الفصل 3

"لقد أسأت الفهم، أنا لست..."

ولكنّه لوّح بيده رافضًا أن يستمع إلى شرحي:

"لديّ أمور أخرى، سأغادر الآن، وأنصحك أن تتوقفي عن هذه الأفعال التي تستنزف مشاعري تجاهك."

انغلق الباب بضجة، وغرقت الغرفة بأكملها في صمت مطبق كالموت.

وقفت مكاني لوقت طويل، ثم ابتسمت بسخرية من نفسي.

جواد المطيري، كم بقي من مشاعرك تجاهي حتى تتحدث عن استنزافها؟

لو كان الأمر سابقًا، لتألمت كثيرًا من سوء فهمه لدرجة أنني لا أستطيع النوم أو الأكل، لكن الآن، سرعان ما استعدت هدوئي.

تابعت بعد ذلك تصفح تفاصيل الزفاف المختلفة التي أرسلتها والدتي.

قبل الخروج من انستغرام، نقرت عرضًا على النقطة الحمراء في لحظاتي، فرأيت جواد المطيري، الذي لم ينشر شيئًا هناك قط، قد حدّث حالته.

"أنت رائعة إلى هذا الحد، بالطبع، لا أشعر بالاطمئنان إلا عندما أتزوجك وأبقيك بجانبي في المنزل."

الصورة المرفقة كانت لنادين الجهني وهي بمفردها، بالإضافة إلى دعوة زفافهما.

في أقل من دقيقة، علّق صديقنا المشترك:

"يا أخي، هل تم استبدال العروس بهذه السهولة والسرعة؟"

وهكذا، اختفى منشور جواد المطيري الجديد فورًا، لكنها سرعان ما ظهرت مجددًا على الصفحة الرئيسية لنادين الجهني في انستغرام.

بعد ذلك، ورد اتصال هاتفي من جواد المطيري.

لو كان الأمر في السابق، لكنت قد التقطت لقطة شاشة وحفظتها وبادرت بالاتصال للسؤال والاستجواب، وباختصار، لم يكن الأمر لينتهي دون شجار.

لكن هذه المرة، انتظرت حتى أغلق الخط ولم أجب.

من الغريب أنني عندما رأيت هذه الرسالة، لم أشعر بحزن شديد بشكل مفاجئ، ربما فقدت الإحساس.

كان رد فعلي الأول هو أن تاريخ زفافهما صادف أنه في نفس يوم زواجي، يا لها من مصادفة حقًا.

عندما وصل جواد المطيري إلى المنزل، كنت قد نمت مبكرًا بالفعل.

فتح الباب برفق، وسار إلى جانب سريري.

"سلمى، هل نمت؟ لماذا لم تجيبي على اتصالي بك؟"

كنت أدير ظهري له، وأجبت بلامبالاة: "نمت عن غير قصد، ولم أسمع."

تنهد جواد المطيري بارتياح، وانحنى مقتربًا مني، ومد يده ليتحسس حرارة جبيني: "هل ما زالت الحرارة مرتفعة؟"

بمجرد أن اقترب، جعلتني رائحة العطر النسائي الحلوة والمنعشة التي كانت على جسده أشعر بالغثيان، وكدت أتقيأ.

تحركت لا إراديًا إلى الجانب، وتجنبت لمسته.

توقفت يده في الهواء، وملأه الذهول.

سأل باستكشاف: "سلمى، هل رأيت شيئًا ما؟"

دفنت نفسي بالكامل تحت الغطاء، وصوتي مكتومًا: "لا، أشعر بالانزعاج بسبب الزكام، أريد أن أنام."

بعد نومة عميقة حتى اليوم التالي، شعرت أخيرًا ببعض الراحة.

شجعت نفسي، وبدأت أجمع أغراضي، وأمحو أثري في هذا المنزل شيئًا فشيئًا.

حينها فقط اكتشفت أنني اشتريت الكثير من الأشياء الصغيرة الخاصة بالثنائي، وفي البداية، كان جواد المطيري يستخدمها معي.

لكن لا أعرف متى، ألقى بتلك الأشياء كلها في الزاوية لتتراكم عليها الأتربة.

جمعت كل هذه الأشياء عديمة الفائدة ورميتها في سلة المهملات.

وكان هناك أيضًا كتيب، يحتوي على صور التقطناها أنا وجواد المطيري أثناء سفرنا إلى أماكن مختلفة، وبطاقات بريدية جمعناها معًا، وتذاكر سفر بين المدن من الماضي، ورسائله التي كتبها لي.

هذا الكتيب، كان مليئًا بذكرياتي أنا وجواد المطيري على مر السنين.

لكن، منذ ظهور نادين الجهني، لم أضف أي صور جديدة إلى الكتيب.

عندما عاد جواد المطيري، كنت أرمي هذا الكتيب في النار، فاندفع نحوي بجنون، وانتشل الكتيب المحترق من النار بصعوبة.

غير مبال بألم الحروق في يده، سألني بغضب شديد قائلًا: "أجننت؟ ألا تعرفين مدى أهمية هذا الكتيب بالنسبة لنا؟ لماذا أحرقته؟"

جواد المطيري نادرًا ما يغضب مني، وهذه أول مرة يتحدث إليّ بصوت عال هكذا.

اهتمامه في عينيه لم يكن زائفًا، لكن حقيقة أنه كان يتزوج من أخرى سرًا عني كانت أيضًا صحيحة.

لم أرغب في الشجار معه، فقلت بلا مبالاة: "الكتيب أصبح متعفنًا وبه حشرات، وقد قمت بنسخ كل محتوياته احتياطيًا، وبإمكاني صنع واحد جديد حينها."

عندما سمعني أقول ذلك، هدأت ثورته.

أثناء وضعي مرهم الحروق له، حدق جواد المطيري فيّ، وقال فجأة: "سلمى، أرى أن مزاجك ليس جيدًا مؤخرًا، هل ضغط العمل كبير جدًا عليك؟ لقد حجزت لك رحلة خاصة مصممة خصيصًا، اذهبي واستمتعي وغيري جوك."