Share

الفصل 3

Author: برعم زنجبيل
بدا عامر متفاجئًا من طرح لينة موضوع الطلاق، فازداد وجهه عبوسًا قائلًا: "لن أوافق على الطلاق."

صُدمت لينة.

هل يعني رفضه للطلاق أنه...

تابع حديثه قائلًا: "كما أن جدتي لن توافق على كذلك."

تبع ذلك صوت إغلاق الباب.

ظلت لينة واقفة في مكانها لوقت طويل، وكأن قلبها كان مثقلًا بحملٍ ثقيل، وشعرت أن الفكرة التي راودتها قبل قليل كانت مثيرة للسخرية بعض الشيء.

هل يُعقل أن يرفض الطلاق من أجلها؟

الأمر ببساطة هو خشيته من عدم موافقة الجدة عائشة.

لكنه لم يكن يعلم أن الجدة عائشة قد وافقت بالفعل.

افترقا في تلك الليلة على خلاف، وناما في غرفتين منفصلتين، وفي صباح اليوم التالي بعد وصول الخادمة، غادر عامر المنزل.

تناولت لينة فطورها بمفردها كالمعتاد، وخرجت الخادمة بعد أن نظفت الغرفة سائلةً: "يا سيدتي، لمَ نقصت الكثير من الأشياء في المنزل؟"

حينها توقفت لينة للحظة.

حتى الخادمة لاحظت أن هناك أشياء قد نقصت من المنزل.

بينما لم يكلف نفسه حتى عناء السؤال.

كان من الممكن معرفة ما إن كان يهتم أم لا بسهولة.

أجبرت نفسها على الابتسام قائلةً: "أصبحت جميع الأشياء قديمة، لذا تخلصت منها. إنها مجرد أشياء غير مهمة".

لم تسأل الخادمة المزيد من الأسئلة.

في الظهيرة، تلقت مكالمة من الدكتور فوزي، يبلغها بالحاجة إلى إجراء عملية جراحية كبرى، وأن حالة المريض خطيرة للغاية، لكن الطبيب المتخصص في جراحة المخ في سفر، وهي الوحيدة التي تستطيع إجراءها.

هرعت لينة إلى المستشفى، وارتدت ملابس الجراحة ودخلت غرفة الطوارئ حيث كان جميع الأطباء المشرفين موجودين، ومن ضمنهم سارة.

كانت غرفة الطوارئ مليئة برائحة الدم النفاذة.

وعلى عكس الأطباء الآخرين الذين تقدموا لفحص جروح المريض، لم تجرؤ سارة حتى على الاقتراب من المريض، واستمرت في محاولة كبح رغبتها في التقيؤ.

"ها قد وصلتِ يا دكتورة لينة." اقترب منها طبيب التخدير قائلًا: "سقط المريض من موقع بناء، وتم إحضاره إلى المستشفى للتو، وهو الآن في غيبوبة".

لم تستطع لينة كتم شهقتها حين رأت حالة المريض الحرجة.

اخترق سيخ حديدي طوله عشرين سنتيمترًا دماغ المريض عبر عينه، ورغم كونه في غيبوبة، إلا أنه لا يزال لديه علامات حيوية. يا لها من معجزة!

قالت سارة وهي تكافح الغثيان: "يا دكتورة لينة، هل يمكنك حقًا إجراء هذه العملية؟ قد يؤدي أي خطأ بسيط إلى موت المريض."

"إذا لم أستطع، فهل تستطيعين أنت؟"

امتعض وجه سارة حين سمعت ما قالته لينة.

ارتدت لينة قفازاتها، وأمرت الأطباء الآخرين قائلة: "لنقم بفتح الجمجمة أولاً لتخفيف الضغط، ونزيل الجلطات الدموية قدر الإمكان."

كان طبيب التخدير والمساعدين على أهبة الاستعداد.

عضت سارة شفتيها وقالت: "هل يجب أن أبقى للمساعدة؟"

"ليخرج جميع من ليس لهم عمل هنا". من خلال نظرة لينة إليها قبل قليل، عرفت أنها لن تكون ذات فائدة لو بقيت في غرفة العمليات.

"لكن..."

"يا رئيسة القسم سارة، حالة المريض حرجة الآن، من الأفضل لكِ أن تذهبي لتهدئة العائلة."

لم يجرؤ أي جراح رئيسي في المستشفى المركزي على إجراء هذه العملية، لأن أي خطأ بسيط قد ينهي مسيرته المهنية بأكملها.

كما أنهم جميعًا قد لاحظوا سلوك سارة منذ أن عُينت في المستشفى.

لولا معارفها، لكانوا قد وبخوها بالفعل.

أحكمت سارة قبضتها، ولم يكن أمامها سوى مغادرة غرفة العمليات.

...

بعد أن تأكدت لينة من عدم وجود ضرر في جذع المخ، وعدم وجود إصابات واضحة في الأوعية الدموية للمخ، قضت هي وفريقها خمس ساعات لإزالة السيخ الحديدي، ثم إجراء جراحة إعادة بناء لقاع الجمجمة.

استمرت العملية حتى المساء، وعندما رأى الجميع أن العلامات الحيوية للمريض مستقرة، تنفسوا الصعداء.

بعد الانتهاء من العملية، ذهب الأطباء الآخرون على الفور لإبلاغ العائلة.

أما لينة، فذهبت إلى مكتب المدير.

عندما علم الدكتور فوزي بنجاح العملية، شعر بحماس بالغ، وقال: "الفضل لك في نجاح هذه العملية يا لينة."

"ليس لي وحدي، بل هو بفضل التعاون الجيد للفريق، والمريض أيضًا كان محظوظًا بما فيه الكفاية، حيث لم يصب السيخ الحديدي أي بنية مهمة في المخ، وإلا لما استطاع أحد إنقاذه."

أومأ الدكتور فوزي برأسه، وحاول إقناعها بالبقاء قائلًا: "ألن تعيدي النظر في موضوع نقلك؟"

إنه يرى مهارات لينة بوضوح، فلا يقتصر الأمر فقط على كونها أصغر جراحة رئيسية، بل كونها امرأة أيضًا هو أمرٌ نادر في هذا المجال الطبي.

مدينة نهارين هي مدينة صغيرة من الدرجة الثالثة في نهاية الأمر، والمستشفيات هناك لا تقارن في المزايا بمستشفيات العاصمة. من المؤسف حقًا أن تتخلى عن هذه المزايا الممتازة وتطلب النقل إلى مستشفى مدينة نهارين.

هزت لينة رأسها بابتسامة قائلة: "لقد حسمت أمري بالفعل، لكن لا تقلق، إذا احتجت إليّ في أي وقت، فسوف آتي للمساعدة بالتأكيد إذا كنت متفرغة."

عند سماع ذلك، لم يضغط عليها الدكتور فوزي أكثر من ذلك.

بعد مغادرتها مكتب المدير، رأت عامر يتقدم نحوها بخطى واسعة.

توقفت، وكانت على وشك التحدث.

لكنه تجاوزها ولم يقول إلا: "يا دكتورة لينة، أريد التحدث معك في أمرٍ ما."

سارت لينة وعامر إلى الشرفة، وكانت متعبة جدًا بعد إجراء العملية الجراحية للتو، وبدت عليها علامات الإرهاق: "كنت تبحث عني..."

"لماذا كنتِ تضايقين سارة داخل غرفة العمليات؟"

Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • لم يلين قلبه طوال ست سنوات من الزواج، لكن الرئيس الحقير أحبني مجددًا حين تركته   الفصل 30

    حدقت في الرسالة على شاشة هاتفها، وترددت للحظة قبل أن تقرر عدم الرد.ثم اتصل بها.شعرت بالارتباك بسبب كلمة "زوجي" التي ظهرت على الشاشة عند تلقيها الاتصال، لم تكن قد غيَّرت اسمه.لم يكن عامر الذي تعرفه ليتصل بها من تلقاء نفسه أبدًا.لم تعرف من متى بدأ الأمر، ولكنه أصبح الآن لا يكتفِ بمراسلتها، بل يقوم بالاتصال بها أيضًا؟رفعت لينة الهاتف إلى أذنها بتردد، وبدا صوتها مليئًا بالجفاء وهي تقول: "ما الأمر يا عامر؟"سمعت صوت قداحة من الطرف الآخر، بدا أنه يدخن، وكان صوته منخفض وممزوج بالكسل وهو يقول: "ألم تري رسالتي التي أطلب منك فيها الحضور إلى موقف السيارات؟""بما أن الآنسة سارة هنا، إذا كنت بحاجة إلى أي شيء، تحدث إليها." كانت لينة على وشك إنهاء المكالمة، حين ضحك بسخرية وقال ببرود: "هل اعتمادك على عمر الحسن جعلك بتلك الجرأة؟"قالت بعبوس: "ماذا تعني؟""المعنى واضح." قال وهو يتكئ على باب سيارته، ويعبث بالقداحة بنفس اليد التي يمسك بها السيجارة: "صبرِي له حدود."أنهت لينة المكالمة دون أن تضيف كلمة.دخلت موقف السيارات تحت الأرض، ووقعت عيناها فورًا على وجه عامر الوسيم والمنحوت.نفس المثالية المعتادة

  • لم يلين قلبه طوال ست سنوات من الزواج، لكن الرئيس الحقير أحبني مجددًا حين تركته   الفصل 29

    عجزت سارة عن الرد على ذلك التعليق، واحمر وجهها غضبًا.ماذا تعني تلك السافلة؟كيف تجرؤ على السخرية منها؟سمعت سارة حركة في الممر، فسرعان ما أعادت الهاتف إلى مكانه وابتعدت جانبًا.دخل عامر وندى الشامي المكتب.نظر عامر إليها، وقال وحاجباه مقطبان قليلًا: "هل خرجت من المستشفى؟""نعم. قال الطبيب إن حالتي ليست خطيرة، ويكفي أن أرتاح لبضعة أيام." اقتربت سارة منه، ولاحظت أنه يجلس على مكتبه وهاتفه في يده، فسرعان ما غيرت الموضوع قائلةً: "لم يرك ماجد منذ فترة، هل ترغب في تناول الغداء معًا يا عامر؟"لم يفتح سجل مكالماته، بل اكتفى بإلقاء نظرة على دردشة مجموعة العمل الداخلية للشركة قبل أن يهمس: "حسنًا."أشرق وجه سارة بالسعادة.في هذه الأثناء، بعد أن أنهت المكالمة بوقت قصير، توجهت لينة إلى المطعم لمقابلة عمر حسن.عندما رأت أنه ينتظرها على الطاولة، أسرعت في خطاها قائلةً: "آسفة، أرجو أني لم أجعلك تنتظر طويلًا.""لم أنتظر سوى بضع دقائق، لا تقلقي." وضع عمر فنجان الشاي على الطاولة، وأرسل مقطع الفيديو المُعاد استرجاعه من كاميرا المراقبة إلى هاتفها قائلًا: "لحسن الحظ، لم يكن من حذفه محترفًا. وإلا، لاستغرقت اس

  • لم يلين قلبه طوال ست سنوات من الزواج، لكن الرئيس الحقير أحبني مجددًا حين تركته   الفصل 28

    جلس عامر ببطء على كرسي المرافقة، وعقد ساقاه الطويلتان. كان طويل القامة، عريض المنكبين، وقامته الممشوقة تبرز بشكل أنيق في أي نوع يرتديه من الملابس، فكان يفيض وسامةً وهيبةً، بوجهٍ نضر كالأحجار الكريمة.كان الفتى الأكثر شعبية في الجامعة، فارس أحلام جميع الفتيات في الحرم الجامعي. أما في الخفاء، فقد دلّل سارة لثلاث سنوات، وكاد أن يتزوجها.كلما فكرت سارة في هذا الأمر، ازداد اضطرابها.وكذلك شعورها بالندم!"ما الذي حدث في مأدبة العشاء بالضبط؟"تجمدت سارة للحظة، فلم تكن تتوقع أن هذا أول ما سيسأله، فأخذت تتصنع البكاء وهي تقول: " كان إهمالًا مني، لقد أخطأت في رقم الغرفة، ولهذا تعرضت لينة للخطر. لذلك مهما فعلت بي، فسأقبله."بدت تعبيرات وجه عامر معقدة بعض الشيء، ولم يردّ عليها.وكلما طال صمته، ازداد القلق في قلب سارة."عامر، ألا تصدقني؟""أصدقك." قال بعد لحظة صمتٍ قصيرة: "لا تبالغي في التفكير بالأمر."تنفست سارة الصعداء حين سمعت إجابته، ثم مالت بجسدها نحوه محاولة الاتكاء عليه، وقالت: "إذن بشأن هذا الأمر..."لكن في تلك اللحظة، نهض عامر واقفًا وقال: "سأتدبر هذا الأمر."اضطرت إلى التراجع بسرعة، وكادت

  • لم يلين قلبه طوال ست سنوات من الزواج، لكن الرئيس الحقير أحبني مجددًا حين تركته   الفصل 27

    "لقد أرسلتني للترفيه عن الرجال، وخدعتني لأدخل غرفة خاصة تابعة لأشخاصٍ آخرين، وحتى أنك جعلتهم يجبرونني على شرب الكحول وتخديري." سخرت لينة ببرود: "أساليبك مروعة حقًا أيتها المديرة سارة."تهامست الممرضات القريبات فيما بينهن بغير تصديق.تغيرت تعابير وجه سارة قليلًا وهي تقول: "لم أفعل ذلك!""يا لينة، يمكن للمسؤولين الحكوميين الذين كانوا بانتظارك بالأمس أن يشهدوا بعدم حضورك...""ذلك لأن تفاصيل الغرفة الخاصة التي أعطيتني إياها كانت خاطئة!""أنا حقاً لم أفعل..."أخرجت لينة هاتفها، وأرتها الرسائل التي أرسلتها الليلة الماضية، وقالت: "هل أطلب من الموظفين الحكوميين التحقق من ذلك؟"تجمدت سارة فجأة في مكانها.لقد نسيت ذلك تمامًا!توجهت عيناها نحو شخص معين، وبرد فعل سريع، أمسكت يد لينة ورفعتها لتضرب وجهها قائلةً: "يا لينة، لقد أسأت فهمي حقًا! أعترف بذلك، كان الأمر بسبب إهمالي إذ أخطأت في رقم الغرفة. اضربيني! لقد عرضتك للخطر. أنا أستحق غضبك!"حاولت لينة سحب يدها، لكن سارة سقطت على الدرج المجاور في تلك اللحظة بالذات.صدم هذا المشهد لينة وكذلك الممرضات الحاضرات."يا دكتورة لينة، ماذا تفعلين؟"شهد المدير

  • لم يلين قلبه طوال ست سنوات من الزواج، لكن الرئيس الحقير أحبني مجددًا حين تركته   الفصل 26

    توقفت لينة فجأة وقبضت على كفيها.وحين رأى عامر أنها لم تستدر، ضحك بسخريةٍ وسد طريقها قائلًا: "إذا كنتِ تأملين في الحصول على مساعدة السيد عمر، فهذا غير ممكن. لا يمكن لعائلة الحسن التدخل في شؤوني."انهارت مشاعر لينة، وبالكاد استطاعت أن تقول بصوتٍ مبحوحٍ ومختنق: "يا عامر خليفة، ماذا تريد بحق السماء؟"ألقى عامر معطف عمر في سلة المهملات، وخلع سترته، وسار مباشرة نحوها.لم يكن لدى لينة الوقت الكافي للرد.في اللحظة التالية، غطاها بمعطفه.طوّق عامر كتفيها بذراعه، ورغم مقاومتها الطفيفة، إلى أنه أرشدها بالقوة إلى السيارة.نظرت لها ندى من مقعد السائق، وأومأت برأسها تحيةً لها قائلةً: "أهلًا يا آنسة لينة."شعرت لينة بدوار لا إرادي، فأشاحت بنظرها بسرعة إلى النافذة، ونظرت منها بعينين شاردتين.نظر إليها عامر، وأشار لندى بأن تقود.عندما وصلوا إلى مبنى مجمع السلام، نزلت لينة على الفور وأسرعت تجاه المبنى.ظل عامر جالسًا، وقال لندى: "تحققي من حادثة الليلة."أومأت ندى برأسها.عادت لينة إلى رشدها ببطء حين دخلت المنزل، وحينها فقط أدركت أن معطفه ما زال على كتفيها.نزعت المعطف ورمته على الأرض دون اكتراث، ثم أسر

  • لم يلين قلبه طوال ست سنوات من الزواج، لكن الرئيس الحقير أحبني مجددًا حين تركته   الفصل 25

    اتكأ رجل طويل القامة وذو بنية قوية على مقدمة السيارة، واضعًا سيجارة بين شفتيه. كان الضباب الأبيض الممزوج بالزرقة يحجب ملامحه، بينما تفحصت عيناه العميقتان الثاقبتان بسرعة معطف الرجل الملفوف حول كتفيها بتعبيرٍ غامض.نظر عمر غريزيًا إلى لينة قبل أن يوجه نظره إلى عامر: "هل ينتظر عامر أحدًا؟"ينتظر أحدًا...لم تعد سارة في المستشفى، فمن قد ينتظر؟هل يكون بانتظارها؟خطرت هذه الفكر في ذهن لينة، لكنها رفضتها باعتبارها فكرة سخيفة!أمال عامر رأسه للخلف، وهو ينفث الدخان، ثم ألقى عقب السيجارة على الأرض، وسحقه بقدمه. كانت نظرته، التي أصبحت الآن مشوبة بلمحة من التهديد، مثبتة على عمر وهو يقول: "السيد الشاب عمر، هل تحب التدخل في شؤون الآخرين لهذه الدرجة؟"التدخل في شؤون الآخرين...أصابت الكلمات الأربع قلب لينة، وشحب لون شفتيها. هل كان مخطط سارة ضدها الليلة من تدبيره حقًا؟شعرت ببرودة في أعماقها حين أدركت هذا، وجمدت أطرافها.لاحظ عمر انزعاج لينة، فحدق بعامر مضيقًا عينيه: "هل إنقاذ فتاة في محنة يعد تدخلًا؟"عقد عامر حاجبيه.وعندما كان عمر على وشك التحدث، أمسكت لينة بذراعه فجأة، وقالت بصوتٍ ضعيف: "يا عمر

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status