All Chapters of سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك: Chapter 331 - Chapter 340

350 Chapters

الفصل 331

قضت سارة عدة أيام على الجزيرة وهي تتصرّف بلا أي التزام، تأكل ثم تنام، ثم تستيقظ لتأكل مجددًا، وكأن الحياة عادت فجأة لتمنحها جودة لم تعهدها منذ زمن.كانت تركض حافية القدمين على الشاطئ، تحمل دلوًا بيدها، وكلما لمحت سلطعونًا صغيرًا، سارعت إلى التقاطه بالملقط ووضعه في الدلو.كانت شمس، التي كانت تنوي في البداية مساعدتها، قد قفزت بخفة إلى الرمال لكنها ما لبثت أن شعرت بسخونتها، فسرعان ما سحبت كفوفها الرقيقة إلى الخلف وتراجعت.جمعت سارة عددًا لا بأس به من السلطعونات الصغيرة، ثم اتجهت بها نحو منطقة المواشي، وأفرغت الدلو هناك، ما أثار جنون الدجاج والبط والإوز الذين راحوا يطاردونها بنهم.حين رأت هذه الحياة النابضة من حولها، شعر قلبها بخفة وراحة، وكأن العالم لم يعُد موحشًا كما كان.بعد أن عادت إلى الغرفة واستحمّت استعدادًا لتناول الطعام، رنّ هاتفها فجأة، وكان المتصل تامر، قال بنبرة قلقة: "سارة، هل أنتِ بخير؟""أنا بخير، آكل وأشرب وأنام دون أن يقلقني أحد بمحاولة اختطافي.""هذا جيد، كنت فقط أود إخبارك أن السيد رشيد وصل إلى الجزيرة بأمان، وقد أجريت له فحصًا طبيًا منذ قليل، وكل شيء كالمعتاد."حين سمعت
Read more

الفصل 332

ما إن أنهى المكالمة، حتى حدّق أحمد في كومة الأدلة الجديدة المكدّسة أمامه.في الفترة التي غابت فيها سارة عن مدينة الشمال، لم يتوانَ عن تتبُّع أثر تجار المخدرات، كما شرع في التحقيق في الوقائع الماضية.عثَر على منزل عائلة سونيا في مسقط رأسهم، ويُقال إن الطفل قد اختفى منذ عدّة أيام، وقد حصل على صورة له من بعض سكان القرى المجاورة، وكانت ملامحه تشبه بسمة بنسبة سبعين في المئة، بينما تحمل ثلاثين في المئة من ملامح سونيا.كما أن الشقيقين من عائلة سونيا اختفيا أيضًا من هذه المدينة.رغم أنه لم يتمكّن من إعادتهم، إلا أن أمر الطفل يكفي لإثبات كل شيء.الشائعة التي زعمت بأن بسمة حملت بطفل من رشيد ثم انتحرت بعد أن أُصيبت بمرض عقلي، قد فُنّدت تمامًا.من الواضح أن هناك من دبّر كل هذا لإلصاق التهمة برشيد.من حادث السير الذي حاول فيه أحدهم توريطه، إلى كل ما سبقه، يبدو أن ذلك الشخص كان يُخطّط لكل شيء منذ زمن بعيد.ومع ذلك، لم يكن الهدف الحقيقي هو إيذاءه، بل كان الدافع الأهم هو تفكيك علاقته بسارة.لقد أرادوا أن يوقعوا بينه وبينها، ويصلوا بهما إلى الطلاق، وقد بذلوا لأجل ذلك جهدًا بالغًا، قضوا سنواتٍ في التخطي
Read more

الفصل 333

تحت شجرة الكرز في فناء عائلة تامر، كان هناك مدخل خفي يؤدي إلى نفق، قفز تامر داخله بخفة.في قاعدة سرية تقع خارج المدينة.كان تامر يرتدي زيًّا أسود ضيقًا، واضعًا قناعًا على وجهه، وقد دخل عن طريق مسح بصمة إصبعه.مرّ عبر ممر طويل مظلم، تفوح فيه رائحة العفن والتحلل.وعند عبوره الباب الحديدي في النهاية، انكشفت أمامه مساحة مختلفة تمامًا.أجهزة متطورة تتلألأ بأضواء زرقاء باهتة، وروبوتات تتنقل في كل زاوية.عند المدخل، أدخل بياناته، حتى دوّى صوت ميكانيكي بارد في أذنه: "تم التحقق، مرحبًا بعودتك، يا جمال."تقدم تامر بخطى سريعة، وفجأة شعر بشيء يُضغط على رأسه.جاءه صوت امرأة من الخلف، وهمست عند أذنه: "أين أخفيتَ ذلك العجوز؟"لم يكن على وجه تامر أي أثر للوداعة التي اعتاد أن يُظهرها أمام سارة، بل انعكس عليه الغضب الصارم، فاستدار فجأة وضربها بكوعه، لكن المرأة تفادت الضربة بسرعة.استغل اللحظة، وجذبها بقوة، ليتبادلا المواقع، وأمسك بذراعها بيد، وضغط على مؤخرة رأسها باليد الأخرى، ملصقًا وجهها بالجدار.احتكّ قناع الثعلب الذي ترتديه على وجهها بالحائط، مُصدرًا صوتًا حادًا.قال تامر بصوت بارد، دون أدنى رحمة: "
Read more

الفصل 334

مكثت سارة يومين إضافيين في التعافي، وكلما أعادت تشغيل هاتفها، كانت رسائل العم يوسف تتسلل إلى جهازها بلا توقف، حتى قررت إطفاءه تمامًا.استلقت على السرير الوثير، وعيناها تسرحان في الأفق حيث يلتقي البحر بالسماء.رغم أن الإقامة في هذا المكان كانت مريحة، إلا أن كلمات أحمد ظلت تطن في أذنيها، ترى، متى سيأتي ليأخذها إلى الوطن؟كان الشوق ينهش صدرها.هي قادرة على الانتظار، ولكن والدها لا يستطيع، فموعد العملية بات قريبًا جدًا.مرة أخرى، اتصلت بأحمد، وجاءها صوته من الجهة الأخرى مفعمًا بالتعب، "ما الأمر؟"قالت: "أريد العودة، يا أحمد"."اصبري قليلًا، سأأتي بنفسي لآخذكِ"."لكن... أريد العودة الآن"."امنحيني بعض الوقت فقط"، لم يكن بوسعه أن يخبرها بما يفعله حاليًا، فحتى يزيل كل العوائق، لن تكون سارة في أمان.قالت بنبرة خافتة يحمل شيئًا من الصبر: "إن كان هناك أمر لا بد أن تفعليه، يمكنكِ أن تخبريني به".أرجأ أحمد إخبارها، فحياة رشيد يجب ألا يعلم بها الكثيرون، حتى هي.قالت: "لا شيء مهم، فقط قلقت لأن لا أخبار عن والدي".رد عليها: "حبيبتي سارة، طالما أنكِ لم تظهري علنًا، فوالدكِ سيكون بخير، ابقي في الجزيرة
Read more

الفصل 335

خلال اليومين الماضيين، لم يعد العم يوسف يظهر فجأة ليعترض طريقهم، مما جعل محمود يتساءل في طريقهم إلى المغادرة: "هل تراه قد تراجع؟"قال أحمد: "هو لا يتراجع حتى الرمق الأخير، لكنه يعلم أنني لن أتنازل، فلا بد أنه يفكر الآن في وسيلة أخرى".طالما لم تذهب سارة إلى الجزيرة، فلن يتمكن أحد من معرفة موقعها الحقيقي.وسارة، لا بد أن تكون بأمان هناك.ناول محمود أحمد سترة واقية من الرصاص قائلًا: "احتياطًا، ضع هذه، جرح السكين في صدرك لم يلتئم بعد"."حسنًا".رفع أحمد بصره نحو السماء الملبدة بالغيوم، وقد غابت عنها أشعة الشمس المعتادة، فبدا العالم وكأنه مغطى بستار رمادي خانق.قال محمود، وهو يقود السيارة بتململ: "الجو خانق، أليس كذلك؟ أظنه سيمطر مجددًا، المطر دائمًا يجعل الناس في مزاج كئيب".قال أحمد: "الأمطار الغزيرة تغسل أوساخ هذه المدينة، وهذا ليس أمرًا سيئًا، قد تُتلف السيارة فقط".وقبل كل مهمة من هذا النوع، تمامًا كما في السابق، فمد يده واتصل بسارة.كان قلبه لا يهدأ إلا إذا سمع صوت سارة.في تلك اللحظة، كانت سارة قد انتهت من إطعام البط، وإذا بإوزة ضخمة تهاجمها فجأة، فطاردتها حول الحظيرة ثلاث مرات.أجا
Read more

الفصل 336

ثبت أن بطلة سباقات المسافات الطويلة لا تساوي شيئًا أمام جندي مدرّب.قبل أن تقطع خمسين مترًا، كانت سارة قد أُخضعت بحركة سريعة وقُيّدت على الأرض، ووجهها التصق برمالٍ حارّةٍ تغلي.قال العم يوسف على عجل: "لا تؤذوها، إنها ضيفتنا".رفعت سارة رأسها بعدما سُحبت من الأرض، وكانت الرمال قد التصقت بجانب وجهها الأيمن، فتفلّتت كميةٌ من الرمال من فمها وقالت وهي تبصقها: "تبًّا، هكذا تعاملون ضيوفكم؟".أخرج العم يوسف منديلاً ومسح خدّها بنفسه، وقال بنبرة آسفة: "أعتذر منكِ يا سارة".وهكذا، اقتيدت سارة إلى داخل المروحية.نظر العم يوسف في عينيها الممتلئتين بالكراهية، فارتسمت على طرف شفتيه ابتسامة حزينة وعاجزة.قال بلطف: "سارة، أنتِ الابنة الوحيدة لنور، وأنا أريد من قلبي أن أعتني بكِ، لم أكن أريد أن تصل الأمور إلى ما هي عليه الآن، وأتمنى أن تفهميني".قالت دون تردد: "لن أفهم، ولا أريد أن أفهم".نظرت سارة إلى المشهد الخارجي، وكانت الجزيرة الصغيرة الجميلة تبتعد شيئًا فشيئًا، وكأن كل شيء لم يكن سوى حلم عابر.لقد قال إنه سيحميها، وفي النهاية، هو أيضًا تخلى عنها.سأله العم يوسف: "أنا لا أفهم، التبرع بالنخاع لا يسب
Read more

الفصل 337

بعد أن أنهت كل ذلك، سلّمت المرأة أنبوب الاختبار إلى العم يوسف قائلة: "السيد يوسف، يمكنك إرسالها للفحص لترى إن كانت مطابقة أم لا".تنفّس العم يوسف الصعداء أخيرًا، وظهرت لمعة خفيفة في عينيه، وقال: "شكرًا لتعاونكِ".ثم ناول العيّنة لأحد الحراس وقال: "أرسِلها فورًا، أريد نتيجة التحليل في أقرب وقت"."حسنًا يا سيدي"."أما أنتم، فاحرصوا على مراقبة سارة جيدًا، لا يُسمح بحدوث أي خطأ"."مفهوم، سيدي".وبعد أن أنهى توجيهاته، التفت إلى الطبيبة بجانبه قائلًا: "الطبيبة منال، إذا كانت العيّنة متطابقة، فبخصوص العملية...""اطمئن يا سيد يوسف، دع الأمر لي، حالة السيدة سارة لا تحتمل أي تأخير، سأُجري فحصًا تمهيديًا لهذه الآنسة، وبمجرّد صدور النتيجة سنبدأ بالإجراء الجراحي فورًا"."شكرًا لكِ، يا طبيبة منال"."لا شكر على واجب، هل يمكن أن يغادر الحراس الغرفة قليلًا؟"ألقى العم يوسف نظرة على سارة التي كانت لا تزال في غيبوبة، وبما أنّها غير قادرة على الهرب، وافق بسهولة: "بالطبع".وهكذا، لم يبقَ في الغرفة سوى الطبيبة منال ومساعدتها الطبيبة جميلة الخولي، نظرت الطبيبة إلى جميلة وقالت: "اخرجي وراقبي من الخارج"."حسنً
Read more

الفصل 338

ما إن أنهت كلامها حتى ضغطت المنشفة المبللة على أنف سارة وفمها، محاولةً منعها من الصراخ.راحت سارة تصارع بكل ما أوتيت من قوة، وأخذت يداها وقدماها تتحرك بعنف، مما جعل صوت السلاسل الحديدية يعلو صاخباً.كلا، هي لا تريد أن تموت بعد، لا تزال هناك أمور كثيرة لم تنجزها.لكنّ صراخها وتمردها لم يجدِ نفعًا، حتى بعدما تمزق جلد معصميها وكاحليها من شدة الاحتكاك، لم تستطع أن تفلت من قيود السلاسل.قالت المرأة بصوت بارد: "سارة، في حياتك القادمة، لا تلتقي به مجددًا."أخذت سارة تهز رأسها بجنون، ولا يكاد يصدر عن فمها سوى أصوات مكتومة متقطعة "همم، همم".قالت المرأة بنبرة خافتة: "لن يؤلمكِ، سينتهي كل شيء سريعًا."دمعة صامتة انزلقت من طرف عين سارة، والمرأة تجاهلتها تمامًا، وكأنها لم ترَ شيئًا.لم يكن بوسع سارة سوى أن تحدق في تلك الإبرة تقترب أكثر فأكثر، تكاد تلامس بشرتها.لكن في تلك اللحظة، رنّ الهاتف فجأةً، وكان صوته مزعجًا للغاية، مما أربك المرأة وأثار في داخلها شيئًا من التوتر.أجابت بعصبية: "ماذا؟ أنا مشغولة جدًا الآن."لكن ما إن سمعت الطرف الآخر، حتى تغيرت ملامح وجهها كليًا، وتوقفت الإبرة في يدها قبل أن
Read more

الفصل 339

ضواحي المدينة.منذ أكثر من عشر سنوات، حُوِّلت هذه المنطقة إلى محمية طبيعية، وانتقل جميع السكان الأصليين منها، ومنذ ذلك الحين أصبحت مهجورة تمامًا.وسط المطر الغزير، يمكن رؤية بعض المباني القديمة المتروكة، وغراب أسود يقف على عمود كهرباء مهترئ.وفي خضم الرعد والبرق، دوى فجأة صوت عنيف كأنه انفجار في ورشة بناء، مدوٍ ومخيف.تلاه مباشرةً وابل من إطلاق النار المتواصل، ليُخلّ تمامًا بسكون هذه الغابة.في القاعدة تحت الأرض، ساد الفوضى، وأجهزة الإنذار الإلكترونية بدأت تردد دون توقف: "تحذير! تحذير! خطر!"على الشاشة العملاقة عالية الدقة، ظهرت بوضوح مشاهد ما يجري في الخارج، حيث اكتشف الجميع أن القاعدة قد أُحيطت دون أن يلاحظوا.بعض الطائرات المسيّرة ظهرت للعين المجرّدة، وانقضت بسرعة على الكاميرات المحيطة لتدميرها، وسرعان ما غطت الثلوج شاشات المراقبة.في المختبر، خرج الأطباء مذعورين، يركضون في كل اتجاه كالنمل، وهم يتساءلون بفزع: "ما الذي يحدث؟! ما هذا الصوت؟!"كان أغلبهم من الباحثين المنغمسين في التجارب، لا يمتلكون أي مهارات قتالية، ولا حتى مهارات حياتية بسيطة خارج أبحاثهم.وسط هذا الذعر، دوى صوت بارد
Read more

الفصل 340

ركضت الطبيبة منال بكل ما أوتيت من سرعة، ورغم أنها كانت قد تلقّت أمرًا بالانسحاب، إلا أنها لم تغادر، بل اندفعت نحو مركز الانفجار.شدّت جميلة الخولي يدها قائلة: "عليكِ أن ترحلي، إن لم تغادري في الحال، سيكون هناك خطر كبير."هزّت رأسها بإصرار، "لا يمكنني، لقد أتى بنفسه، لا يمكنني الاطمئنان، الطبيب جمال يكرهه حدّ الجنون، لا بدّ أنه سيحاول اغتياله!"كانت راحتاها غارقتين بالعرق، وجسدها كله يرتجف دون وعي.لكن عندما وصلت أخيرًا بكل قواها، كان أول ما رأته هو جسد رجل منفرد يسقط تحت وابل من الرصاص."لا!"صرخت بصوت مبحوح، أسرعت جميلة الخولي للإمساك بها محاولةً سحبها معها."لا تذهبي، علينا أن نغادر الآن."لكن المرأة كانت قد فقدت صوابها، اندفعت بجنون نحو أحمد الذي كان ساقطًا تحت المطر.في تلك اللحظة لم تعد تكترث للقذائف التي تهزّ السماء، لم يكن في عينيها سوى ذلك الرجل الممدّد في الوحل.وأخيرًا، وبعد أن اجتازت الجبال والأنهار، وصلت أمامه، تلك التي كانت تشمئز دومًا من القذارة، ركعت على ركبتيها وسط الطين.انهمرت دموعها الممتزجة بالمطر على وجه أحمد الذي كانت عيناه مغمضتين، وارتجف صوتها وهي تقول: "لا، لا
Read more
PREV
1
...
303132333435
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status