All Chapters of سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك: Chapter 181 - Chapter 190

628 Chapters

الفصل 181

رفعت سارة الدفتر الذي في يدها، فقد كُتبت فيه جميع تفضيلات أحمد.قالت بجدية وهي تشير إليه: "انظر، لم أنتهِ من حفظه بعد، المدير أحمد يفضل ثلاثة مكعبات من السكر في القهوة، ويحب شرائح اللحم بدرجة استواء ثلاثية بالمئة، ويفضل الكرز والتوت الأزرق..."ثم أغلقت الدفتر ونظرت إليه بنظرة جادة: "أذكر جيدًا أن هذه تحديدًا هي الفواكه التي لا تحبها، أما شرائح اللحم فأنت لا تأكلها إلا بدرجة استواء خمسين بالمئة، وبالنسبة للقهوة، فأنت لا تضيف إليها السكر أبدًا".لولا أن الشخص الذي سلّمها القائمة كان يتحدث بمنتهى الجدية وأوصاها ألا تخطئ فيها، لكانت سارة ظنّت أن أحدهم يحاول تعقيد مهمتها عمداً.إذ أن هذه القائمة تتناقض تمامًا مع ما تعرفه عن عادات أحمد.مدّ يده وأخذ منها الدفتر دون أي تردد، وقال ببرود: "لا تهتمي بذلك".فميول أحمد الحقيقية لا يجوز لأحد معرفتها، ولا أحد يعرفها سواها.أضاف بصوته العميق: "كل ما عليكِ فعله هو تنفيذ ما يُطلب منكِ".كان ضوء شاشة الحاسوب المحمول ينعكس على وجه أحمد داخل السيارة، مما جعل ملامحه تبدو أكثر برودة وحدة.وفي تلك اللحظة، خُيّل لسارة أن الرجل الذي تتقاسم معه الفراش، يبدو أنه
Read more

الفصل 182

ما إن دخل أحمد من الباب حتى وقعت عيناه على وجه سارة الشاحب وقد تلاشى منه كل لون، بياضها المرضيّ ظاهر للعين. ويديها ترتجفان بوضوح، قطب أحمد حاجبيه وتقدّم نحوها بخطى سريعة واسعة.ثم سألها بصوت منخفض: "ما الذي تنظرين إليه؟"لم تُخفِ سارة شيئًا، فما إن اقترب منها حتى وقعت عيناه على صور لموقع حادث سير مروّع، مشهد غارق بالدماء، لا عجب أن وجهها بدا بذلك السوء.قال بنبرة باردة وهو يحاول أن يغلق الشاشة: "ما الذي يدفعكِ لمشاهدة مثل هذه الأمور؟"، ظنّ أنها مقاطع مرئية ظهرت لها مصادفة، لكن ما إن ألقى نظرة أدق حتى أدرك أن الأمر ليس كذلك، فالحادثة لم تكن من الوقائع الحديثة.أغلقت سارة هاتفها، وسألت بنبرة بدت وكأنها عابرة: "هل كنتَ في موقع حادث والدي ذلك اليوم؟"لم يكن أحمد يعلم أن رغبتها السابقة في إيذاء فارس كانت لهذا السبب بالذات، لذا حين طرحت السؤال فجأة، خفض بصره إلى عينيها وقال بصوت خافت: "نعم".تابع: "في ذلك اليوم كنتُ متجهًا إلى مؤتمر رجال الأعمال، لكنني اضطررتُ لتغيير الطريق بسبب حوادث السير، ولم أكن أتوقع أن أصادف حادث والدكِ".كان الأمر مطابقًا تمامًا لما كانت سارة تتوقعه؛ هذا كله من تدبير
Read more

الفصل 183

راود سارة خاطرٌ سريعٌ في ذهنها، غير أنّ وجه أحمد المفعم بالازدراء طغى على الصورة في لحظة.فهي تعلم تمامًا أنّه طالما سخر من حِيَلها، فحتى لو باحت له الآن بما تفكر فيه، فالأرجح أنّه سيظنها تحاول تبرئة والدها من الجريمة، وسينظر إليها بازدراء واستخفاف.وما زاد الطين بلّة، أنّها لم تكشف بعد الحقيقة الكاملة، فإن أفشت الأمر لأحمد في هذه المرحلة، فقد ينتبه من يقف خلف الكواليس، فيُفسد ما تبقى من خيوط الحقيقة.لذا كتمت تلك الفكرة ودفنتها في خاطرها.في واقع الأمر، وجود مدبّرٍ للجريمة من عدمه، لن يغيّر شيئًا في علاقتها بأحمد، فخيانته تبقى حقيقة قائمة لا مجال لإنكارها.أصبحت سارة أكثر نضجًا من ذي قبل، وأهدأ بكثير، فاكتفت بهمهمة خافتةٍ ردًّا عليه.وحين حصلت على ما أرادت من إجابة، أصبح ذهنها أكثر صفاءً.إذ أمسكت بثوب أحمد بإحكام، وكأنّ كشف الحقيقة قد غدا السبب الوحيد الذي يُبقيها حيّة.قالت بصوتٍ خافت: "شكرًا لأنك اتّصلت بالإسعاف".ردّ عليها بهدوء: "ما حدث قد مضى، لا جدوى من التفكير فيه الآن، اخلدي إلى النوم".كان أحمد يظن أنّ سارة خافت لا أكثر، فضمّها إليه وأغلق عينيه مستسلمًا للنوم.والأعجب من ذلك
Read more

الفصل 184

لم يتردد جلال لحظة في الموافقة على طلب سارة.كان محسن وحمدي يتبادلان الحديث معها، وقد طال شوقهم لها، قال حمدي بحماس: "سيدتي سارة، بعد أن رحلتِ عن الجزيرة، غادر جلال أيضًا، أظنه الآن في مدينة الشمال، وإذا احتجتِ مساعدته يمكنكِ الاتصال به سرًّا".سألت سارة بفضول: "هل تعرفان شيئًا عن خلفيته؟" كانت ترى في جلال رجلًا بالغ الغموض، يملك ترسانة من الأسلحة، ومع ذلك، لم تعرف حتى الآن وجهه الحقيقي.ما توصّل إليه حازم من معلومات كان محدودًا، أما جلال فربما كانت له طرق خاصة يستطيع من خلالها الوصول إلى الحقيقة.ثم إن هويته الغامضة تُشكّل ميزة، فاليد الخفية التي تتلاعب من الظل لا تعلم شيئًا عن وجوده.قال محسن متذكرًا: "جلال ظهر على جزيرتنا منذ سنوات، جرفه البحر إلينا وهو على شفا الموت، لم يكن يتنفس إلا بالكاد، حنان هي التي أنقذته، ويبدو أنه لم يكن يملك أهلًا أو أقارب، فبقي معنا واستقر في الجزيرة، لكنني أعتقد أنه رجل استثنائي، فهو بارع في الرماية بدرجة مذهلة".ثم أضاف، وهو يحك رأسه بخجل: "يا سيدتي، كنتِ ستُصَبين برصاصتي تلك الليلة، كنتُ متوترًا ولم أحسن التصويب، لكن زوجكِ السابق، رغم كل شيء، تصرّف بغر
Read more

الفصل 185

وقف حمدي أمام سارة، يحاول حجب رؤيتها قائلًا: "لا تنظري إليه يا أختي".أما محسن، فقد انفجر غضبًا: "أسترجع ما قلته قبل قليل عن كونه رجلًا، من يخون زوجته ليس إلا نذلًا، لا تنظري إلى هذا النوع من الرجال يا سيدتي، حتى لا تصابي بسوء".شعرت سارة بوخزة في قلبها، فحتى وإن كان أحمد قد احتجزها إلى جانبه، يضمها كل ليلة في عناق لا ينتهي، فلن يُغيّر هذا من الحقيقة، وهي أنه سيتزوج من صفاء.كانت صفاء تسعى لإثبات مكانتها، فتتباهى بعلاقتها مع أحمد في كل مناسبة عامة. لم تكن تتوقّع أن تصادف سارة اليوم، فزادت من التصاقها بذراعه أمامها، محاولة بذلك إثبات انتصارها.ورغم بساطة هذه الطريقة، فإنها فعّالة للغاية.نظر أحمد إلى سارة وهي تصطحب الطفلين نحو القسم ب، فسحب ذراعه من يد صفاء.في الماضي، كان لا يزال يحافظ على الحد الأدنى من اللباقة معها، أما الآن، فلم يعد يكترث حتى بالتمثيل.ظهرت على وجه صفاء، الذي زُيِّن بمكياج دقيق، لمحة من التشوّه والغضب، خفضت صوتها وسألته: "هل ستذهب مجددًا إلى تلك الحقيرة؟ لا تنسَ أنني خطيبتك الآن يا أحمد!"أخفض أحمد نظره إليها، وجهه بارد كصقيع الشتاء، كانت في ما مضى فتاة يعرفها منذ
Read more

الفصل 186

على الرغم من أنّ سارة كانت دومًا فتاةً هادئة ومطيعة، إلا أن ما كان يلوح في طيّات كلماتها من نبرةٍ مبهمة ومتناقضة، جعل الغضب يحتدم في صدر أحمد ويكاد يخنقه.منذ أن أعادها من الجزيرة، وبحسب طبيعته كانت تعتقد أنه من المفترض أن يحتجزها إلى جانبه. لكنه كبح رغباته ومنحها الحرية، بل استجاب لكل ما طلبته، حتى ذانك الفتيان، أحاطهما برعاية خاصة.كان يظن أنّ كل ما يقدمه سيعيد إليها ذلك البريق في عينيها، كما كانت من قبل، تملأها سعادةٌ صافيةٌ حتى كأن النجوم تسكن عينيها. إلا أن الحقيقة جاءت مغايرة، فعيناها الآن تشبهان بُحيرةً هادئةً ونقيّة، مهما فعل، لن يُحدث فيهما أدنى تموّج.انعكست ملامحها الهادئة على عينيه المنطفئتين، فقال بصوتٍ غاضب: "سارة، من الأفضل أن تتوقفي عند هذا الحد".ثم تابع بنبرةٍ مشتعلةٍ لا يستطيع كتمها: "حتى إن تزوّجتُ بها، فلن يؤثّر ذلك في مكانتكِ أبدًا".كأنّ كلماته تلك لم تكن سوى فتاتٍ من العطف، أو بالأحرى، منّة.ابتسمت سارة، وامتلأت ابتسامتها بسخريةٍ لا تخفى، وقالت ببرود: "هي الآن حصلت على مكانة حرم السيد أحمد، فأي مكانةٍ بقيت لي حتى تُحافَظ عليها؟"وقبل أن ينبس بكلمة، رفعت يدها ور
Read more

الفصل 187

كان الضوء داخل الخزانة خافتًا، وكانت سارة ترتجف من شدّة الخوف، لو كانت تعلم أن الأمر مرعب إلى هذا الحد، لما جاءت مهما كلّف الأمر.وبينما كانت ترتجف بعنف، دوّى في ظلمة الخزانة صوت ضحكة خافتة مألوفة.سارة شعرت أن هذه الضحكة تشبه صوتًا تعرفه.وفي اللحظة التالية، أضاء المصباح المخبّأ، وانتشرت أضواؤه الخضراء الباهتة على وجهٍ شاحب، وقبل أن تطلق سارة صرخة الفزع، جاءها صوت مألوف يقول بهدوء: "إنه أنا".تجمدت سارة في مكانها، وبلعت ريقها، ثم نطقت اسمه بحذر: "جلال؟""نعم"، أجاب الرجل الذي لم يكن معروفًا عنه الضحك، غير أن صوته هذه المرة كان يحمل نبرة ابتسامة.قال لها: "أعتذر لكِ عن مقابلتكِ بهذه الطريقة، لم أكن أعلم أنّك تخافين إلى هذا الحد".في الواقع، لم يكن جلال ينوي إخافتها على الإطلاق، كل ما أراده من هذا التنكّر هو الإفلات من أعين الحراس. لكنه لم يتوقّع أن تمسك به سارة من دون أن تنتبه وتهرع به خارج الغرفة قبل أن تتبيّن من هو.وضعت سارة يدها على صدرها محاولة تهدئة نبضها المضطرب، وقالت: "ترويع الناس بهذه الطريقة قد يتسبب في موتهم".منذ أن تعرّف جلال إلى سارة، لم يرها خائفة بهذه الطريقة، حتى عند
Read more

الفصل 188

خرجت سارة برفقة جلال من الباب الخلفي، وكانت قد غيّرت مظهرها خصيصًا لتلك المهمة.وأكثر ما أدهشها كان براعة جلال في فن التنكّر، إذ لم يحتج سوى أن يلصق بعض القطع على وجهها حتى تغيرت ملامحها بالكامل. ثم وضع طبقة من المساحيق الداكنة جعلتها تبدو أكبر سنًّا بعشر سنوات على الأقل.أما جلال، فقد غيّر مظهره هو الآخر، فصار يبدو كرجل في منتصف العمر، ولم يعد بالإمكان تمييز ملامحه الحقيقية.توجّها معًا مجددًا إلى مستشفى شارع النخيل للأمراض العقلية، فتظاهرت سارة بأنها من أقارب بسمة البعيدين، فطلبت مقابلة مدير المستشفى، بينما بقي جلال مختفيًا عن الأنظار، وما إن غابت الرقابة حتى تسلّق الحاجز الحديدي بكل خفة.راقبت سارة المشهد بعينين مذهولتين، فحتى وإن كان الحاجز بلا كهرباء، إلا أنّه مليء بالأسلاك الشائكة، ومع ذلك تمكّن جلال من تجاوزه بسهولة.بعد ذلك افترقا، فمضت سارة لتشرح سبب مجيئها، وكان مدير المستشفى الذي استقبلها قد ارتسمت على وجهه ملامح الأسى وهو يتحدّث."آه، هذه الفتاة مسكينةٌ جدًا، دخلت المستشفى منذ مدة طويلة، ولم يزُرها والداها ولو مرة واحدة، وحتى بعد وفاتها، لم يتقدّم أحد للمطالبة بجثمانها".ك
Read more

الفصل 189

كانت هذه المرة الأولى التي تزور فيها سارة مكانًا كهذا، الجو في الغرفة كان موحشًا بشكل لا يُحتمل، والبرودة تسللت من أخمص قدميها صعودًا إلى جسدها كله، فيما شعرت كما لو أنّ أعينًا لا تُحصى تراقبها من الظل دون توقف.الوقوف هناك وحده كان كافيًا ليستنزف كامل طاقتها."لا تخافي"همس جلال بصوت خافت، بينما راحت أناملها تفرز طبقة رقيقة من العرق البارد، لكنها تماسكت وقالت بصوتٍ منخفض: "نودّ توديعها".رد الموظف بنبرة حيادية: "لا بأس، لكن لا تطيلوا، سأنتظركما بالخارج."وما إن غادر، حتى اندفعت ريح باردة من حيث لا تدري، فأفزعها المشهد لتجد نفسها تلقي بجسدها إلى حضن جلال.لفّ جلال ذراعيه حول خصرها، وزفر زفرة خافتة بالكاد تُسمع، ثم قال: "أنتِ فعلًا لا تستطيعين المكوث في مكانًا كهذا، انتظري بالخارج، لن أتأخر"."لكن..."تغيرت ملامحه وصار جديًّا على نحو غير معتاد، وقال: "رأيت من الموتى ما يكفي، ما من هيئة لم تمرّ عليّ من قبل".ورغم ذلك، أصرّت سارة على البقاء، فما كان من جلال إلا أن تنهد قائلاً: "إذًا، لا تفتحي عينيكِ، وسأصف لكِ كل شيء"."حسنًا." ووافقت سارة على اقتراحه.ثم خطت للخلف واحتمت بظلّه، محدقةً في
Read more

الفصل 190

رأت سارة في حياتها جثثًا لأقارب توفّوا في بيت العائلة، لكنها لم تشهد يومًا منظرًا مفجعًا كهذا، فالجثة التي أمامها كانت مشوّهة على نحوٍ مخيف.وبرغم أنها لم تتمكن حتى من رؤية ملامح بسمة بوضوح في تلك النظرة السريعة، إلا أن ما رأته كان كافيًا لجعلها تشهق وتتقيّأ بلا توقف.جلال ربت على ظهرها بلطف ليهدئ أنفاسها وقال: "هل أنتِ بخير؟""أعتذر"، همست سارة بأسى.قال جلال بصوت هادئ: "الناس العاديون لا يرون الجثث، فكيف إذا كانت جثة متحلّلة؟ أنا أتفهّم خوفكِ"."لكن، لماذا لا تخاف أنت؟"أجابه بصوت خفيض، وهو ينظر نحو الفراغ بعينين غائمتين: "لأني رأيت الكثير، ومع الوقت يتوقف الإنسان عن الخوف، ثم إنّ الأحياء في هذا العالم أكثر رعبًا من الموتى".لم تكن سارة تعرف ما الذي مرّ به هذا الرجل، عمره قريب من عمرها، ومع ذلك، يكتنفه غموض كثيف، كأنّ كل تفاصيله نُحتت من وجع عميق.إن لم يكن قد صُقِل بالألم، لما اكتسب تلك النظرة المظلمة في عينيه.ربما، لم تكن هي الوحيدة التي ذاقت مرارة الحياة، بل إنّ هذا العالم مليء بأرواح مكلومة، تغلّبت سارة على خوفها وأخرجت الهاتف لتضيء المصباح."سأُمسك الضوء، أسرع وانظر"."حسنًا"،
Read more
PREV
1
...
1718192021
...
63
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status