Share

الفصل2

Author: فهد العتيبي
قصر النجوم.

كانت هذه أرقى وأفخم فيلا في المنطقة، حيث تمتد على مساحة عشرين ألف متر مربع.

حديقة، مسبح، ملعب غولف...... كل ما يمكن تخيله كان متوفرًا هنا.

قاعة الفيلا.

جلست ليلى عبد الرحمن على أريكة ناعمة، وهي تنظر إلى الفيلا التي تشبه القصور الملكية، شعرت بالذهول وعدم التصديق.

كانت تعلم أن جدها اختار لها زوجًا، وكانت تعرف أن أي رجل لديه كرامة لن يقبل الزواج منها، ولن يرضى بالانتقال إلى عائلة عبد الرحمن كزوج مُدخل.

لم تكن تعرف هوية هذا الزوج، لكنها توقعت أنه شخص يسعى وراء المال والمكانة، ويريد الاستفادة من عائلة عبد الرحمن لتحقيق طموحاته.

لكنها لم تتوقع أبدًا أن يأخذها هذا الزوج إلى مكان يشبه الحلم.

ركع عمران بن خالد على الأرض، ومد يده نحو الحجاب الذي يغطي وجهها.

"لا......!"

فزعت ليلى وحاولت الابتعاد بسرعة، وهي تفكر في أن مظهرها بشع، وأن جسدها مليء بالندوب؛ فكانت تخشى أن يُصاب هذا الرجل الذي أصبح زوجها بالصدمة إذا رأى وجهها.

لكن عمران أصرّ وأزال الحجاب عن وجهها.

شعرت ليلى بتوتر شديد، وقلبها يخفق بسرعة حيث أحست بخجل كبير وكأنها تود أن تنشق الأرض وتبلعها.

رفع عمران وجهها بلطف ونظر إلى وجهها المليء بالندوب.

كانت هذه الندوب ظاهرة بشكل صادم.

مد يده ليلمس تلك الندوب والجروح ببطء.

شعر عمران وكأن سكينًا تُغرس في قلبه مرارًا وتكرارًا وكان الألم يعصف به، فكل هذا كان بسببه، لولا أنها أنقذته منذ عشر سنوات، لما أصبحت هكذا.

شعر عمران بالذنب يغمره، وكأن كل جرح في جسدها هو خطيئة محفورة عليه؛ فظهرت على وجهه الذي اعتاد البرود ملامح من الحزن، وكادت عيناه أن تدمعا وهو يقول بصوت يحمل في طياته الألم "ليلى، لقد عانيتِ كثيرًا!"

لم تستطع ليلى النظر إلى عينيه مباشرة، وبدأت تفرك ملابسها بخجل.

قال عمران برقة وحنان "ثقي بي، سأعالجك."

كانت ليلى مذهولة ومذعورة، وابتعدت عن نظراته، غير قادرة على مواجهته.

"أحضِروا الدواء!"

نهض عمران فجأة وأمر بصوتٍ مرتفع.

فتح باب الفيلا على الفور، ودخل رجال يرتدون بدلات سوداء وهم يحملون صناديق مليئة بالأعشاب الطبية باهظة الثمن.

فتح عمران الصناديق وبدأ بتحضير الدواء بعناية.

وبعد أن انتهى، اقترب من ليلى التي كانت ما زالت تنظر إلى الأرض وتفرك ملابسها بخجل؛ أمسك يدها المشوهة بلطف، فاهتز جسدها وسحبت يدها بسرعة، ووضعتها خلف ظهرها وهي تقول بخجل "ماذا...... ماذا تفعل؟"

قال عمران: "ليلى، لا تخافي وانزعي ملابسك."

بدأت ليلى بالبكاء، وخلعت ملابسها بسرعة وهي تنظر إليه بعيون مليئة بالدموع، وقالت بصوت مختنق "نعم، أنا قبيحة و جسدي مليء بالندوب، هل أنت سعيد الآن؟"

في نظر ليلى، كان الزوج الذي اختاره لها جدها مجرد شخص يريد إذلالها أو السخرية منها.

حيث قد اعتادت على الإهانة طيلة هذه السنوات

منذ أن تعرضت لهذا الحادث، كانت تبكي كل ليلة وتستيقظ من الكوابيس يوميًا.

نظرت إلى عمران وشفتيها ترتعشان بشدة وعيناها تملؤها الدموع التي تنهمر كالمطر.

شعر عمران بألم كبير وهو ينظر إليها.

كان قلبه القاسي يتحرك لأول مرة منذ سنوات.

احتضن ليلى بين ذراعيه بحنان وقال "لن أكرهك أبدًا، فلا يهم كيف تبدين، أنتِ زوجتي الآن وستبقين كذلك دائمًا."

شعرت ليلى بالدهشة.

هل هذا الرجل لا يريد السخرية منها؟

لم تستطع التفكير وكانت عيناها فارغتين، غير قادرة على استيعاب ما يحدث.

تركها عمران، وأخذ الدواء الذي قام بتحضيره. حيث بدأ بوضعه بعناية على جسدها بالكامل، ثم لفّها بالضمادات، حتى أصبحت تبدو كأنها مومياء.

ساعد عمران ليلى على الجلوس وقال "يا ليلى، صدقيني. في غضون عشرة أيام فقط، سأجعل حياتك تتغير."

نظرت ليلى إليه بذهول وقالت بصوت ضعيف "حقًا...... هل هذا ممكن؟"

ابتسم عمران وقال "بالطبع، أنا لا أكذب عليك."

رغم أنها لم تستطع رؤية وجهه بوضوح، إلا أن صوته كان عميقًا ومليئًا بالدفء، فشعرت بشيء غريب في قلبها، كأنه يتفتح لأول مرة منذ سنوات.

مرّت عشرة أيام بسرعة.

كانت هذه الأيام العشرة أسعد أيام مرت على ليلى عبد الرحمن منذ عشر سنوات.

لم تكن تعرف الكثير عن هوية زوجها الجديد، لكنها شعرت أنه مختلف تمامًا عن كل توقعاتها؛ حيث كان يهتم بها بكل تفاصيلها، لم يتركها وحيدة ولو للحظة واحدة.

كل ليلة، كان يسرد لها قصصًا، ويُخبرها بالنكات ليُدخل السرور إلى قلبها، ويُهدئها حتى تغفو بهدوء.

وفي كل صباح، عندما تستيقظ، كانت تجد يده القوية تمسك بيدها، تمنحها شعورًا بالأمان.

لم تعرف ليلى يومًا ما هو الاهتمام، ولم تختبر قط شعور الحب الحقيقي.

لكن الآن، بدأت تشعر وكأنها تقع في حب هذا الرجل.

داخل الفيلا، أمام المرآة.

كانت ليلى تقف أمام المرآة، وجسدها مغطى بالكامل بضمادات بيضاء، حتى وجهها.

شعرت بتوتر كبير، وقلبها ينبض بسرعة وهي تنتظر اللحظة الحاسمة.

على مدار الأيام العشرة الماضية، كانت تواظب على وضع الدواء الذي حضّره عمران لها.

كانت تشعر بحرارة في بشرتها في كل مرة تضع فيها العلاج، وكأن هناك شيئًا يتغير بالفعل.

"هل...... هل هذا ممكن فعلًا؟" قالت وهي تمسك بيد عمران القوية بشدة، وكأنها تتشبث ببصيص أمل.

ابتسم عمران بثقة وقال "نعم"، بدأ عمران ببطء بإزالة الضمادات عن وجهها، ثم عن جسدها.

عندما شعرت بالضوء يلامس وجهها، لم تجرؤ على فتح عينيها.

"افتحي عينيك، وانظري."

ترددت ليلى لوهلة، ثم فتحت عينيها ببطء.

كانت تقف عارية تمامًا أمام المرآة، لا يغطيها سوى بقايا مسحوق الدواء الذي كان عمران يضعه لها، فعلى الرغم من وجود بقايا المسحوق الأبيض إلا أنها رأت امرأة ذات بشرة بيضاء ناعمة كالحرير، خالية تمامًا من أي ندوب أو آثار.

حدّقت في المرأة التي أمامها بذهول، واتسعت عيناها، وفتحت فمها من شدة الصدمة.

بقيت واقفة مذهولة للحظات، ثم بدأت تلمس وجهها بيديها المرتعشتين لتُزيل آثار المسحوق الأبيض.

"هذا......!"

لم تكن قادرة على تصديق ما تراه، أن تلك المرأة الجميلة ذات البشرة الناعمة هي نفسها؟

قبل عشر سنوات، تعرضت ليلى لحروق شوهت جسدها بالكامل.

حتى مع التقدم الطبي الحديث، كان من المستحيل أن تعود كما كانت.

لكن الآن، ها هي قد استعادت جمالها.

على مدى عشر سنوات، لم تجرؤ ليلى على النظر إلى المرآة، حيثكانت تستيقظ كل ليلة من الكوابيس.

عندما رأت وجهها المثالي في المرآة، انفجرت دموعها فرحًا، وسالت دموع كبيرة على وجنتيها.

ألقت بنفسها في حضن عمران بن خالد، وبكت بصوت عالٍ.

عشر سنوات من الظلم والقهر اختفت في هذه اللحظة.

احتضنها عمران بشدة، وقال لها "من الآن فصاعدًا، سأحميك ولن أسمح لأي شيء أن يؤذيك."

استفاقت ليلى من فرحتها تدريجيًا، وبدأت تدرك حالتها، حيث أدركت فجأة أنها لم تكن ترتدي شيئًا، واحمر وجهها خجلًا.

ابتعدت عن حضن عمران، وأخفضت رأسها، وهي لا تعرف كيف تتصرف.

أشار عمران إلى الحمام وقال "الماء الساخن جاهز، والملابس الجديدة موجودة هناك، قد اشتريت عدة أحجام من الملابس الداخلية، اختاري ما يناسبك."

خفضت ليلى رأسها بخجل، ثم ركضت نحو الحمام.

جلس عمران بن خالد في الصالة على الأريكة، وأشعل سيجارة من العلبة الموجودة على الطاولة أمامه.

" أيُها القائد النسر."

دخل رجل في الأربعينات من عمره، يرتدي بدلة سوداء، ويحمل في يده ملفًا سميكًا، تقدم بخطوات ثابتة لكنه أبقى رأسه منخفضًا وقال "كل المعلومات عن العائلات الأربع موجودة هنا، بما في ذلك التفاصيل الكاملة عن مذبحة عائلتك قبل عشر سنوات، الرجاء إلقاء نظرة، أيُها القائد النسر."

أشار عمران إلى الطاولة وقال بهدوء "ضعها هنا."

تابع الرجل قائلاً بحماس "أيُها القائد النسر، هؤلاء مجرد عائلات صغيرة وغير مهمة؛ كلمة منك، وسنقوم بتصفيتهم في دقائق......"

رفع عمران يده قليلًا ليوقفه.

توقف الرجل فورًا، وأخفض رأسه مرة أخرى.

رفع عمران رأسه ونظر إليه، ثم قال بصوت هادئ لكنه حازم "أنا لم أعد القائد، من الآن فصاعدًا، هذا العالم لن يعرف قائد النسر مرة أخرى؛ التحقيق في قضية العائلات الأربع هو آخر مرة أستخدم فيها سلطتي، عد مع إخوتك إلى الحدود الجنوبية، ما زالت بحاجة إلى حمايتكم."

ركع الرجل فجأة على الأرض، وقال بصوت مليء بالإصرار "إن كنت القائد مرةً، فستُصبح هكذا دائمًا؛ الآن حدودنا الجنوبية مستقرة ولا يجرؤ الأعداء على الاقتراب، أيُها القائد النسر، لا تتركنا ودعنا نبقى إلى جانبك لمساعدتك."

وقف عمران بن خالد وساعده على النهوض قائلاً "أيها الصقر الصغير، هذا أمر شخصي، سأتعامل مع هذا بنفسي؛ بعد أن أنهي الأمر، أريد حياة هادئة بعيدًا عن الدماء والأسلحة، أريد أن أبقى بجانب ليلى عبد الرحمن وأمنحها الحب الذي تستحقه."

قال الرجل بصوت متألم "أيُها القائد النسر......"

قاطعه عمران بصوت عالٍ "تراجع، خذ إخوتك وعدوا إلى الحدود الجنوبية."

ركع الرجل مرة أخرى، وصرخ بصوت عالٍ "أيُها القائد النسر، اعتنِ بنفسك، نحن جيش النسر الأسود ننتظرك للعودة دائمًا."

قال عمران وهو يجلس مرة أخرى على الأريكة، وأشار بيده "اذهب الآن."

غادر الرجل أخيرًا.

خرجت ليلى عبد الرحمن بعد وقت قصير من الحمام. كانت ترتدي فستانًا أبيض بدون أكمام، يُظهر عنقها وذراعيها البيضاء.

كان هذا النوع من الملابس شيئًا لم تجرؤ على ارتدائه من قبل.

بدت سعيدة جدًا، وهي تمشي بخفة وتغني بلحن بسيط، فكانت تمسح على بشرتها الناعمة وشفتيها متجهة للأعلى بابتسامة عريضة.

لكن عندما رأت عمران بن خالد يجلس على الأريكة يدخن بصمت، توقفت عن الغناء فجأة.

اقتربت منه وجلست بجانبه، ووجهها مشرق ومليء بالاحمرار؛ لم تكن تعرف إذا كان ذلك بسبب الاستحمام أم بسبب خجلها.

"أمم......" فتحت فمها لتقول شيئًا، لكنها لم تكن تعرف ماذا تقول.

على الرغم من أنها قضت عشرة أيام معه، إلا أنها كانت طوال الوقت مغطاة العينين والآن، شعرت بالرهبة وهي تواجهه وجهًا لوجه، فلم تعرف ماذا تقول.

كان عمران غارقًا في التفكير، لكنه أدرك فجأة وجود ليلى بجانبه، نظر إليها وإلى وجهها الذي شُفي من الندوب ولم يستطع إخفاء دهشته، فابتسم وقال "يا زوجتي، متى سنذهب لتسجيل الزواج رسميًا؟"

"ماذا؟"

تفاجأت ليلى وفتحت فمها بدهشة، كان تعبيرها البريء مليئًا بالبراءة والجاذبية.

ضحك عمران وقال "أنا الآن زوجك، جَدّك هو من خطط لكل شيء، أيُعقل أنكِ ندمتِ ولا تودين الزواج بي؟”

ردت ليلى بسرعة، بصوت خافت لكنها واضحة "سأتزوجك."

هذه العشرة أيام، حيث كان عمران يعتني بها بكل تفاصيلها، جعلتها تشعر بالدفء الحقيقي للمرة الأولى في حياتها.

مثل هذا الرجل، كيف يمكنها ألا توافق؟

نظرت إليه خلسة، كان طويلًا وقويًا وملامحه تحمل صلابة وعزمًا؛ حيث شعرت بوجهها يزداد احمرارًا، وقلبها ينبض بسرعة.

بعد ساعة واحدة.

خرج رجل وامرأة من مكتب الزواج، يدًا بيد.

نظرت ليلى إلى شهادة الزواج في يدها، وشعرت وكأنها في حلم.

هل...... هل تزوجت حقًا؟

كانت قد تخيلت مستقبلها مرات عديدة، تخيلت قصة حب عاطفية، مليئة بالشغف والدراما.

لكن كل شيء كان مختلفًا تمامًا عن خيالها، حيث قد نظّم جَدّها مستقبلها بالكامل، وسمح لعمران بن خالد بالانضمام إلى عائلة عبد الرحمن، فأخذها إلى مكان يشبه القصور الملكية، حيث قضت عشرة أيام لا تُنسى.

بعد هذه العشرة أيام، شُفيت جروحها واستعادت جمالها. أصبحت جميلة بشكل مذهل.

وعلى الرغم من أنها لم تكن تعرف هوية زوجها بشكل كامل، إلا أنها شعرت بسعادة غامرة وأمسكت بيد عمران بإحكام، وابتسامة صغيرة تزين شفتيها.

Continue to read this book for free
Scan code to download App
Comments (1)
goodnovel comment avatar
Ahmed Junidi
رهييبه جدا جدا بالنسبة لي
VIEW ALL COMMENTS

Latest chapter

  • زعيـم الصقر الأسود المتفـوق   الفصل30

    كان حاكم الغرب، القائد الأعلى لجيوش الغرب، شخصية تقف على قمة السلطة، شخصًا لا يعلوه إلا القليل. كان يتقدم بخطوات ثابتة، محاطًا بهالة قوية من الهيبة. أمام مطعم المذاق الراقي، صمت الجميع وكأن أنفاسهم توقفت. هذا هو حاكم الغرب، القائد الجديد لجيوش المناطق الخمس. كان الناس قد رأوه فقط عبر شاشات التلفاز ولكن رؤيته على أرض الواقع جعلتهم يشعرون برهبة لا توصف. دانيال الجبوري مدير المطعم، ومعه حراس الأمن، ركعوا على الأرض وارتجفت أجسادهم خوفًا. هدى الجبوري، التي كانت تجلس على الأرض تبكي، توقفت فجأة عندما رأت حاكم الغرب يقترب، فكانت قد رأت الأخبار وعلمت أن حاكم الغرب أكثر وحشية من زين الصقري. حتى صفاء العابد، التي كانت تتفاخر، لم تجرؤ على إصدار صوت. وقف الجميع في حالة من الذهول والخوف، إلا عمران بن خالد، الذي بدا عليه الهدوء التام. كان قد رأى حاكم الغرب من قبل، في اليوم الذي مُنح فيه لقب القائد. اقترب حاكم الغرب ببطء وعندما التقت عيناه بعيني عمران، بدا عليه الذهول للحظة وكأنه تعرف عليه، أراد أن يتحدث، لكنه قرأ الإشارة الصامتة التي أرسلها له عمران، فتوقف وفهم الأمر على

  • زعيـم الصقر الأسود المتفـوق   الفصل29

    في لحظة، أمسك عمران بن خالد بيد ليلى ومنعها من الركوع وقال بهدوء: "ليلى، هذا ليس من شأنك. أنا من ضربها، وإذا كان هناك حساب، فليكن معي. لن أسمح بأن يُمس أي فرد من عائلتك." صفاء العابد، التي كانت جالسة على كرسي، ازداد غضبها واستشاطت عندما سمعت كلام عمران، أمسكت هاتفها واتصلت بمدير مطعم المذاق الراقي وقالت بصوت مفعم بالاستعلاء: "مرحبًا أيُها مدير دانيال الجبوري، أنا صفاء العابد، عضوة ذهبية في مطعم المذاق الراقي، لقد تعرضت للاعتداء خارج المطعم، أرسل حراس الأمن فورًا." بعد إنهاء المكالمة، نظرت صفاء إلى عمران وصرخت بغضب: "أنت انتهيت! حتى لو ركعت الآن وطلبت الرحمة، سأكسر ساقيكِ وأجعلكِ عبرة للجميع!" اقتربت هدى الجبوري من صفاء وهي تمسك بيدها، معتذرة بحماس: "سيدة صفاء، أرجوكِ، نحن آسفون جدًا، إنه خطأ زوج ابنتي الفاشل، أرجوكِ اغفري لنا، اعتبري هذا الحادث وكأنه لم يكن." كانت هدى مرعوبة. بعد أن حصلت عائلة عبد الرحمن أخيرًا على نسبة من الأسهم، لم تكن تريد أن تخسر كل شيء بسبب هذه المواجهة. صفاء، بنبرة مليئة بالاستعلاء، أشارت إلى هدى وقالت: "أنت لا شيء بالنسبة ل،. الآن اركعي واغسلي حذا

  • زعيـم الصقر الأسود المتفـوق   الفصل28

    على مدى عشر سنوات، كانت ليلى عبد الرحمن تعاني من السخرية والإهانات، كلما خرجت إلى الشارع، كانت تخفي وجهها وراء الحجاب. اعتقدت أنها اعتادت ذلك. لكن الآن، مع تدفق الكلمات الجارحة من كل جانب، خفضت رأسها، غير قادرة على مواجهة نظرات الناس، شعرت بإحساس عميق من الدونية. "هذا الشكل؟ حتى لو دفعت لي، لن أقبل بها." "أجمل امرأة في مدينة السلام؟ الصحافة بالتأكيد عمياء، كيف يمكنها تقييم ذلك؟" رغم أن رأسها كان منخفضًا، إلا أنها كانت تتخيل الوجوه الساخره من حولها، شعرت بالظلم وامتلأت عيناها بالدموع، لتنهمر على خديها. أما صفاء العابد، فقد شعرت بسعادة غامرة عندما رأت ليلى بهذا الحال. أمسكت بذقنها، وجعلتها تنظر مباشرة إلى جروحها غير الملتئمة وهي تبتسم بازدراء: "يا لها من وجه جميل...... للأسف، ما حدث لك أفسده تمامًا. هاهاها......" "ما...... ما الذي تفعلينه؟" حاولت ليلى الإفلات وهي تخفض رأسها، غير قادرة على مواجهة نظرات صفاء. وفجأة، صدى صوت صفعة قوية ملأ المكان. رفعت ليلى رأسها لتجد يدًا قوية تمسك بها. نظرت لترى عمران بن خالد قد عاد، فور رؤيته، انفجرت بالبكاء وارتمت في أحضانه.

  • زعيـم الصقر الأسود المتفـوق   الفصل27

    مطعم المذاق الراقي مشهور جدًا في مدينة السلام، ويُعد أفخم مطعم في المدينة. ينقسم إلى عدة مستويات. غرفة الألماس، غرفة الذهب، غرفة الفضة، غرفة البرونز، غرفة الحديد الأسود، وأخيرًا القاعة العامة. حتى لو تناولت وجبة في القاعة العامة، فستكلف عدة آلاف.في هذه اللحظة، كان وقت الذروة والقاعة العامة ممتلئة تمامًا، كان هناك طابور طويل بانتظار الدخول، مع أكثر من ثلاثين شخصًا في المقدمة.بدأت هدى الجبوري بالشكوى مرة أخرى. "طارق، أنت بلا فائدة. انظر إلى حازم، لديه عضوية برونزية في مطعم المذاق الراقي، يدخل إلى الغرف مباشرة دون انتظار. أما أنت، مجرد جندي سابق، لا مال لديك ولا نفوذ، انظر إلى صهر مازن، له مكانة وشأن، لديه عضوية فضية، باتصال واحد يأتي الموظفون لاستقباله، كيف لابنتي أن تتزوج رجلاً مفلساً مثل هذا؟"كان الانتظار للطعام قد أفسد مزاج هدى تمامًا. بدأت في لوم طارق على ضعفه وافتقاره للنفوذ، ثم وجهت غضبها نحو ليلى بسبب زواجها من رجل لا يملك شيئًا.أما عمران بن خالد، فقد اعتاد على سخريتها ولم يكترث. وخلال انتظارهم، قال لعائلته: "ليلى، انتظري قليلاً هنا، سأذهب إلى السوبرماركت المقا

  • زعيـم الصقر الأسود المتفـوق   الفصل26

    كانت هدى الجبوري قد خرجت للتنزه مع كلبها، ولم تشاهد الأخبار. لم تكن تعلم بالمؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس مجموعة الفجر الطبي، ولم تعرف أن المجموعة قد ألغت تعاونها مع شركة السعادة الدائمة لعائلة عبد الرحمن، كما أنها لم تكن على علم بأن ليلى عبد الرحمن قد اشترطت العودة إلى العائلة للحصول على نسبة عشرة بالمئة من الأسهم. عندما سمعت هدى كلمات ليلى، توقفت في مكانها بدهشة: "عشرة بالمئة من الأسهم؟ ما هذه الأسهم؟"لم تستوعب الأمر في البداية. قامت ليلى بتقديم الوثيقة وقالت: "أمي، هذه وثيقة تنازل عن الأسهم كتبها جدي شخصيا، بمجرد أن يوقع أبي عليها سيحصل على نسبة عشرة بالمئة من أصول العائلة."أخذت هدى الوثيقة بسرعة وبدأت تقرأها بعناية. بعد أن انتهت من القراءة، احتضنت الوثيقة وبدأت تقبلها وتضحك بسعادة: "هاهاها، بالفعل إنها وثيقة التنازل! عشرة بالمئة من الأسهم! أخيرا اقتنع الشيخ الكبير!"قال جواد عبد الرحمن، الذي لم يصدق ذلك وهو يمد يده: "أمي، دعيني أراها، أنا لا أصدق أن العائلة ستمنحنا أي شيء."كانت هدى متحمسة وسلمت الوثيقة له قائلة: "جواد، ألم تكن تريد تغيير سيارتك؟ سأشتري لك واحدة جديدة غ

  • زعيـم الصقر الأسود المتفـوق   الفصل25

    هذه العشرة بالمئة ليست مبلغا بسيطا وكانت قلقة من أن جدها لن يوافق على إعطائها. لم يكن أمامها سوى الانتظار.وبعد فترة قصيرة، عاد حازم عبد الرحمن إلى عيادة البسطاء. هذه المرة جاء بمفرده ومعه وثيقة تنازل عن الأسهم الخاصة بالشركة.قال وهو يسلم الوثيقة إلى ليلى عبد الرحمن: "ليلى، هذه وثيقة التنازل التي وقعها أبي بنفسه، بمجرد أن يوقع طارق عبد الرحمن، ستصبح نسبة العشرة بالمئة من أسهم الشركة باسمكِ والآن، بما أنني سلمتك الوثيقة، ألا ترين أنه من المناسب الاتصال بياسين الياسمين وطلب الاستمرار في التعاون مع شركة السعادة الدائمة؟"تناولت ليلى الوثيقة وبدأت تتصفحها بعناية.وعندما تأكدت من أنها وثيقة أسهم حقيقية، ظهرت الفرحة على وجهها وهتفت بسعادة: "عمران! لقد وافق جدي حقا! أبي أخيرًا سيتمكن من رفع رأسه عاليا!"قال حازم على الفور: "ليلى، اتصلي الآن، هناك عشرات الشاحنات تنقل المواد الخام إلى شركة السعادة الدائمة، عندما ننتهي من هذه المشكلة، يمكننا الاحتفال لاحقا."نظرت ليلى إلى عمران بن خالد، فأومأ برأسه وقال: "نعم، اتصلي."ترددت ليلى وقالت: "هل أستطيع فعل ذلك؟" فبعد كل شيء كان ياسين مدين

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status