Share

الفصل 9

Author: سيد أحمد
كانت السيارة هادئة جدًا، وكان صوت صفاء مرتفعًا جدًا لأنها كانت في عجلة من أمرها، فسمعت سارة بوضوح كلمة ”فارس“.

تذكرت اليوم الذي حصلت فيه على تقرير اختبار الحمل، واندفعت إلى ذراعي أحمد بأمل: ”يا أحمد ، ستصبح أبًا! سنُرزق بطفل! لقد فكرت في اسم الطفل، إذا كانت أنثى فسوف يُطلق عليها اسم جميلة أما الصبي فسوف يُطلق عليه اسم فارس، ما رأيك ؟"

كم تمنت لو أنها سمعت خطأً لكن أحمد لم يتجنب نظراتها وأجاب ببساطة: ”اسمه فارس".

"أيُها الوغد!"

رفعت سارة يدها لتصفعه وهذه المرة لم يتفادى الأمر وتركها تصفعه مباشرة.

" كيف تجرؤ على أن تسمي طفلها بإسم طفلنا؟ "

كان الطفل هو خط الدفاع الأخير لسارة حيث انهرمت دموعها مثل الخرز وانقضت عليه كالمجنونة قائلةً : ”أيها الشيطان، لماذا قَبَض الله حياة الطفل، لماذا تمت أنت؟

فقدت سارة عقلها وانهالت على جسد أحمد بالضرب مِرارًا وتكِرارًا، ”إنه لا يستحق هذا الاسم!“

أمسك أحمد بيديها وأمر خالد : "اذهب إلى مسكن لؤلؤة البحر".

أصبحت سارة أكثر انفعالاً، "لقد اقتربنا من مكتب السجل المدني، إذا كنت تُريد المغادرة، عليك أن تُنهي أجراءات الطلاق أولًا.“

" إن فارس يعاني من حمى مرتفعة لا تنخفض، يجب أن أذهب إليه على الفور "

قالت سارة بغضب: ”لا يزال والدي راقدًا فاقدًا للوعي في المستشفى، لقد أجبرتني الممرضات اللاتي يجمعن الديون على عدم التجرؤ حتى على الذهاب إلى المستشفى! حياة طفلك مُهمة، أما حياة أبي فلا؟“.

عند ذكر رشيد غمرت البرودة وجه أحمد قائلًا: ”هل يستحق رشيد بأن يُقارن بـفارس؟“

كانت سارة غاضبة جدًا لدرجة أنها كانت تنوي الانقضاض عليه وصفعه بقوة مرةً أخرى ولكن شُدّت يديها بقوة وصرخ أطلق أحمد قائلًا : ”ألم تكتفِ بعد؟"

شاهدت سارة السيارة تستدير، فمن الواضح أنها ستصل إلى مكتب السجل المدني بعد هذا المنعطف .

وحتى يمنعها الرجل من المقاومة مرةً أخرى، احتجزها بين ذراعيه بشدةٍ، ذلك الحضن الذي كانت أكثر ما تُحبه في السابق، أصبح سجنًا يحبسها.

كان قويًا للغاية بينما كانت هي أضعف من أن تتحرر، فلم يسعها إلا الصُراخ بغضبٍ قائلة : ”هل تحب صفاء إلى هذا الحد؟"

كان أحمد مشوشًا بعض الشيء، ففي اللحظة التي عانق فيها سارة أدرك أن هذه الفتاة لم تُصبح فقط أنحف بل مقارنةً بما كانت عليه قبل عامٍ مضى كانت ببساطة شخصًا مختلفًا، حتى وهى ترتدي ملابسها كان يشعُر بعدم الإرتياح.

الزهرة الرقيقة التي قد حملها بين يديه تذبُل يومًا بعد يوم، هل هذا حقًا ما يريده؟

بمجرد أن بدأ في التساؤل خطرت في ذهنه تلك الجثة البائسة حتى شدت يده على خصر سارة قليلاً.

عندما رفع رأسه مرة أخرى اختفى الحزن الذي كان في عينيه، ولم يتبق سوى برودة لا نهاية لها.

”يا سارة، إذا قمتِ بإثارة ضجة مرةً أخرى، هل ستُصدقين إن جعلت شخصًا ما يسحب أنبوب الأكسجين الخاص برشيد على الفور؟

أمسكت يدا سارة بملابسه بإحكام، وأغرقت دموعها قميصه.

حيث قد قال بوضوح أنه لن يسمح لها بذرف الدموع، ولكن الآن كان هو السبب انهمار كل دموعها.

كانت الأجواء في العربة صامتةً لدرجة أنهم قد شعروا بالاختناق، هدأت هي ثم دفعت جسده بعيدًا لتجلس قائمة.

شهقت سارة قائلةً: ”تريد الذهاب لرؤية ابنك هذه هي حريتك ولكن لا يُمكنا تعطيل خطتنا الأصلية بسبب شؤونك الخاصة، فلا داعي للقلق من أن أُطاردك مرةً أخرى حتى وإن لم ترغب في الطلاق، سأُطلقك أنا، فليس من عادتي أن ألتقط القمامة“.

عبس أحمد عندما سمع كلمة ”قمامة“، فواصلت سارة كلامها دون مبالاة، ”أعترف أنني كنتُ ساذجةً جدًا في الماضي، فكان لدى تخيلات غير واقعية عنك والآن رأيت النور بالفعل، فمن الأفضل أن أتخلص من الرماد الذي لا يمكنني الإحتفاظ به! اعطني المال وإنتهِ أنت من الأعمال الورقية عندما تُصبح مُتفرغًا وأعدك أن أكون تحت طلبك بأي وقت ولن أندم أبدًا“.

”ماذا لو لم أعطيكِ المال؟“

نظرت سارة إلى عينيه السوداء، وكانت عيناها الباكيتان للتو مثل الجبال الخضراء بعد المطر، كانتا مشرقتين بشكلٍ استثنائي، شفافتين ببرودة صافية، ”عندها سأقفز من السيارة، فليس عليّ العيش إن لم أستطع إنقاذ أبي“.

أخرج أحمد شيكًا وكتب لها رقمًا، ”الخمسة ملايين المتبقية سيتم دفعها بعد الطلاق“.

زمّت سارة شفتيها وسخرت قائلة: ”ما مدى خوفك من أنني لن أتطلق منك؟ لا تقلق، فأنا أشعر بالاشمئزاز من نفسي إذا بقيت مع رجُلٍ مثلك لثانيةٍ واحدةٍ أخرى، “أوقف السيارة“

أخذت الشيك وفتحت الباب بلا رحمة وغادرت دون أن تنظر إلى الوراء.

لقد تم إنقاذ أبي أخيرًا!

صرفت سارة الشيك، وكان أول شيء فعلته هو دفع الفواتير الطبية، أما عن الشيء الثاني فقد ركبت سيارة أجرة إلى العنوان الذي أعطاه لها محمود.

إنها مقبرة خاصة من الدرجة العالية، والأشخاص المدفونون بداخلها إما أغنياء أو نبلاء، وقد دفنت جدة أحمد هنا أيضًا، اشترت سارة زهور الرنين المفضلة لجدة أحمد.

لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى وجدت سارة قبرًا جديدًا محاطًا بدائرة من أشجار البرقوق.

كانت أشجار البرقوق قد أنبتت براعم أزهارها بالفعل، وستزهر بالكامل خلال فترة قصيرة.

كان شاهد القبر البارد منقوشًا باسم غير مألوف، ”قبر زهرة “.

كانت تعرف أن أحمد كان يحب أخته كثيرًا، وبعد أن فقدت أخته أصبحت موضوعًا محظورًا في قلبه، فلم يعد يسمح للآخرين بذكرها، لذا لم تكن تعرف أي شيء عن أخته.

زهرة، هل كان هذا اسمها؟ لم تكن سارة قد سمعت به من قبل.

جلست القرفصاء ونظرت إلى الصورة الموجودة على شاهد القبر، لا بد أنها صورة زهرة عندما كانت في الخامسة أو السادسة من عمرها قبل أن تضيع، بوجهها الصغير اللطيف والمُمتلئ أما بين حاجبيها كانت ترى بشكلٍ غامض ظل أحمد.

لم يكن لدى سارة أدني فكرة، فاستخدمت هاتفها المحمول لالتقاط الصورة باعتبارها الدليل الوحيد.

وضعت زهور الرنين الهوائي التي اشترتها لجدة أحمد وركعت أمام شاهد قبر زهرة وهتفت قائلة: ”يا زهرة، اسمي سارة لو كنتِ على قيد الحياة كان يجب أن تناديني بزوجة أخيك، لا يل يجب أن تكون زوجة أخاك السابقة، أنا آسفة لمعرفتكِ بهذه الطريقة، فأنا على يقين من أنني سأكتشف الجاني الحقيقي الذي قتلكِ .......“

لم يكن ضريح جدة أحمد بعيدًا وكانت جدة أحمد في الصورة لطيفة وحافظت على نفس النبرة والابتسامة التي كانت عليها في ذلك الوقت.

أمسكت سارة حبة بطاطا حلوة مخبوزة في الصباح من جيبها ووضعتها أمام شاهد القبر قائلةً : ”يا جدتي، أنا هنا لرؤيتكِ، لقد حلّ الشتاء مرةً أخرى بدونكِ وأنا أمسك البطاطا الحلوة، لم يعد للبطاطا الحلوة نكهة بعد الآن.“

كانت متعبة قليلاً من الوقوف، فجلست مُتحدثة بجوار شاهد القبر وكأن العجوز ما زالت على قيد الحياة

”يا جدتي، أنا آسفة، لم أحتفظ بذلك الطفل ولكن أحمد هذا الوقح قد واصل بالفعل نسل عائلتكُم، فلا داعي للقلق بشأن عدم وجود أحد يخلفك بعد الآن.“

”يا جدتي لقد تغير أحمد، لم يعد الشخص الذي أعرفه، في الماضي كان يقول إنه سيحميني من الرياح والأمطار، ولكن الآن هو سبب كل العواصف التي تهب عليّ، إذا كنتِ لازلتِ على قيد الحياة، فلن تسمحي له بالتأكيد بأن يعاملني هكذا“.

ابتسمت سارة على مضض قائلة: ”يا جدتي، أنا وأحمد سننفصل قريبًا، لقد قلتِ من قبل أنه إذا تجرأ على التنمر عليّ، ستزحفين من التابوت وتنسفين رأسه حتى بعد موتك، فأنا لن أعش طويلًا، سأنزل لأكون معكِ بعد بضعة أيام، لنزحف وننسف رأسه معًا، حسنًا؟

”يا جدتي، ما هو شعور الموت؟ هل هو مظلم؟ أنا خائفة من الحشرات الصغيرة التي سوف تلدغني، ما الذي يجب عليّ فعله؟“

”يا جدتي، هلّا أدعو لكِ وأشتري لكِ كثيرًا من الزهور حتى تُنقذيني؟ هلّا يُمكنكِ شراء فيلّا لي بمساحة ثمان مئة متر مربع عندما آتي إليكِ؟“

”يا جدتي، أنا أفتقِدُكِ ......“

Patuloy na basahin ang aklat na ito nang libre
I-scan ang code upang i-download ang App

Pinakabagong kabanata

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 350

    كان الجو داخل الغرفة مظلمًا، فلكي يتمكن من النوم بسلام، أُسدل الستار المعتم بإحكامٍ، تقدّمت سارة بخفة وهدوء، وفتحت شقًا صغيرًا منه، فدخلت منه خيوط ضوء خافتة.اقتربت بحذر من السرير، ولو كان على حالته السابقة من التيقظ، لأفاق فورًا، غير أن عينيه الآن مغمضتان بإحكام، وعلى المقعد المجاور وُضِع المحلول المعلّق الفارغ.مدّت سارة يدها تتحسس جبينه، فكان ساخنًا للغاية؛ الحمى لم تهدأ بعد.جسد أحمد طالما كان قويًّا، ونادرًا ما يمرض، أما الآن وقد أصيب بهذا الشكل، فهذا ليس بالأمر الهيّن.على ما يبدو، موضوع زهرة لا بد أن يُؤجل حتى يفيق لاحقًا.وبينما كانت تهمّ بسحب يدها، إذا بها تُمسك من معصمها.وفي اللحظة التالية، جذبها بقوة نحو صدره، فسقطت سارة مباشرة بين ذراعيه.عقدت حاجبيها، وهمّت بأن تدفعه بعيدًا، لكنها سمعته يتمتم بصوت أجشٍ ومبحوحٍ: "لا ترحلي."تلاقت عيناها بعينيه، ومن خلال ذلك الخيط الضئيل من الضوء، أبصرت في عينيه المرهقتين بريقًا خافتًا يشبه دموع طفل صغير يتيم.تنهدت سارة بخفوت، وفي النهاية لم تتحرك، بل ارتمت بخضوع بين ذراعيه.غمره الفرح، فأحاطها بذراعيه بإحكام أكثر، حتى شعرت بأن أنفاسها بدأ

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 349

    الحدث المفاجئ بعثر كلّ خططها، ولم يكن بوسع سارة أن تتخلّى عن ذلك الرجل في هذا الظرف.بعدما تأكّد طبيب الطوارئ من أن حالته لا تشكّل خطرًا على حياته، وأنه سيستفيق قريبًا، غادرت سارة المستشفى على عجل.أفاق الرجل من غيبوبته، وحين علم أنّ فاعلة خير هي من أنقذته وأوصلته إلى المستشفى، أصرّ فورًا على شكرها شخصيًا.قالت الممرضة: "يا للأسف، تلك الآنسة دفعت كلّ التكاليف وغادرت لتوّها."سألها الرجل: "كم مضى على مغادرتها؟"أجابت: "لتوّها."قفز الرجل من السرير، غير آبه بنداءات الممرضة التي لاحقته من الخلف: "لا يمكنك المغادرة، ما زال عليك إجراء بعض الفحوصات!"لكنه تجاهل صوتها تمامًا، وهرع خارجًا بأقصى سرعة.على قارعة الطريق، لم يلحق إلا برؤية ذلك القوام النحيل من الخلف، وقبل أن يتمكّن من المناداة، كانت سارة قد ركبت سيارة الأجرة.ركبت سارة سيارة الأجرة متّجهة إلى المقبرة، وفي طريقها مرّت بمحلّ لبيع الزهور، فتوقّفت واشترت الزهور التي كانت السيّدة العجوز تحبّها أكثر من غيرها.هذه المرّة، ذهبت أولًا إلى قبر السيّدة العجوز، وضعت الزهور بجوار شاهدة القبر، وتمتمت ببضع كلمات.لو لم يقع ذلك الحدث، لما كانت لت

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 348

    أمسكَ العم يوسف بيد نور محاولًا تهدئتها قائلًا: "لا تبكي، سأساعدكِ في العثور على ابنتكِ الحقيقية، لا بد أن هناك الكثير من الأمور التي تودّين قولها أنتِ وسارة، لن أُزعجكما."غادر الغرفة، ولم يتبقَّ سوى الاثنتين، سارة ونور، تتبادل كل منهما النظر مع الأخرى، وقد وجدت الاثنتان صعوبة في تقبّل حقيقة العلاقة الجديدة التي جمعت بينهما.كانت نور هي من كسرت هذا الصمت الغريب أولًا، أمسكت بيد سارة وقالت: "سواء كنا أمًّا وابنة أم لا، فأنا مدينة لكِ، إصابتي بهذا المرض الخبيث ما هي إلا عقوبة من القدر لي."قالت سارة: "خالتي نور، لا تقولي هذا، سنعثر على نخاع مناسب لكِ بالتأكيد، عليكِ فقط أن ترتاحي."سألتها نور: "كيف حال والدكِ؟""أنه...."أجابت سارة وهي تهز رأسها بخفة: "ما زال على حاله."كانت أخبار الحادث الذي وقع في المستشفى قد تم التكتّم عليها تمامًا، فلم يكن بوسع العامة معرفة ما حدث على وجه التحديد.حتى سارة نفسها لم تكن تعرف عدد الضحايا بدقة.قالت نور: "إذا استعاد والدكِ وعيه، أرجوكِ أن تنقلي له اعتذاري، لقد خذلته طوال حياتي، كان رجلًا طيبًا بحق، لم يكن يستحق هذه المعاناة."الإنسان لا يدرك قيمة الأشي

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 347

    لم تكن نور قد لاحظت تعابير وجهيهما بعد، بل ظلت غارقة في ذكرياتها.قالت: "في ذاكرتي، لم يسبق لي يومًا أن اهتممتُ بدراستكِ، لم أكترث يومًا لما تحبين، بل حتى حين رحلتُ لسنوات، لم أتصل بك ولو لمرةٍ واحدة، تركتُكِ وأنتِ صغيرة بهذا الشكل، لا بد أنكِ كنتِ تكرهين أمكِ كثيرًا، أليس كذلك؟""أنا...." قالت سارة وهي تمسح أنفها بتردد، مترددةٍ في ما إن كان عليها إخبارها بالحقيقة أم لا.تنهد العم يوسف بعد تردّدٍ طويل، ثم قال: "نور، اهدئي قليلًا، ما سأقوله الآن مهم للغاية."مسحت سارة دموعها، ومدّت يدها تمسح الدموع عن وجه نور بلطف.تجمّدت نور في مكانها للحظة، فمنذ لقائهما، كانت سارة دائمًا باردة تجاهها، وهذه أول مرة تُبادر فيها بالتقرّب منها.قالت بريبة: "ما الذي تريدان قوله بالضبط؟"أجاب العم يوسف باختصارٍ ووضوح: "الخبر السيئ، أن نتائج التوافق النخاعي بينكِ وبين سارة جاءت سلبية."أومأت نور بهدوء: "نعم، كنتُ قد هيأتُ نفسي لهذا الاحتمال."أردف قائلًا: "أما الخبر الجيد، فهو أن سارة ليست ابنتكِ البيولوجية، لا زالت هناك ابنةٌ حقيقية لكِ، وقد يكون نخاعها متوافقًا معكِ."كانت هذه الكلمات صادمةً كضربةٍ مفاجئة

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 346

    نظر العم يوسف إلى سارة بوجه شاحبٍ كئيب، وقال: "حسنًا، سأُجري الترتيبات، لكن حالتها الآن ضعيفة جدًا، لا يمكن للحديث أن يطول كثيرًا."قالت سارة بلطف: "سأنتبه جيدًا، شكرًا لك."تنهد العم يوسف بمرارة، وقال: "لقد أثرتُ ضجةً كبيرة لإحضارك إلى هنا، بل تصرّفتُ بعناد وفرضتُ عليكِ الفحوصات دون استئذان، يجدر بي أن أعتذر منكِ، أنا آسف."عندما رأت سارة ذلك الوجه المرهق المليء بالأسى، لم تستطع أن تلومه بكلمة.قالت بهدوء: "لا بأس، بل يجدر بي أنا أن أشكرك، لولاك لبقيتُ مخدوعة لا أعرف شيئًا، يا عمّي، طالما أنني لستُ الأبنة الحقيقية للسيدة نور، فهذا يعني أن العثور على ابنتها الحقيقية هو السبيل لإنقاذها، فلا تحزن كثيرًا."قال وهو يومئ برأسه: "أجل، هيا بنا، سأرافقكِ لرؤيتها، ولنكتشف الحقيقة معًا."أخذها العم يوسف إلى المستشفى، حيث توالت الأحداث بسرعة شديدة حتى امتلأ ذهن سارة بالكامل، فلم تجد فرصة للتفكير في أمر زهرة.إن لم تكن نور والدتها الحقيقية، فماذا عن رشيد؟هل هو والدها حقًا؟ أم أن الحقيقة غير ذلك؟وهل كان يعلم بحقيقتها منذ البداية؟عندما راجعت سارة بتمعّن تفاصيل حياتها منذ الطفولة، لم تجد ما يدل عل

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 345

    جذبها ذلك الصوت فجأة من دوامة أفكارها المضطربة، وكأن من أيقظها من غفلتها.صحيح، ما يهم الآن هو نتيجة فحص التطابق بينها وبين نور، ولهذا هرعت سارة للنزول من السرير.رغم أنها لم تكن راغبة في التبرع بنخاعها العظمي لنور، إلا أن الأمور قد وصلت إلى هذا الحد، ولم يعد بإمكانها التراجع، لذا كانت قد أعدّت نفسها نفسيًّا للمواجهة.قام العم يوسف بتشغيل مفتاح الإضاءة في غرفة النوم، فغمرت العتمة نورًا مفاجئًا أخزَ عيني سارة، فرفعت يدها لتحجب الضوء.وبعد أن اعتادت على سطوع الغرفة تدريجيًا، رأت أن العم يوسف يقف قبالتها بملامح جدية، وفي يده ظرف بُني مغلق من الورق المقوّى، قال بصوت منخفض: "سارة، أريد أن أتحدث معكِ قليلًا".كانت تعبيراته شديدة الجدية، تشبه مَن يوبّخ تلميذًا، الأمر الذي جعل سارة تعجز عن فهم مقصده في تلك اللحظة.هل يمكن أن تكون نتيجة الفحص غير مطابقة؟قالت بهدوء: "حسنًا".جلست سارة على المقعد كما طلب، وجلس العم يوسف في الجهة المقابلة لها.قالت وهي تحدق في ملامحه الثقيلة: "العم يوسف، يبدو أن تعبيرك يحمل الكثير من الحزن، هل... هل لم يكن هناك تطابق؟"أطلق العم يوسف تنهيدة عميقة، ثم دفع بالظرف ا

Higit pang Kabanata
Galugarin at basahin ang magagandang nobela
Libreng basahin ang magagandang nobela sa GoodNovel app. I-download ang mga librong gusto mo at basahin kahit saan at anumang oras.
Libreng basahin ang mga aklat sa app
I-scan ang code para mabasa sa App
DMCA.com Protection Status