All Chapters of سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك: Chapter 201 - Chapter 210

400 Chapters

الفصل201

لم يكن أمام أحمد أي مجال للرفض وسط أنظار الجميع، فثبت بصره على سارة، بينما نطقت شفتاه بتلك الكلمات: "ليست لدي أي نية لإلغاء الخطوبة".تلعثمت صفاء من التوتر، وابتلعت ريقها ثم نظرت إليه بسرعة، "أحمد، هل هذا يعني... أنك اخترتني؟"أومأ أحمد برأسه.اختفت الغصة التي كانت تعتصر قلب صفاء، وأسرعت نحوه في نشوة، تمسك ذراعه بحماسة."أحمد، كنت أعلم أنك تكن لي الكثير من المشاعر، أبي، جدي، هل سمعتم ذلك؟"خفّت برودة ملامح الجد رائف قليلًا، وقال بنبرة هادئة، "رجلٌ بحق هو من يفي بوعده، آمل أن تثبت على ما قلت".أما العم يوسف فربت على كتفه قائلاً: "أعهد إليك بابنتي من اليوم".كان هذا القرار متوقعًا لدى سارة، فهي كانت تعرف سلفًا من التي سيختارها أحمد.لكن رغم إدراكها المسبق، فقد تسلل هواء بارد إلى قلبها الخالي وكأن ريحًا عاتية اجتاحت صدرها.سحبت يدها من كف أحمد وقالت بهدوء: "أحمد، أنا أحترم قرارك".تابعها أحمد بعينيه وهي تبتعد شيئًا فشيئًا، فلم يكن بوسعه فعل أي شيء تحت أنظار الجد رائف.فكّرت نور قليلًا، ثم أسرعت باللحاق بها.غادرت سارة وهي منتصبة القامة، كمثل ذئبة وحيدة تسير مثقلة بالجراح، تبحث عن ملجأ تحت
Read more

الفصل 202

كانت سارة تظن حقًا أن هذه المرة ستكون نهايتها، فهي وإن كانت قد خرجت من جلسات العلاج الكيميائي بجسدٍ منهك، إلا أن حالتها كانت تتحسن شيئًا فشيئًا، حتى معدتها التي طالما عذّبتها بدأت تهدأ.ربما كانت الأيام التي قضتها في الجزيرة قد أنعشت روحها، إذ شعرت حينها بأن حالتها أفضل بكثير، ولم تعاودها نوبات القيء الدموي منذ مدة.لكن اليوم، لا تدري ما الذي أثارها تحديدًا، فقد كانت كمية الدم التي فقدتها غير مسبوقة حتى في أسوأ لحظاتها.كانت الحمرة تغمر بصرها، وتلسع عينيها بشدّة، لتفقد وعيها وسط شعور مرير بالهزيمة.حين فتحت عينيها مجددًا، كان عبير المعقمات يملأ أنفها، والجدران من حولها ناصعة البياض كثلجٍ نقي. وقد خفّ ألم معدتها قليلًا، وإن لم يختفِ تمامًا."آنسة سارة، لقد استيقظتِ! هل تشعرين بتحسّن؟" جاءها صوتٌ ذكوري مألوف، فاستدارت في بطء لترى المتحدث.لم يكن سوى تامر، الشاب الذي التقته على متن السفينة سابقًا، وكان وجهه المشرق يفيض بالقلق والاهتمام.أجابت سارة بصوت ضعيف ما زالت أثقال الوهن تخنقه: "أأنت من أنقذني؟""نعم، كنت على وشك مغادرة المنزل حين لمحتكِ ممددة على جانب الطريق، وكنتِ مضرجة بالدماء،
Read more

الفصل 203

ما إن وقعت عينا سارة على نور، حتى خطر في بالها خاطرٌ واحد، أن ما بينهما من صلة ما هو إلا بعض المصادفات، ولا يمتد أبعد من ذلك.وما إن همّت بالاستدارة للمغادرة، حتى هرعت نور خلفها، تلهث قائلة: "انتظري يا صغيرتي سارة، لديّ ما أقوله لكِ حقًا".لكن سارة لم تتوقف، بل تسارعت خطواتها أكثر، إلى أن اخترق أذنيها صوت ممرضة أخرى، بدا عليه القلق الشديد: "يا سيدة نور، تمهّلي قليلًا، قلبكِ لا يحتمل مثل هذا العناء"!توقّفت عند تلك الجملة سارة، بينما وصلت نور إليها وأمسكت بيدها، وهي تلهث وتقول برجاء: "أنتظرى قليلاً يا سارة، أرجوكِ".كان وجه نور بعد أن بهتت منه الزينة يبدو شاحبًا بوضوح، خاليًا من أي حيوية، حتى شفتيها كانت تميل إلى الزرقة.قالت سارة: "يا سيدة نور، أظنّ أنّ ما بيننا من حديث قد قيل وانتهى".توسّلت نور: "خمس دقائق فقط، أرجوكِ، خمس دقائق لا أكثر".تدخّلت الممرضة الصغيرة بجانبها لتقول بنبرة توسل: "يا آنسة، حالة السيدة نور القلبية لا تحتمل أي انفعال، أرجوكِ لا تثيريها".وكأنهم قد وضعوا سارة فوق ألسنة لهب، لم يتركوا لها خيارًا، ولم يُمهلوها حق الرفض."حسنًا، خمس دقائق فقط".دخلت سارة إلى غرفتها
Read more

الفصل 204

كانت دموع نور تنهال في غزارة، وهي تسرد قصتها مع العم يوسف، مستعرضةً حجم ما فاتها من حبٍّ وما لحقها من سوء فهمٍ، بصوتٍ حزينٍ يغلب عليه الوجع والشفقة.لكن بعدما ردّت عليها سارة بتلك الطريقة القاطعة، بدا على نور الارتباك والحيرة، وعيناها المتورمتان لا تزالان تلمعان بدموع لم تسقط بعد، ملامحها في تلك اللحظة بدت أقرب إلى الهزل منها إلى الحزن. كأنها تقول في نفسها، ألم أكن كافيةً بالقدر الكافي لأثير تعاطفها؟ هل هي بلا قلب؟قالت سارة: "يا حرم السيد يوسف، لعلّ أقسى ما مررتِ به في حياتكِ هو خسارتكِ له، لكن هل تعرفين حقًّا ما معنى أن يُدمّر البيت وتفقدي أحبابكِ واحدًا تلو الآخر دون أن تملكي القدرة على إنقاذ أيٍّ منهم؟ هل تدرين ما معنى أن تعيشي حياةً كنتِ فيها مدلّلة، ثم تنحدري إلى درجة أنّ قطةً سائبة في الطريق تستطيع أن تركلكِ بلا سبب؟"ضحكت بسخرية وتابعت: "في عالمكِ، لعلّ لسعة بعوضة تكفي لتجعلكِ تهرعين إلى قسم الطوارئ، فكيف لكِ أن تستوعبي شعور شخصٍ يُقاتل بكل طاقته ليبقى حيًّا، في كل ثانيةٍ يمر بها؟"كانت سارة تغار من والدتها بطريقة ما، فهي تجسيدٌ حيٌّ للشخص الأناني المهذّب. الذي يقدّم مشاعره
Read more

الفصل 205

ما إن رأى أفراد عائلة العم يوسف ذلك المشهد عند الباب حتى اشتعل غضبهم، وكان أكثرهم انفعالًا العم يوسف نفسه، إذ أسرع خُطاه نحو سارة.كان تعامله السابق معها يتّسم بشيء من اللين، أما الآن، فقد كانت نظراته تكاد تخترق جسدها.قال بجفاء وهو يرفع نور عن الأرض: "نور، ما الذي تفعلينه؟"لم تكن سارة قد نطقت بكلمة بعد، حتى اندفعت كلمات العم يوسف القاسية من فمه دون تروٍّ: "يا آنسة سارة، أياً كانت الضغائن التي تحملينها في قلبكِ تجاهها، فهي تبقى أمكِ التي أنجبتكِ وربّتكِ، لقد كانت تفكّر بكِ طوال هذه السنوات، حتى أُنهكت من الحزن وأُصيبت بالمرض، وقلبها في الأساس ضعيف، فهل تصرّين على مضايقتها حتى تنهار تماماً؟ هل هذا ما يريحكِ؟"تدخّلت نور متوسلةً: "يا زوجي، كفى أرجوك".ربّت العم يوسف على ظهر يدها وهو لا يزال متجهّم الوجه، ملامحه تشي بالانفعال: "آنسة سارة، صدّقي أو لا تصدّقي، أنا أشفق عليكِ، أردتُ حقاً أن أعتني بكِ كما لو كنتِ ابنتي، ليكون ذلك تعويضًا لكِ، ولأساعد نور على أداء واجبها كأم، لكن الآن أظنني بدأتُ أفهم لماذا قرّر أحمد أن يطلّقكِ".استفاقت سارة بعد أن هدأ ألم معدتها قليلًا، لكنّ كلماتهما المتلا
Read more

الفصل 206

كان واضحًا أن صفاء تتعمد تصفية حساباتٍ شخصية، فهي لم تستطع يومًا أن تنسى كيف طرحتها سارة أرضًا وضربتها، ذلك المشهد ظل محفورًا في ذاكرتها كوصمة لا تُمحى.هي ليست عمياء، فكيف لها ألا تلاحظ شحوب وجه سارة وتدهور حالتها؟لكنها كانت مصممة على استغلال لحظة ضعفها لتجهز عليها، وكأنما أرادت أن تنتزع منها الروح وهي ممددة على الأرض.اغتنمت فرصة عجز سارة عن النهوض، وراحت تركلها بعنف، تُفرغ في جسدها كل ما يعتمل في قلبها من غيظٍ وغضب.قالت نور محاولةً إيقافها: "يا صفاء، توقفي عن الركل".لكن صفاء لم تكن تصغي إليها من قبل، فكيف لها أن تفعل الآن؟ وردّت ببرودٍ قائلة: "يا أمي كنتِ تقولين إنها تحب ادعاء المرض؟ إن لم أركلها بضع ركلات، سيظن الناس أننا نظلمها".وما إن أنهت جملتها حتى سارعت بركلها مجددًا، ولم تكتفِ بذلك، بل صفعتها على وجهها بقوة.وقالت بغلٍّ: "أيتها الحقيرة، لمَ هذا التمثيل؟!"أرادت سارة الرد، لكن الكلمات تجمّدت على طرف لسانها، ولم تستطع أن تنطق بحرف واحد، فقد شعرت وكأن وعيها بدأ ينسلخ عنها ويبتعد شيئًا فشيئًا.وسط ذلك الغموض الضبابي، أحست أن أحدهم يدعم جسدها، وهناك صوتٌ بدا كأنه يخاطبها، لكنه
Read more

الفصل 207

راحت نظرات سارة تتوضح تدريجيًا، وأول ما وقع بصرها عليه كان قميصًا أبيض ناصعًا، ثم تحركت عيناها إلى الأعلى، لتقع على خط الفك الحاد لأحمد.وانطفأت شرارة الأمل في عينيها على الفور، أجل، فرشيد لا يزال في غيبوبة داخل المستشفى، فكيف له أن يظهر هنا الآن؟وكان أول ما نطق به أحمد هو: "لماذا نزفتِ من أنفكِ البارحة؟"كان هناك رائحة غريبة من سائل الاستحمام يعبق به، وحين تذكرت سارة أنه قضى الليلة السابقة إلى جوار صفاء، انسحبت من بين ذراعيه على الفور.أجابت بنبرة هادئة: "ارتطم أنفي، عندما ضربتني أمي، صادف أنها مست جرح قديم بداخلي."حدّق بها أحمد، وكأنما يبحث في ملامحها عن كذبة محتملة.لكن سارة نظرت إليه بثقة، وقالت: "ماذا؟ لا تصدقني؟ ألستَ من قال إن صحتي دائمًا بخير؟ فما الذي تتوقع أن يصيبني؟"فأجابها: "ربما معكِ حق"، لم يُعرف إن كان يُقنع نفسه بذلك، أم يحاول طمأنتها فحسب.وما إن أنهى كلامه حتى خطف طرف عينه ابتسامة باردة مرت على شفتي سارة واندثرت سريعًا.إذ هو بنفسه قد اطلع على تقريرها الطبي السابق، ولم يكن فيه ما يثير القلق.وحين نظرت حولها، أدركت أن المكان ليس منزل عائلة أحمد، بل هو الشقة الساحلية
Read more

الفصل208

منذ الصباح الباكر، كان خالد ينتظرها في الأسفل، وقد تعمّدت سارة وضع مساحيق تجميل خفيفة لتُضفي على وجهها بعض الحيوية.ما إن وصلت إلى الشركة، حتى كان محمود واقفًا أمام السيارة بانتظارها، ثم انحنى لها بلطف وقال: "صباح الخير، يا سيدتي".هزّت سارة رأسها وقالت: "لقد قلتُ من قبل، هذا اللقب..."رد محمود معتذرًا: "عذرًا، لقد اعتدتُ عليه، أما بخصوص العمل فدعيني أوضح شيئًا، الرئيس التنفيذي أحمد قرّر نقلكِ إلى قسم المبيعات".عقدت سارة حاجبيها وقالت: "ألم يوافق على أن أكون سكرتيرته الخاصة؟"ظهر بعض التوتر على وجه محمود، ثم تنحنح بخفة وقال بصوت خافت: "الرئيس أحمد رأى أنكِ ترغبين في خوض تجربة حقيقية، وسكرتيرة الحياة اليومية لن تكسبكِ ما يمكن من الخبرة على عكس قسم المبيعات من ما يوفّره من خبرة ميدانية، لقد فعل ذلك من أجلكِ".سارة كانت تعرف الحقيقة، فلو بقيت إلى جانبه كسكرتيرته، لكانت عائلة صفاء ستثور ضده، وهذا الأمر يصعب تفسيره.ورغم أنها كانت هي من دفعت بهذه النتيجة، إلا أنّه حين اختار هو فعلًا أن يتجنّبها، أدركت أنها لم تتأقلم بعد مع هذا الواقع الجديد.لكن لا بأس، أيًّا كان القسم الذي تعمل فيه، فإن م
Read more

الفصل 209

بفضل عائلة العم يوسف، تخلّصت سارة أخيرًا من أحمد.وإن كانت لا تزال تعمل في الشركة ذاتها، إلا أنّ موظفة صغيرة في قسم المبيعات مثلها، لا تملك أي وسيلة لرؤية أحمد أو التقرّب منه.ما يُؤسف له فقط، أنها بمغادرتها لقسم السكرتارية، باتت بعيدة أكثر فأكثر عن أولئك السكرتاريين، وهو ما خالف الغاية التي جاءت لأجلها إلى الشركة منذ البداية.لم يكن أمام سارة سوى أن تُعلّق جميع آمالها على جلال، راجيةً أن يتمكن خلال هذه الرحلة من كشف بعض الحقائق النافعة.وهي غارقة في التفكير، إذا بصوت تنهدٍ يصل إلى مسامعها: "آه، لماذا يجب أن أكون أنا من يسلّم ملف التخطيط مجددًا؟"التفتت سارة لترى أمامها عينين مستديرتين تلمعان بالحيوية، كانت تلك الموظفة المجاورة لمكتبها، لمياء، وهي شابة طيبة القلب ومبتهجة بطبعها.سألتها سارة: "ما الأمر، يا آنسة لمياء؟"رفعت لمياء خصلات شعرها المتدلّية على أذنها، وتنهّدت بيأس: "ملف التخطيط لهذا المشروع يجب تسليمه، وأنتِ تعرفين، نحن في الأصل فريق ج، وقد حللنا في المرتبة الأخيرة الشهر الماضي، لا أجرؤ حتى على الاقتراب من غرفة السكرتارية، وإن صادفنا مساعد المدير خالد، فسأفقد عقلي من شدة الرع
Read more

الفصل 210

حتى وهي تقترب لتضع العلبة على المكتب، قالت سارة بلطف: "آنسة هدير، هذه هديتي لكِ".رفعت هدير نظرها ودفعَت إطار نظّارتها بإصبعها، وعلامات الصرامة تغطي ملامح وجهها، ثم قالت ببرود: "هل جئتِ إلى مجموعة أحمد لتضيّعي وقتكِ في مثل هذه الأمور التافهة؟""آه، لا عليكِ من هدير، هكذا طبعها، إن لم تقبَل الهدية فنوفر ثمنها"، قالت منى وهي تغمز لسارة بنية طيبة.ثم تابعت منى قائلة: "سأقوم أنا بتسليم الملف إلى مساعد المدير محمود، لا تقلقي".قالت سارة: "شكرًا لكِ، إذًا لن أُطيل المكوث هنا".، مرّ نظر سارة بهدوء على وجه هدير قبل أن تستدير.وقد لاحظت أن هدير سرعان ما عادت إلى العمل كما لو أن شيئًا لم يحدث.كان واضحًا أن شخصيتي منى وهدير متناقضتان تمامًا، إحداهما بشوشة ولطيفة، والأخرى جافّة وصارمة، فإن وُجدت مشكلة داخل هذا المكتب، فمن منهم ستكون المتسببة بها؟لكن سارة كانت على يقين، إن كانت المرأة الثعلبة، لا بد أن يظهر ذيلها مهما حاولت إخفاءه.فإن لم تتحرّك هي، فإن الطرف الآخر لا يمكن أن يبقى ساكنًا إلى الأبد.فقد كانت قد خبّأت جهاز تتبّع صغيرًا داخل دبوس الزينة، وهذه المرّة، أرادت أن تُمسك بزمام الأمور بيدي
Read more
PREV
1
...
1920212223
...
40
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status