الفصل 2

تفاجأت الجدة عائشة للحظات، ونظرت في عينيها قائلةً: "لم يكن هذا ما قلتِه عندما عقدتِ الصفقة معي في البداية، ما الأمر، هل ندمتِ؟"

نعم، لقد ندمت.

أشاحت لينة بنظرها للأسفل، وكبحت ما بهما من مرارة قائلةً: "لقد خيبت ظنكِ."

أغمضت الجدة عائشة عينيها بعمق وتنهدت: "حسنًا، إذا كنتِ تريدين الطلاق فلتتطلقا، لقد أعطيتكِ فرصتكِ. بما أنكِ لم تستطيعي جعل عامر يقع في حبكِ، فعائلة خليفة لم تعد مدينة لكِ بشيء."

شعرت لينة بالضيق للحظة، ثم ابتسمت قائلةً بصوت مختنق: "شكرًا لكِ."

...

عادت لينة إلى مجمع السلام السكني.

وصادفت سارة وابنها مع عامر في الطابق السفلي.

كانا قد عادا مستقلين سيارة عامر.

تسمرت لينة في مكانها لبرهة.

نظرت إليها سارة بدهشة قائلة: "دكتورة لينة؟ هل تعيشين أنتِ أيضًا في مجمع السلام؟"

نظرت لينة لا إراديًا إلى عامر.

لكن عامر لم يبد أي رد فعل.

كلما كان أكثر هدوءًا، زاد الألم الذي يعتصر قلبها.

مجمع السلام هو مجمع سكني فاخر يقع على الطريق الدائري الثاني في العاصمة، وهو أحد ممتلكات عائلة خليفة، وهذه الشقة تحديدًا، كان عامر قد قال إنها تعويض لها.

ولأنها قريبة من المستشفى، فقد وافقت عليها.

لكنها لم تتوقع أن عامر سيرتب لسارة وابنها العيش في نفس المجمع.

إنه متعجل حقًا...

"يا لها من مصادفة!"

كبتت لينة مشاعرها، وبينما كانت على وشك المغادرة، تسائلت سارة قائلةً: "يا دكتورة لينة، سمعت أنك متزوجة، لماذا لم نر زوجكِ أبدًا؟"

توقفت لينة فجأة.

زوج؟

ألقت نظرة سريعة على عامر،

فأظلمت عيناه.

سخرت لينة من الأمر بداخلها، فهل هو خائف إلى هذا الحد من أن تعرف سارة علاقته بها؟

قالت ببرود: "ليس لدي زوج."

ومض شيءٌ من الظلمة الخافتة في عيني عامر الهادئتان عادةً.

ظلت الابتسامة مرسومة على وجه سارة وهي تقول: "ليس لديكِ زوج؟ ولكن ألست متزوجة بالفعل يا دكتورة لينة؟"

متزوجة بالفعل...

كانت لينة قد ذكرت بالفعل أنها متزوجة في سيرتها الذاتية التي قدمتها للمستشفى.

لكن لم ير أحدًا زوجها.

ابتسمت لينة باستهزاء: "لقد كتبت ذلك من باب المزاح، لكن ليس لدي زوج."

ليس لديها زوج؟

ضيّق عامر عينيه بشكلٍ خطير.

بما أنها استقالت بالفعل وعزمت أمرها على المغادرة، فلم تعد تهتم بانكشاف ما إن كانت متزوجة سرًا أم لا.

استدارت لينة عنهم، ودخلت المبنى السكني دون أن تلتفت إلى الوراء.

حلَّ الليل.

جمعت لينة كل متعلقاتها الشخصية، وجهزت حقيبتي سفر كبيرتين في غرفة الملابس.

وقعت عيناها على صورة الزواج الخاصة بهما؛ في الصورة، كانت ترتدي فستان الزفاف، وهي متشابكة الذراع مع عامر، تبتسم بابتسامة جميلة تناقض تمامًا برود وجهه.

في ذلك الوقت، افترضت فقط أنه لا يحب الابتسام.

ورغم أنها كانت مجرد صورة واحدة، إلا أنها اعتبرتها كنزًا.

لكن بالنظر إليها الآن، أصبحت مثيرة للسخرية.

لم يكن ممن لا يحبون الابتسام،

وإنما هي التي لم تستحق ابتسامته.

التقطت إطار الصورة، وألقت عليه نظرة أخيرة، ثم رمته في صندوق من الورق المقوى، ليُحفظ هناك في غرفة الملابس مع الأشياء المُهملة.

عندما خرجت من غرفة النوم، سمعت ضوضاء في غرفة المعيشة.

عرفت أن عامر قد عاد.

خرجت لينة إلى غرفة المعيشة، ورأت عامر يعلق معطفه الذي خلعه على علاقة الملابس عند المدخل، ويغير حذاءه.

تنفست لينة بعمق، واتجهت نحوه قائلةً: "هل تنوي شرح ما حدث اليوم؟"

قصدت تدبيره لعيش سارة وابنها في مجمع السلام أيضًا.

سحب عامر ربطة عنقه، وقال بنظرةٍ باردة: "ما الذي عليّ شرحه؟"

"مجمع السلام قريب من المستشفى، فهل يجوز لك يا لينة أن تسكني فيها، ولا يجوز لها هي وابنها؟"

ألقى ربطة العنق على مرفقه، ونظر إليها: "لقد حصلتِ بالفعل على ما أردتِه يا لينة، فلا تكوني بتلك السطحية."

شعرت لينة بخيبة الأمل من كلامه.

هل هي سطحية؟

نعم، فبالنسبة له كانت قد حصلت على منصب زوجة عامر، لذا أليست رغبتها في "مواجهة" سارة وابنها "سطحية"؟

عندما همّ الرجل بالعودة إلى غرفته، أوقفته لينة قائلةً: "لنتحدث."

توقف عامر، واستدار بضجر، وقال بنظرةٍ من اللا مبالاة: "ما الأمر مجددًا؟"

"فلنتطلق."

خلعت لينة خاتم الزواج ببطء، وأمسكت به في يدها قائلة: "أنا أمنحك حريتك."