكون صعبة. لكن يا ورد، ما السبب وراء رغبتك المفاجئة في مقابلة هذا العدد الكبير؟""أريد..." ترددت ورد قليلا ثم قالت: "أريد أن أسبب بعض المتاعب لمجموعة عائلة عباس.""أوه؟" رفع سيف حاجبيه وقال: "وكيف تنوين فعل ذلك؟""لدي خطة..." ثم بدأت ورد تسرد خطتها بالتفصيل لسيف.وبعد أن أنهت حديثها، لمع في عيني سيف بريق حماسة. "ورد، خطتك هذه مثالية بحق! أعدك أن أنفذها لك دون أي خطأ!""أعتمد عليك إذن، أخي الصغير." قالت ورد مبتسمة."لا تقلقي، اتركي الأمر لي!" قال
"حبيبي سليم، لا ترهق نفسك بالضغط أكثر من اللازم." قالت جميلة بلطف، "مهما حدث، سأبقى دائما إلى جانبك."نظر سليم إلى عيني جميلة المليئتين بالحنان، فشعر بقلبه يلين ويتأثر. أومأ برأسه وقال: "نعم، أدرك ذلك."ابتسمت جميلة وقالت: "حبيبي سليم، لقد أعددت لك قهوة، اشرب قليلا منها.""حسنا." أومأ سليم وتناول الفنجان من يد جميلة، ثم ارتشف رشفة خفيفة.وفي تلك اللحظة، كان سكرتير عادل جالسا في مكتبه، غارقا في التفكير حول تصرفات سليم الغريبة مؤخرا.كان يشعر دائما أن لدى سليم ما يخفيه، لكنه لم يرغب في البوح به."هل يمكن أن يكون السبب هو رئيسة ورد" حدث سكرتير عادل نفسه متسائلا.تذكر يوم جلسة المناقصة، حينما وقع بصر سليم على ورد، وكيف امتلأت نظرته حينها بمشاعر متشابكة؛ من صدمة وغضب، إلى إحساس بالمرارة."يبدو أن السيد سليم ما زال يحمل شيئا من الحنين تجاه رئيسة ورد." تمتم سكرتير عادل بحسرة.وفي منزل جميلة، كان فارس جالسا على الأريكة يتابع تقريرا إخباريا عن ورد على شاشة التلفاز."أختي، انظري، هذه ورد باتت في قمة المجد!" قال فارس مشيرا إلى الشاشة، "لقد حصلت على مشروع مجموعة الفخم، إنها حقا مدهشة!"حدقت جميلة
انطلقت فعالية تدشين مشروع مجموعة الفخم وسط أنظار الجميع وباهتمام بالغ.بصفتها ممثلة عن العرض الفائز بالمناقصة، وقفت ورد على المنصة مرتدية بدلة رسمية أنيقة أبرزت قوامها الرشيق، وقد رفعت شعرها الطويل بعناية ليكشف عن جبينها الناصع، فبدت بكامل ثقتها وهيبتها، تنشر من حولها هالة قوية لا تخطئها العين."أيها القادة، أيها الزملاء، مساء الخير. أنا ورد، ويشرفني أن أقف هنا اليوم لأشارككم هذا الحدث التاريخي، تدشين مشروع مجموعة الفخم..."رن صوت ورد صافيا وقويا، مترددا في أرجاء القاعة.كان إيقاع كلامها لا بطيئا ولا متسارعا، وكل كلمة نطقتها بوضوح وقوة، عاكسة أعلى درجات الاحتراف والسيطرة.في المقاعد الأمامية، كان كبار مسؤولي مجموعة الفخم يومئون برؤوسهم مرارا، وقد ارتسمت على وجوههم نظرات إعجاب.فقد كان اختيارهم لورد يومها لا بسبب تميز خطتها فحسب، بل أيضا لما تملكه من سحر خاص وجرأة لافتة، جعلتهم واثقين من أن هذه الشابة، بصفتها رئيسة تنفيذية، قادرة على قيادة الفريق ورفع مشروع التعاون مع مجموعة الفخم إلى آفاق جديدة."...وفي الأيام المقبلة، سنعمل يدا بيد مع مجموعة الفخم، متمسكين بمبدأ الابتكار والتعاون والم
نظر سليم إلى جميلة التي كانت تبتسم له بلطف، لكن مشاعره في داخله كانت متشابكة ومتضاربة.كان يأكل بصمت، لكن الطعام لم يكن له طعم، وكأن فمه لا يميز شيئا.فجأة، قطع صوت فارس من عند الباب أجواء الصمت الثقيل في غرفة الطعام: "أختي! جئت لأراك!""أخي؟ ما الذي جاء بك؟" نهضت جميلة بسرعة، واتجهت نحوه بابتسامة.ضحك فارس وقال وهو ينظر مباشرة إلى سليم: "جئت لأطمئن عليك وعلى زوج أختي."أجاب سليم ببرود، دون أن يرفع عينيه: "بخير، شكرا."سأل فارس بنبرة فيها بعض التحفظ: "سمعت أنكم خسرتم المناقصة أمام ورد؟""أخي، لا تتحدث عن هذا الموضوع." سارعت جميلة بوقفه، فهي لا تريد لسليم أن يستعيد الذكريات المؤلمة.ضحك فارس وقال: "أختي، أنا فقط مهتم بأمر زوج أختي. الفوز والخسارة أمر طبيعي، المرة القادمة ستكون لصالحه بالتأكيد."رد سليم وهو يومئ برأسه: "أعلم… فارس، هل تناولت طعامك؟ تعال وشاركنا، هذه الأطباق من إعداد أختك."قال فارس بسعادة وهو يجلس إلى الطاولة دون تردد: "جميل، إذن لن أرفض الدعوة!" ثم بدأ بالأكل بشهية كبيرة.نظرت جميلة إليه وهو يلتهم الطعام بنهم، فهزت رأسها بيأس خفيف.كانت تعلم أن فارس لم يأت بدافع الأخوة
"نعم، رئيسة ورد، فهمت." أومأ السكرتير عادل وقال: "بالمناسبة، لدي نسخة من الجريدة… هل ترغبين في إلقاء نظرة عليها؟""أي جريدة؟" سألت ورد باستغراب."صحيفة المال والأعمال الصادرة اليوم. الصفحة الأولى تتحدث عنك، مقابلة خاصة." قال السكرتير وهو يناولها الجريدة.أخذت ورد الجريدة، وإذا بصورتها تتصدر الصفحة الأولى، والعنوان مكتوب بخط عريض: "نجمة جديدة في عالم الأعمال: صعود ورد نحو القمة"."هذا..." نظرت ورد إلى الجريدة بدهشة، لم تتوقع أبدا أن تكون هي الخبر الرئيسي.ضحك السكرتير عادل وقال: "رئيسة ورد، أصبحت الآن شخصية مشهورة، كل الأوساط الاقتصادية تتحدث عنك."ابتسمت ورد بخفة، وضعت الجريدة على الطاولة، وقالت: "حسنا، دعنا نترك هذا الآن. عد إلى عملك.""أمر مفهوم، رئيسة ورد." أومأ السكرتير وخرج بهدوء من مكتبها.وفي فيلا سليم، كانت جميلة تعد العشاء بعناية فائقة.طبخت عدة أطباق خصيصا حسب ذوق ورد، ورتبت مائدة الطعام بشكل أنيق على أمل أن تسر سليم وتجعله يبتسم."عزيزي سليم، العشاء جاهز." وقفت جميلة أمام باب المكتب، طرقت عليه بلطف، وقالت بصوت رقيق.خرج سليم من المكتب، وعندما رأى المائدة وما عليها من أطعمة،
"ورد، مبروك لك! لقد حققت نصرا ساحقا في هذه المناقصة!"دخل سيف وهو يحمل زجاجة شمبانيا وكأسين طويلين، وعلى وجهه ابتسامة مليئة بالمرح واللامبالاة.قالت ورد بدهشة وهي تنظر إليه: "أيها الأخ الصغير، ما الذي جاء بك إلى هنا؟" لم أتوقع ظهورك فجأة."بالطبع أتيت لأحتفل بنجاحك!"وضع سيف الشمبانيا على الطاولة، وفتح الزجاجة بمهارة، فانطلقت منها فرقعة خفيفة، وانتشر عبير الخمر في الأجواء."هيا، ورد، لنشرب نخبا!" صب كأسين من الشمبانيا، ومد أحدهما لها قائلا: "لنشرب من أجل نجاحك… ومن أجل مستقبلنا معا!"أخذت ورد الكأس، واصطدمت بسيف بخفة وهي تبتسم: "شكرا لك، أيها الأخ الصغير. هذا النجاح ما كان ليتم لولا دعمك."ضحك سيف بعد أن ارتشف من كأسه وقال: "لا تكوني رسمية هكذا! نحن شركاء، ومن الطبيعي أن ندعم بعضنا البعض. ثم إن الجميع يعلم بقدراتك، حتى من دوني كنت ستنجحين بلا شك."ابتسمت ورد وقالت: "كفى مجاملة. بالمناسبة، كيف عرفت أنني هنا؟"أجاب وهو يغمز بعينه بطريقة غامضة: "هل يحتاج الأمر لسؤال؟ هناك من أخبرني، تخمني من هو؟"نظرت ورد إلى ملامحه الماكرة، وشكت في الأمر، ثم سألت مترددة: "هل هو… جليل؟"تظاهر بالدهشة قائل