Share

الفصل 8

Author: سيد أحمد
نظرت سارة إلى الأسفل، وكان عنوان الضريح مكتوبًا بوضوح على الورقة البيضاء.

هل أُخته ماتت بالفعل؟ ولكن ما علاقة موت أخته بوالدي؟ كانت سارة تعرف والدها جيدًا، فمن المُستحيل أن يؤذي فتاة صغيرة أبدًا.

مع عِلمها أن الاثنين لن يكشفا عن أي شيء آخر، لم تستمر سارة في تصعيب الأمور على الاثنين، وذهبت بهدوء طيلة الطريق إلى منزل أحمد.

وبمجرد وصول سارة مرة أخرى إلى مكان مألوف، كان لديها مشاعر مختلطة.

استفسر محمود بأدب: ”هل تريدين أن تنزلي يا مدام؟“

”لا داعي لذلك، سأنتظره هنا.“

لم يكن اللقاء الأخير بينها وبين أحمد سوى الطلاق، ولم تكن تريد أن تتسبب في أي تعقيدات، ناهيك عن أن كل ورقة عشب وكل شجرة هنا تحمل ذكرياتهما، فلم تُرد أن تتأثر بالمشهد أكثر من ذلك.

إذا أرادت أن تُلقي باللوم على أحد، فيكن ذلك إذن الرجل الذي حملها ذات مرة في فمه خوفاً عليها من الذوبان، وأمسكها بيده خوفاً عليها من الطيران.

حتى وإن وجب عليها كراهيته، إنها لم تكن أبدًا قاسية.

لم تطفئ السيارة محركها لتوفر لها تياراً مستمراً من الهواء الدافئ، حيث كانت بمُفردها في السيارة، شعرت سارة بألمٍ في معدتها مرةً أخرى، تكورت على نفسها كشكل الجمبري صغير واحتضنت ركبتيها بإحكام، جلست القرفصاء على المقعد في انتظار الفجر.

كانت أيام الشتاء تظلم مبكرًا وتضيء في وقتٍ متأخر، حيث حانت الساعة السابعة تمامًا ولم تُشرق الشمس بعد، فكانت السماء ضبابية.

كانت أوراق أشجار الجنكة في الفناء قد تساقطت منذ فترة طويلة، ولم يكن بوسعها إلا أن تعود بأفكارها إلى الأيام الخوالي.

موسم نضج الثمار الذهبية، حينها أرادت أن تأكل حساء دجاج بذور الجنكة مع اللوتس الذهبيّ، فتسلق أحمد شجرة الجنكة بالفناء والتى يصل إرتفاعها إلى أكثر من عشرة أمتار لكي يهز الثمار لأجلها.

كانت الأوراق الخضراء تتساقط مثل المطر الذهبي بالنسبة لها.

في ذلك الوقت، كان أحمد ودودًا و يطبخ لها جيدًا، ويدللها حتى الموت.

بالتفكير في الأمر، لا تعرف متى كانت تمشي إلى الشجرة وحدها، كانت شجرة الجنكة لا تزال هناك و لكن لم تعد الأمور كما كانت.

لقد تساقطت أوراق الشجرة منذ فترةٍ طويلة، ولم يتبق سوى عدد قليل من الأوراق الذابلة في الأغصان تهتز، كعلاقتها الحالية غير المستقرة مع أحمد.

عندما خرج أحمد من الفيلّا، رأى هذا المشهد.

وقفت الفتاة الصغيرة التي كانت ترتدي سترة رقيقة تحت الشجرة ورأسها مرفوع والرياح الباردة تهب على شعرها.

كان اليوم تغييرًا للطقس السيئ في الأيام القليلة الماضية، حيث كان شُعاع الشمس الأول في الصباح الباكر يتناثر على وجهها، كانت بشرتها بيضاء وشفافة تقريبًا، مثل الملاك توشك على الاختفاء.

كانت كفاها لا تزالان ملفوفتين بالشاش، والغريب أنها مازالت تزال ترتدي ملابس الليلة الماضية، فكان وجهها شاحباً.

”يا أحمد“ لم تسدر رغم أنها كانت تعرف أنها قادمة.

”نعم.“

استدارت سارة ببطء، ووقعت نظراتها على ذاك الرجل الطويل، فمن الواضح أنهما كانا قريبين جدًا من بعضهما البعض حيث أنهما كانا على مسافة ذراع.

”أريد أن أشرب حساء الجنكة وبذور اللوتس بالدجاج الذي تُعددته مرةً أخرى.“

حدق أحمد بعينه الداكنين مُندهشًا للحظة، وفي الثانية التالية قال ببرود: "لقد انقضي موسم الجنكة، يا سارة لا تضيعي الوقت."

كانت عينا سارة حمراء قليلاً، وتمتمت قائلة: ” اعتبرها آخر مرة تلبي فيها طلبي قبل الطلاق، أليس هذا مُمكنًا؟

بعد عدم رؤيتها لمدة ثلاثة أشهر، بدا أنها تغيرت كثيرًا.

أشاح بوجهه ونظر إلى الشجرة العارية، وكانت نبرة صوته أقل برودة: ”لم يُعد محصول العام الماضي طازجًا، إذا كنت تريدين أن تأكلي عليكِ بانتظار محصول العام القادم”.

العام القادم ......

لامست أصابع سارة لحاء الشجرة الخشن، وكانت خائفة من أنها لا تستطيع الانتظار.

”أحمد، هل تكرهني؟“

”نعم.“

أدارت رأسها لتنظر إليه وقالت بهدوء:” إذن ...... هل ستكون سعيدًا إذا مت؟“

ماذا؟...

كانت كلمات سارة مثل الرعد فضرب قلبه، ولم يشعر أحمد إلا أن رأسه امتلأ بالهدير، مما جعله يفقد عقله لفترةٍ وجيزة.

بعد لحظة فقط استعاد أفكاره وفتح فمه بهدوء قائلًا : ”إنه ليس إلا مجرد حساء، تفضلِ بالدخول“.

نظرت سارة إلى ظهره وهو يغادر، وارتفعت زوايا فمها قليلاً.

أحمد، هل لا زلت خائف من موتي؟

ثارت في ذهنها فكرة الانتقام، وفجأة فكرت في ردة فعله إذا علم بموتها يومًا ما.

سيُصبح سعيدًا أم حزينًا؟

كان هناك مكسرات الجنكة في الثلاجة التي كانت مخزنة بوقتٍ سابق، وأخرج المكونات حتى تذوب بعناية

عندما شاهدته سارة مشغولاً ذهابًا وإيابًا، كان قلب سارة يشعر بمرارة لا نهاية، فربما هذه هي المرة الأخيرة التي يطبخ لها.

هذا جيد.

من الجيد الاحتفاظ بِمثل هذه الذكري.

كانت سارة تحمص البطاطا الحلوة أمام المدفأة، وكانت رائحة البطاطا الحلوة تفيض وتنتشر.

في الشتاء الماضي، في كل مرة كانت تجلس القرفصاء هنا لتُحمص البطاطا الحلوة، حينما تشُم جدة أحمد رائحتها تهرع إلى هنا، حيث كانت طيبة جدًا معها وتعاملها وكأنها حفيدتها.

لسوء الحظ، توفيت هي أيضًا قبل عامين، ولم يرغب جد أحمد في الحزن ليلًا ونهارًا فانتقل إلى الخارج.

كان القصر المريح باردًا وهادئًا، والبطاطا الحلوة لا تزال حلوة ورائحتها عطرة، فبدون مُصاحبة الجدة لها، لم تشعر أيضًا بأي طاقة.

بعد تناول البطاطا الحلوة المخبوزة وشرب كوبًا من الماء الدافئ، خفف ذلك الألم في معدتها بعض الشيء.

عندما انبعثت الرائحة من المطبخ، نهضت سارة وذهبت إلى هناك، لتجد أن أحمد قد وضعت الحساء في عُلبة معزولة ثم غرفها في وعاء.

لقد مرّ وقت لم تعد فيه هي الوحيدة التي كان يعتبرها المفضلة في قلبه، وقد أعماها طيبة الماضي عن الاعتراف بالحقيقة.

”الحساء جاهز. ” لم يلاحظ أحمد إحباطها.

”شكرًا.“

نظرت إلى الأسفل إلى وعاء الحساء ذو الرائحة الزكية كالعادة، كان رائحة لذيذة، ولكن لم يكن لديها ولو نصف شهيتها.

”لقد تأخر الوقت، لنذهب إلى مكتب السجل المدني.“

كان من الواضح أن حاجبي أحمد الوسيمين كانا غاضبين بعض الشيء، ” ألا تريدين أن تشربي؟

”لا أريد أن أشرب.“

فيما مضي كانت شديدة العناد، وكان يُقنعها بصبر في كل مرة.

أما الآن فقد نظر إليها بعمق، والحاسء الذي بين يديه سكب منه أكبر قدر ممكن في الحوض ومر بجانبها دون أن يعبّر عن نفسه، ”لنذهب“.

ناول أحمد علبة الطعام المعزولة إلى محمود، ”أرسلها إلى لؤلؤة البحر“.

”عُلم يا سيد أحمد.“

أدركت سارة في هذه اللحظة أن علاقتهما كانت غير قابلة للإصلاح منذ فترةٍ طويلة.

كان إصرار هذا العام مزحة.

سارت بخفة نحو السيارة ومرت بجانب شجرة الجنكة، فهبت رياح باردة جعلت آخر الأوراق المُستندة على الشجرة والتى ترفُض الرحيل تتساقط.

مدت سارة يدها لتلتقط الأوراق التي كانت ذابلة منذ فترة طويلة، وقالت بهدوء: ” ماذا يوجد بعد لتتمسكِ به؟

أسقطتها بشكل عرضي وداست عليها وسُحقت الأوراق الهشة.

أغلق الباب، حتى وإن كانت السيارة مزودة بمدفأة، فكان كل واحدًا منهما جالسًا على جانب واحد كما لو كانت نهاية العالم والهواء البارد ينبعث منهما باستمرار.

الطريق إلى مكتب السجل المدني سلس جداً، طوال الطريق لا يوجد ازدحام مروري، كل الطرقات خضراء الإشارة، وكأن الله يُسهل الطريق لطلاقِهما..

عند التقاطع التالي انعطفت السيارة إلى الوجهة، رن هاتف أحمد حيث سمع صوت صفاء القلق قائلةً:” يا أحمد، إن فارس يعاني من حمى شديدة لا تنخفض، فلم اُرِد أن أزعجك ولكن الآن فقط وصلت درجة الحرارة إلى تسع وثلاثين، أنا خائفة جدًا، تعال بسرعة .......“

”سآتي على الفور.“

أغلق أحمد المُكالمة، ثم قابل عيني سارة الحمراء المليئة بالغضب، فقالت جُملةً واحدة: ”ما اسم هذا الطفل؟"

Patuloy na basahin ang aklat na ito nang libre
I-scan ang code upang i-download ang App

Pinakabagong kabanata

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 350

    كان الجو داخل الغرفة مظلمًا، فلكي يتمكن من النوم بسلام، أُسدل الستار المعتم بإحكامٍ، تقدّمت سارة بخفة وهدوء، وفتحت شقًا صغيرًا منه، فدخلت منه خيوط ضوء خافتة.اقتربت بحذر من السرير، ولو كان على حالته السابقة من التيقظ، لأفاق فورًا، غير أن عينيه الآن مغمضتان بإحكام، وعلى المقعد المجاور وُضِع المحلول المعلّق الفارغ.مدّت سارة يدها تتحسس جبينه، فكان ساخنًا للغاية؛ الحمى لم تهدأ بعد.جسد أحمد طالما كان قويًّا، ونادرًا ما يمرض، أما الآن وقد أصيب بهذا الشكل، فهذا ليس بالأمر الهيّن.على ما يبدو، موضوع زهرة لا بد أن يُؤجل حتى يفيق لاحقًا.وبينما كانت تهمّ بسحب يدها، إذا بها تُمسك من معصمها.وفي اللحظة التالية، جذبها بقوة نحو صدره، فسقطت سارة مباشرة بين ذراعيه.عقدت حاجبيها، وهمّت بأن تدفعه بعيدًا، لكنها سمعته يتمتم بصوت أجشٍ ومبحوحٍ: "لا ترحلي."تلاقت عيناها بعينيه، ومن خلال ذلك الخيط الضئيل من الضوء، أبصرت في عينيه المرهقتين بريقًا خافتًا يشبه دموع طفل صغير يتيم.تنهدت سارة بخفوت، وفي النهاية لم تتحرك، بل ارتمت بخضوع بين ذراعيه.غمره الفرح، فأحاطها بذراعيه بإحكام أكثر، حتى شعرت بأن أنفاسها بدأ

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 349

    الحدث المفاجئ بعثر كلّ خططها، ولم يكن بوسع سارة أن تتخلّى عن ذلك الرجل في هذا الظرف.بعدما تأكّد طبيب الطوارئ من أن حالته لا تشكّل خطرًا على حياته، وأنه سيستفيق قريبًا، غادرت سارة المستشفى على عجل.أفاق الرجل من غيبوبته، وحين علم أنّ فاعلة خير هي من أنقذته وأوصلته إلى المستشفى، أصرّ فورًا على شكرها شخصيًا.قالت الممرضة: "يا للأسف، تلك الآنسة دفعت كلّ التكاليف وغادرت لتوّها."سألها الرجل: "كم مضى على مغادرتها؟"أجابت: "لتوّها."قفز الرجل من السرير، غير آبه بنداءات الممرضة التي لاحقته من الخلف: "لا يمكنك المغادرة، ما زال عليك إجراء بعض الفحوصات!"لكنه تجاهل صوتها تمامًا، وهرع خارجًا بأقصى سرعة.على قارعة الطريق، لم يلحق إلا برؤية ذلك القوام النحيل من الخلف، وقبل أن يتمكّن من المناداة، كانت سارة قد ركبت سيارة الأجرة.ركبت سارة سيارة الأجرة متّجهة إلى المقبرة، وفي طريقها مرّت بمحلّ لبيع الزهور، فتوقّفت واشترت الزهور التي كانت السيّدة العجوز تحبّها أكثر من غيرها.هذه المرّة، ذهبت أولًا إلى قبر السيّدة العجوز، وضعت الزهور بجوار شاهدة القبر، وتمتمت ببضع كلمات.لو لم يقع ذلك الحدث، لما كانت لت

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 348

    أمسكَ العم يوسف بيد نور محاولًا تهدئتها قائلًا: "لا تبكي، سأساعدكِ في العثور على ابنتكِ الحقيقية، لا بد أن هناك الكثير من الأمور التي تودّين قولها أنتِ وسارة، لن أُزعجكما."غادر الغرفة، ولم يتبقَّ سوى الاثنتين، سارة ونور، تتبادل كل منهما النظر مع الأخرى، وقد وجدت الاثنتان صعوبة في تقبّل حقيقة العلاقة الجديدة التي جمعت بينهما.كانت نور هي من كسرت هذا الصمت الغريب أولًا، أمسكت بيد سارة وقالت: "سواء كنا أمًّا وابنة أم لا، فأنا مدينة لكِ، إصابتي بهذا المرض الخبيث ما هي إلا عقوبة من القدر لي."قالت سارة: "خالتي نور، لا تقولي هذا، سنعثر على نخاع مناسب لكِ بالتأكيد، عليكِ فقط أن ترتاحي."سألتها نور: "كيف حال والدكِ؟""أنه...."أجابت سارة وهي تهز رأسها بخفة: "ما زال على حاله."كانت أخبار الحادث الذي وقع في المستشفى قد تم التكتّم عليها تمامًا، فلم يكن بوسع العامة معرفة ما حدث على وجه التحديد.حتى سارة نفسها لم تكن تعرف عدد الضحايا بدقة.قالت نور: "إذا استعاد والدكِ وعيه، أرجوكِ أن تنقلي له اعتذاري، لقد خذلته طوال حياتي، كان رجلًا طيبًا بحق، لم يكن يستحق هذه المعاناة."الإنسان لا يدرك قيمة الأشي

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 347

    لم تكن نور قد لاحظت تعابير وجهيهما بعد، بل ظلت غارقة في ذكرياتها.قالت: "في ذاكرتي، لم يسبق لي يومًا أن اهتممتُ بدراستكِ، لم أكترث يومًا لما تحبين، بل حتى حين رحلتُ لسنوات، لم أتصل بك ولو لمرةٍ واحدة، تركتُكِ وأنتِ صغيرة بهذا الشكل، لا بد أنكِ كنتِ تكرهين أمكِ كثيرًا، أليس كذلك؟""أنا...." قالت سارة وهي تمسح أنفها بتردد، مترددةٍ في ما إن كان عليها إخبارها بالحقيقة أم لا.تنهد العم يوسف بعد تردّدٍ طويل، ثم قال: "نور، اهدئي قليلًا، ما سأقوله الآن مهم للغاية."مسحت سارة دموعها، ومدّت يدها تمسح الدموع عن وجه نور بلطف.تجمّدت نور في مكانها للحظة، فمنذ لقائهما، كانت سارة دائمًا باردة تجاهها، وهذه أول مرة تُبادر فيها بالتقرّب منها.قالت بريبة: "ما الذي تريدان قوله بالضبط؟"أجاب العم يوسف باختصارٍ ووضوح: "الخبر السيئ، أن نتائج التوافق النخاعي بينكِ وبين سارة جاءت سلبية."أومأت نور بهدوء: "نعم، كنتُ قد هيأتُ نفسي لهذا الاحتمال."أردف قائلًا: "أما الخبر الجيد، فهو أن سارة ليست ابنتكِ البيولوجية، لا زالت هناك ابنةٌ حقيقية لكِ، وقد يكون نخاعها متوافقًا معكِ."كانت هذه الكلمات صادمةً كضربةٍ مفاجئة

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 346

    نظر العم يوسف إلى سارة بوجه شاحبٍ كئيب، وقال: "حسنًا، سأُجري الترتيبات، لكن حالتها الآن ضعيفة جدًا، لا يمكن للحديث أن يطول كثيرًا."قالت سارة بلطف: "سأنتبه جيدًا، شكرًا لك."تنهد العم يوسف بمرارة، وقال: "لقد أثرتُ ضجةً كبيرة لإحضارك إلى هنا، بل تصرّفتُ بعناد وفرضتُ عليكِ الفحوصات دون استئذان، يجدر بي أن أعتذر منكِ، أنا آسف."عندما رأت سارة ذلك الوجه المرهق المليء بالأسى، لم تستطع أن تلومه بكلمة.قالت بهدوء: "لا بأس، بل يجدر بي أنا أن أشكرك، لولاك لبقيتُ مخدوعة لا أعرف شيئًا، يا عمّي، طالما أنني لستُ الأبنة الحقيقية للسيدة نور، فهذا يعني أن العثور على ابنتها الحقيقية هو السبيل لإنقاذها، فلا تحزن كثيرًا."قال وهو يومئ برأسه: "أجل، هيا بنا، سأرافقكِ لرؤيتها، ولنكتشف الحقيقة معًا."أخذها العم يوسف إلى المستشفى، حيث توالت الأحداث بسرعة شديدة حتى امتلأ ذهن سارة بالكامل، فلم تجد فرصة للتفكير في أمر زهرة.إن لم تكن نور والدتها الحقيقية، فماذا عن رشيد؟هل هو والدها حقًا؟ أم أن الحقيقة غير ذلك؟وهل كان يعلم بحقيقتها منذ البداية؟عندما راجعت سارة بتمعّن تفاصيل حياتها منذ الطفولة، لم تجد ما يدل عل

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 345

    جذبها ذلك الصوت فجأة من دوامة أفكارها المضطربة، وكأن من أيقظها من غفلتها.صحيح، ما يهم الآن هو نتيجة فحص التطابق بينها وبين نور، ولهذا هرعت سارة للنزول من السرير.رغم أنها لم تكن راغبة في التبرع بنخاعها العظمي لنور، إلا أن الأمور قد وصلت إلى هذا الحد، ولم يعد بإمكانها التراجع، لذا كانت قد أعدّت نفسها نفسيًّا للمواجهة.قام العم يوسف بتشغيل مفتاح الإضاءة في غرفة النوم، فغمرت العتمة نورًا مفاجئًا أخزَ عيني سارة، فرفعت يدها لتحجب الضوء.وبعد أن اعتادت على سطوع الغرفة تدريجيًا، رأت أن العم يوسف يقف قبالتها بملامح جدية، وفي يده ظرف بُني مغلق من الورق المقوّى، قال بصوت منخفض: "سارة، أريد أن أتحدث معكِ قليلًا".كانت تعبيراته شديدة الجدية، تشبه مَن يوبّخ تلميذًا، الأمر الذي جعل سارة تعجز عن فهم مقصده في تلك اللحظة.هل يمكن أن تكون نتيجة الفحص غير مطابقة؟قالت بهدوء: "حسنًا".جلست سارة على المقعد كما طلب، وجلس العم يوسف في الجهة المقابلة لها.قالت وهي تحدق في ملامحه الثقيلة: "العم يوسف، يبدو أن تعبيرك يحمل الكثير من الحزن، هل... هل لم يكن هناك تطابق؟"أطلق العم يوسف تنهيدة عميقة، ثم دفع بالظرف ا

Higit pang Kabanata
Galugarin at basahin ang magagandang nobela
Libreng basahin ang magagandang nobela sa GoodNovel app. I-download ang mga librong gusto mo at basahin kahit saan at anumang oras.
Libreng basahin ang mga aklat sa app
I-scan ang code para mabasa sa App
DMCA.com Protection Status