Share

الفصل840

Author: شاهيندا بدوي
كانت نور واضحة في ذهنها؛ وجودها أمام همام لم يكن ذا شأن خاص.

كل ما كانت تريده، مجرد اختبار له، لتعرف نواياه.

ابتسم همام قائلًا: "لقد سمحت لك بالبحث عن شخص، وعندما تجديه، بالطبع يمكنك أخذه معك. لكن في هذا الوقت المليء بالحرب، البقاء هنا هو الأكثر أمانًا لك".

كانت صوته ناعمًا وأجشًا، لكنه مليء بالدفء.

والأهم من ذلك، أن نظره كان مركزًا على نور فقط.

أما سمير، الذي يقف خلفها، فقد شعر بثقل في صدره، وفكر في تلك الللحظة في شيءٍ واحدٍ فقط: أن يجذب نور بين ذراعيه.

"لنذهب."

قال همام هذه الكلمات بهدوء، بدون أن ينتظر رد نور.

لم يذكر همام المكان الذي سيأخذها إليه، وكانت نور تعلم جيدًا أنه بانطلاقها هكذا، ستنفصل عن سمير، فهمام لن يكون قادرًا على أخذه معها.

سرّعت عقلها في التفكير.

نادته نور: "همام".

التفت همام إليها، ولم يقل شيئًا، لكن نظره الموجه إليها كان كافيًا ليوضِّح كل شيء، فهو ينتظرها أن تتكلم.

ترددت نور، وقالت: "لا أرغب في الذهاب إلى ذلك للمكان الذي ستأخذني إليه. كما أن الذهاب ومن ثم العودة للبحث عن الناس سيكون أمرًا مرهقًا لي".

كانت تعلم أنه ليس لديها سلطة القرار، لكنها أرادت اختباره على الأق
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل845

    أطبقت نور شفتيها، وبدت الجدية واضحة على وجهها، وقالت: "يا سيدة فتحية، أحتاج منك أن تأخذيني إلى قسم المصابين لأرى بنفسي"."أنتِ!"امتلأت فتحية بالغضب. لكن ماذا تستطيع أن تفعل؟ كان عليها أن تطيع إرادة نور.وصلت نور إلى باب معسكر المصابين، فاجتاحتها رائحة الدم الكريهة الممتدة في المكان، ممزوجة برائحة عفن قوية.لم تحتمل نور الأمر، فانتابها قيءٌ مفاجئ.لكن قبل أن تتمكن فتحية من التعبير عن استهجانها، قامت نور بضبط نفسها، وصرَّت على أسنانها، ودخلت إلى الداخل.كان المشهد هناك أشد بشاعةً من معسكر العبيد.أطراف مبتورة، آذان مقطوعة، عيون مغروزة...مشهد في غاية الفظاعة.كانت وجوه العديد من الأشخاص مشوهة بالدماء، وكلما تعمقت نور في الداخل، رأت بعضهم محشورًا في جرارٍ ضخمة، أو أقفاص حديدية.الحشرات والزواحف السامة تتسلّل بين المكان، شعرت نور بقشعريرة تسري في فروة رأسها."عزة؟" نادَت نور بصوت حذر، لكن لم يأتها أي رد.لم يكن أمامها حلّ سوى فحص الأشخاص شخصًا تلو الآخر، ومع ذلك لم تجد عزة، في هذه اللحظة، استسلمت نور لليأس.عزة، أُخِذت على يد رجال فرعون من أجل أن تحميها، لكنها لم تُرمَ هنا، فهل قُتلت؟

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل844

    تلفَّظ السيد المهرج هذه الجملة، ورحل دون أن يلتفت.لكن وهو في طريقه للخلف، هاجمته غصة مفاجئة، سعالٌ عنيف، وطعمٌ مالح تدفق في حلقه. تغير لون بصره فجأة، لم يتوقع أن يكون سمير قد أوقعه بإصابةٍ داخلية، كان قد خاض التدريب مع السيد الشاب منذ نعومة أظافره، وتبعه لسنواتٍ طوال. لم يكن هناك أي أحد يمكن أن يكون ندًا له هنا.لو تأخَّر همام ونور دقيقة أو دقيقتين، لكان السيد المهرج قد صار اليوم مهزومًا على يد سمير! سمير رجل فذّ بحق.لو لم يكن من دولة العرب، ولَو امتلك طموحًا أكبر بمهاراته هذه، لكان سيكون مسيطرًا. لكن لحسن الحظ، كان هدف سمير نور.بعد أن رحل السيد المهرج، بقي سمير ونور وحدهما في الغرفة.رفع سمير ذقنه مشيرًا إلى نور: "سأعلّمك".كانت أفكار نور مشتّتة، رغبتُها في الوصول إلى الأستاذ همام لا تزال قوية، لكن السيد المهرج رفض أن يأخذها، وبالرغم من أن لديها بطاقتها السوداء، إلا أنها لا تمنحها حرية التحرك بعيدًا. كما أنها لا تعرف مكان إقامة همام.رآها سمير جامدة، فاقترب وقال: "لا تفكّري الآن كثيرًا. إن جاء العدو فندافع، إن جاء الماء نسدّه بالتراب. ما دمتِ معي، لن أسمح لهم أن يؤذوكي".كان ف

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل843

    الخطوة الأخيرة، هي الخياطة.بعد الانتهاء من معالجة جرح همام، أطعمه السيد المهرج بعض الأدوية."سيدي الشاب، لا أستطيع فهم تصرفك هذا. ذلك الشخص مرتبط كثيرًا بنور، وعندما سمع صوت إطلاق النار، أراد فقط الانقضاض في الداخل لإنقاذ نور."ثك أطبق السيد المهرج شفتيه، وتابع بصوت منخفض: "في هذه اللحظة، فرعون يراقبك أنت ونور عن كثب".كان همام يعلم تمامًا ما يقصده السيد المهرج، لكن السؤال الآن، بعد أن وصلت الأمور إلى هذا الحد، هل سيقف مكتوف اليدين بينما تُقتل نور أمام عينيه؟رد الأستاذ همام بصوت حازم: "أيها المهرج، لقد كنت معي سنوات طويلة، أنت تعرف أن لي قواعدي وأسبابِي في كل ما أفعل. كل ما عليك فعله الآن هو اتباع الأوامر والانصياع للتعليمات".أما ما عدا ذلك، فلا يجب عليه أن يسأل عن ما لا يجب السؤال عنه، وحتى إن سأل، فلن يحصل على جواب.ورغم أن الأستاذ همام لم يقل له ذلك صراحة، فإن السيد المهرج كان يفهم جيدًا.ثم قال الأستاذ همام بصوت منخفض وحازم: "اذهب وسلم بعضًا من أسلحة الدفاع لنور وسمير".سمير، أو زيد.وكما توقّع، كان هذا الرجل قد تسرّب إلى المكان خفية، فحدسه لم يُخطئ قط.أومأ السيد المهرج: "سأذهب

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل842

    في الوقت نفسه، أمسك سمير بمعصم السيد المهرج، واشتبكا على الفور، تدافعا باللكمات والركلات، واحتد الشجار بينهما.أما عند فرعون، فباستثناء حراسة البوابة المشددة، فلم يكن هناك أحد داخل المكان.أولًا، لم يجرؤ أحد على الاقتراب من هنا دون إذن فرعون. ومع اشتباك السيد المهرج وسمير، وحجم المكان الكبير، لم يشعر من في الخارج بأي ضجيج.في هذه اللحظة، أراد سمير التخلص من السيد المهرج والانقضاض إلى الداخل، لكن السيد المهرج لاحقه، واستمر الصراع حتى أصبح من الصعب الفصل بينهما....داخل الغرفة، كان فرعون ما زال يمسك بالمسدس.تجمدت نور في مكانها.لقد رأت قوات التحالف تقتحم وتحرق وتقتل، ورأت فتحية تعذب الفتيات أمام عينيها، ورأت الكثير والكثير من الجرحى.لكنها لم ترَهم قط من هذه المسافة القريبة...وفي اللحظة التالية، شعرت بثقلٍ على كتفها، إذ احتضنها همام بقوة قائلًا: "لن أسمح لك بأن تسيئ إلى شخص من طرفي. إذا ماتت، أضمن لك أنك ستفقد ابنًا".كل كلمة من كلمات همام كانت مدروسة، ونطقه واضح وحازم.ارتبكت نور تمامًا.همام هو ابن فرعون، وهو ذو سلطة كبيرة هنا. إذا تنحى فرعون عن منصبه، فهمام سيكون الفرعون القادم.وه

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل841

    "هل لديك أي نية خبيثة من الاقتراب همام؟" قال فرعون بصوت عميق.كان صوته يغلي بالغضب في تلك اللحظة.كان وجه فرعون مخفيًا خلف القناع، لم تستطع نور رؤيته، لكن هذا الغموض زاد من شعورها بعدم الأمان.خفضت نور رأسها وقالت: "لقد قابلته بالصدفة فقط، ليس لدي أي نية خبيثة".أمر بحثها عن الأشخاص كان يعرفه فقط الأستاذ همام.ولم تكن متأكدة مما إذا كان الأستاذ همام قد أخبر فرعون به، لذا قررت المخاطرة، معتمدة على حسن نواياه من تعليم الأطفال القراءة، وتعليم القرويين استخدام الأدوية، راهنت على أنه إنسان صالح.وكانت محقة في ذلك.ضحك فرعون بخفة وقال: "أنتِ شخص من دولة العرب، فماذا تفعلين هنا؟"وبينما يقول ذلك، أخرج مسدسًا من حزامه.كان وجه المسدس الأسود موجّهًا مباشرة إلى جبين نور، شهدت نور ويلات الحروب ورأت الموت بعينيها، لكن في هذه اللحظة...عرفت نور أنه حتى أقل كلمة خاطئة يمكن أن تجعل الرصاصة تخترق جبينها."أنا أبحث عن شخص. لقد تسممت، والسم KA48 صُنع من قبل قبيلة العزبي، وأصدقائي جاءوا إلى هنا لإنقاذي.""لم أتوقع أن أنجرف إلى الحرب وأن أُعتبر عدوًا وهميًّا. كل ما أريده هو البقاء على قيد الحياة." ارتاع ق

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل840

    كانت نور واضحة في ذهنها؛ وجودها أمام همام لم يكن ذا شأن خاص.كل ما كانت تريده، مجرد اختبار له، لتعرف نواياه.ابتسم همام قائلًا: "لقد سمحت لك بالبحث عن شخص، وعندما تجديه، بالطبع يمكنك أخذه معك. لكن في هذا الوقت المليء بالحرب، البقاء هنا هو الأكثر أمانًا لك".كانت صوته ناعمًا وأجشًا، لكنه مليء بالدفء.والأهم من ذلك، أن نظره كان مركزًا على نور فقط.أما سمير، الذي يقف خلفها، فقد شعر بثقل في صدره، وفكر في تلك الللحظة في شيءٍ واحدٍ فقط: أن يجذب نور بين ذراعيه."لنذهب."قال همام هذه الكلمات بهدوء، بدون أن ينتظر رد نور.لم يذكر همام المكان الذي سيأخذها إليه، وكانت نور تعلم جيدًا أنه بانطلاقها هكذا، ستنفصل عن سمير، فهمام لن يكون قادرًا على أخذه معها.سرّعت عقلها في التفكير.نادته نور: "همام".التفت همام إليها، ولم يقل شيئًا، لكن نظره الموجه إليها كان كافيًا ليوضِّح كل شيء، فهو ينتظرها أن تتكلم.ترددت نور، وقالت: "لا أرغب في الذهاب إلى ذلك للمكان الذي ستأخذني إليه. كما أن الذهاب ومن ثم العودة للبحث عن الناس سيكون أمرًا مرهقًا لي".كانت تعلم أنه ليس لديها سلطة القرار، لكنها أرادت اختباره على الأق

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status