بعد سبع سنوات من الزواج، عاملها مالك فريد ببرود، لكن كانت ياسمين دائمًا تقابل هذا بابتسامة. لأنها تحب مالك بشدة. وكانت تعتقد أنه يومًا ما ستُسعد قلبه حقًا. لكن ما كانت بانتظاره هو حبه لامرأة أخرى من النظرة الأولى، ورعايته الشديدة لها. ورغم ذلك كافحت بشدة للحفاظ على زواجهما. حتى يوم عيد ميلادها، سافرت لآلاف الأميال خارج البلاد لتلقي به هو وابنتهما، لكنه أخذ ابنته ليرافق تلك المرأة، وتركها بمفردها وحيدة بالغرفة. وفي النهاية، استسلمت تمامًا. برؤيتها لابنتها التي ربتها بنفسها تريد لامرأة أخرى أن تكون هي أمها، فلم تعد ياسمين تشعر بالأسف. صاغت اتفاقية الطلاق، وتخلت عن حق الحضانة، وغادرت بشكل نهائي، ومن وقتها تجاهلت كلًا منهما، وكانت تنتظر شهادة الطلاق. تخلت عن أسرتها، وعادت لمسيرتها المهنية، وهي التي كان ينظر لها الجميع بازدراء، كسبت بسهولة ثروة كبيرة تُقدر بمئات الملايين. ومنذ ذلك الحين، انتظرت طويلًا، ولم تصدر شهادة الطلاق، بل وذلك الرجل الذي كان نادرًا ما يعود للمنزل، ازدادت زياراته وازداد تعلقه بها. وعندما علم أنها تريد الطلاق، ذلك الرجل المتحفظ البادر حاصرها تجاه الحائط وقال: "طلاق؟ هذا مستحيل."
View Moreصعدت سالي إلى غرفتها، وبينما كانت تفتح هدية مالك، راحت تتحدث مع ياسمين التي جلست بجوارها تستمع.في تلك الأثناء، اهتز هاتف ياسمين، فإذا برسالة من مالك فريد تصلها: "سأسافر غدًا بعد الظهر عائدًا إلى دولة الصَفا لأتابع بعض الأعمال، مسألة الطلاق قد نضطر لتأجيلها أسبوعًا آخر."تجهم وجه ياسمين، وبدأت تكتب ردًا: "ألا يمكنك أن تعود صباح الاثنين بدلًا من ذلك؟"جاءه الجواب سريعًا: "حاولت، لم أستطع. آسف."ضغطت ياسمين شفتيها ولم ترد.ربما لأنه أدرك أنها غاضبة، أرسل لها رسالة أخرى مؤكدًا: "حتى لو تعذر أن أعود يوم الجمعة القادم، فسأعود على أبعد تقدير قبل الاثنين الذي يليه. اطمئني."وبما أن مالك وضع موعدًا محددًا، اطمأنت ياسمين قليلًا، لكنها لم ترد، بل وضعت الهاتف جانبًا.ولأنه يعلم أنها قرأت الرسالة، لم يُرسل المزيد.بعد أن تحدّثت سالي مع أمها قليلًا، غلبها النعاس، فغطّت ياسمين جسدها باللحاف ثم ذهبت إلى الحمام لتغتسل.كانت مرهقة هي الأخرى، وبعد الاستحمام استلقت على السرير وأطفأت المصباح استعدادًا للنوم.وما إن استلقت حتى تزحزحت سالي نحوها وغفت بين ذراعيها، ممسكة بثوبها بإحكام وهي تتمتم في نومها:"أمي
بعد أن علمت سالي أن مالك تعمّد العودة من الخارج خصيصًا ليمنحها مفاجأة في عيد ميلادها، غمرتها السعادة أخيرًا.أمسكت بالهاتف واندفعت تركض بحماس إلى الطابق السفلي.ياسمين وقفت في مكانها لثوانٍ، ثم تبعت ابنتها وهي تطلب من حارس البوابة السماح بدخول سيارة مالك.دخلت السيارة ساحة منزل عائلة مازن، وما إن توقفت حتى اندفعت سالي مسرعة نحو الباب، وألقت بنفسها في أحضان أبيها.كان اليوم عيد ميلادها، لكنها لم تتلقَ أي اتصال منه، كما أن أمها انشغلت طوال اليوم بالعمل، مما جعلها تشعر بالإهمال والحزن، وقضت يومها حزينة.أما الآن، فحين رأت مالك يعود من الخارج خصيصًا ليحتفل بها، وغمرها بإحساس الاهتمام، انفجرت مشاعرها المكبوتة، واغرورقت عيناها بالدموع.شعر مالك وهو يضمها، برأسها يهتز بين ذراعيه، فاكتشف أنها تبكي.توقف للحظة بدهشة، ثم سرعان ما أدرك أن بكاءها ليس فقط لأنه لم يتصل بها اليوم، بل أيضًا لأن ياسمين جعلتها تشعر بالخذلان. ولهذا، حين رأته يعود، لم تتمالك دموعها.رفع بصره نحو ياسمين التي كانت واقفة بعيدًا تراقب، من دون أن تقترب أو تتحدث.أدركت ياسمين السبب، فهي رأت في دموع ابنتها إحساسها بأنها مهمَلة.
في الأيام التالية، بقيت ياسمين على عادتها في الانشغال الدائم بالعمل.وبسبب خروجها مبكرًا وعودتها متأخرة كل يوم، فمع أن سالي كانت تقيم في منزل عائلة مازن، فإن الوقت الذي قضته الأم مع ابنتها لم يكن كثيرًا.أما مالك، فعلى الرغم من انشغاله هو الآخر بعمله، إلا أنه يقال أنه تقريبًا يتصل بسالي كل يوم. غير أنّ ياسمين لم تكن موجودة وقت اتصالاتهما، لذا لم تكن تعلم ما يدور بين الأب وابنته.كان عيد ميلاد سالي يوم الجمعة.وربما لأن مالك في العادة أغدق عليها بالحب والاهتمام، فعندما علمت أن أباها لن يتمكّن غالبًا من العودة ليشاركها عيد ميلادها، لم تُبدِ حزنًا شديدًا، بل احتضنت ذراع ياسمين وقالت مبتسمة: "لا بأس، يكفيني أن أحتفل مع أمي."لكن حين أخبرتها ياسمين أن انشغالها قد يمنعها من قضاء وقت طويل معها، وأنها قد تكتفي بطبخ وعاء من شوربة العمر المديد وتقديم هدية، بدا على سالي بعض الخيبة.لقد مرّ وقت طويل منذ آخر مرة تذوقت فيها كعكة صنعتها ياسمين بيديها. وكانت تشتاق لذلك.مع ذلك، وقد رأت بعينيها انشغال والدتها في الأيام الأخيرة، لم تُصرّ ولم تدلّل، بل قالت بخفوت: "حسنًا، أنا أعرف."كانت ياسمين غارقة ف
صباح يوم الاثنين، وصلت ياسمين إلى أسفل مبنى الشركة، فصادفت في الوقت نفسه جواد قادمًا إلى العمل.ابتسم جواد وقال: "صباح الخير."أجابته ياسمين: "صباح الخير."وما إن أنهت كلماتها، حتى وقعت عيناها على كرم.توقفت خطواتها للحظة عند رؤيته.أما جواد، فقد لمح هو الآخر كرم، فانعقد حاجباه في امتعاض.لم يُعِر كرم جواد اهتمامًا يُذكر، بل اتجه مباشرة نحو ياسمين قائلاً: "وصلتُ إلى البيت فجر أمس، مرّ وقت طويل منذ آخر لقاء بيننا، فأردت أن أراك."كان كرم بالفعل يقصد فقط أن يلتقي بها، بلا نوايا أخرى.لقد أدرك موقفها الواضح، ولم يُرِد أن يثقل عليها أو يُشعرها بالضيق منه، فتابع يقول: "أكملي عملك، لا تهتمي بي. سأغادر بعد قليل."أما ياسمين، فقد كانت قد قالت له كل ما يمكن قوله.ظهوره المفاجئ جعلها لا تجد ما تضيفه.وبما أنه صرّح بأنه لن يطيل، فهي لم تُبدِ مجاملة زائدة، بل اكتفت بهز رأسها، ثم استدارت وصعدت إلى الأعلى.رمق جواد كرم بنظرة عابرة، ثم أسرع ليلحق بخطى ياسمين.بينما ظل كرم واقفًا يتابع ظهرها مبتعدًا، ثم ما لبث أن استدار وعاد إلى سيارته.في السيارة، كانت هناك باقة زهور وضَعها مسبقًا.كان قد نوى أن يُهد
كان ينتظر ياسمين أن تُنهي طلاقها من مالك أكثر من شخص واحد؛ لم يكن هيثم وحده وكرم، بل أيضًا سليم.ولهذا، فإلى جانب هيثم، كان سليم يعلم أيضًا أن يوم الخميس هو موعد استخراج شهادة الطلاق بين ياسمين ومالك.في تلك الفترة، كان سليم كثير السفر في مهمات عمل خارج مدينته.لكنه تعمّد أن يعود فجر الخميس خصيصًا.وبعد أن ارتاح في المنزل بضع ساعات، قرابة العاشرة صباحًا، أنهى بعض الأعمال، ثم لم يستطع منع نفسه فاتصل بهشام.قال له: "كنت مشغولًا طوال الفترة الماضية، ولم نجتمع منذ وقت طويل لتناول الطعام، ما رأيك أن ندعو مالك بعد الضهر لنتناول الغداء سويًا اليوم؟"أجاب هشام: "لا مانع لدي، لكن مالك ليس لديه وقت. لقد سافر قبل أيام في رحلة عمل إلى الخارج، وهو لم يعد بعد."انقبض قلب سليم: "مالك… سافر في رحلة عمل؟"أي إنهم لم يذهبا اليوم لاستخراج شهادة الطلاق؟كان سليم قد قلّ تواصله في الآونة الأخيرة مع مالك ومع ريم وعائلتها، واتصاله اليوم بهشام كان في حقيقته لمحاولة استقصاء أخبار الطلاق.فلو كان قد تم الطلاق، لكان بإمكانه أن——لم يكن يتوقع…فقال سريعًا: "ومتى سيعود مالك تقريبًا؟"لم يكن هشام يُتابع أمر الطلاق ك
يوم الاثنين، ذهبت ياسمين إلى عملها كالمعتاد.كانت مشغولة بين التنقل باستمرار بين شركة النهضة التقنية و مؤسسة النخبة.وفي مساء الثلاثاء، عند نزولها من العمل، رفعت رأسها في المصعد، وألقت نظرة على التاريخ في هاتفها، ثم أطرقت بعينيها.بعد يوم عمل مرهق، بدا هيثم منهكًا أيضًا. فجأة خطر له خاطر فسألها: "غدًا يفترض أن يكون اليوم الأخير من الشهر ، أليس كذلك؟"وضعت ياسمين هاتفها في حقيبتها وقالت: "نعم."هذه العلاقة التي استنزفتها لسنوات مع مالك، غدت على وشك أن تنتهي رسميًا.هيثم لم يعرف للحظة هل ينبغي أن يفرح من أجلها أم يشعر بالحزن.صحيح أن قلبه لم يرتح أبدًا لمالك، لكن مجرد التفكير في أن ياسمين التي أحبته لسنوات طويلة انتهى بها الأمر إلى هذا المصير، جعل قلبه يضيق ويشعر بالأسى من أجلها.غير أنّ كل أمر عسير لا بد أن يأتي عليه يوم وينقضي.وبعد أن يُنجز الطلاق رسميًا، ستتمكّن ياسمين من البدء من جديد.فكر في ذلك، ثم ربت على كتفها بلمسة مواساة، ولم يقل شيئًا آخر.---في صباح اليوم التالي، خرجت ياسمين للجري كعادتها، ثم تناولت الإفطار وعادت إلى الشركة تستعد للبدء في العمل. فجأة رن هاتفها.كان المتصل ه
Comments